للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا مَلَكَتْهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْأُجْرَةَ وَالزَّكَاةَ الْمُعَجَّلَةَ أَمَّا مَا بَذَلَهُ لِذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ الْفَصْلِ فَلَا يَعُودُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَلَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ أَوْ الْبَيْنُونَةُ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ قَبْلَ الْبَذْلِ اسْتَحَقَّتْ الْكُلَّ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَحَكَى عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْقِسْطَ.

(وَمَنْ يَعْجِزُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يَفْسَخُهُ الَّذِي قَضَى أَيْ وَالزَّوْجُ الَّذِي يَثْبُتُ عَجْزُهُ عِنْدَ قَاضٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ بِغَيْبَةِ مَالِهِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا بِقَدْرِ مُدَّةِ إحْضَارِهِ مِنْهَا أَوْ حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ (عَنْ أَقَلِّ إنْفَاقٍ) وَهُوَ إنْفَاقُ الْمُعْسِرِينَ (لِحَاضِرِ الزَّمَنْ) أَيْ لِلزَّمَنِ الْحَاضِرِ (أَوْ) عَنْ أَقَلِّ (كِسْوَةٍ) وَهِيَ كِسْوَةُ الْمُعْسِرِينَ (أَوْ) عَنْ (مَسْكَنٍ) يَلِيقُ بِهَا (أَوْ) عَنْ (مَهْرِ) مُسَمًّى أَوْ مَفْرُوضٍ أَوْ مَهْرِ مِثْلٍ (قَبْلَ دُخُولِهِ) بِهَا (فَبَعْدَ الصَّبْرِ) مِنْهَا (ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ بِإِمْهَالِ الْقَاضِي لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْهِلْهُ لِيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ لِعَارِضٍ، ثُمَّ يَزُولُ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ تُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَة بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (يَفْسَخُهُ) أَيْ نِكَاحَهُ (الَّذِي قَضَى) أَيْ الْقَاضِي بِطَلَبِ زَوْجَتِهِ (أَوْ مَكَّنَ الزَّوْجَةَ مِنْ أَنْ تَنْقُضَا) أَيْ تَنْفَسِخَ (صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ فَقَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ لَهُ سُنَّةٌ فَقَالَ نَعَمْ سُنَّةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأَنَّهَا إذَا فُسِخَتْ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَلَأَنْ تُفْسَخَ بِعَجْزِهِ عَمَّا عَدَا الْمَهْر أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ التَّمَتُّعِ أَسْهَلُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا فَسْخُهَا بِعَجْزِهِ عَنْ الْمَهْرِ فَكَمَا فِي عَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ، وَالْفَسْخُ بِذَلِكَ لَا يُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَمَّا ذُكِرَ عَيْبٌ كَالْعُنَّةِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَاجَةَ إلَى إيقَاعِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ إثْبَاتُ حَقِّ الْفَسْخِ، وَخَرَجَ بِالْعَاجِزِ الْقَادِرُ وَلَوْ بِالْكَسْبِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَلَا فَسْخَ لِانْتِفَاءِ الْعَجْزِ الْمُثْبِتِ لَهُ وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ أَوْ بِيَدِهَا إنْ قَدَرَتْ وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فَلَا فَسْخَ بَلْ يَبْعَثُ حَاكِمُ بَلَدِهَا إلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُطَالِبَهُ إنْ عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَمَتَى ثَبَتَ عَجْزُهُ جَازَ الْفَسْخُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَعْثٍ.

وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ وَإِذَا غَابَ هُوَ مُوسِرًا فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا وَلَوْ كَانَ يَجِدُ بِالْغَدَاةِ غَدَاءَهَا وَبِالْعَشِيِّ عَشَاءَهَا فَلَا فَسْخَ لِوُصُولِ وَظِيفَةِ الْيَوْمِ إلَيْهَا، وَخَرَجَ بِأَقَلِّ الْإِنْفَاقِ وَالْكِسْوَةِ عَجْزُهُ عَنْ إنْفَاقِ الْمُتَوَسِّطِينَ وَالْمُوسِرِينَ وَكِسْوَتِهِمْ فَلَا فَسْخَ بِهِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ وَاجِبُ الْمُعْسِرِينَ وَبِالزَّمَنِ الْحَاضِرِ عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ لِلزَّمَنِ الْمَاضِي فَلَا فَسْخَ بِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْبَةِ مَالِهِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ غَيْبَتَهُ مَعَ مَالِهِ بِمَسَافَةِ الْقَصْر كَغَيْبَةِ مَالِهِ وَحْدَهُ بِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ أَوْلَى فَمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِغَيْبَةِ الْمُوسِرِ مَحَلُّهُ فِي غَيْبَتِهِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: فَبَعْدَ الصَّبْرِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَالْخِيَارُ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ أَيْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي عَلَى الْفَوْرِ أَيْ فَلَوْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ، وَقَدْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ وَقَبْلَهُ عَلَى التَّرَاخِي. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا دُونَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ اهـ. وَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْوَجْهُ م ر (قَوْلُهُ: بِطَلَبِ زَوْجَتِهِ) أَيْ وَلَوْ رَجْعِيَّةً شَرْحْ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَكَّنَ الزَّوْجَةَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهَا بِدُونِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا. . . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ خَبَرًا لِغَائِبٍ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ لِأَنَّ تَعَذُّرَ النَّفَقَةِ بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ كَتَعَذُّرِهَا بِالْإِفْلَاسِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَالْكَافِي وَغَيْرهِمَا وَأَقَرَّهُ. اهـ.

وَفِي الرَّوْضِ بَعْدَ هَذَا وَاخْتَارَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ جَوَازَ الْفَسْخِ إذَا تَعَذَّرَ تَحْصُلِيهَا أَيْ فِي غَيْبَةِ الْغَائِبِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ

الْمَصْلَحَةَ

الْفَتْوَى بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَتَى ثَبَتَ عَجْزُهُ جَازَ الْفَسْخُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُهْلَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَجْزِ وَكَتَبَ أَيْضًا يَنْبَغِي بَعْدَ الْمُهْلَةِ كَالْحَاضِرِ لَا يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا هُنَا خُصُوصًا مَعَ بُعْدِ مَحَلِّهِ كَمَسَافَةِ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مِنْ فَوَائِدِهَا احْتِمَالُ ظُهُورِ مَالٍ لَهُ أَوْ وَكِيلٍ لَهُ أَوْ حُضُورٍ لَهُ قَبْلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ لَا مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْبَابِلِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ مَهْرٍ) أَيْ عَنْ الْحَالِّ مِنْهُ وَكَذَا عَنْ بَعْضِهِ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ كَانَ الْإِعْسَارُ بِذَلِكَ مَوْجُودًا حَالَ الْعَقْدِ وَكَانَ التَّزْوِيجُ بِالْإِجْبَارِ لِقَاصِرَةٍ أَوْ بَالِغَةٍ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي فَقْدِ الْكَفَاءَةِ إلَّا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً لِأَنَّ الْمَهْرَ لِسَيِّدِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِالْإِعْسَارِ وَإِنْ طَرَأَ الْإِعْسَارُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ التَّزْوِيجُ بِغَيْرِ الْإِجْبَارِ فَهُوَ مَحَلُّ مَا هُنَا. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: الصَّبْرُ مِنْهَا) أَيْ حَتَّى فِي الْغَائِبِ الْمُعْسِرِ نَقَلَهُ الرَّشِيدِيُّ عَنْ سم (قَوْلُهُ: بِإِمْهَالِ الْقَاضِي لَهُ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْهِلْهُ وَإِمْهَالُهُ وَاجِبٌ لَكِنَّ الَّذِي فِي م ر أَنَّ مَنْ غَابَ مَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا يَجِبُ إمْهَالُهُ إلَّا إنْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْسِرِ بِأَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الْقُدْرَةُ لِتَيَسُّرِ اقْتِرَاضِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا) الْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ هُنَا مَنْ قَدَرَ وَلَوْ عَلَى مُؤْنَةِ الْمُعْسِرِينَ، وَبِالْمُعْسِرِ خِلَافُهُ إذْ لَا فَسْخَ إلَّا بِالْعَجْزِ عَنْ مُؤْنَةِ الْمُعْسِرِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا) عِبَارَةُ شَيْخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِسَالَةِ الْمَنْهَجِ (فَرْعٌ)

إذَا غَابَ الزَّوْجُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ فِيهِمَا مُوسِرٌ بِمَا مَرَّ أَوْ مَجْهُولُ الْحَالِ فَلَا فَسْخَ وَإِنْ نَفِدَتْ النَّفَقَةُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ الْوَارِدَةِ فِيهِ السُّنَّةُ هَذَا هُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>