لَا يَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ وَإِمْتَاعٌ فَلَا يَصِيرُ دَيْنًا بِذَلِكَ حَتَّى قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا وَأَطَالُوا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَلَفْظُ الرَّافِعِيِّ قَرِيبٌ مِنْ التَّصْحِيفِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا فَرَضَ الْقَاضِي وَكَأَنَّ مُرَادَهُ اقْتَرَضَ بِالْقَافِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ كَذَلِكَ وَأَنَّ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّيَ صَرَّحَا بِأَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى غَيْرُهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ كَثْرَةَ نَقْلِهِ عَنْهُمَا فَيَبْعُدُ عَادَةً تَرْكُهُ لِذَلِكَ. اهـ. وَقَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ، الصَّوَابُ قِرَاءَتُهُ بِالْقَافِ (وَ) يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ (وَاجِبُ الْعِرْسِ بِلَا افْتِرَاضِ) بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ التَّمْكِينِ.
(وَأَخْذُهُ) أَيْ وَاجِبِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَمِنْ مَالِ أَبِيهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ جَائِزٌ (لِلْأُمِّ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي (حَيْثُ مَنَعَا) أَيْ الْأَبُ ذَلِكَ أَوْ غَابَ لِقِصَّةِ هِنْدٍ حَمْلًا لِمَا قَالَهُ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ الْعَامِّ لَا عَلَى الْقَضَاءِ وَالْإِذْنِ الْخَاصِّ (وَ) لَهَا (صَرْفُهُ مِنْ مَالِهَا) عَلَى الصَّغِيرِ (لِتَرْجِعَا) بِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ عَلَى مَا مَرَّ (إنْ مَنَعَ الْأَصْلُ) أَيْ الْأَبُ ذَلِكَ أَوْ غَابَ وَأَفَادَ قَوْلُهُ لِتَرْجِعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهَا الرُّجُوعَ لِتَرْجِعَ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ حَيْثُ مَنَعَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إنْ مَنَعَ الْأَصْلُ (كَالِاسْتِقْرَاضِ) عَلَى الْأَبِ لِنَفَقَةِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِلْأُمِّ بِإِذْنِ الْقَاضِي عِنْدَ عَجْزِهَا عَنْ مَالِهِ وَلَا تَرْجِعُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهَا الْقَاضِي فِي الصَّرْفِ وَالِاسْتِقْرَاضِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي جَوَازِ الِاسْتِقْرَاضِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ إذْنٌ وَلَا إشْهَادٌ وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الْمَنْعُ فَقَدْ مَرَّ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الرَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ لَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ إنْفَاقُهُمَا عَلَى الطِّفْلِ مِنْ مَالِهِ أَيْ مَالِ الطِّفْلِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْقَاضِي وَهَذَا كَالصَّرِيحِ بِجَوَازِ الْأَخْذِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ أَوْ الِامْتِنَاعِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي حَيْثُ مَنَعَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ حَمْلًا لِمَا قَالَهُ. . . إلَخْ) هَذَا خِلَافُ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِقِصَّةِ هِنْدٍ هَذِهِ عَلَى جَوَازِ
[حاشية الشربيني]
احْتِيَاجُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَغِنَى الْمُنْفِقِ. اهـ. م ر وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ بِغَيْرِ فَرْضٍ الْقَاضِي مَا لَوْ نَفَى الْوَلَدَ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَإِنَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى أَبِيهِ سَوَاءٌ أُمُّهُ وَغَيْرُهَا لِتَقْصِيرِهِ بِنَفْيِهِ الَّذِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فَعُوقِبَ بِإِيجَابِ مَا فَوَّتَهُ فَلِذَا خَرَجَتْ هَذِهِ عَنْ نَظَائِرِهَا وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ السَّابِقِ لِأَنَّ الْحَامِلَ لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْمُنْتَفِعَةَ بِهَا الْتَحَقَتْ بِنَفَقَتِهَا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ وَجَمَاعَاتٌ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ صُورَةَ فَرْضِ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: قَدَّرْت لِفُلَانٍ كَذَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ دَيْنًا وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَ الْغَزَالِيِّ وَالشَّيْخَيْنِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ أَنْ يُقَدِّرَهَا الْحَاكِمُ وَيَأْذَنَ لِشَخْصٍ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَإِذَا أَنْفَقَهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ وَصُورَةُ الْفَرْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَتْ وَهِيَ إذْنٌ فِي الْإِقْرَاضِ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ إذْنٌ فِي الْإِقْرَاضِ وَالْإِقْرَاضُ غَيْرُ الِاقْتِرَاضِ وَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي تَحْصِينِ الْمَأْخَذِ مُرَادُهُ بِهِ الصُّورَةُ الْأُولَى اهـ مِنْ م ر وز ي مَعَ زِيَادَةِ حَمْلِ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي تَحْصِينِ الْمَآخِذِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ مُرَادُهُ اقْتَرَضَ) يُفِيدُ صُورَةً ثَالِثَةً صَرَّحَ بِهَا فِي الْمَنْهَجِ وَهِيَ اقْتِرَاضُ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ وَلَا يَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِاقْتِرَاضِهِ لَا قَبْلَهُ قَالَ م ر أَيْضًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَغِنَى الْمُنْفِقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: صَرَّحَا بِأَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى غَيْرُهَا) قَدْ عَلِمْت صِحَّةَ اسْتِثْنَاءِ الْفَرْضِ بِالْفَاءِ أَيْضًا بِالتَّصْوِيرِ الَّذِي بِالْهَامِشِ (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: فَيَبْعُدُ إلَخْ) هُوَ لَمْ يَتْرُكْ نَقْلَهُ عَنْهُمَا بَلْ نَقَلَ مَا قَالَاهُ وَزَادَ الْفَرْضَ بِالْفَاءِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِمَا وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا أَقْرَضَهَا الْقَاضِي أَوْ أَذِنَ فِي الِاقْتِرَاضِ لِغَيْبَةٍ أَوْ امْتِنَاعٍ فَيَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ (فَرْعٌ)
إذَا كَانَ الْأَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ غَائِبًا وَالْجَدُّ حَاضِرًا فَإِنْ تَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَقْتَرِضُ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَوْ يَأْذَنُ لِلْجَدِّ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ وَفِي الْبَحْرِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ. اهـ. فَذَكَرَ إقْرَاضَ الْقَاضِي وَإِذْنَهُ فِي الِاقْتِرَاضِ وَاقْتِرَاضَهُ وَإِذْنَهُ فِي الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْفَرْضُ الْمُتَقَدِّمُ وَنَقَلَ كُلَّ ذَلِكَ نَقْلَ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ) اُنْظُرْهُ مَعَ نَقْلِ م ر عَنْهُ أَنَّهُ رَدَّ قَوْلَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ بِالْفَاءِ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى.
(قَوْلُهُ: لِقِصَّةِ هِنْدٍ) لَفْظُ الْحَدِيثِ «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» فَيُفِيدُ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَأْخُذَ كِفَايَتَهَا مِنْ الزَّوْجِ الْمُمْتَنِعِ بِلَا إذْنِ قَاضٍ إذَا حُمِلَ عَلَى الْإِفْتَاءِ وَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ إلَّا فِي الْقَرِيبِ فَرَاجِعْ (قَوْلُهُ: وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ) وَإِلَّا لَمْ تَرْجِعْ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْجِيحَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute