لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَدَلُهَا إذَا أَيْسَرَ، وَقَدْ جَمَعَ النَّاظِمُ فِي كَلَامِهِ الْآتِي بَيْنَ الْمُنْفِقِينَ وَالْمُنْفَقِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ لِمُحْتَاجٍ فَرْعٌ وَأَصْلٌ مُوسِرَانِ أَوْ لِمُوسِرٍ فَرْعٌ وَأَصْلٌ مُعْسِرَانِ وَلَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ إلَّا مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا قُدِّمَ فِيهِمَا (الْفَرْعُ)
وَإِنْ نَزَلَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَصْلِهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ وَفِي الثَّانِي إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلِشِدَّةِ حَاجَتِهِ أَوْ بَالِغًا فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّغِيرِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْبَالِغِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ تَقْدِيمُ الْأَصْلِ وَحَكَيَا هُنَا عَنْ اخْتِيَارِ الْقَفَّالِ اسْتِوَاءَهُمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ كَانَ الْفَرْعُ صَغِيرًا وَالْأَصْلُ مَجْنُونًا أَوْ زَمِنًا فَيَنْبَغِي اسْتِوَاؤُهُمَا (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرْعِ (الْأَصْلُ) وَإِنْ عَلَا (ثُمَّ) إنْ كَانَ فَرْعَانِ أَوْ أَصْلَانِ قُدِّمَ (الْأَقْرَبُ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ثُمَّ إذْ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْأَقْرَبِ وَمَا قَبْلَهُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ مِنْهُ (فَوَارِثٌ) أَيْ فَإِنْ اسْتَوَيَا قُرْبًا قُدِّمَ الْوَارِثُ (مِنْ ذَيْنِ) أَيْ مِنْ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ ذَيْنِ تَنَازَعَهُ الْأَقْرَبُ وَوَارِثٌ و (قُدِّمَ الْأَبُ وَقُدِّمَتْ آبَاؤُهُ أَعْنِي عَلَى أُمٍّ) فِي الْإِعْطَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْدَرُ عَلَى الْقِيَامِ وَلِأَنَّ الْمُنْفَقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ أَوْ بَالِغًا فَلِلِاسْتِصْحَابِ (وَفِي الْأَخْذِ بِعَكْسٍ جُعِلَا) فَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ وَآبَائِهِ لِزِيَادَةِ عَجْزِهَا وَتَأَكُّدِ حَقِّهَا بِالْحَمْلِ وَالْوَضْعِ وَالرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ وَتَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِيهَا الْأَبُ عَلَى الْأُمِّ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثَمَّةَ (وَلِلتَّسَاوِي بِالسَّوَاءِ) أَيْ وَلِتَسَاوِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ الْمُنْفِقِينَ قُرْبًا مَعَ الْإِرْثِ أَوْ عَدَمِهِ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ (وَزِّعَا) عَلَيْهِمْ الْوَاجِبُ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْأَخْذِ بِالسَّوَاءِ وَإِنْ وَقَعَ تَفَاوُتٌ فِي الْيَسَارِ نَعَمْ إنْ تَفَاوَتُوا فِي الْإِرْثِ فَهَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوَاءِ أَوْ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجْهَانِ الْأَكْثَرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَلَى الْأَوَّلِ فِي تَفَاوُتِ الْمُحْتَاجِينَ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَاخْتَارَ فِي الْعُجَابِ فِي تَفَاوُتِ الْمُنْفِقِينَ الثَّانِيَ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ أَيْضًا وَهُوَ قِيَاسُ مَا رُجِّحَ فِيمَنْ لَهُ أَبَوَانِ وَقُلْنَا نَفَقَتُهُ عَلَيْهِمَا لَكِنَّ قَوْلَ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِالسَّوَاءِ يَقْتَضِي اخْتِيَارَ الْأَوَّلِ (وَلِلْقَلِيلِ) الَّذِي (لَا يَسُدُّ) مَسَدًّا بِتَوْزِيعِهِ بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ الْمُحْتَاجِينَ (أُقْرِعَا) بَيْنَهُمْ.
(وَيَسْتَقِرُّ ذَا) أَيْ وَاجِبُ الْقَرِيبِ فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ (بِفَرْضِ الْقَاضِي) يُطَالِبُ بِهَا عَنْ الْمَاضِي كَمَا يُطَالِبُ بِهَا عَنْ الْحَالِ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَوَجِيزِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَجَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى الْغَزَالِيُّ فِي تَحْصِينِ الْمَآخِذِ أَنَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَدَلُهَا إذَا أَيْسَرَ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ السَّفِيهِ قَالَ: لِأَنَّ الْمُنْفِقَ مُقَصِّرٌ حَيْثُ دَفَعَ إلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَاطَ الصَّرْفَ بِنَفْسِهِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ كَالْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا بِالْإِتْلَافِ وَلَا يُقَالُ قَدْ سَلَّطَهُ الدَّافِعُ عَلَى إتْلَافِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى إتْلَافِهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ م ر (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ صَغِيرًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَهُ أَيْ لِلْوَلِيِّ حَمْلُ الصَّغِيرِ عَلَى الِاكْتِسَابِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ تَرَكَ الصَّغِيرُ الِاكْتِسَابَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَوْ هَرَبَ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى وَلِيِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الْأَصْلِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْفَرْعُ الْبَالِغُ مَجْنُونًا دُونَ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَفِي اسْتِوَاؤُهُمَا) فَيَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِي الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ: بِالسَّوَاءِ) أَصْلُهُ وَزِّعَا الْآتِيَ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ فِي الْعُجَابِ فِي تَفَاوُتِ الْمُنْفِقِينَ الثَّانِيَ) اعْتَمَدَ فِي الرَّوْضِ الْأَوَّلَ فَقَالَ أَنْفَقَا بِالسَّوَاءِ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: الْأَمْثِلَةُ ابْنٌ وَبِنْتٌ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ إلَى أَنْ قَالَ ابْنٌ وَخُنْثَى أَوْ بِنْتٌ وَخُنْثَى سَوَاءٌ. اهـ. فَانْظُرْ حُكْمَ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا بِالثَّانِي هَلْ يُنْفِقَانِ سَوَاءً، ثُمَّ إنْ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى رَجَعَ فِي الْأُولَى عَلَى الِابْنِ بِالسُّدُسِ مُطْلَقًا أَوْ أَنْ أَذِنَ الْقَاضِي أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ أَوْ لَا يَلْزَمُ الْخُنْثَى فِي الْأُولَى وَالْبِنْتَ فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَلْزَمُ الِابْنَ فِي الْأُولَى الثُّلُثَانِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِالسُّدُسِ إنْ بَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا وَهَلْ يُوقَفُ الثُّلُثُ فِي الثَّانِيَةِ إلَى تَبَيُّنِ ذُكُورَةِ الْخُنْثَى فَيَلْزَمُهُ أَوْ أُنُوثَتِهِ فَيَلْزَمُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُنْفِقُ عَلَيْهِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ غَابَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ. اهـ.
[حاشية الشربيني]
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْوَارِثُ) كَابْنِ ابْنٍ مَعَ ابْنِ بِنْتٍ فِي الْفُرُوعِ وَأَبِ الْأَبِ مَعَ أَبِ الْأُمِّ فِي الْأُصُولِ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوَّلَهُ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ أَوْ الْمُنْفِقِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْوَارِثُ) أَيْ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ الْمُنْفِقِ أَوْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْأَبُ) فِي ق ل وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُنْفِقَ أَبُو الْأُمِّ مَعَ وُجُودِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَعْنِي عَلَى الْأُمِّ) أَيْ وَعَلَى آبَائِهَا أَيْضًا لِعَدَمِ إرْثِهِمْ، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ فَوَارِثٌ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الْإِخْرَاجِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلِلتَّسَاوِي بِالسَّوَاءِ) يُفِيدُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْأَوْلَادِ سَوَاءٌ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الصَّغِيرَ يُقَدَّمُ عَلَى الْكَبِيرِ وَتَسْوِيَةُ الْحَاوِي بَيْنَ الْفُرُوعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ تَفَاوُتٌ فِي الْيَسَارِ) أَيْ فِي الْمُعْطِينَ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْآخِذِينَ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: الْعُجَابِ) اسْمُ شَرْحِ الْحَاوِي لِمُصَنَّفِهِ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) مُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: الثَّانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِإِشْعَارِ زِيَادَةِ الْإِرْثِ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ. اهـ. مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا نَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِمَا) فَالْمُرَجَّحُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَنَّ ثُلُثَيْ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ وَثُلُثَهَا عَلَى الْأُمِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الْأَبِ.
(قَوْلُهُ: بِفَرْضِ الْقَاضِي) وَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute