لَهَا افْسَخِي أَوْ اصْبِرِي عَلَى الْجُوعِ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يُلْجِئُهَا إلَى الْفَسْخِ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الْمُوسِرِ زَوْجَةَ أَحَدِ أُصُولِهِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُمْ فَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ ثَمَّةَ حِينَئِذٍ فَلَا فَسْخَ لَهُ وَلَا لَهَا وَأُلْحِقَ بِهَا نَظَائِرُهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ وَاسْتَخْدَمَهُ.
، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَقَالَ (وَيَلْزَمُ الْفَاضِلَ) أَيْ الَّذِي فَضَلَ (عَنْ تَقَوُّتِهْ) بِمَعْنَى قُوتِهِ (وَ) قُوتِ (عِرْسِهِ) أَيْ زَوْجَتِهِ إنْ كَانَتْ (لِيَوْمِهِ وَلَيْلَتِهْ لِفَرْعِهِ) وَإِنْ نَزَلَ (وَأَصْلِهِ) وَإِنْ عَلَا (مُقِلَّا) أَيْ عَاجِزًا كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّا يَكْفِيهِ (وَلَوْ) كَانَ (كَسُوبًا) وَلَمْ يَكْتَسِبْ أَوْ مُخَالِفًا فِي الدِّينِ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ (مَا بِهِ اسْتَقَلَّا) هَذَا تَنَازَعَهُ يَلْزَمُ وَالْفَاضِلُ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَقَوْلُهُ لِيَوْمِهِ صِلَةُ تَقَوُّتِهِ وَقَوْلُهُ لِفَرْعِهِ صِلَةُ يَلْزَمُ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّقَوُّتِ بِالْحَاجَةِ كَانَ أَوْلَى وَالْأَصْلُ فِي لُزُومِ نَفَقَةِ الْفَرْعِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] إذْ إيجَابُ الْأُجْرَةِ لِإِرْضَاعِ الْأَوْلَادِ يَقْتَضِي إيجَابَ مُؤَنِهِمْ «وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِهِنْدٍ خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي لُزُومِ نَفَقَةِ الْأَصْلِ قَوْله تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: ١٥] وَخَبَرُ «أَطْيَبُ مَا يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْفَرْعِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَصْلِ أَعْظَمُ وَالْفَرْعُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةُ أَلْيَقُ، وَاعْتُبِرَ فِي لُزُومِ نَفَقَتِهِمَا أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا بِخِلَافِ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ سَوَاءٌ فَضَلَ بِالْكَسْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ حَتَّى يَلْزَمَ الْكَسُوبَ كَسْبُهَا كَمَا يَلْزَمُهُ كَسْبُ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يُبَاعُ مِنْ الْعَقَارِ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يَسْهُلُ بَيْعُهُ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: رَجَّحَ النَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِهَا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَبْدِ الثَّانِي فَلْيُرَجَّحْ هُنَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِ النَّظْمِ وَلَوْ كَسُوبًا أَنَّ الْفَرْعَ الْكَامِلَ إذَا وَجَدَ كَسْبًا يَلِيقُ بِهِ يَلْزَمُ الْأَصْلَ نَفَقَتُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ لَكِنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحَيْهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ لُزُومِهَا لَهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ وَلِأَنَّ فَرْعَهُ مَأْمُورٌ بِمُصَاحَبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ الْكَسْبَ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ مَنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِالْكَسْبِ أَوْ جَرَتْ بِهِ لَكِنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ وَلَوْ اكْتَسَبَ لَانْقَطَعَ عَنْهُ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ فَلْتَجِبْ نَفَقَتُهُ، وَخَرَجَ بِفَرْعِهِ وَأَصْلِهِ أَيْ الْحُرَّيْنِ فَرْعُهُ وَأَصْلُهُ الرَّقِيقَانِ وَلَوْ مُكَاتَبَيْنِ وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَنَحْوُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَا مُبَعَّضَيْنِ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُمَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِمَا أَوْ هُوَ مُبَعَّضٌ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَسِيطِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمَا وَصَحَّحَ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ لُزُومَ نَفَقَةٍ تَامَّةٍ وَالْمُرَادُ بِمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ التَّرَدُّدِ وَالتَّصَرُّفِ وَلَا يَجِبُ الْإِشْبَاعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَلَا يَكْفِي مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَيَجِبُ أَيْضًا الْأُدْمُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى وَمُؤْنَةُ الْخَادِمِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ فَالْمُعْتَبَرُ الْكِفَايَةُ وَهِيَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَبِيلُ الْمُوَاسَاةِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي السِّنِّ وَالرَّغْبَةِ وَالزَّهَادَةِ.
وَلَوْ اسْتَغْنَى فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ تَجِبْ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَجَبَ الْإِبْدَالُ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهَا بِنَفْسِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
زَوْجَتُهُ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ مَا بِهِ اسْتَقَلَّا (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْقُوتِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِ النَّظْمِ. . . إلَخْ) بَلْ قَضِيَّتُهُ مَعَ مُلَاحَظَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ سَوَاءٌ فَضَلَ بِالْكَسْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ. . . إلَخْ. أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَصْلَ كَسْبُهَا لِلْفَرْعِ الْمُكْتَسَبِ وَقَضِيَّةُ ضَعْفِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَصْلِ فَقَطْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَرْعَ كَسْبُهَا لِلْأَصْلِ الْمُكْتَسَبِ إذَا لَمْ يَكْتَسِبْ (قَوْلُهُ: فَلْتَجِبْ نَفَقَتُهُ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي صُورَةِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَابَ الزَّكَاةِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْإِنْفَاقِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ الْإِشْبَاعُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ أَمَّا الشِّبَعُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَغْنَى. . . إلَخْ) وَكَالِاسْتِغْنَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ شَغَلَهُ الْمَرَضُ عَنْ نَحْوِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهَا بِنَفْسِهِ) اُنْظُرْ التَّلَفَ بِتَقْصِيرٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَلِلْمُبَعَّضَةِ الْفَسْخُ بِالْمَهْرِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْفَسْخِ بِبَعْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَقُوتِ عِرْسِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ فَلَوْ مَلَكَ مُدَّيْنِ أَعْطَى الزَّوْجَةَ مُدًّا وَالْبَاقِي لِلْقَرِيبِ. اهـ. ح ل فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَقُوتُ عِرْسِهِ) مِثْلُهَا خَادِمُهَا وَكَالزَّوْجَةِ الْمُسْتَوْلَدَةُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَنْ الْخَادِمِ وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ هُمْ الْمُرَادُ بِالْعِيَالِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: لِيَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ) فَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ عِنْدَ فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ وَلَا يُعْتَبَرُ الْفَضْلُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ هُنَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ نَظَرًا لِحُرْمَةِ الْبَعْضِيَّةِ وَلِعَدَمِ الدَّيْنِيَّةِ بِفَوَاتِهَا كَمَا سَيَأْتِي فَكُلُّ مُوسِرٍ فِي الزَّوْجَةِ مُوسِرٌ هُنَا وَلَا عَكْسَ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: فَنَازَعَهُ يَلْزَمُ وَالْفَاضِلُ) أَيْ يَلْزَمُ الشَّخْصَ الَّذِي فَضَلَ عَنْ تَقَوُّتِهِ مَا اسْتَقَلَّ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ ذَلِكَ الَّذِي اسْتَقَلَّ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَقَارٍ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ. اهـ. ق ل وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يُبَاعُ لَهَا مَسْكَنُهُ وَإِنْ احْتَاجَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ الْإِشْبَاعُ) أَيْ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ وَأَمَّا إشْبَاعُهُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ. اهـ.