لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَلَا يُكَلِّفُهُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ زَادَ فِي الْكَبِيرِ وَلَا مَا إذَا قَامَ بِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ عَجَزَ وَضَعُفَ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ اهـ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا دُونَ شَهْرٍ كَذَلِكَ (وَجَهْدَهُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا (الرَّقِيقُ بَذَلَا) أَيْ بَذَلَ مَجْهُودَهُ وُجُوبًا فَلَا يَتَكَاسَلُ.
(وَلَا تُعَيِّنْ) أَنْتَ (مَا عَلَيْهِ ضُرِبَا) مِنْ خَرَاجٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مِنْ كَسْبِهِ لِسَيِّدِهِ فَالْمُخَارَجَةُ وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً بِتَرَاضِيهِمَا لَا يُجْبِرُهُ السَّيِّدُ عَلَيْهَا كَالْكِتَابَةِ وَإِذَا تَرَاضَيَا فَلْيَكُنْ لَهُ كَسْبٌ دَائِمٌ يَفِي بِذَلِكَ الْخَرَاجِ بَعْدَ مُؤْنَتِهِ إنْ جَعَلَهَا فِي كَسْبِهِ وَلَوْ وَفَّى وَزَادَ فَالزِّيَادَةُ مَبَرَّةٌ مِنْ سَيِّدِهِ لَهُ وَإِنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مَنَعَهُ الْحَاكِمُ.
(وَ) وَجَبَ عَلَى الْمَالِكِ (عَلْفُهُ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ وَسَقْيُهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى (سَائِمَةً إنْ أَحْدَبَا) بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ الْمَكَانُ أَيْ أُصِيبَ بِالْجَدْبِ وَهُوَ الْقَحْطُ بِأَنْ احْتَبَسَ عَنْهُ الْمَطَرُ وَذَلِكَ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» بِفَتْحِ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ هَوَامِّهَا فَإِنْ لَمْ يُجْدِبْ لَمْ يَجِبْ عَلْفُهَا، وَخَرَجَ بِالسَّائِمَةِ الْمَعْلُوفَةُ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ تَأْلَفْ السَّوْمَ عَلْفُهَا وَسَقْيُهَا مُطْلَقًا حَتَّى تَصِلَ لِأَوَّلِ الشِّبَعِ وَالرِّيِّ دُون غَايَتِهِمَا وَعِنْدَ الْحَاجَةِ يَجُوزُ غَصْبُ الْعَلَفِ لِإِبْقَاءِ الدَّابَّةِ إذَا لَمْ يَبِعْهُ الْمَالِكُ وَكَذَا غَصْبُ الْخَيْطِ لِجِرَاحَتِهَا.
(دُونَ عِمَارَةِ الْعَقَارِ) فَلَا تَجِبُ لِانْتِفَاءِ حُرْمَةِ الرُّوحِ لَكِنْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَتُهُ لِلْحَاجَةِ وَالْأَوْلَى تَرْكُ الزِّيَادَةِ وَرُبَّمَا قِيلَ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَغَرْسُهَا نَعَمْ يُكْرَهُ تَرْكُ سَقْيِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ حَذَرًا مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ تَحْرِيمِ إضَاعَةِ الْمَالِ لَكِنَّهُمَا صَرَّحَا فِي مَوَاضِعَ بِتَحْرِيمِهَا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ بِلَا خَوْفٍ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا أَعْمَالًا كَإِلْقَاءِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ وَبِعَدَمِ تَحْرِيمِهَا إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكُ أَعْمَالٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ
ــ
[حاشية العبادي]
بِمَا قَبْلَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُتَّجَهُ الْمَنْعُ حَتَّى بِالْأَعْلَى حَيْثُ تَضَمَّنَ تَأْخِيرًا وَلَمْ يَرْضَ خُصُوصًا إنْ صَرَّحَ بِالِامْتِنَاعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ بَعْدَ الدَّفْعِ وَلَمْ يَرْضَ بِتَأْخِيرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُكَلِّفُهُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ) خَرَجَ مَا لَا يُطِيقُهُ فَلَا يُكَلِّفُهُ إيَّاهُ وَلَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ م ر
(قَوْلُهُ وَلَا تُعِينُ أَنْتَ مَا عَلَيْهِ ضُرِبَا) الْوَجْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الْمَحْجُورِ مُخَارَجَةُ رَقِيقِهِ بِالْمَصْلَحَةِ وَمِنْهَا إذَا جَعَلَ مُؤْنَتَهُ فِي كَسْبِهِ أَنْ لَا يَجْعَلَهَا زَائِدَةً عَلَى مَا يَجِبُ لَهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ. . . إلَخْ) لَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْمُخَارَجَةِ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ أَنَّهُمَا مَا دَامَا رَاضِيَيْنِ بِهَا لِلْحَاكِمِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ لَهُ اضْرِبْ مَا يَلِيقُ أَوْ اُتْرُكْ مُخَارَجَتَهُ (فَرْعٌ)
كَاتَبَهُ بَعْدَ الْمُخَارَجَةِ فَهَلْ تَبْطُلُ الْمُخَارَجَةُ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ غَيْرِ مَالِ الْكِتَابَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْبُطْلَانُ قَرِيبٌ بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلْبُطْلَانِ لِجَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْ الْمُخَارَجَةِ فَلِلْمُكَاتَبِ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ زِيَادَةٍ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ رُجُوعٌ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ زِيَادَةٍ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ لِاسْتِقْلَالِ الْمُكَاتَبِ وَمِلْكِهِ مَا فِي يَدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُقَالُ جَوَازُ الرُّجُوعِ عَنْهَا لَا يَمْنَعُ مُطَالَبَةَ السَّيِّدِ بِحِصَّةِ مَا قَبْلَ الرُّجُوعِ فَالْبُطْلَانُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(فَرْعٌ)
لَوْ كَانَ عِنْدَهُ حَيَوَانٌ يُؤْكَلُ وَآخَرُ لَا يُؤْكَلُ وَلَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ أَحَدِهِمَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُمَا فَهَلْ يُقَدِّمُ نَفَقَةَ مَا لَا يُؤْكَلُ وَيَذْبَحُ الْمَأْكُولَ أَوْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ كَانَ الْمَأْكُولُ يُسَاوِي أَلْفًا وَغَيْرُهُ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَفِيهِ نَظَرٌ وَاحْتِمَالٌ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُتَّجَهُ تَقْدِيمُ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُ الْمَأْكُولِ مُطْلَقًا م ر (قَوْلُهُ: يَجُوزُ غَصْبُ الْعَلَفِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِالْبَدَلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا غَصْبُ الْخَيْطِ لِجِرَاحَتِهَا) كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ دُونَ عِمَارَةِ الْعَقَارِ) أَيْ عَقَارِهِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ وَمَالِ الْمَحْجُورِ فَتَجِبُ نَحْوُ عِمَارَتِهِ وَسَقْيِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَذَا مَالُ الْغَائِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى تَرْكُ الزِّيَادَةِ) أَيْ عَلَى الْحَاجَةِ وَإِنْ أَرَادَ وَقْفَ ذَلِكَ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ التَّرْكُ أَوْلَى م ر (قَوْلُهُ: وَالشَّجَرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ سَقْيِ الْأَشْجَارِ وَصُورَتُهَا أَنْ تَكُونَ لَهَا ثَمَرَةٌ تَفِي بِمُؤْنَةِ سَقْيِهَا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ قَطْعًا قَالَ وَلَوْ أَرَادَ بِتَرْكِ السَّقْيِ تَجْفِيفَ الْأَشْجَارِ لِأَجْلِ قَطْعِهَا لِلْبِنَاءِ أَوْ الْوُقُودِ فَلَا كَرَاهَةَ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ سَبَبُهَا تَرْكَ أَعْمَالٍ) وَمِنْهُ تَرْكُ سَقْيِ الْأَشْجَارِ الْمَرْهُونَةِ بِتَوَافُقِ الْعَاقِدَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ شَرْحُ رَوْضٍ وَكَتَبَ أَيْضًا نَعَمْ إنْ خَفَّتْ تِلْكَ الْأَعْمَالُ كُلِّفَ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ) يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ أَمِنَ عَاقِبَةَ ذَلِكَ الشَّاقِّ بِأَنْ لَمْ يَخْشَ مِنْهُ مَحْذُورَ تَيَمُّمٍ وَلَوْ نَادِرًا وَإِنْ كَانَ مَآلًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَاد لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا مَا إذَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ أَيْ وَلَا يُكَلِّفُهُ عَمَلًا إذَا قَامَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا دُونَ شَهْرٍ) وَلَوْ يَوْمًا كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: الْمُخَارَجَةُ) أَيْ ضَرْبُ خَرَاجٍ عَلَى الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ جَائِزَةً) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا. اهـ. س ل (قَوْلُهُ: مَبَرَّةٌ مِنْ سَيِّدِهِ) فَلَوْ أَرَادَ سَيِّدُهُ أَخْذَهَا جَازَ إذْ لَا مِلْكَ لِلْعَبْدِ. اهـ. ع ش عَنْ الْعِرَاقِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا مَبَرَّةٌ مِنْ سَيِّدِهِ) وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا كَالْحُرِّ. اهـ. حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: عَلَفَهُ) وَلَا بُدَّ مِنْ الشِّبَعِ الْعُرْفِيِّ. اهـ. ع ش وَسَنْبَاطِيٌّ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ غَصْبُ الْعَلَفِ) أَيْ بِبَدَلِهِ يَوْمَ الْأَخْذِ لَا يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا أَقْصَى الْقِيَمِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْغَصْبَ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ حَيْثُ تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِدَفْعِ ضَرَرِهَا أَفَادَهُ م ر وع ش.
(قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا قِيلَ تُكْرَهُ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَقِيلَ تُكْرَهُ قَالَ ق ل وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ