للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُذْرِهِمْ غَيْرُ نَادِرٍ وَالْقُدْرَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا فِي الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ وَعَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ مَعَ غَلَبَةِ ظَنِّ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَجَّسَتْ سُتْرَتُهُ وَكَانَ مَعَهُ مَا لَوْ اشْتَغَلَ بِغَسْلِهَا بِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَجِبُ صَبْرُهُ، لِأَنَّ الْبِئْرَ وَالْمَقَامَ وَالسُّتْرَةَ هُنَا لَيْسَتْ فِي قَبْضَتِهِ وَالسُّتْرَةُ ثَمَّةَ فِي قَبْضَتِهِ فَيَصِيرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ أَوْ يَغْتَرِفُهُ مِنْ بِئْرٍ وَلَا مُزَاحِمَ لَهُ وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَصْبِرُ وَلَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ أَمَّا إذَا تَوَقَّعَ انْتِهَاءَ النَّوْبَةِ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ فَيَجِبُ صَبْرُهُ لِيُصَلِّيَ مُتَوَضِّئًا وَقَائِمًا وَمَسْتُورًا (وَلِظَمَا) بِإِبْدَالِ هَمْزَتِهِ أَلِفًا لِلْوَزْنِ أَيْ وَلِعَطَشٍ (رَفِيقِ مَيْتٍ) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ (مَعَهُ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ (مَا) بِالْقَصْرِ أَيْ مَعَ الْمَيِّتِ مَاءٌ لَهُ (يَمَّمَهُ) الرَّفِيقُ وَشَرِبَ مَاءَهُ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشُّرْبِ بَدَلٌ بِخِلَافِ الْغُسْلِ.

(وَقِيمَةُ الْمَا) فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (غَرِمَا) أَيْ غَرِمَهَا الرَّفِيقُ لِوَارِثِ الْمَيِّتِ بَدَلَ الْمَاءِ الَّذِي فَوَّتَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنَّمَا غَرِمَ قِيمَتَهُ لَا مِثْلَهُ مَعَ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ

ــ

[حاشية العبادي]

صَبْرَهُ) مَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ فِي الْمُسَافِرِ فَالْمُقِيمُ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْهَامِشِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدَّيْ الْغَوْثِ وَالْقُرْبِ عَنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلِهَذَا قَيَّدَ الْعُبَابُ بِالْمُسَافِرِ فَقَالَ: وَلَوْ اجْتَمَعَ مُسَافِرُونَ بِبِئْرٍ إلَخْ لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالسَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَنْدُرُ فَقْدُ الْمَاءِ أَوْ يَنْدُرُ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ التَّقْيِيدُ بِالْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَلَى هَذَا مَنْ بِمَحِلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ الْفَقْدُ وَوُجُودُ الْبِئْرِ بِمَحَلٍّ يُنَافِي أَنَّهُ لَا يَنْدُرُ فِيهِ الْفَقْدُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الْفَقْدُ وَلَوْ حُكْمًا وَعَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ الْبِئْرِ فِي الْوَقْتِ جَعَلَهَا كَالْعَدَمِ وَيَبْقَى تَحْقِيقُ الْمُحْتَرَزِ عَنْهُ بِالْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُقِيمَ لَمْ يَتَأَتَّ لِشُمُولِ الْمُسَافِرِ لَهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَوْ مَنْ لَمْ يُزَاحِمْهُ غَيْرُهُ عَلَى الْبِئْرِ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُزَاحَمَةِ أَوْ مَنْ زَاحَمَهُ غَيْرُهُ لَكِنْ بِمَحَلٍّ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمُ الْمُزَاحَمَةِ فَتَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا غَلَبَتْ الْمُزَاحَمَةُ فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُسَافِرِ مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقِيمِ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُسَافِرِ الْمُزَاحَمَةَ عَلَى الْبِئْرِ بِخِلَافِ الْمُقِيمِ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُجْعَلَ الْمُحْتَرَزَ عَنْهُ مَنْ بِمَحَلٍّ لَا يَنْدُرُ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تِلْكَ الْبِئْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَتْ سُتْرَتُهُ وَلَمْ يَتَوَقَّعْ النَّوْبَةَ فِي الْوَقْتِ فِي مَسْأَلَةِ تَنَاوُبِ الْبِئْرِ صَلَّى فِي الْوَقْتِ وَلَا قَضَاءَ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ وَيَبْقَى مَا لَوْ تَنَجَّسَ بَدَنُهُ فَهَلْ يَنْتَظِرُ النَّوْبَةَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ لِلُزُومِ الْقَضَاءِ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَوَقَّعَ) يَشْمَلُ بِاعْتِبَارِ مُقَابَلَتِهِ لِلتَّيَقُّنِ فِيمَا بَيْنَ التَّوَقُّعِ ظَنًّا وَاحْتِمَالًا. (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ ظَاهِرُهُ) وَلَوْ فِي آخِرِهِ وَلَا يُشْكِلُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وَالتَّأْخِيرُ لِلتَّيَقُّنِ أَوْلَى لِحُضُورِ هَذَا وَغَيْبَةِ ذَاكَ لَكِنْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا تَعْلِيلُهُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ إلَخْ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ صَبْرُهُ) وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا مَرَّ أَنَّ مَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ لَا يَلْزَمُهُ انْتِظَارُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ هُنَا مَعَ التَّوَقُّفِ يُعَدُّ وَاجِدًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: إلَخْ) أَجَابَ ابْنُ الْمُقْرِي بِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لَكِنْ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَمَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ إذَا ظَفِرَ بِهِ الْمَالِكُ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ لَا يُطَالِبُهُ بِالْمِثْلِ بَلْ بِقِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمَالِكُ قَبُولَ الْمِثْلِ. اهـ. وَقَدْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْقِيمَةَ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْبِئْرِ أَوْ لَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْبِئْرِ كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَكِنَّ الَّذِي فِي الْحَاشِيَةِ هُنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ لَهُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ ق ل فَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْفِعْلُ ثَانِيًا لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالسُّتْرَةُ تَمَّتْ فِي قَبْضَتِهِ) أَيْ: طَهَارَتُهَا فِي قَبْضَتِهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا تَوَقَّعَ انْتِهَاءَ النَّوْبَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَا أَدْرَكَهُ مِنْ الْوَقْتِ يَسَعُ الْوُضُوءَ فَقَطْ وَتَقَعُ الصَّلَاةُ قَضَاءً وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ مَا يَتَوَضَّأُ بِهِ أَوْ يَغْتَرِفُهُ مِنْ بِئْرٍ وَلَا مُزَاحِمَ لَكِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ خَرَجَ الْوَقْتُ وَصَارَتْ صَلَاتُهُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ بَلْ يَشْتَغِلُ بِالْوُضُوءِ. اهـ. فَإِنَّهُ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ لَا تَزَاحُمَ لَهُ. اهـ.، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ وَلَا يَنْتَظِرُ عَارٍ فِي ثَوْبٍ تَنَاوَبَهُ عُرَاةٌ وَلَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ فِي بِئْرٍ تَنَاوَبَهُ النَّازِحُونَ وَلَا مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ ضَيِّقٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الصَّلَاةُ إلَّا لِوَاحِدٍ وَتَنَاوَبُوهُ نَوْبَةً تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَا تَنْتَهِي إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ أَوْ فِيهِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ بَلْ يُصَلِّي عَارِيًّا وَمُتَيَمِّمًا وَقَاعِدًا فِي الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ لَا بُدَّ مِنْ رِعَايَتِهَا وَهُوَ عَاجِزٌ حَالًا وَالْمَاءُ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَهِيَ مَانِعَةٌ وَأَمَّا مَنْ بِحَدِّ الْقُرْبِ فَإِنْ كَانَ لَوْ قَصَدَهُ لَمْ يَنْتَهِ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَصْدُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُعَدُّ وَاجِدًا لَهُ وَإِنْ كَانَ لَوْ قَصَدَهُ أَدْرَكَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَكِنَّهُ إنْ تَوَضَّأَ بِهِ خَرَجَ يَلْزَمُهُ قَصْدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَقْتِ عُدَّ وَاجِدًا لَهُ بِخِلَافِ ذِي النَّوْبَةِ. اهـ. وَفَرَّقَ أَيْضًا بِهَذَا الْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْمَجْمُوعِ وَذِي النَّوْبَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ انْتِهَاءُ النَّوْبَةِ إلَيْهِ فِي الْوَقْتِ الْمُوجِبِ لِلصَّبْرِ بِمَا إذَا كَانَ لَوْ اسْتَعْمَلَهُ وَقَعَتْ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهَا كُلِّهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِظَمَأٍ) هُوَ قَيْدٌ فَلَوْ احْتَاجَ الرَّفِيقُ إلَيْهِ لِلطَّهَارَةِ وَجَبَ تَغْسِيلُهُ مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَحِفْظُ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ بِهِ بَلْ يَتَيَمَّمُ. اهـ. مَجْمُوعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>