للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْجَرِيحُ وَيَجِبُ النِّصْفُ الْآخَرُ عَلَى الْخَائِطِ إنْ كَانَ غَيْرَ الْجَرِيحِ وَخَاطَ بِغَيْرِ إذْنِهِ الْمُعْتَبَرِ وَإِلَّا هُدِرَ وَخَرَجَ بِمَا قَالَهُ الْجِلْدُ، وَاللَّحْمُ الْمَيِّتُ فَلَيْسَ الْخَائِطُ فِيهِمَا شَرِيكًا لِعَدَمِ الْإِيلَامِ الْمُهْلِكِ فَعَلَى الْجَارِحِ الْقَوَدُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَالْكَيُّ كَالْخِيَاطَةِ (لَا) إنْ شَارَكَ (مَرَضًا) وَعَبَّرَ الْحَاوِي بِمَرِيضًا بِأَنْ ضَرَبَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ خَاصَّةً فَمَاتَ بِالضَّرْبِ، وَالْمَرَضِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الضَّارِبِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ جَهِلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلَكَهُ مُتَعَدِّيًا وَظَنُّهُ الصِّحَّةَ لَا يُبِيحُ الضَّرْبَ لِلشَّرِيكَيْنِ الْمُوَزَّعَ عَلَى أَبْدَانِهِمَا بِقَوْلِهِ: (كَمُعَمِّقٍ) لِبِئْرٍ (وَمَنْ حَفَرْ) أَيْ: الْبِئْرَ فَمَاتَ بِهَا إنْسَانٌ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا نِصْفَيْنِ لَا عَلَى الْأَذْرُعِ كَالْجِرَاحَاتِ وَلَوْ حَفَرَ بِئْرًا وَطَمَّهَا، ثُمَّ حَفَرَهَا غَيْرُهُ فَمَاتَ بِهَا إنْسَانٌ ضَمِنَهُ عَاقِلَةُ الثَّانِي لِانْقِطَاعِ أَثَرِ الْأَوَّلِ بِالطَّمِّ

(وَ) مُعْقِبُ التَّلَفِ يُوجِبُ (النِّصْفَ) مِنْ الدِّيَةِ (فِي الْخُنْثَى وَفِي ضِدِّ الذَّكَرْ) أَيْ الْأُنْثَى كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى لِلشَّكِّ فِي الزَّائِدِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ الْخُنْثَى لِدُخُولِهِ فِيمَا بَعْدَهُ والْحَاوِي إنَّمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ عَمَّا بَعْدَهُ بِالْأُنْثَى، ثُمَّ لَوْ أَخَّرَا حُكْمَهُمَا عَنْ الْكَلَامِ عَلَى دِيَاتِ الْكُفَّارِ كَانَ أَوْلَى

(وَ) يُوجِبُ (لِلْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ) اللَّذَيْنِ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمَا (ثُلْثًا) مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ أَخْذًا مِنْ خَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَرَضَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ» رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَقَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَقِيسَ بِالْمُسْلِمِ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَضْمَنُ بِإِتْلَافِهِ أَمَّا اللَّذَانِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمَا فَهُمَا كَمَنْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَ) يُوجِبُ (لِلْعَابِدِ لِلْأَوْثَانِ) أَيْ: الْأَصْنَامِ (وَ) لِعَابِدِ (الْقَمَرَيْنِ) أَيْ: الشَّمْسِ، وَالْقَمَرِ (وَلِذِي تَمَجُّسِ، أُومِنَ) كُلٌّ مِنْهُمْ بِعَهْدٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَدُخُولِهِ دَارَنَا لِأَدَاءِ رِسَالَةٍ (كَالزِّنْدِيقِ) الَّذِي لَهُ أَمَانٌ (ثُلْثَ الْخُمُسِ) مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ كَمَا قَالَ بِهِ فِي الْمَجُوسِيِّ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِخُمُسِ دِيَةِ الذِّمِّيِّ وَهُوَ لَهُ كِتَابٌ وَدِينٌ كَانَ حَقًّا وَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَمُنَاكَحَتُهُ وَيُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا الْخَامِسُ فَكَانَتْ دِيَتُهُ خُمُسَ دِيَتِهِ وَهِيَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ، وَالزِّنْدِيقُ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا كَمَا مَرَّ.

وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ، أَوْ مِنْ إيضَاحٍ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ أَيْضًا (كَالشَّخْصِ) الَّذِي (لَمْ تَبْلُغْهُ مِنْ رَسُولِ دَعْوَةٌ، أَوْ) بَلَغَتْهُ مِنْ رَسُولٍ وَلَمْ تَبْلُغْهُ (مِنَّا) أَيْ: مِنْ رَسُولِنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مَعَ التَّبْدِيلِ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَعَبَّرَ الْحَاوِي بِمَرِيضًا) أَيْ وَتَعْبِيرُهُ أَحْسَنُ وَأَوْفَقُ بِمَا قَبْلَهُ وَقَدْ يُجْعَلُ الْمَتْنُ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ أَيْ: ذَا مَرَضٍ

(قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ فِيمَا بَعْدَهُ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ دُخُولُهُ فِيمَا بَعْدَهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ الْمُحْتَمَلَةِ لَيْسَ ضِدَّ الذَّكَرِ احْتَاطَ فَذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِيَشْمَلَ الْخُنْثَى، وَالْأُنْثَى مِنْ الْكُفَّارِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: وَلِلْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ إلَخْ) رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ بِهَامِشِ هَذَا الْمَحَلِّ، الظَّاهِرُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَقْسَامَ الْآتِيَةَ مُسْتَوِيَةٌ فِي إجْرَاءِ الْقِصَاصِ بَيْنَهُمْ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الدِّيَةُ كَمَا فِي الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ اهـ.

وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذِهِ الْأَقْسَامِ أَقْسَامَ الْمَذْكُورِينَ بِقَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ إلَخْ (قَوْلُهُ: أُخِذَ مِنْ خَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: هَذَا الْخَبَرُ ظَاهِرٌ فِي أَصَالَةِ النَّقْدِ مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَيُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ) تَوْطِئَةٌ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ إلَخْ) بَقِيَ غَيْرُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ مَعَهُ فَهَذِهِ الْحِكْمَةُ غَيْرُ عَامَّةٍ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْيَهُودِيِّ وَلِلنَّصْرَانِيِّ أَيْضًا) لَمْ يَقُلْ وَلِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: كَالشَّخْصِ إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا فِي ذَلِكَ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ أَيْضًا قَوْلُهُ: الْآتِي فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ وَهِيَ وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ الثُّلُثُ، وَبَاقِي كَفَرَةٍ غَيْرِ مُرْتَدٍّ خُمُسُهُ لِغَيْرِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ، أَوْ بَلَغَتْهُ لَا مَنْ بَدَّلَ، وَإِلَّا فَدِيَةُ دِينِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالشَّخْصِ لَمْ تَبْلُغْهُ مِنْ رَسُولٍ دَعْوَةٌ) قَالَ فِي الْعُبَابِ، وَكَذَا مَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ مِنْ وَثَنِيٍّ، أَوْ مَنْ لَا كِتَابَ لَهُ، وَشُبْهَةَ كِتَابٍ كَعَبَدَةِ الشَّمْسِ، وَالزِّنْدِيقِ، أَوْ دِيَتُهُ خُمُسُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ وَقَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا وَهُوَ كَالْمُسْتَأْمَنِ فَفِيهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ، وَكَذَا مُتَمَسِّكٌ بِكِتَابٍ لَمْ يُبَدَّلْ وَلَمْ يَبْلُغْهُ غَيْرُهُ وَدِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ مِلَّتِهِ فَإِنْ جُهِلَتْ، أَوْ تَمَسَّكَ بِمُبَدَّلٍ لَمْ يَبْلُغْهُ غَيْرُهُ فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَيَحْرُمُ قَتْلُهُ قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ وَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَمَنْ جُهِلَ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ لَمْ تَجِبْ دِيَتُهُ بِنَاءً عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ أَصْلَ النَّاسِ قَبْلَ الشَّرَائِعِ عَلَى الْكُفْرِ لَا الْإِيمَانِ اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

بَلَدٍ بِعَيْنِهِ تَحَكُّمٌ اهـ.

شَرْحُ م ر لِلْمِنْهَاجِ

(قَوْلُهُ: الَّذِينَ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمَا) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ: هَذَا يُفِيدُك أَنَّ غَالِبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْآنَ إنَّمَا يُضْمَنُونَ بِدِيَةِ الْمَجُوسِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ لَا يَكَادُ يُوجَدُ اهـ.

وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ إلَخْ هُوَ أَنْ يُعْلَمَ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ النَّسْخِ، وَالتَّحْرِيفِ اهـ.

ع ش عَلَى م ر وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا فِيمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ مِنَّا أَنَّ مَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ مِنَّا وَلَا أَمَانَ لَهُ يُهْدَرُ وَقَوْلُ الشِّهَابِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ إلَخْ يُتَأَمَّلُ فِيمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهِ كَمَا ذَكَرَهُ لَكِنَّ أُمَّهُ إسْرَائِيلِيَّةٌ فَإِنَّ الدِّيَةَ تُعْتَبَرُ بِأَغْلَظِ الْأَصْلَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُوَافِقُ الْقَدِيمَ الْقَائِلَ أَنَّ دِيَةَ الْمُسْلِمِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ الْقَدِيمَ إنَّمَا يَقُولُ هَذَا إنْ فُقِدَتْ الْإِبِلُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ قَيْدٌ إلَخْ) هُوَ كَذَلِكَ لَكِنَّ الْيَهُودِيَّ، وَالنَّصْرَانِيَّ يَتَأَتَّى فِيهِ عَقْدُ الذِّمَّةِ أَيْضًا وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ كِتَابٌ وَلَا شُبْهَةُ كِتَابٍ كَعَابِدِ الْوَثَنِ وَمَا بَعْدَهُ مَا عَدَا الْمَجُوسِيَّ وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهِ مُجَرَّدُ الْأَمَانِ وَلَمَّا كَانَتْ دِيَتُهُ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ أَشْرَكَهُ مَعَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَالشَّخْصِ الَّذِي لَمْ تَبْلُغْهُ مِنْ رَسُولٍ دَعْوَةٌ) هَذَا لَمْ يَتَمَسَّكْ بِدِينٍ أَصْلًا فَقَوْلُهُ: بَعْدُ مَعَ التَّبْدِيلِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدُ، أَوْ قَوْلُهُ: لَمْ تَبْلُغْهُ مِنْ رَسُولٍ دَعْوَةٌ، أَوْ مِنَّا أَيْ لِعِصْمَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا إذْ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ قَبْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>