؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ؛ وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ غَالِبًا فَإِنْ فُرِضَ زِيَادَتُهَا بَعْدَهُ اُعْتُبِرَتْ الزِّيَادَةُ فَالْمُعْتَبَرُ أَقْصَى الْقِيَمُ مِنْ الْجِنَايَةِ إلَى الْإِجْهَاضِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ كَمَا قَالَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (بِفَرْضِهَا) وَهِيَ كَافِرَةٌ أَوْ حُرَّةٌ، أَوْ مَعِيبَةٌ، وَالْجَنِينُ بِخِلَافِهَا (فِي) اعْتِبَارِ (الْقِيمَهْ مُسْلِمَةً) ، وَ (رَقِيقَةً) ، وَ (سَلِيمَهْ كَالْحَمْلِ) ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ الِاحْتِيَاطُ وَصُورَةُ الرَّقِيقِ مِنْ الْحُرَّةِ أَنْ يُعْتِقَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا بَعْدَ أَنْ أَوْصَى بِحَمْلِهَا (دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ: عَكْسِ مَا مَرَّ بِأَنْ تَكُونَ الْأُمُّ سَلِيمَةً، أَوْ رَقِيقَةً، وَالْجَنِينُ مَعِيبٌ، أَوْ حُرٌّ كَأَنْ وُطِئَتْ أَمَةٌ بِشُبْهَةٍ فَلَا تُفْرَضُ مَعِيبَةً؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ الْجَنِينِ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ، وَاللَّائِقُ بِالْحَالِ الِاحْتِيَاطُ، وَالتَّغْلِيظُ عَلَى الْجَانِي، وَلَا حُرَّةً لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى تَقْدِيرِ الْحُرِّيَّةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ عَكْسُ الْأُولَى بِأَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً وَهُوَ كَافِرٌ.
فَقَوْلُهُ: دُونَ عَكْسِهِ يُحْمَلُ عَلَى عَكْسِ الْأَخِيرَتَيْنِ بَلْ عَلَى عَكْسِ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا لَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً أَمَّا لَوْ كَانَا مَعِيبَيْنِ فَتُفْرَضُ الْأُمُّ سَلِيمَةً أَيْضًا وَإِنْ اقْتَضَى قَوْلُهُ: كَالْحَمْلِ خِلَافَهُ (مَعَ غُرْمِهِ) أَيْ: الْجَانِي (مَعَ مَا ذَكَرْنَا) مِنْ وَاجِبِ الْجَنِينِ (أَرْشَ شَيْنِ أُمِّهِ) الْحَاصِلِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا كَمَا يَغْرَمُ مَعَهُ أَرْشَ الْجُرْحِ إذَا جَرَحَ أُمَّهُ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْأَلَمِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَفِيهِ) أَيْ وَاجِبِ الْجَنِينِ (أَرْشُ أَلَمِ الْأُمِّ دَخَلْ) وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي التَّعْبِيرِ بِذَلِكَ الْغَزَالِيَّ وَفِيهِ تَسَمُّحٌ إذْ لَا يَجِبُ لِأَلَمِ الْأُمِّ شَيْءٌ حَتَّى يَدْخُلَ فِي وَاجِبِ الْجَنِينِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ النَّظْمِ مَعَ مَا ذَكَرْنَا لِفَهْمِهِ مِنْ الْمَعِيَّةِ قَبْلَهُ
(وَالْعَقْلُ) كَالنَّفْسِ فَفِي إزَالَتِهِ دِيَةُ صَاحِبِهِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ «فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ» ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي وَبِهِ يَتَمَيَّزُ الْإِنْسَانُ عَنْ الْبَهِيمَةِ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَالْمُرَادُ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ الَّذِي بِهِ التَّكَلُّفُ دُونَ الْمُكْتَسَبِ الَّذِي بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا تَحَقَّقَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ عَدَمَ عَوْدِهِ فَإِنْ تَوَقَّعُوهُ اُنْتُظِرَ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِقَامَةِ فَوَجْهَانِ كَمَا فِي سِنِّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ لَكِنْ جَزَمَ الْجُرْجَانِيُّ بِوُجُوبِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي ذَكَرُوا فِي النُّطْقِ مَا يُوَافِقُهُ لَكِنْ قَالُوا فِي السَّمْعِ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْتَظَرُ إذَا قَدَّرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لِعَوْدِهِ مُدَّةً، وَقَدْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْإِمَامُ مَا إذَا قَدَّرُوا مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْقِرَاضُ الْعُمْرِ قَبْلَ فَرَاغِهَا وَقَالَ الْوَجْهُ أَنْ لَا تُنْتَظَرَ هَذِهِ الْمُدَّةُ بَلْ تُؤْخَذُ الدِّيَةُ اهـ.
فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ مَا ذُكِرَ فِي الْعَقْلِ، وَالنُّطْقِ بِذَلِكَ وَلَوْ نَقَصَ الْعَقْلُ وَأَمْكَنَ ضَبْطُهُ إمَّا بِالزَّمَنِ كَمَا لَوْ كَانَ يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ يَوْمًا، أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ يُقَابَلَ صَوَابُ قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ بِالْمُخْتَلِّ مِنْهُمَا وَتُعْرَفَ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا وَجَبَ قِسْطُهُ وَإِلَّا فَحُكُومَتُهُ وَيُعْلَمُ مِمَّا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ مِنْ وَاجِبِ الْعَقْلِ مَعَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ وَاجِبِ الْقَطْعِ، وَالْجُرْحِ أَنَّهُ لَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِجُرْحٍ، أَوْ قَطْعٍ وَجَبَ أَرْشُهُ، أَوْ حُكُومَتُهُ مَعَ دِيَةِ الْعَقْلِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَبْطَلَتْ مَنْفَعَةً لَيْسَتْ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَكَانَتْ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ، أَوْ بَصَرُهُ فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ وَجَبَ ثَلَاثُ دِيَاتٍ فَلَوْ زَالَ بِجِنَايَةٍ لَا أَرْشَ لَهَا وَلَا حُكُومَةَ كَأَنْ ضَرَبَ رَأْسَهُ، أَوْ لَطَمَهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى الدِّيَةِ
(وَاللِّسَانُ) كَالنَّفْسِ فَفِي قَطْعِهِ دِيَةُ صَاحِبِهِ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (حَتَّى ذُو الثِّقَلْ) لِلُكْنَةٍ، أَوْ لُثْغَةٍ، أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَعْسُرُ بِهِ النُّطْقُ وَلَمْ يَحْصُلْ بِجِنَايَةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ ذَلِكَ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ كَضَعْفِ الْبَطْشِ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ لِسَانُ الطِّفْلِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ النُّطْقِ فَإِنْ بَلَغَ أَوَانَهُ وَلَمْ يَنْطِقْ لَمْ يَجِبْ إلَّا الْحُكُومَةُ لِإِشْعَارِ الْحَالِ بِعَجْزِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةً وَشَمِلَ كَلَامُهُ لِسَانَ مَنْ تَعَذَّرَ نُطْقُهُ لَا لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ شَيْئًا فَفِيهِ الدِّيَةُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَقِيلَ فِيهِ الْحُكُومَةُ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَجْهَانِ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْ: بِحَيْثُ يُنْسَبُ إلَى التَّأَثُّرِ بِالْجِنَايَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً وَهُوَ كَافِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الَّتِي قَبْلَهَا إلَخْ) بِأَنْ تَكُونَ رَقِيقَةً وَهُوَ حُرٌّ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ كَانَا مَعِيبَيْنِ إلَخْ) فِي الْإِرْشَادِ خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ تُفْرَضُ مُسْلِمَةً كَهُوَ سَلِيمَةً لَا إلَّا نَقَصَهَا رَقِيقَةً اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَبِهِ جَزَمَ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَرَقِيقَةً وَسَلِيمَةً كَالْحَمْلِ) اعْتَرَضَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ قَوْلَ الْحَاوِي كَالْحَمْلِ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَمْلِ الرَّقِيقِ وَمُضِرٌّ أَيْضًا لِإِفَادَتِهِ أَنَّهَا لَا تُقَدَّرُ سَلِيمَةً إلَّا إذَا كَانَ سَلِيمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْحُرِّ مَعْلُومٌ مَضْبُوطٌ فَلَيْسَ لِلتَّقْوِيمِ دَخْلٌ فِيهِ اهـ.
مِنْ حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: بَدَلَ فَلَيْسَ لِلتَّقْوِيمِ إلَخْ وَلَا فَائِدَةَ لِتَقْدِيرِ حُرِّيَّتِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ إلَخْ) وَإِنَّمَا فِيهِ التَّقْدِيرُ اهـ.
شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الْعَوْدُ اهـ.
بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا تُنْتَظَرَ) أَمَّا لَوْ قَدَّرُوا مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ يَعِيشُ إلَيْهَا اُنْتُظِرَ اهـ.
م ر
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ فِيهِ الْحُكُومَةُ) اعْتَمَدَهُ زي وَظَاهِرُ م ر خِلَافُهُ