وَالْغَائِطِ بِآلَةِ الْجِمَاعِ أَوْ غَيْرِهَا دِيَتُهَا لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ، أَوْ اخْتِلَالِهَا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْإِفْضَاءِ الدِّيَةُ فَإِنْ حَصَلَ مَعَهُ اسْتِرْسَالُ الْبَوْلِ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ أَيْضًا (لَا) اتِّحَادِ نَهْجَيْ جِمَاعٍ، وَ (بَوْلٍ) فَلَا دِيَةَ فِيهِ بَلْ فِيهِ الْحُكُومَةُ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ الْمَنْفَعَةَ وَلَا يُفَوِّتُهَا
وَقِيلَ الْمُوجِبُ لِلدِّيَةِ هَذَا لَا الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ فِي الْأَوَّلِ قَوِيٌّ مِنْ أَعْصَابٍ غَلِيظَةٍ لَا تَكَادُ تَزُولُ بِالْوَطْءِ وَصَحَّحَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إفْضَاءٌ مُوجِبٌ لِلدِّيَةِ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ يَخْتَلُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَوْ أَزَالَ الْحَاجِزَيْنِ لَزِمَهُ دِيَتَانِ (وَلَوْ مَعَ النِّكَاحِ فُعِلَا) أَيْ: الْإِفْضَاءُ (أَوْ) مَعَ (الزِّنَا) ، أَوْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ النِّكَاحِ بِالْأَوْلَى فَفِيهِ الدِّيَةُ (بِالْمَهْرِ) أَيْ مَعَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُمَا بَدَلَا مَنْفَعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الزِّنَا مُخْتَارَةً لَهُ فَلَا مَهْرَ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ: (وَالْمُخْتَارَهْ) لِلزِّنَا (تَحْرُمُ ذَا) أَيْ: الْمَهْرُ إذْ لَا مَهْرَ لَبِغَيٍّ بِخِلَافِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالْوَطْءِ لَا بِالْإِفْضَاءِ، ثُمَّ الْإِفْضَاءُ قَدْ يَكُونُ عَمْدًا بِأَنْ يَطَأَ صَغِيرَةً، أَوْ نَحِيفَةً يُفْضِي وَطْؤُهَا إلَى الْإِفْضَاءِ غَالِبًا، وَقَدْ يَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ بِأَنْ يَطَأَ امْرَأَةً لَا يُفْضِي وَطْؤُهَا إلَى الْإِفْضَاءِ غَالِبًا وَأَفْضَى إلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ خَطَأً بِأَنْ يَطَأَ نَحِيفَةً، أَوْ صَغِيرَةً عَلَى فِرَاشِهِ وَهُوَ يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ وَأَفْضَى وَطْؤُهَا إلَى الْإِفْضَاءِ وَحُكْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعْرُوفٌ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ الْتَأَمَ الْإِفْضَاءُ سَقَطَتْ الدِّيَةُ وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ إنْ بَقِيَ أَثَرٌ كَمَا فِي عَوْدِ الْبَصَرِ بِخِلَافِ الْجَائِفَةِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَزِمَتْ هُنَاكَ بِالِاسْمِ وَهُنَا بِفَقْدِ الْحَائِلِ، وَقَدْ سَلِمَ (كَالْأَرْشِ لِلْبَكَارَهْ) أَيْ: لِإِزَالَتِهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ مَعَ مَهْرِ مِثْلِهَا ثَيِّبًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُخْتَارَةً لِلزِّنَا فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ الْأَرْشُ فِي الْمَهْرِ لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ فَإِنَّ الْمَهْرَ لِلتَّمَتُّعِ، وَالْأَرْشَ لِإِزَالَةِ الْجِلْدَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا إفْضَاءٌ دَخَلَ أَرْشُهَا فِي دِيَتِهِ؛ لِأَنَّهُمَا وَجَبَا لِلْإِتْلَافِ فَيَنْدَرِجُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ يُخَالِفُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَرْشِ الْحُكُومَةُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا وَلَوْ أَزَالَتْ بِكْرٌ بَكَارَةَ أُخْرَى اُقْتُصَّ مِنْهَا وَلَوْ أُزِيلَتْ بَكَارَةُ فَرْجِ خُنْثَى وَجَبَتْ حُكُومَةٌ لِلْجِرَاحَةِ وَلَا تُعْتَبَرُ الْبَكَارَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ فَرْجًا (إلَّا عَلَى الزَّوْجِ) فَلَا يَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ بِإِزَالَتِهِ لَهَا (وَلَوْ بِالدَّسِّ لِأُصْبُعٍ) أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِإِزَالَتِهَا وَإِنْ أَخْطَأَ فِي طَرِيقِ الِاسْتِيفَاءِ بِدَسِّ ذَلِكَ
(، وَالْجِلْدُ) كَالنَّفْسِ فَفِي سَلْخِهِ الدِّيَةُ فَلَوْ حَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا دِيَةٌ وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ بَعْدَ سَلْخِ الْجَلْدِ تُوَزَّعُ مِسَاحَةُ الْجِلْدِ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ فَمَا يَخُصُّ الْيَدَيْنِ يُحَطُّ مِنْ دِيَتِهِمَا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ لَوْ قَطَعَ يَدَيْ إنْسَانٍ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَسَلَخَ جِلْدَهُ وَجَبَ عَلَى السَّالِخِ الدِّيَةُ مَحْطُوطًا عَنْهَا قِسْطُ الْيَدَيْنِ مِنْ الْجِلْدِ (مِثْلُ النَّفْسِ) خَبَرُ قَوْلِهِ: وَالْعَقْلُ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالشَّيْخَيْنِ عَدَمُ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي قَطْعِ اللَّحْمِ النَّاتِئِ عَلَى الظَّهْرِ مِنْ جَانِبَيْ السِّلْسِلَةِ لَكِنْ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَالْجُرْجَانِيُّ بِوُجُوبِهَا فِيهِ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ مَا بَدَلُهُ كَبَدَلِ نَفْسِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا بَدَلُهُ كَنِصْفِ بَدَلِهَا اللَّازِمِ مِنْهُ بَيَانُ مَا بَدَلُهُ مَعَ مِثْلِهِ كَبَدَلِهَا فَقَالَ (وَالْأُذْنُ) بِإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ مُخَفَّفًا مِنْ ضَمِّهَا كَنِصْفِ نَفْسِ صَاحِبِهَا فَفِي قَطْعِهَا، أَوْ قَلْعِهَا نِصْفُ دِيَةٍ لِمَا فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا مَعَ الْجَمَالِ مَنْفَعَتَيْنِ جَمْعَ الصَّوْتِ لِيَتَأَدَّى إلَى مَحَلِّ السَّمَاعِ وَدَفْعَ الْهَوَامِّ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يُحِسُّ بِسَبَبِ مَعَاطِفِهَا بِدَبِيبِ الْهَوَامِّ فَيَطْرُدَهَا وَهَذِهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ وَلِهَذَا خَصَّهَا النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ الْأَوَّلَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْهَا) فَلَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَقَبْلَ الِاقْتِصَاصِ مِنْهَا فَهَلْ لِلزَّوْجِ اقْتِضَاضُهَا فِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةُ الْإِزَالَةِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ حَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُ حَقِّ الْغَيْرِ كَمَا لَوْ قَتَلَ شَخْصَيْنِ مُرَتِّبًا قَتْلًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ يَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّ الثَّانِي قَتْلُهُ أَوَّلًا لِتَقَدُّمِ حَقِّ الْأَوَّلِ م ر
(قَوْلُهُ: فَفِي سَلْخِهِ الدِّيَةُ) فَلَوْ نَبَتَ سَقَطَتْ م ر (قَوْلُهُ: خَبَرُ قَوْلِهِ:، وَالْعَقْلُ وَيُقَدَّرُ مِثْلُهُ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الْعَطْفُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى قَبْلَ تَمَامِهَا وَلَعَلَّ الْأَسْهَلَ مِنْ هَذَا أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: مِثْلُ النَّفْسِ خَبَرُ مَحْذُوفٍ أَيْ: كُلٌّ مِنْهَا فَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْعَقْلِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ أَيْضًا جَعْلُهُ خَبَرًا عَنْ الْعَقْلِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ بِلَا تَقْدِيرٍ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلْإِخْبَارِ بِهِ عَنْ الْمُتَعَدِّدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ الْمَجْمُوعَ فَيَجِبُ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمُوجِبُ لِلدِّيَةِ إلَخْ) ضَعِيفٌ وَمِثْلُهُ مَا صَحَّحَهُ الْمُتَوَلِّي م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُحَالُ زَوَالُهُ عَلَى الْوَطْءِ وَفِيهِ أَنَّا لَمْ نَخُصَّ إيجَابَ الدِّيَةِ بِالزَّوَالِ بِالْوَطْءِ بَلْ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ وَلَوْ خَصَّصْنَا بِذَلِكَ فَالْكَلَامُ مَفْرُوضٌ فِي الزَّوَالِ بِالْوَطْءِ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ دِيَتَانِ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ اهـ.
بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: بِإِزَالَتِهِ لَهَا) أَمَّا لَوْ أَزَالَهَا غَيْرُهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لَزِمَهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْإِزَالَةَ بِنَفْسِهِ لَا بِغَيْرِهِ اهـ.
ع ش
(قَوْلُهُ: بِدَبِيبِ الْهَوَامِّ) أَيْ فِيهَا كَمَا فِي التَّعْلِيقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ هِيَ الْمَنْفَعَةُ إلَخْ) وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَتْ الدِّيَةُ إذَا أَيْبَسَهُمَا وَلَمْ يَجِبْ فِي قَطْعِ الْمُسْتَحْشِفَةِ إلَّا الْحُكُومَةُ وَإِنْ وَجَبَ الْقَوَدُ بِقَطْعِهَا إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ وُجُوبِهِ وَوُجُوبِهَا اهـ.
شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: فِي إيجَابِ الدِّيَةِ) أَيْ وُجُودًا وَعَدَمًا شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَأَمَّا الْمُعْتَبَرُ فِي الْقَوَدِ فَهُوَ الْجَمَالُ وَجَمْعُ الصَّوْتِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي الشَّلَّاءِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا وُجُودَ الْإِحْسَاسِ فِي الصَّحِيحَةِ حَتَّى قَطَعُوهَا بِالشَّلَّاءِ لِإِزَالَةِ الْجَانِي مَنْفَعَةً فِيهِ مِثْلُهَا، وَالْإِحْسَاسُ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى لَا يَمْنَعُ وُجُودُهَا