قِصَاصًا وَيُعَزَّرُ عَلَيْهِ (، وَ) لَوْ فَعَلَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ وَادَّعَى كَوْنَهُ (خَطَأً) وَأَمْكَنَ عَادَةً بِأَنْ أَمَرَهُ بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ فَضَرَبَ كَتِفَهُ، أَوْ رَأْسَهُ مِمَّا يَلِيهَا (يَعْزِلُهُ) ؛ لِأَنَّ يُشْعِرُ بِعَجْزِهِ فَلَا يُؤْمَنُ أَنْ يُخْطِئَ ثَانِيًا وَيُحَلِّفُهُ وَلَا يُعَزِّرُهُ إذَا حَلَفَ قَالَ الْإِمَامُ: وَيَنْبَغِي إذَا عُرِفَتْ مَهَارَتُهُ فِي ضَرْبِ الرِّقَابِ أَنْ لَا يَعْزِلَهُ بِخَطَإٍ اتَّفَقَ لَهُ بِلَا خِلَافٍ اهـ.
وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُفْهِمُهُ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْكَافِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَأَنْ ضَرَبَ رِجْلَهُ، أَوْ وَسَطَهُ لَمْ يَعْزِلْهُ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلِاسْتِيفَاءِ لَكِنْ يُعَزِّرُهُ وَلَا يَحْلِفُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُ عَزْلِهِ بِالْخَطَإِ أَنَّهُ لَا يُعْزَلُ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَجَعَلَا) أَيْ: الْوَالِي جَوَازًا اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ (إلَيْهِ) أَيْ: إلَى مُسْتَحِقِّهِ إنْ رَآهُ أَهْلًا لِاسْتِيفَائِهِ وَإِلَّا أَمَرَهُ بِالِاسْتِنَابَةِ (أَمَّا الْجَلْدُ) حَدًّا، أَوْ تَعْزِيرًا (وَالْقَطْعُ) لِطَرَفٍ (فَلَا) يَجْعَلُهُمَا إلَيْهِ لِتَفَاوُتِ تَأْثِيرِ الْجَلَدَاتِ، وَقَدْ يَزِيدُ فِي الْإِيلَامِ لِلتَّشَفِّي وَفِي الْقَطْعِ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُرَدِّدَ الْحَدِيدَةَ وَيَزِيدُ فِي الْإِيلَامِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّهُ مَضْبُوطٌ وَيُسْتَحَبُّ لِلْوَالِي إذَا فَوَّضَ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ أَنْ يُحْضِرَ اسْتِيفَاءَهُ عَدْلَيْنِ لِيَشْهَدَا عَلَيْهِ إنْ أَنْكَرَ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ وَأَنْ يُسْتَوْفَى بِحَضْرَةِ النَّاسِ لِيَنْتَشِرَ الْخَبَرُ فَيَحْصُلَ الزَّجْرُ وَيَتَفَقَّدُ الْآلَةَ لِئَلَّا تَكُونَ كَالَّةً إذْ لَا يَجُوزُ الْقَتْلُ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَتَلَ بِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ الْمُحَرَّمِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ»
(بِإِذْنِ كَافِرٍ قَرِيبٍ يَقْبِضُ مِنْ مُسْلِمٍ، وَالٍ) أَيْ: وَيَقْبِضُ الْوَالِي الْقِصَاصَ أَيْ يَسْتَوْفِيهِ مِنْ الْمُسْلِمِ بِإِذْنِ قَرِيبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْكَافِرِ فَلَوْ قَتَلَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا، ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ اقْتَصَّ الْوَالِي مِنْهُ بِإِذْنِ قَرِيبِ الْقَتِيلِ الْوَارِثِ لَهُ (وَلَا يُفَوِّضُ) إلَيْهِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (وَأَجْرُ مَنْ يَحُدُّهُ) الْجَلَّادُ بِارْتِكَابِهِ مَا يُوجِبُ حَدًّا، أَوْ تَعْزِيرًا لِلَّهِ تَعَالَى (أَوْ يَجْلِدُ) بِارْتِكَابِ مَا يُوجِبُ قِصَاصًا، أَوْ حَدَّ قَذْفٍ، أَوْ تَعْزِيرَ آدَمِيٍّ يُؤْخَذُ (مِمَّنْ جَنَى) إذَا تَعَذَّرَ أَخْذُهُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ حَقٍّ لَزِمَهُ أَدَاؤُهُ فَلَزِمَتْهُ كَأُجْرَةِ كَيَّالِ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ وَأُجْرَةِ وَزَّانِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ تَعَذَّرَ الْآخَرُ أَيْضًا اقْتَرَضَ لَهُ الْإِمَامُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ، أَوْ سَخَّرَ مَنْ يَقُومُ بِهِ عَلَى مَا يَرَاهُ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ: وَأُفْرِدَ الْحَدُّ بِالذِّكْرِ إشَارَةً إلَى اخْتِلَافِ النَّصَّيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَقَدْ نَصَّ فِي الْقِصَاصِ عَلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْجَانِي وَفِي الْحَدِّ عَلَى أَنَّهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَرَّرَهُمَا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْجَانِيَ مَأْمُورٌ بِالْإِقْرَارِ بِالْجِنَايَةِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مُوجِبَهَا فَكَانَتْ مُؤْنَةُ الْوَفَاءِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَحْدُودِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ فِي مُوجِبَاتِ الْحُدُودِ وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ وَخَرَّجَ وَجَعَلَ الْأَصَحَّ فِيهِمَا وَاحِدًا وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ
(وَصِينَ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ اسْتِيفَاءِ مَا ذُكِرَ (الْمَسْجِدُ) الْحَرَامُ وَغَيْرُهُ فَيُخْرَجُ مِنْهُ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيُسْتَوْفَى خَارِجَهُ لِلنَّهْيِ عَنْ إقَامَةِ الْحُدُودِ فِيهِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ ذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِيهِ حَرَامٌ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ خِيفَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَمَكْرُوهٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَمَا فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي بَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ إقَامَةَ الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ مَكْرُوهَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُخَفْ التَّلْوِيثُ (مُنْتَظِرًا) لِاسْتِيفَاءِ الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَتَعْزِيرِ الْآدَمِيِّ (تَكْلِيفَ نَحْوِ الطِّفْلِ) مِنْ مَجْنُونٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ لَا مِنْ الْجُنَاةِ (وَعَوْدَ غَائِبٍ) مِنْهُمْ فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُكَلَّفُونَ، وَالْحَاضِرُونَ لِئَلَّا يَفُوتَ حَقُّ غَيْرِهِمْ وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَمَّا فِيهِ فَالْأَمْرُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ (وَ) مُنْتَظِرُ الِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ وَلَوْ فِي الطَّرَفِ (وَضْعَ الْحَمْلِ) أَيْ: حَمْلِ الْجَانِيَةِ لِمَا فِي اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ مِنْ هَلَاكِ الْجَنِينِ، أَوْ الْخَوْفِ عَلَيْهِ مَعَ بَرَاءَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زِنًا، أَمْ لَا حَدَثَ بَعْدَ وُجُوبِ الْعُقُوبَةِ، أَوْ قَبْلَهُ حَتَّى لَوْ حَمَلَتْ الْمُرْتَدَّةُ مِنْ الزِّنَا بَعْدَ الرِّدَّةِ لَا تُقْتَلُ حَتَّى تَضَعَ وَيُكْتَفَى فِي دَعْوَى الْحَمْلِ (بِالْقَوْلِ مِنْهَا) وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مَا يُوجِبُ قِصَاصًا) فِيهِ حَمْلُ الْجَلْدِ عَلَى مَا يَشْمَلُ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ جَنَى) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ قَالَ: أَيْ: الْجَانِي أَنَا أَقْتَصُّ مِنْ نَفْسِي أَيْ: وَلَا أُؤَدِّي الْأُجْرَةَ مُنِعَ فَإِنْ أُجِيبَ فَهَلْ يُجْزِئُ؟ وَجْهَانِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الثَّانِيَ أَيْ: الْإِجْزَاءَ صَحَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ لِحُصُولِ الزَّهُوقِ وَإِزَالَةِ الطَّرَفِ بِخِلَافِ الْجَلْدِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُؤْلِمُ نَفْسَهُ وَيُوهِمُ الْإِيلَامَ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ لِلسَّارِقِ فَقَطَعَ يَدَهُ جَازَ وَيُجْزِئُ اهـ.
قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ الْجَوَازِ نَاقَضَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْوَكَالَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: اقْتَرَضَ لَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) فَلَوْ امْتَنَعَ الْإِمَامُ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ) عَلَى الْجَانِي، أَوْ بَيْتِ الْمَالِ، وَالثَّانِي قِيَاسُ مَا قَبْلَهُ
(قَوْلُهُ: وَمُنْتَظِرًا لِاسْتِيفَاءِ ذَلِكَ) هَذِهِ الْإِشَارَةُ شَامِلَةٌ لِحَدِّ الْقَذْفِ وَتَعْزِيرِ الْآدَمِيِّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ بَالَغَ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ فِي الطَّرَفِ؟ وَهَلَّا قَالَ وَلَوْ فِي التَّعْزِيرِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ) هُوَ مُسَلَّمٌ إنْ ظَهَرَتْ الْمَخَايِلُ م ر (قَوْلُهُ: بِلَا ثَبْتٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ ثَبْتٌ بِأَنْ قَامَتْ الْقَرَائِنُ وَجَبَ التَّأْخِيرُ مَا دَامَتْ الْقَرَائِنُ قَائِمَةً وَلَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي مَنْعَ الزَّوْجِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ مَحَلُّ مَنْعِهِ إذَا زَعَمَتْ الْحَبَلَ، أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُتَّجَهُ عَدَمُ مَنْعِ الزَّوْجِ مُطْلَقًا م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) وَهُوَ أَنَّهَا بَعْدَ سَهْمِ الْمَصَالِحِ عَلَى الْجَانِي سَوَاءٌ الْجِنَايَةُ بِمُوجِبِ قَوَدٍ، أَوْ حَدٍّ عِنْدَ عَدَمِ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْهُ وَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ مِنْهُ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ وَهَذَا التَّخْرِيجُ، وَالتَّصْحِيحُ إلَى مَعُونَةٍ كَمَا يُدْرِكُهُ الْمُتَأَمِّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ) لِتَحَتُّمِ قَتْلِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ