مَخَايِلُهُ وَلَمْ تَشْهَدْ بِهِ الْقَوَابِلُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَمَارَاتِهِ مَا يَخْتَصُّ بِالْحَامِلِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِلَا يَمِينٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْجَنِينُ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا أَدْرِي أَيُؤْمَرُونَ بِالصَّبْرِ إلَى فَرَاغِ مُدَّةِ الْحَمْلِ، أَوْ إلَى ظُهُورِ الْمَخَايِلِ وَإِلَّا ظَهَرَ الثَّانِي فَإِنَّ التَّأْخِيرَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ بِلَا ثَبْتٍ، بَعِيدٌ وَمَا قَالَهُ هُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ فَإِذَا ظَهَرَ عَدَمُ الْحَمْلِ بِالِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا اُقْتُصَّ مِنْهَا
وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ الْوَطْءِ لِئَلَّا يَقَعَ حَمْلٌ يَمْنَعُ مِنْ الْقِصَاصِ فَإِنَّهُ مَا دَامَ يَطَؤُهَا فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ مَوْجُودٌ وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهَا إذَا أَمْكَنَ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا عَادَةً فَلَوْ كَانَتْ آيِسَةً لَمْ تُصَدَّقْ وَيُنْتَظَرُ أَيْضًا بَعْدَ الْوَضْعِ سَقْيُهَا الْوَلَدَ اللِّبَأ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ عَيْشُهُ وَلَا يَقْوَى بِدُونِهِ غَالِبًا (مَعَ وُجُودِ مُرْضِعَهْ) مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ يَحِلُّ شُرْبُ لَبَنِهَا احْتِيَاطًا لِلْوَلَدِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَكَوُجُودِ الْمُرْضِعَةِ فَطْمُهُ لِحَوْلَيْنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا تَضَرَّرَ بِفَطْمِهِ قَبْلَهُمَا وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ عِنْدَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ قَبْلَهُمَا وَفُطِمَ بِتَوَافُقِ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ بِرِضَى السَّيِّدِ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ جَازَ الِاسْتِيفَاءُ حِينَئِذٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ وَإِنْ تَضَرَّرَ بِهِ عِنْدَهُمَا اُنْتُظِرَ احْتِمَالُهُ الْفَطْمَ بَعْدَهُمَا، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ وَأَصْلِهِ مَعَ وُجُودِ مُرْضِعَةٍ أَنَّهَا لَوْ وُجِدَتْ وَامْتَنَعَتْ مَعَ الْإِرْضَاعِ لَمْ يُؤَخَّرْ الِاسْتِيفَاءُ بَلْ يُجْبِرُهَا الْإِمَامُ عَلَى الْإِرْضَاعِ بِالْأُجْرَةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَالْفَطْمِ فِي الْحَدِّ) أَيْ وَمُنْتَظِرُ فَطْمَ الْوَلَدِ وَإِنْ وُجِدَتْ مُرْضِعَةٌ أُخْرَى (وَكَافِلٌ مَعَهْ) يَكْفُلُهُ بَعْدَ فَطْمِهِ فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ وَلِهَذَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الْمُقِرِّ فِيهِ بِخِلَافِ الْقَوَدِ وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ خَبَرُ الْغَامِدِيَّةِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «أَنَّهَا أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ: زَنَيْت فَطَهِّرْنِي وَوَاللَّهِ إنِّي لَحُبْلَى قَالَ: فَاذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ وَقَالَتْ هَذَا قَدْ وَلَدْته فَقَالَ: اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِهِ فِي يَدِهِ كِسْرَةٌ فَقَالَتْ: قَدْ فَطَمْته فَدَفَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِرَجْمِهَا»
(وَفِي سِوَى الْحَدِّ) الَّذِي لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ قَوَدٍ، أَوْ غَيْرِهِ (لِيُحْبَسْ) فِي صُوَرِ الِانْتِظَارِ الْجَانِي مِنْ حَامِلٍ وَغَيْرِهَا إلَى اسْتِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ وَلَا يُخَلَّى بِكَفِيلٍ حِفْظًا لِلْحَقِّ أَمَّا حَدُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا حَبْسَ فِيهِ لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَالْوَلِيّ وَجَالِدٌ) لَوْ عَطَفَ بِأَوْ كَمَا فِي الْحَاوِي كَانَ أَوْلَى أَيْ، وَالْوَلِيُّ، أَوْ الْجَلَّادُ (إنْ بِالْإِمَامِ) أَيْ بِإِذْنِهِ (يُقْتَل) الْحَامِلُ، أَوْ يُقْطَعُ طَرَفُهَا أَوْ يَحُدُّهَا فَتُلْقِي جَنِينًا (فَعَاقِلُ الْإِمَامِ بِالْغُرَّةِ قَدْ كُلِّفَ) إنْ عَلِمَ هُوَ، وَالْمُبَاشِرُ لِذَلِكَ بِالْحَمْلِ، أَوْ جَهِلَاهُ، أَوْ عَلِمَ بِهِ دُونَ الْمُبَاشِرِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَيْهِ، وَالْبَحْثَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْآمِرُ بِذَلِكَ، وَالْمُبَاشِرُ كَالْآلَةِ لَهُ لِصُدُورِ فِعْلِهِ عَنْ رَأْيِهِ وَبَحْثِهِ (لَا حَيْثُ بِجَهْلِهِ) أَيْ: الْحَمْلِ (انْفَرَدْ) أَيْ: الْإِمَامُ فَلَا غُرَّةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ بَلْ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُبَاشِرِ لِانْفِرَادِهِ بِالْعِلْمِ، وَالْمُبَاشَرَةِ (وَالْإِثْمُ) دَائِرٌ (فِي) أَيْ: مَعَ (الْعِلْمِ بِهِ) أَيْ: بِالْحَمْلِ فَمَنْ عَلِمَ بِهِ أَثِمَ وَمَنْ لَا فَلَا (وَحَتَّى تَسْقُطَ فَوْقَى أَنْمُلٍ لِلتَّحْتَا) هَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَسُقُوطُ الْعُلْيَا لِلْأُنْمُلَةِ الْوُسْطَى لَكِنَّ ذَاكَ أَحْسَنُ تَرْكِيبًا أَيْ: وَيُنْتَظَرُ سُقُوطُ الْأُنْمُلَةِ الْفَوقَى مِنْ الْجَانِي لِلْقَوَدِ مِنْهُ فِي الْأُنْمُلَةِ التَّحْتَاءِ حَيْثُ قَطَعَهَا مِمَّنْ لَا فُوقى لَهُ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ حَالًا مَعَ بَقَاءِ الْفَوقَى وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ بِذَلِكَ كَمَا فِي الْحَامِلِ فَيُنْتَظَرُ سُقُوطُهَا، أَوْ يَأْخُذُ الْأَرْشَ إنْ عَفَا وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ لِلْحَيْلُولَةِ وَفَوْقًا وَتَحْتًا بِوَزْنِ فَعَلَى بِفَتْحِ الْفَاءِ
(فَرْعٌ)
يُسْتَحَبُّ فِي قِصَاصِ غَيْرِ النَّفْسِ التَّأْخِيرُ إلَى الِانْدِمَالِ وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهِ ثَابِتٌ وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ، أَوْ شَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْجَرْحِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ يَجِبُ تَأْخِيرُ طَلَبِهِ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فَقَدْ تَعُودُ الدِّيَاتُ فِي ذَلِكَ إلَى وَاحِدَةٍ بِالسِّرَايَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: مِنْ حَامِلٍ وَغَيْرِهَا) لَكِنَّ حَبْسَ الْحَامِلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ إنْ تَأَهَّلَ وَإِلَّا فَطَلَبُ وَلِيِّهِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا لَا يَتَوَقَّفُ حَبْسُهُ عَلَى طَلَبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا حَبْسَ فِيهِ) ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ غَيْرِهِ حَجَرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْإِمَامُ: إطْلَاقُ عَدَمِ الْحَبْسِ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعِيدٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حُبِسَ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ فَلَا بِرّ (قَوْلُهُ: بِالْحَمْلِ) مُتَعَلِّقٌ بِعَلِمَ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُتَّجَهُ) أَيْ: إنْ كَانَ هُنَاكَ مَخِيلَةٌ وَإِلَّا فَلَا تُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ اهـ.
شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ: إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ تَصْدِيقَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَخِيلَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ مِنْ الْقِصَاصِ) أَيْ: بِأَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْوَطْءُ وَطَالَ الزَّمَنُ وَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهَا حَتَّى وَلَدَتْ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا مُدَّةَ الرَّضَاعِ وَيَجُوزُ أَنْ تَحْبَلَ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ الثَّانِي فَيُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ إلَى الْوِلَادَةِ وَهَكَذَا اهـ.
بج (قَوْلُهُ: فَاحْتِمَالُ الْحَمْلِ مَوْجُودٌ) أَيْ احْتِمَالُهُ بَعْدَ كُلِّ وَطْءٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْوَطْئَيْنِ مَا يُمْكِنُ فِيهِ ظُهُورُ الْمَخَايِلِ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ إلَى فَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: بِتَوَافُقِ الْأَبَوَيْنِ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ لَا عِبْرَةَ بِالتَّوَافُقِ عَلَى النَّقْصِ، أَوْ الزِّيَادَةِ بَلْ يَجُوزُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّ وَيُؤَخَّرُ عَنْهُمَا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ: أَحْسَنُ تَرْكِيبًا) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ حَتَّى تُسْقِطُ مَعْمُولَ لِمُنْتَظَرٍ، وَالْمُنْتَظَرُ هُوَ السُّقُوطُ لَا حَتَّى السُّقُوطِ تَدَبَّرْ