غَيْرَ قَدْرِ الْحُكُومَةِ، وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ، وَالْأَوْجَهُ سُقُوطُ الْقَوَدِ، وَلَوْ قَطَعَ صَاحِبُهُمَا يَدَ مُعْتَدِلٍ لَمْ تُقْطَعَا لِلزِّيَادَةِ، وَلِلْمَقْطُوعِ أَنْ يَقْطَعَ أَحَدَيْهِمَا وَيَأْخُذَ نِصْفَ دِيَةِ الْيَدِ نَاقِصًا بِشَيْءٍ فَلَوْ بَادَرَ وَقَطَعَهُمَا عُزِّرَ وَأُخِذَ مِنْهُ حُكُومَةٌ، وَقَوْلُهُ أَوَّلًا فِي غَيْرِهَا صِلَةُ قَوْلِهِ: (بِالْحُكُومَةِ اُدُّعِيَ) ، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي، وَفِي غَيْرِهَا الْحُكُومَةُ
(وَذَاكَ) أَيْ: الْوَاجِبُ يَعْنِي: الْحُكُومَةَ (جُزْءُ دِيَةٍ نِسْبَةُ مَا تَنْقُصُهُ جِنَايَةٌ لَوْ خَتَمَا مِنْ قِيمَةِ الْمَذْكُورِ) أَيْ: جُزْءٌ مِنْ الدِّيَةِ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا كَنِسْبَةِ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ بَعْدَ خَتْمِهَا أَيْ: بَرِئَا مِنْ قِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِغَرَضِهِ (عَبْدًا) فَإِنَّ الْحُرَّ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ بَعْدَ بُرْئِهِ سَلِيمًا مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ يُقَوَّمَ، وَبِهِ أَثَرُهَا، وَيُنْظَرَ إلَى التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمَا فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَهَا مِائَةً، وَبَعْدَهَا تِسْعِينَ فَالتَّفَاوُتُ عَشْرٌ، فَيَجِبُ عُشْرُ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ مَضْمُونَةٌ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ فَتُضْمَنُ الْأَجْزَاءُ بِالْأَجْزَاءِ فَإِذَا لَمْ يُقَدِّرْ الشَّرْعُ جُزْءًا اجْتَهَدْنَا فِي مَعْرِفَتِهِ، وَنَظَرْنَا فِي النَّقْصِ فَإِذَا عَرَفْنَا قَدْرَهُ عُدْنَا إلَى الدِّيَةِ لِكَوْنِ الْجُمْلَةِ مَضْمُونَةً بِهَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَلِلْحَاجَةِ فِي مَعْرِفَةِ الْحُكُومَةِ إلَى تَقْدِيرِ الرِّقِّ قَالَ الْأَئِمَّةُ: الْعَبْدُ أَصْلُ الْحُرِّ فِي الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَا يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا كَمَا أَنَّ الْحُرَّ أَصْلُ الْعَبْدِ فِي الْجِنَايَاتِ الَّتِي يَتَقَدَّرُ أَرْشُهَا، وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذُكِرَ مَا لَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفَانِ زَائِدٌ، وَأَصْلِيٌّ، فَلَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ، بَلْ يُقَدِّرُ الْحَاكِمُ لِلزَّائِدِ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَيُقَاسُ بِالْأُنْمُلَةِ نَحْوُهَا كَالْأُصْبُعِ، وَفُهِمَ مِنْ كَوْنِ الْحُكُومَةِ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَحَكَى فِيهَا فِي إزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ، وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا مِنْ النَّقْدِ، وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهَا مِنْ الْإِبِلِ، وَأَمَّا التَّقْوِيمُ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنَّهُ بِالنَّقْدِ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّهُ بِالْإِبِلِ فَقَالَ فِي إذْهَابِ الْعُذْرَةِ: فَيُقَالُ: لَوْ كَانَتْ أَمَةً تُسَاوِي خَمْسِينَ مِنْ الْإِبِلِ كَمْ يُنْقِصُهَا ذَهَابُ الْعُذْرَةِ مِنْ الْقِيمَةِ، فَإِنْ قِيلَ: الْعُشْرُ وَجَبَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَإِنْ قِيلَ: أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ وَجَبَ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ جَارٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي الدِّيَاتِ أَنَّ الْإِبِلَ هِيَ الْأَصْلُ. اهـ.
، وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُوصِلُ إلَى الْغَرَضِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَا بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَيْ: الْوَاجِبُ) فَسَّرَ الْإِشَارَةَ، بِذَلِكَ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ، وَالْمَعْنَى تَفْسِيرُهَا بِالْحُكُومَةِ لِاخْتِلَافِهِمَا تَذْكِيرًا، وَتَأْنِيثًا (قَوْلُهُ: جِنَايَةٌ) يَنْبَغِي أَنَّ الْجِنَايَةَ، بِمَعْنَى الْمَجْنِيِّ بِهِ، وَهُوَ الْحَاصِلُ، بِالْمَصْدَرِ وَبِهَذَا يُوَجَّهُ تَذْكِيرُ خَتْمًا (قَوْلُهُ: لَوْ خَتْمًا) ذَكَرَ ضَمِيرَهُ لِلضَّرُورَةِ، أَوْ لِتَأْوِيلِ الْجِنَايَةِ، بِالْغَيْرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: السَّابِقِ فِي غَيْرِهَا، أَوْ بِالْمُعَقَّبِ، أَوْ بِالْجُرْحِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَلَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ) لِعَدَمِ إمْكَانِهَا، وَفِيهِ بَحْثٌ لِلرَّافِعِيِّ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ: دِيَةِ النَّفْسِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَجِبُ فِي الْمِثَالِ الْآتِي عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ لَا عُشْرُ دِيَةِ الْعُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ خَتْمِهَا) لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ إلَى النَّفْسِ، أَوْ إلَى مَالِهِ مُقَدَّرٌ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ الدِّيَةَ لَا الْحُكُومَةَ. اهـ. حَاشِيَةُ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ: فَلَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا نِسْبَةَ فِيهِ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَوَّمَ، وَلَهُ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ ثُمَّ يُقَوَّمَ دُونَهَا كَمَا فَعَلَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ، أَوْ تُعْتَبَرُ بِأَصْلِيَّةٍ كَمَا اُعْتُبِرَتْ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ بِلِحْيَةِ رَجُلٍ، وَلِحْيَتُهَا كَالْأَعْضَاءِ الزَّائِدَةِ، وَلِحْيَتُهُ كَالْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ. اهـ. وَرُدَّ بِظُهُورِ الْفَرْق، وَهُوَ أَنَّ تَقْدِيرَهُ بِلَا أُنْمُلَةٍ أَصْلِيَّةٍ يَقْتَضِي أَنْ تَقْرُبَ الْحُكُومَةُ مِنْ أَرْشِ الْأَصْلِيَّةِ لِضَعْفِ الْيَدِ حِينَئِذٍ بِفَقْدِ أُنْمُلَةٍ مِنْهَا، وَأَنَّ اعْتِبَارَهَا بِأَصْلِيَّةٍ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إجْحَافٌ بِالْجَانِي بِإِيجَابِ شَيْءٍ عَلَيْهِ لَمْ تَقْتَضِهِ جِنَايَتُهُ بِخِلَافِ السِّنِّ، وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ. اهـ. حَجَرٌ وم ر، وَقَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنْ يَقْرُبَ إلَخْ. يُتَأَمَّلُ وَجْهُ انْتِفَاءِ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ السِّنِّ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ أَقُولُ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ صَوَّرَ مَسْأَلَةَ الْأُنْمُلَةِ بِأَنْ تُعْتَبَرَ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ، وَلَيْسَ الْمُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ، بَلْ التَّقْوِيمُ فِيهَا صُورَتُهُ أَنْ يُقَوِّمَ الزَّائِدَةَ مَعَ الْأَصْلِيَّةِ ثُمَّ الْأَصْلِيَّةَ بِدُونِ الزَّائِدَةِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ إجْحَافٌ بِالْجَانِي، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ حَجَرٌ وم ر مِنْ الرَّدِّ، وَظَاهِرٌ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرِ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ: يَجُوزُ أَنْ تُقَوَّمَ، وَلَهُ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُفْرَضُ الْأَصْلِيَّةُ فَقَطْ، أَمَّا لَوْ صَوَّرَ بِأَنْ تُقَوَّمَ بِالْأَصْلِيَّةِ مَعَ الزَّائِدَةِ، ثُمَّ بِالْأَصْلِيَّةِ فَقَطْ، وَتُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا، فَلَا يَتَأَتَّى الرَّدُّ بِمَا ذُكِرَ، بَلْ يَكُونُ كَالسِّنِّ الزَّائِدَةِ بِلَا فَرْقٍ. اهـ. ع ش، وَكَتَبَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى قَوْلِ م ر بِخِلَافِ السِّنِّ، وَلِحْيَةِ الْمَرْأَةِ يُتَأَمَّلُ فَإِنَّهُ قَدْ لَا تَظْهَرُ مُخَالَفَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَرْقُ أَنَّ الْجَانِي فِي السِّنِّ، وَاللِّحْيَةِ قَدْ بَاشَرَهُمَا بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا اسْتِقْلَالًا بِخِلَافِ الْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا بَاشَرَ الْجِنَايَةَ عَلَى الْأَصْلِيَّةِ، وَالزَّائِدَةُ قَدْ وَقَعَتْ تَبَعًا، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ م ر بِإِيجَابِ شَيْءٍ عَلَيْهِ لَمْ تَقْتَضِهِ جِنَايَتُهُ. اهـ. وَقَوْلُ ع ش، أَمَّا لَوْ صَوَّرَ إلَخْ. فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَصْلِيَّةَ قَدْ أَخَذَتْ الدِّيَةَ فِي مُقَابَلَتِهَا، فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهَا فِي التَّقْوِيمِ، وَلِذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنْ يُقَوَّمَ، وَلَهُ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ ثُمَّ يُقَوَّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute