للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَوَاءٌ، أَوْجَبَتْ الْجِنَايَةُ الْمَالَ ابْتِدَاءً أَمْ بَعْدَ الْعُقُوبَةِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْأَمْرِ، وَالْمُبَعَّضُ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ وَاجِبِ جِنَايَتِهِ بِنِسْبَةِ حُرِّيَّتِهِ، وَمَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ يَتَعَلَّقُ بِهِ بَاقِي وَاجِبِ الْجِنَايَةِ، فَيَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حِصَّتَيْ وَاجِبِهَا، وَالْقِيمَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي

(وَحَيْثُمَا يَجْنِ) الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِهِ جِنَايَةً تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ (فَيَقْطَعْ يَدَهُ) أَيْ: الْعَبْدَ (جَانٍ، فَيَجْنِي) الْعَبْدُ ثَانِيًا عَلَى آخَرَ (ثُمَّ يَهْلَكُ بَعْدَهُ) بِسِرَايَةِ الْقَطْعِ (فَنَقْصُ قَطْعٍ) أَيْ: فَأَرْشُ نَقْصِ قَطْعِ يَدِهِ (لِلَّذِي تَقَدَّمَا) أَيْ: لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوَّلًا لِوُرُودِ الْقَطْعِ عَلَى مُتَعَلِّقِ حَقِّهِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الثَّانِي (وَمَا تَبَقَّى) مِنْ قِيمَتِهِ (شِرْكَةً بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْأَوَّلِ بِمَا بَقِيَ لَهُ، وَالثَّانِي بِجَمِيعِ جِنَايَتِهِ فَلَوْ قَطَعَ الْعَبْدُ يَدًا مِنْ مُسْلِمٍ حُرٍّ، وَأُخْرَى مِنْ آخَرَ، وَقَدْ قُطِعَتْ يَدُهُ بَيْنَهُمَا وَجَبَ لِكُلٍّ خَمْسُونَ بَعِيرًا فَإِذَا فَرَضْنَا أَنَّ نُقْصَانَ يَدِهِ بِقَدْرِ عَشَرَةِ أَبْعِرَةٍ دَفَعْنَاهَا لِلْأَوَّلِ، وَبَقِيَ لَهُ أَرْبَعُونَ، وَلِلثَّانِي خَمْسُونَ فَتُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بَقِيَّةُ قِيمَةِ الْعَبْدِ اتِّسَاعًا، وَالْعِبْرَةُ فِي أَرْشِ يَدِهِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَطْعِهَا عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ يُغَلِّظُ، فَيَعْتَبِرُ نِصْفَ الْقِيمَةِ قَالَ: وَهُوَ فَاسِدٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ اخْتَصَّ الْأَوَّلُ بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْنِيَ عَلَى اثْنَيْنِ، ثُمَّ تَكُونُ قِيمَتُهُ لِأَحَدِهِمَا، وَلِأَنَّ الْجِرَاحَةَ إذَا صَارَتْ نَفْسًا سَقَطَ اعْتِبَارُ بَدَلِ الطَّرَفِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا (وَبِأَقَلِّ قِيمَةٍ يَوْمَ فُدِيَ وَأَرْشِهِ) أَيْ: وَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ الْفِدَاءِ، وَمِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ (جَازَ الْفِدَا لِلسَّيِّدِ) ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ الْقِيمَةَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ تَسْلِيمِ الرَّقَبَةِ، وَهِيَ بَدَلُهَا، أَوْ الْأَرْشُ فَهُوَ الْوَاجِبُ، وَاعْتِبَارُهُ قِيمَةَ يَوْمَ الْفِدَاءِ تَبِعَ فِيهِ كَأَكْثَرِ نُسَخِ الْحَاوِي الْقَفَّالَ، وَفِي بَعْضِهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ النَّصُّ فَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّ النَّصَّ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْجِنَايَةِ، وَأَنَّ الْقَفَّالَ اعْتَبَرَ يَوْمَ الْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَا لَوْ مَنَعَ بَيْعَهُ حَالَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ، وَيُوَجَّهُ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْجِنَايَةِ مُطْلَقًا بِتَوَجُّهِ طَلَبِ الْفِدَاءِ فِيهِ، وَبِأَنَّهُ يَوْمُ تَعَلُّقِهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَحَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ، أَوْجَهُ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي، وَأَفْهَمَ قَوْلُ النَّاظِمِ جَازَ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ، بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ بَيْعِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ تَسْلِيمِهِ لِلْبَيْعِ، وَلَا يُبَاعُ جَمِيعُهُ إذَا، وَفَّى بَعْضَهُ بِالْأَرْشِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ، وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا بَعْدَ الْفِدَاءِ سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ، أَوْ فَدَاهُ، أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ بِيعَ، وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْشَيْنِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالْأَرْشَيْنِ، وَكَذَا لَوْ سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ فَجَنَى ثَانِيًا قَبْلَ بَيْعِهِ، وَإِنْ مَنَعَ بَيْعَهُ، وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فَجَنَى ثَانِيًا فَفَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ لَزِمَهُ فِدَاءُ كُلِّ جِنَايَةٍ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِهَا، وَقِيمَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَكَرَّرَ مَنْعُ الْبَيْعِ مَعَ الْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَخْتَرْ الْفِدَاءَ لَا يَلْزَمُهُ فِدَاءُ كُلِّ جِنَايَةٍ، وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ

(وَلَازِمٌ) لِلسَّيِّدِ (فِدَاءُ مُسْتَوْلَدَتِهْ) الْجَانِيَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا، وَمِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ مَاتَتْ عَقِبَ الْجِنَايَةِ لِمَنْعِهِ بَيْعَهَا بِالْإِيلَادِ كَمَا لَوْ قَتَلَهَا بِخِلَافِ مَوْتِ الْعَبْدِ لِتَعَلُّقِ الْأَرْشِ بِرَقَبَتِهِ فَإِذَا مَاتَ بِلَا تَقْصِيرٍ، فَلَا أَرْشَ، وَلَا فِدَاءَ، وَالْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَاوِي لَا يَوْمَ الْإِحْبَالِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ لُزُومِ فِدَائِهَا، وَوَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى بَيْعِهَا الْمَمْنُوعِ بِالْإِحْبَالِ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَمَةَ الَّتِي اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ هُنَا أَنَّ الْعِبْرَةَ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْإِحْبَالِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ بَيْعَهَا حَالَ الْجِنَايَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا حِينَئِذٍ، وَكَالْمُسْتَوْلَدَةِ الْمَوْقُوفُ لِمَنْعِ الْوَاقِفِ بَيْعَهُ بِوَقْفِهِ، فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا، وَلَهُ تَرِكَةٌ فَفِي الْجُرْجَانِيَّاتِ أَنَّ الْفِدَاءَ عَلَى الْوَارِثِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا لِأَنَّ التَّرِكَةَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: جَانٍ) فَاعِلُ يَقْطَعُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْجِرَاحَةَ إلَخْ.) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: فَفَعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ: مَنَعَ بَيْعَهُ، وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ، وَقَوْلُهُ: لَزِمَهُ أَيْ: مَا دَامَ عَلَى اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُهُ فِدَاءٌ) أَيْ: إذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْوَارِثِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ، وَالتَّصَرُّفِ، وَمُضِيِّ أَزْمِنَةٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْحُكُومَةَ، فَلَا تَبَعِيَّةَ فَتَأَمَّلْهُ، وَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ أَيْضًا لِمَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ عِنْدَ الْإِذْنِ لَهُ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ (قَوْلُهُ: فِي أَرْشِ يَدِهِ) أَيْ: الْوَاجِبُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ لِسَيِّدِهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ جِنَايَةُ نِصْفِ قِيمَتِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: سَقَطَ اعْتِبَارُ بَدَلِ الطَّرَفِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ، بَلْ يَكُونُ النَّظَرُ لِمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي تَبَيَّنَ وُجُوبُهَا آخِرًا بِالسِّرَايَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ النَّصُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ ع ش وق ل (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَاتَ إلَخْ.) أَيْ: حَيْثُ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ) يُؤَيِّدُ هَذَا الظَّاهِرَ حَمْلُ الْقَفَّالِ السَّابِقُ النَّصَّ عَلَى مُجَرَّدِ الْمَنْعِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ.) لَعَلَّهُ بَنَاهُ عَلَى اسْتِيجَاءِ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ سَابِقًا، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُهُ، وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا، وَقْتُ الْجِنَايَةِ مُوَافِقًا لِلْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا) أَيْ: كَانَ الْوَاقِفُ مَيِّتًا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا) أَيْ: كَانَ السَّيِّدُ مَيِّتًا سَوَاءٌ كَانَ وَاقِفًا، أَوْ مُسْتَوْلِدًا (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>