الضَّمَانُ فِي تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَمَسَ إتْلَافًا لِغَرَضٍ صَحِيحٍ بِعِوَضٍ كَقَوْلِهِ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى كَذَا قَالُوا: وَلَيْسَ هَذَا ضَمَانًا حَقِيقَةً، وَإِنْ سُمِّيَ بِهِ إذْ لَا يَضْمَنُ مَا لَمْ يَجِبْ، وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلُ مَالٍ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ كَقَوْلِهِ: أَطْلِقْ أَسِيرَك، أَوْ أَطْعِمْ طَعَامَك هَذَا الْجَائِعَ، وَلَك عَلَيَّ كَذَا فَأَجَابَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ، وَخَرَجَ بِالْخَوْفِ مَا لَوْ الْتَمَسَ بِدُونِهِ، فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ الْتَمَسَ هَدْمَ دَارِ غَيْرِهِ، وَبِقَوْلِهِ: مَالُك مَا لَوْ قَالَ أَلْقِ مَالَ زَيْدٍ مَثَلًا، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ إنْ طَالَبَك، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، بَلْ عَلَى الْمُلْقِي، وَبِقَوْلِهِ: فِي ضَمَانِي مَا لَوْ الْتَمَسَ بِغَيْرِ ضَمَانٍ كَقَوْلِهِ: أَلْقِهِ، فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا، وَفَارَقَ مَا لَوْ قَالَ: أَدِّ دَيْنِي بِأَنَّ نَفْعَ أَدَاءِ الدَّيْنِ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِ نَفْعِ الْإِلْقَاءِ، وَيُخَالِفُ مَا ذُكِرَ هُنَا مَا لَوْ قَالَ: بِعْ مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةٍ، وَعَلَيَّ أُخْرَى فَالْأَصَحُّ لَا ضَمَانَ إذْ لَا يَظْهَرُ فِيهِ غَرَضٌ ذَكَرُوهُ فِي الضَّمَانِ، وَفِي الْخُلْعِ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمُلْقَى فِي الْبَحْرِ قَبْلَ هَيَجَانِهِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ حِينَئِذٍ، وَلَا تُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي الْبَحْرِ مَعَ الْخَطَرِ كَقِيمَتِهِ فِي الْبَرِّ
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُلْقَى مِثْلِيًّا، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِي إيجَابِ الْمِثْلِ مِنْ الْإِجْحَافِ بِالْمُلْتَمَسِ (إلَّا إذَا احْتَاجَ الَّذِي يُلْقِي) مَالَهُ (فَقَطْ) إلَى الْإِلْقَاءِ (لِكَوْنِ مَنْ قَالَ) لَهُ أَلْقِ مَالَك، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ (بِثَانٍ) أَيْ: بِفُلْكٍ ثَانٍ (أَوْ بِشَطْ) مَثَلًا، وَالْمُلْقَى، وَمَالُهُ فَقَطْ بِالْفُلْكِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْغَرَقِ، فَلَا يَضْمَنُهُ الْقَائِلُ كَمَا لَوْ قَالَ لِمُضْطَرٍّ كُلْ طَعَامَك، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ اخْتَصَّتْ الْحَاجَةُ بِالْمُلْتَمِسِ، أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ بِهِمَا، أَوْ بِأَحَدِهِمَا، وَالْمَالِكِ، أَوْ عَمَّتْ الثَّلَاثَةُ، وَقَوْلُهُ لِكَوْنِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَ) مَنْ يَقُلْ لِغَيْرِهِ خَوْفَ الْغَرَقِ أَلْقِ مَالَك وَ (أَنَا، وَالرُّكْبَانُ ضَامِنُوهُ إنْ كَانَ) الْقَائِلُ أَيْضًا (فِي الْمَرْكَبِ أَلْزَمُوهُ حِصَّتَهُ) مِنْ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنَا، وَالرُّكْبَانُ ضَامِنُونَ لَهُ بِالْحِصَّةِ (وَ) حَيْثُ يَلْزَمُهُ حِصَّتُهُ (يَلْزَمُ الْبَاقِينَ حِصَّتُهُمْ بِقَوْلِهِمْ رَضِينَا) بِمَا قَالَ عَلَى تَفْصِيلٍ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (قُلْتُ إذَا كَانَ مُرَادُ النَّاطِقِ) بِمَا قَالَهُ (إخْبَارَهُ عَنْ الضَّمَانِ السَّابِقِ مِنْهُمْ، وَصَدَّقُوهُ) فِيهِ (طُولِبُوا بِمَا خُصَّ) أَيْ: طُولِبَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَا خَصَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقُوهُ، فَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ فَقَطْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ (وَإِنْ قَالَ الَّذِي تَكَلَّمَا) بِذَلِكَ (أَرَدْتُ) بِهِ (إنْشَاءَ الضَّمَانِ عَنْهُمْ، ثُمَّ رَضُوا) بِهِ (يَلْزَمُهُمْ قِسْطُهُمْ) أَيْضًا (عِنْدَ الْقَلِيلِ) مِنْ أَئِمَّتِنَا، وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ، وَقَالَ: يُتَسَامَحُ فِيهِ لِلْحَاجَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْعُقُودِ، وَإِطْلَاقُ الْحَاوِي يُوَافِقُهُ (لَكِنْ السَّدِيدُ) أَيْ: الصَّحِيحُ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (سِوَاهُ) أَيْ: لَا يَلْزَمُهُمْ قِسْطُهُمْ (إذْ لَا تُوقَفُ) عِنْدَنَا (الْعُقُودُ) ، أَمَّا لَوْ قَالَ، وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، وَالرُّكْبَانُ، أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ أَنَا، وَالرُّكْبَانُ، أَوْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ، وَهُمْ ضَامِنُونَ لَهُ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ كَمَا لَوْ قَالَ: وَإِنَّا ضَامِنُونَ لَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا عَلَى الْكَمَالِ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَرْكَبِ تَبِعَ فِيهِ الْمِيمِيَّ، وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَالْوَجْهُ حَذْفُهُ، وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ طُولِبُوا بِمَا خَصَّ كَانَ، أَوْضَحَ، وَأَخْصَرَ، بَلْ ذِكْرُهُ مَعَ قَوْلِهِ: وَيَلْزَمُ الْبَاقِينَ حِصَّتُهُمْ قَدْ يَقْتَضِي لُزُومَهَا لَهُمْ بِلَا تَفْصِيلٍ، وَأَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي مُطَالَبَتِهِمْ بِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَرْعَانِ أَحَدُهُمَا لَوْ قَالَ: أَلْقِ مَالَك عَلَى أَنِّي وَهُمْ ضُمَنَاءُ فَأَذِنَ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ فَأَلْقَاهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْحِصَّةُ، أَوْ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّهُ بَاشَرَ الْإِتْلَافَ، وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَيُحْكَى الثَّانِي عَنْ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ قُلْت، وَهُوَ نَصُّ الْأُمِّ ثَانِيهِمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا: قَالَ الْإِمَامُ الْمَتَاعُ الْمُلْقَى لَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ مَالِكِهِ حَتَّى لَوْ ظَفِرْنَا بِهِ فَهُوَ لَهُ، وَيَسْتَرِدُّ الضَّامِنُ مَا بَذَلَهُ، وَهَلْ لِمَالِكِهِ أَنْ يَمْسِكَ مَا أَخَذَهُ، وَيَرُدَّ بَدَلَهُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْعَيْنِ الْمُقْتَرَضَةِ هَلْ لِلْمُقْتَرِضِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيُّ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشِيرَ إلَى مَا يُلْقِيهِ، أَوْ يَكُونُ مَعْلُومًا لَهُ، وَإِلَّا، فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا يُلْقِيهِ بِحَضْرَتِهِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ هَيَجَانِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَهَذَا، أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ يَجِبُ فِي الْمِثْلِيّ الْمِثْلُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ إلَخْ) سَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَالَ: أَنَا، وَالرُّكْبَانُ ضَامِنُونَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ:، فَإِنْ قَالَ: أَنَا، وَهُمْ ضَامِنُونَ، وَأَضْمَنُهُ، أَوْ، وَأُخَلِّصُهُ مِنْ مَالِهِمْ، أَوْ مِنْ مَالِي لَزِمَهُ الْجَمِيعُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَسْتَرِدُّ الضَّامِنُ مَا بَذَلَهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:
[حاشية الشربيني]
جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَإِنْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ تَبَعًا لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ لُزُومَ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ إلَخْ.) فَلَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ فَهُوَ لِمَالِكِهِ، وَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ إنْ بَقِيَ، وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ حَيْثُ لَمْ يُنْقِصْهُ الْبَحْرُ، وَإِلَّا ضَمِنَ الْمُلْتَمِسُ نَقْصَهُ لِتَسَبُّبِهِ فِيهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ) لِأَنَّهَا لِلْحَيْلُولَةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ لَفَظَهُ الْبَحْرُ، وَجَبَ رَدُّهُ، وَيَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ، وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَيْ: زي مُخَالِفًا لِشَيْخِنَا م ر كَوَالِدِهِ فِي قَوْلِهِ: مَا يَضْمَنُ الْمِثْلِيَّ بِالْمِثْلِ، وَالْمُتَقَوِّمَ بِالْقِيمَةِ مَعَ مُوَافَقَتِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ إذَا رَدَّهُ. اهـ. ق ل، وَأَجَابَ سم عَلَى التُّحْفَةِ بِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ، وَالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ لِلْفَيْصُولَةِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُ إتْلَافًا، وَلِذَا انْفَسَخَ الْبَيْعُ بِوُقُوعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْبَحْرِ لَكِنْ إذَا لَفَظَهُ تَبَيَّنَّا عَدَمَ التَّلَفِ فَرَتَّبْنَا عَلَيْهِ حُكْمَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ) كَمَا لَوْ قَالَ أَطْعِمْ طَعَامَك هَذَا الْجَائِعَ، وَلَك عَلَيَّ كَذَا (قَوْلُهُ: قُلْت، وَهُوَ نَصُّ الْأُمِّ) لَكِنَّ الْأَوْجُهَ الْأَوَّلُ. اهـ.
شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ لِمَالِكِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute