للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الثَّلَاثَةِ فَوْقَهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَلِلثَّانِي ثُلُثُهَا لِجَذْبِ الْأَوَّلِ، وَوُقُوعِ الِاثْنَيْنِ فَوْقَهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَلِلثَّالِثِ نِصْفُهَا لِجَذْبِ الثَّانِي، وَوُقُوعِ الرَّابِعِ فَوْقَهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَلِلرَّابِعِ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا قَضَى بِهِ، وَأَمْضَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقَائِلُونَ بِالْأَصَحِّ لَمْ يُثْبِتُوا هَذَا، وَرُبَّمَا أَوَّلُوهُ. اهـ. فَعَلَى مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ لِلْأَوَّلِ فِي مَسْأَلَتِنَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلِلْمَسْأَلَةِ شَرْطٌ زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: (بِشَرْطِ أَنَّ كُلَّ مَجْذُوبٍ سَقَطْ عَلَى الَّذِي يَجْذِبُهُ مِنْهُمْ) فَلَوْ لَمْ يَسْقُطْ عَلَيْهِ لِسَعَةِ الْبِئْرِ مَثَلًا فَدِيَةُ كُلِّ مَجْذُوبٍ عَلَى عَاقِلَةِ جَاذِبِهِ فَقَطْ، وَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ، وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) تَكْمِلَةٌ، بَلْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ، وَعَلَى غَيْرِهِ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ الثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي فَقَطْ بِأَنْ سَقَطَ عَلَيْهِ بَعْدَ تَدَحْرُجِهِ عَنْ الْأَوَّلِ وَجَبَ لِلْأَوَّلِ الثُّلُثَانِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ النِّصْفُ فَقَطْ

(قُلْتُ، وَإِنْ تُشْرِفْ سَفِينَةٌ) عَلَى غَرَقٍ، وَغَلَبَ الْهَلَاكُ إنْ لَمْ يُطْرَحْ مَتَاعُهَا (يَجِبْ طَرْحُ الْمَتَاعِ) مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ (لِرَجَاءِ) نَجَاةِ (مَنْ رَكِبْ) فِيهَا فَإِنْ رُجِيَ ذَلِكَ بِطَرْحِ بَعْضِ الْمَتَاعِ وَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي الطَّرْحِ تَقْدِيمُ الْأَخَفِّ قِيمَةً إنْ أَمْكَنَ حِفْظًا لِلْمَالِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَغْلِبْ الْهَلَاكُ، فَلَا يَجِبُ الطَّرْحُ لَكِنَّهُ يَجُوزُ لِرَجَاءِ السَّلَامَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِشَرْطِ إذْنِ الْمَالِكِ فَلَوْ كَانَ لِمَحْجُورٍ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ، وَلَوْ كَانَ مَرْهُونًا، أَوْ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، أَوْ لِمُكَاتَبٍ، أَوْ لِعَبْدٍ مَأْذُونٍ عَلَيْهِ دُيُونٌ لَمْ يَجُزْ إلْقَاؤُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ الرَّاهِنِ، وَالْمُرْتَهِنِ، أَوْ السَّيِّدِ، وَالْمُكَاتَبِ، أَوْ السَّيِّدِ، وَالْمَأْذُونِ قَالَ: فَلَوْ رَأَى الْوَلِيُّ أَنَّ إلْقَاءَ بَعْضِ أَمْتِعَةِ مَحْجُورِهِ يَسْلَمُ بِهِ بَاقِيهَا فَقِيَاسُ قَوْلِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ فِيمَا لَوْ خَافَ الْوَلِيُّ اسْتِيلَاءَ غَاصِبٍ عَلَى الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا لِتَخْلِيصِهِ جَوَازُهُ هُنَا. اهـ.

ثُمَّ مَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ إذَا كَانَ الرَّاكِبُ مُحْتَرَمًا، فَلَا يُلْقِي مَالَ مُحْتَرَمٍ لِنَجَاةِ رَاكِبٍ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ كَحَرْبِيٍّ، وَمُرْتَدٍّ، وَزَانٍ مُحْصَنٍ، وَخِنْزِيرٍ، وَكَلْبٍ يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَلَا يَجُوزُ إلْقَاءُ الْحَيَوَانِ إذَا أَمْكَنَتْ النَّجَاةُ بِغَيْرِهِ كَمَا قَدْ يُفْهِمُهُ تَقْيِيدُ النَّظْمِ بِالْمَتَاعِ، وَيُلْقِي الْحَيَوَانَ لِإِبْقَاءِ الْآدَمِيِّينَ إذَا مَسَّتْ الْحَاجَةُ لِإِلْقَائِهِ، وَالْعَبِيدُ كَالْأَحْرَارِ، وَلَوْ قَصَّرَ مَنْ عَلَيْهِ الْإِلْقَاءُ فَغَرِقَتْ السَّفِينَةُ أَثِمَ، وَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ لَمْ يُطْعِمْ مَالِكُ الطَّعَامِ الْمُضْطَرَّ حَتَّى مَاتَ، وَلَا يَجُوزُ إلْقَاءُ الْمَالِ بِلَا خَوْفٍ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ

(، وَمَالُ غَيْرِهِ إذَا أَلْقَاهُ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُ ضَمَّنَّاهُ) لَهُ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْمُضْطَرُّ طَعَامَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَلْقَاهُ بِإِذْنِهِ (وَمَنْ يَقُلْ لِغَيْرِهِ خَوْفَ الْغَرَقْ مَالَكَ أَلْقِ) فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ (فِي ضَمَانِي) أَيْ: الْتِزَامِي، أَوْ نَحْوُهُ كَقَوْلِهِ: وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، أَوْ، وَأَنَا ضَامِنُهُ، أَوْ، وَعَلَيَّ أَنْ أَضْمَنَهُ فَأَلْقَاهُ فِيهِ (اسْتَحَقْ) عَلَيْهِ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ النَّجَاةُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ كَانَ

ــ

[حاشية العبادي]

لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبَيْنِ جَذْبُ الثَّانِي لَهُ، وَثِقَلُ الرَّابِعِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَمَنْ وَجَبَتْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةٌ، أَوْ بَعْضُهَا، فَالْكَفَّارَةُ فِي مَالِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ.) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَصْلٌ يَجُوزُ إلْقَاءُ بَعْضِ الْمَتَاعِ فِي الْبَحْرِ لِسَلَامَةِ الْبَعْضِ. اهـ. أَيْ: لِرَجَاءِ سَلَامَةِ الْبَعْضِ الْآخَرِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بِشَرْطِ إذْنِ الْمَالِكِ إلَى آخِرِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ هُنَا، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ:، وَيَجِبُ إلْقَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ لِسَلَامَةِ حَيَوَانٍ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إذَا أَمْكَنَتْ النَّجَاةُ بِغَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً نَفِيسَةً، وَذَلِكَ الْحَيَوَانُ حَقِيرًا خَسِيسًا كَحِمَارٍ زَمِنٍ، وَهِرَّةٍ زَمْنَى (قَوْلُهُ: ضَمِنَاهُ) ، وَإِنْ، وَجَبَ عَلَيْهِ طَرْحُهُ كَمَا يُفِيدُهُ صَرِيحُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

السَّفِينَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَلِأَنَّ الْعَمْدَ فِي الصَّبِيَّيْنِ هُنَا هُوَ الْمَهْلَكُ. اهـ.

شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ أَيْ فَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ. اهـ. ع ش عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: بَلْ النِّصْفُ فَقَطْ) أَيْ: عَلَى الْحَافِرِ؛ لِأَنَّهُ هَلَكَ بِصَدْمَةِ الْبِئْرِ، وَجَذْبِهِ لِلثَّانِي فَقَطْ فَيُهْدَرُ النِّصْفُ لِجَذْبِهِ لِلثَّانِي، وَيَبْقَى النِّصْفُ عَلَى الْحَافِرِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ مَالِكُهُ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَكِنْ مَعَ الضَّمَانِ ع ش عَلَى م ر، وَفِي ق ل أَنَّ مِثْلَ عَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ عَدَمُ إذْنِ مَنْ لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ كَالْمُرْتَهِنِ أَيْ: فَيَجِبُ مَعَ الضَّمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِرَجَاءِ إلَخْ.) فَإِنْ لَمْ تُرْجَ السَّلَامَةُ امْتَنَعَ الْوُجُوبُ ق ل (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ.) أَيْ: يَجِبُ إذَا كَانَ الْمُلْقِي غَيْرَ الْمَالِكِ كَمَا نَقَلَهُ ع ش عَنْ سم عَنْ م ر، وَقَدْ نَقَلْنَاهُ بَعْدُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ هُنَا) ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ، وَلَا يُنَافِيهِ التَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يُلْقِي مَالَ إلَخْ.) عِبَارَةُ ق ل يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يَجِبُ إلْقَاءُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ لِسَلَامَتِهِ، وَإِلْقَاءُ غَيْرِ الْمَعْصُومِ مِنْهُ لِسَلَامَةِ الْمَعْصُومِ مِنْهُمَا، وَإِلْقَاءُ بَعْضٍ كُلٌّ لِسَلَامَةِ بَعْضِهِ، وَلَا يَجُوزُ إلْقَاءُ الْحَيَوَانِ الْمَعْصُومِ لِسَلَامَةِ غَيْرِهِ، وَيَجُوزُ إلْقَاءُ بَعْضِ الْمَتَاعِ الْمَعْصُومِ لِسَلَامَةِ بَعْضِهِ كَمَا فِي إلْقَائِهِ لِسَلَامَةِ السَّفِينَةِ. اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَتَأَمَّلْ.

قَالَ م ر وع ش، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَنْ يُرَاعَى فِي الْإِلْقَاءِ تَقْدِيمُ الْأَخَسِّ فَالْأَخَسِّ قِيمَةً مِنْ الْمَتَاعِ، وَالْحَيَوَانِ إنْ أَمْكَنَ حِفْظًا لِلْمَالِ حَسْبَ الْإِمْكَانِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ الْمُلْقِي غَيْرَ الْمَالِكِ، أَمَّا هُوَ، فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِالْأَخَسِّ دُونَ غَيْرِهِ فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَتْلَفَ الْأَشْرَفَ لِغَرَضِ سَلَامَةِ غَيْرِهِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ غَرَضُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْمَالِكُ قِيمَتَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر، ثُمَّ إنَّ سَمَّى الْمُلْتَمِسُ عِوَضًا حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا لَزِمَهُ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ قَالَ ع ش الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ. اهـ. وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ م ر، وَيَضْمَنُ الْمُسْتَدْعِي الْمِثْلَ صُورَةً كَالْقَرْضِ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>