عَدْلٌ) نَاصِحٌ (ذُو فِطَنْ) جَمْعُ فِطْنَةٍ يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهُمْ إلَى الطَّاعَةِ، وَدَفْعُ شَرِّهِمْ كَالصَّائِلِ، فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلَمَةٌ، أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا فَإِنْ أَصَرُّوا نَصَحَهُمْ، فَإِنْ اسْتَمَرُّوا عَلَى الْإِصْرَارِ أَعْلَمَهُمْ بِالْقِتَالِ فَإِنْ اسْتَمْهَلُوا فِيهِ اجْتَهَدَ، وَفَعَلَ مَا رَآهُ صَوَابًا، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ اسْتِمْهَالَهُمْ لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ أَمْهَلَهُمْ، أَوْ لِلتَّقَوِّي كَاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ لَمْ يُمْهِلْهُمْ، وَإِذَا قَاتَلَهُمْ دَفَعَهُمْ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَمْكَنَ أَسْرٌ، فَلَا قَتْلَ، أَوْ إثْخَانٌ، فَلَا تَذْفِيفَ فَإِنْ الْتَحَمَ الْحَرْبُ، وَاشْتَدَّ الْخَوْفُ دَفَعَهُمْ بِمَا أَمْكَنَ
(وَمَا لَنَا اتِّبَاعُ مَنْ قَدْ انْهَزَمْ) مِنْهُمْ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَالْحَاكِمُ (قُلْتُ بَلَى) لَنَا اتِّبَاعُ (الْجَمْعِ الَّذِي تَحْتَ الْعَلَمْ) يَعْنِي: لَنَا اتِّبَاعُهُمْ مُجْتَمِعِينَ تَحْتَ عَلَمِ زَعِيمِهِمْ أَيْ: رَايَتِهِ إلَى أَنْ يُطِيعُوا، وَهَذَا قَدْ يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ خَشِينَا الْجَمْعَ) أَيْ: اجْتِمَاعَهُمْ (فِي الْمَآلِ) بَعْدَ انْهِزَامِهِمْ مُتَفَرِّقِينَ، فَلَا يُتْبَعُونَ إذْ لَا اعْتِبَارَ بِمَا يُتَوَقَّعُ، وَكَالْمُنْهَزِمِ مَنْ تَحَيَّزَ إلَى فِئَةٍ بَعِيدَةٍ، أَوْ أَعْرَضَ عَنْ الْقِتَالِ، أَوْ بَطَلَتْ قُوَّتُهُ، وَاعْتِضَادُهُ بِالْجَمْعِ لِتَخَلُّفِهِ عَنْهُمْ بِخِلَافِ الْمُتَحَيِّزِ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: انْهَزَمَ الْقَاصِرُ عَنْ إفَادَةِ كُلِّ الْغَرَضِ كَمَا قَصَرَ عَنْهَا تَعْبِيرُ الْحَاوِي بِالْمُدْبِرِ لَكِنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُنْهَزِمِ، أَوْلَى
(وَنُطْلِقُ) نَحْنُ (الصَّالِحَ لِلْقِتَالِ) مِمَّنْ أَسَرْنَاهُ مِنْهُمْ كَامِلًا، أَوْ غَيْرَهُ كَمُرَاهِقٍ، وَعَبْدٍ، وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنَّا أَسِيرَهُمْ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ لِشُبْهَةِ تَجْوِيزِ أَبِي حَنِيفَةَ قَتْلَهُ، وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ، وَحَكَى فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ الْمُدْبِرِ، وَمُذَفِّفِ الْجَرِيحِ لِذَلِكَ أَيْضًا
(كَرَدِّنَا السِّلَاحَ، وَالْخَيْلَ) أَيْ: كَمَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ سِلَاحَهُمْ، وَخَيْلَهُمْ كَغَيْرِهِمَا الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى (وَلَا يُسْتَعْمَلَانِ) فِي قِتَالٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِمْ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ تَعَيَّنَ السِّلَاحُ لِلدَّفْعِ، وَالْخَيْلُ لِلْهَزِيمَةِ كَأَكْلِ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ أُجْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِي الْقِتَالِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَنْوَارِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ لِمَا يَتْلَفُ فِي الْقِتَالِ، وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ بِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِيهَا نَشَأَتْ مِنْ الْمُضْطَرِّ بِخِلَافِهَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهَا إنَّمَا نَشَأَتْ مِنْ جِهَةِ مَالِكِ السِّلَاحِ، وَالْخَيْلِ، وَمَحَلُّ الْإِطْلَاقِ، وَالرَّدِّ فِيمَا ذُكِرَ (حَيْثُ أَمْنٌ حَصَلَا) لَنَا مِنْهُمْ بِأَنْ انْقَضَتْ الْحَرْبُ، وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُمْ بِبَذْلِ الطَّاعَةِ، أَوْ تَفَرُّقِهِمْ، وَإِنْ تُوُقِّعَ اجْتِمَاعُهُمْ فِي الْمَآلِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ حَيْثُ بِإِذَا، أَوْ نَحْوِهَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمُرَادِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّقْيِيدُ بِزَمَنِ الْأَمْنِ لَا بِمَكَانِهِ وَالْحَاوِي عَبَّرَ بِإِنْ، وَهِيَ أَيْضًا، أَوْلَى مِنْ حَيْثُ (وَ) نُطْلِقُ (غَيْرَ صَالِحٍ) مِنْهُمْ لِلْقِتَالِ (كَمَنْ لَا بَلَغَا، وَلَمْ يُرَاهِقْ وَالنِّسَا بَعْدَ الْوَغَى) أَيْ: الْحَرْبِ، وَإِنْ لَمْ تُؤْمَنْ غَائِلَتُهُمْ نَعَمْ إنْ قَاتَلَتْ النِّسَاءُ فَكَالرِّجَالِ لَا يُطْلَقْنَ إلَّا بَعْدَ الْأَمْنِ، وَالتَّمْثِيلُ بِغَيْرِ الْمُرَاهِقِ زَادَهُ النَّاظِمُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى كَمَنْ لَمْ يُرَاهِقْ كَانَ أَخْصَرَ
(وَبِالْمَجَانِيقِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ، وَبِالْمَنَاجِيقِ (وَبِالنَّارِ) ، وَسَائِرِ مَا يَعُمُّ (رُمُوا) أَيْ: الْبُغَاةَ (إنْ خِيفَ أَنَّا بِهِمْ نُصْطَلَمُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مِنْ اصْطَلَمَهُ أَيْ: اسْتَأْصَلَهُ أَيْ: إنْ خِيفَ اسْتِئْصَالُنَا بِهِمْ بِأَنْ أَحَاطُوا
ــ
[حاشية العبادي]
يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ عَدَمَ اسْتِحْلَالِهِمْ لِمَا ذُكِرَ بِأَنْ عَلِمْنَا اسْتِحْلَالَهُمْ لَهُ، أَوْ لَمْ نَعْلَمْهُ امْتَنَعَ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ لَكِنَّ مَحِلَّهُ فِي الْأُولَى إذَا اسْتَحَلُّوا ذَلِكَ بِالْبَاطِلِ عُدْوَانًا لِيَتَوَصَّلُوا بِهِ إلَى إرَاقَةِ دِمَائِنَا، وَإِتْلَافِ أَمْوَالِنَا، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ التَّسْوِيَةِ فِي تَقْيِيدِ مَا ذُكِرَ بَيْنَ مَنْ يَسْتَحِلُّ الدِّمَاءَ، وَالْأَمْوَالَ، وَغَيْرِهِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا تَنَاقُضَ. اهـ.، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْأُولَى إلَخْ. تَقْيِيدُ قَوْلِهِ: أَوْ لَمْ نَعْلَمْهُ بِمَا إذَا لَمْ نَعْلَمْ اسْتِحْلَالَ ذَلِكَ بِالْبَاطِلِ عُدْوَانًا إلَخْ. بِخِلَافِ عَدَمِ الْعِلْمِ بِمُطْلَقِ الِاسْتِحْلَالِ، فَلَا يُؤَثِّرُ هَذَا، وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِامْتِنَاعِ عِنْدَ عَدَمِ الْعِلْمِ نَظَرٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ مُقْتَضَى مَا نُقِلَ عَنْ اخْتِيَارِ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَحْذُورَ مَشْكُوكٌ فِيهِ
(قَوْلُهُ: فِي الْمَآلِ) خَرَجَ الْحَالُ، وَهَذَا مَنْشَأُ إفْهَامِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ مِنَّا إلَخْ)
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ (قَوْلُهُ:، وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْمُضْطَرِّ إلَخْ.) مِنْهُ تَسْتَفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ الضَّرُورَةُ تَتَعَلَّقُ بِالْبُغَاةِ الَّذِينَ لَهُمْ الْآلَةُ الْمَذْكُورَةُ بِرّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ أَمْنٌ حَصَلَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ، وَيُطْلِقُونَ أَيْ: أَسْرَاهُمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ، وَتَفَرُّقِ الْجَمْعِ إلَّا إنْ خِيفَ عَوْدُهُمْ إلَى الْقِتَالِ. اهـ. وَقَوْلُهُ إلَى الْقِتَالِ أَيْ: فِي الْحَالِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: السَّابِقِ كَالرَّوْضِ، وَغَيْرِهِ، وَإِنْ خَشِينَا الْجَمْعَ فِي الْمَآلِ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْجَمْعُ لِلْقِتَالِ إذْ الْجَمْعُ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنْ الْقِتَالِ لَا أَثَرَ لَهُ، وَلَوْ فِي الْحَالِ، فَلِيَتَأَمَّل
ــ
[حاشية الشربيني]
وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَهُوَ حَاصِلُ الْجَمْعِ الَّذِي فِي الشَّرْحِ
(قَوْلُهُ: عَدْلٌ إلَخْ) أَيْ: نَدْبًا إنْ بُعِثَ لِمُجَرَّدِ السُّؤَالِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُنَاظَرَةِ، وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ، وَجَبَ. اهـ. زي وح ل. اهـ.
بُجَيْرِمِيٌّ، وَعِبَارَةُ ق ل أَيْ نَدْبًا فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ نَعَمْ إنْ كَانَ الْبَعْثُ لِلْمُنَاظَرَةِ، وَجَبَ كَوْنُهُ فَطِنًا (قَوْلُهُ: مَظْلِمَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمٌ لِمَا يُظْلَمُ بِهِ فَإِنْ كَانَتْ مَصْدَرًا جَازَ الْكَسْرُ، وَالْفَتْحُ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: نَصَحَهُمْ) أَيْ: نَدْبًا فَلَهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى قِتَالِهِمْ إنْ كَانَ فِي عَسْكَرِهِ قُوَّةٌ، وَقَوْلُهُ: أَمْهَلَهُمْ أَيْ: وُجُوبًا. اهـ. ق ل وَبُجَيْرِمِيٌّ، وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِمْهَالُ قَبْلَ الْإِصْرَارِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِمَا أَمْكَنَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِأَقَلَّ مَا أَمْكَنَ
(قَوْلُهُ: أَسِيرَهُمْ) مِثْلُهُ مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ، أَوْ أَغْلَقَ بَابَهُ، أَوْ تَرَكَ الْقِتَالَ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَيَجِبُ فِي كُلِّ ذَلِكَ الدِّيَةُ إنْ وَقَعَ، وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، وَلَمْ يَأْمَنْهُ أَحَدٌ، وَإِلَّا فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَصْلِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا قَوَدَ) أَيْ: بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ.) فِي الْمَحَلِّيِّ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ سِلَاحُهُمْ