(الْقَضَاءِ وَ) قَبُولِ (الشَّهَادَاتِ، وَفِي أَخْذِ الْحُقُوقِ) لِلَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِآدَمِيٍّ (وَ) فِي عَدَمِ (ضَمَانِ الْمُتْلَفِ إذْ قَاتَلُوا) أَيْ: وَقْتَ قِتَالِهِمْ (وَ) فِي (سَمْعِ حُجَّةٍ) أَيْ: سَمَاعِهِمْ الْحُجَّةَ (بِحَقْ) مِنْ الْحُقُوقِ (وَ) فِي (صَرْفِ سَهْمٍ هُوَ لِلَّذِي ارْتَزَقْ) أَيْ: صَرْفُهُمْ سَهْمَ الْمُرْتَزِقِ كَالْفَيْءِ (لِجُنْدِهَا كَالْعَدْلِ) أَيْ: كَأَهْلِهِ فِي ذَلِكَ فَنَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ، وَنُنَفِّذُ قَضَاءَ قَاضِيهِمْ فِيمَا نُنَفِّذُ فِيهِ قَضَاءَ قَاضِينَا لِانْتِفَاءِ فِسْقِهِمْ بِسَبَبِ التَّأْوِيلِ كَمَا مَرَّ، وَيُعْتَدُّ بِأَخْذِ وُلَاتِهِمْ الْحُقُوقَ مِنْ زَكَاةٍ، وَخَرَاجٍ، وَجِزْيَةٍ، وَحَدٍّ مِنْ بَلَدٍ اسْتَوْلُوا عَلَيْهَا لِمَا فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّعِيَّةِ فَيُصَدَّقُ الْمُزَكِّي فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْخَرَاجِ، وَالذِّمِّيِّ فِي الْجِزْيَةِ، وَكَذَا الْمَحْدُودُ فِي الْحَدِّ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِبَدَنِهِ أَثَرٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْنَا فِي الْقِتَالِ لِضَرُورَتِهِ كَالْعَكْسِ اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ، وَتَرْغِيبًا فِي الطَّاعَةِ بِخِلَافِ مَا يُتْلِفُونَهُ فِي غَيْرِ الْقِتَالِ، أَوْ فِيهِ لَا لِضَرُورَتِهِ كَالْعَكْسِ أَيْضًا
وَيُعْتَدُّ بِسَمَاعِ قَاضِيهِمْ الْبَيِّنَةَ بِالْحُقُوقِ حَتَّى إذَا اتَّصَلَ سَمَاعُهَا بِقَاضِينَا حُكِمَ بِهِ لِتَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِرَعَايَانَا، وَيُعْتَدُّ بِصَرْفِهِمْ سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ إلَى جُنْدِهِمْ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُنْدِ الْإِسْلَامِ، وَرُعْبُ الْكُفَّارِ قَائِمٌ بِهِمْ، وَعُلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ إذْ قَاتَلُوا قَيْدٌ فِي عَدَمِ ضَمَانِ الْفَرِيقَيْنِ، وَأَنَّ الْمُتَأَوِّلَ بِلَا شَوْكَةٍ لَيْسَ كَالْبَاغِي، فَيَضْمَنُ مَا يُتْلِفُهُ فِي الْقِتَالِ أَيْضًا كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ، وَإِلَّا لَأَبْدَتْ كُلُّ شِرْذِمَةٍ مُفْسِدَةٍ تَأْوِيلًا، وَفَعَلَتْ مَا شَاءَتْ، وَبَطَلَتْ السِّيَاسَاتُ، وَأَنَّ مَنْ لَهُ شَوْكَةٌ بِلَا تَأْوِيلٍ كَذَلِكَ، وَالْأَصَحُّ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ فِي الْقِتَالِ كَالْبَاغِي؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْبَاغِي لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ، وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ، وَيُعْتَبَرُ فِيمَا تَقَرَّرَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ، وَنُفُوذِ قَضَاءِ قَاضِيهِمْ أَنْ لَا يَكُونُوا خَطَّابِيَّةً، وَهُمْ صِنْفٌ مِنْ الرَّافِضَةِ يَشْهَدُونَ بِالزُّورِ، وَيَقْضُونَ بِهِ لِمُوَافِقِيهِمْ، فَإِنْ كَانُوا كَذَلِكَ امْتَنَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لِمُوَافِقِيهِمْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ، وَأَنْ لَا يَسْتَحِلُّوا دِمَاءَنَا، وَأَمْوَالَنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا هُنَا، بَلْ ذَكَرًا عَنْ اخْتِيَارِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَرَدَ مِنْ قَاضِيهِمْ كِتَابٌ عَلَى قَاضِينَا، وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ دِمَاءَنَا لَا نَعْمَلُ بِهِ لَكِنَّهُمَا خَالَفَا ذَلِكَ فِي الشَّهَادَاتِ فَسَوَّيَا بَيْنَ مَنْ يَسْتَحِلُّ الدِّمَاءَ، وَالْأَمْوَالَ، وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي زَعْمِهِمْ، وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ النَّصِّ، وَصَوَّبَهُ، وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ قَالَ: وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ حُكْمُهُ عَلَيْهِمْ إذَا اسْتَحَلَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِمْ بِالْبَاطِلِ لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى إرَاقَةِ دِمَائِهِمْ، وَإِتْلَافِ مَالِهِمْ، وَنَحْوِهِمَا، وَبِمَا قَالَهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخَيْنِ
(وَلْنَبْدَأْ) وُجُوبًا إمَامُنَا قَبْلَ قِتَالِهِمْ (بِمَنْ يُنْذِرُ) هُمْ (قُلْتُ، وَهُوَ
ــ
[حاشية العبادي]
مَرْجِعُهُ الْفُرْقَةُ (قَوْلُهُ: وَفِي عَدَمِ ضَمَانِ الْمُتْلَفِ إذَا قَاتَلُوا) يَشْمَلُ النَّفْسَ، وَالْمَالَ، وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الرَّوْضِ آخِرَ الْبَابِ، وَمَنْ تَعَمَّدَ قَتْلَ بَاغٍ أَمَّنَهُ عَادِلٌ، وَلَوْ عَبْدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ، أَوْ جَاهِلًا، فَالدِّيَةُ. اهـ.
، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِأَنَّهُ إنْ فُرِضَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ، وَرُدَّ أَنَّ الْبَاغِيَ حِينَئِذٍ مُحْتَرَمٌ لَا يَحْتَاجُ لِتَأْمِينٍ، أَوْ فِي الْحَرْبِ، وَرُدَّ أَنَّهُ يُدْفَعُ كَالصَّائِلِ، فَإِنْ تَعَرَّضَ لِلدَّافِعِ، أَوْ غَيْرِهِ جَازَ دَفْعُهُ، وَلَوْ بِقَتْلٍ، وَلَا أَثَرَ حِينَئِذٍ لِلْأَمَانِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ قَتْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ (قَوْلُهُ: أَيْ: وَقْتَ قِتَالِهِمْ) بِخِلَافِ غَيْرِ وَقْتِ الْقِتَالِ كَمَا فِي الرَّوْضِ مَا أَتْلَفُوهُ، أَوْ أَتْلَفْنَاهُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ مِنْ نَفْسٍ، وَمَالٍ مَضْمُونٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ زَكَاةٍ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ الزَّكَاةَ الْمُعَجَّلَةَ إذَا زَالَتْ شَوْكَتُهُمْ قَبْلَ الْوُجُوبِ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ مَا لَوْ قَبَضَ الْقَاضِي الزَّكَاةَ الْمُعَجَّلَةَ، وَفَرَّقَهَا، ثُمَّ عُزِلَ قَبْلَ الْوُجُوبِ بِرّ (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ إلَخْ.) وَحَكَى الشَّيْخَانِ فِيمَا لَوْ ارْتَدَّتْ طَائِفَةٌ لَهُمْ شَوْكَةٌ، فَأَتْلَفُوا مَالًا، أَوْ نَفْسًا فِي الْقِتَالِ ثُمَّ تَابُوا، وَأَسْلَمُوا، وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ فِي ضَمَانِهِمْ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ ضَمَانِهِمْ تَالِفًا عَلَى الْإِسْلَامِ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ، وَغَيْرِهِ م ر، ثُمَّ رَأَيْت الرَّوْضَ جَزَمَ فِي بَابِ الرِّدَّةِ بِأَنَّ ضَمَانَ الْمُرْتَدِّينَ كَالْبُغَاةِ، وَنَازَعَهُ الشَّارِحُ فِيهِ بِمَا قَالَهُ هُنَا، وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الرَّوْضِ: فِي بَابِ الرِّدَّةِ مَا نَصُّهُ، فَصْلٌ امْتَنَعَ مُرْتَدُّونَ بِنَحْوِ حِصْنٍ بَدَأْنَا بِقِتَالِهِمْ، وَاتَّبَعْنَا مُدْبِرَهُمْ، وَذَفَّفْنَا جَرِيحَهُمْ، وَاِسْتَنَبْنَا أَسِيرَهُمْ، وَضَمَانُهُمْ كَالْبُغَاةِ. اهـ. وَفِي شَرْحِهِ عَقِبَ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ مَا أَتْلَفُوهُ فِي الْحَرْبِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ أَنَّ الصَّحِيحَ خِلَافُهُ. اهـ. وَأَشَارَ إلَى مَا نَقَلَهُ هُنَاكَ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ الضَّمَانُ، وَأَنَّ الْأَصْلَ حَكَى، وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ، وَكَأَنَّ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الضَّمَانِ أَخَذَهُ مِنْ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي بَابِ الرِّدَّةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَسْتَحِلُّوا دِمَاءَنَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ إنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ عَدَمَ اسْتِحْلَالِهِمْ لِمَا ذُكِرَ بِأَنْ عَلِمْنَا اسْتِحْلَالَهُمْ لَهُ، أَوْ لَمْ نَعْلَمْهُ امْتَنَعَ ذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا قَالَهُ)
[حاشية الشربيني]
وَأَمَّا ذِكْرُ الشَّوْكَةِ؛ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَكُون الْمُطَاع، وَلَا شَوْكَة (قَوْلُهُ: فِيمَا يَنْفُذُ إلَخْ.) بِخِلَافِ مَا لَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ قَاضِينَا كَمُخَالِفِ النَّصِّ، أَوْ الْإِجْمَاعِ، أَوْ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: كَالْعَكْسِ) كَتَبَ شَيْخُنَا ذ أَنَّ مَا أَتْلَفَهُ أَهْلُ الْعَدْلِ عَلَى الْبَاغِي قَبْلَ الْقِتَالِ لِإِبْطَالِ مَنَعَتِهِ فِيهِ لَا يُضْمَنُ، وَهَلْ عَكْسُهُ مِثْلُهُ يُرَاجَعُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَسْتَحِلُّوا إلَخْ.) أَيْ: فِي غَيْرِ الْحَرْبِ، وَإِلَّا فَكُلُّ الْبُغَاةِ يَسْتَحِلُّونَ ذَلِكَ فِي الْحَرْبِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا، وَأَنْ لَا يَسْتَحِلُّوا) أَيْ: بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، وَإِلَّا عَمِلْنَا بِهِ. اهـ. ق ل وَبُجَيْرِمِيٌّ قَالَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute