للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَحْرَمُ، وَنَحْوُهُ، وَيُؤَجَّرُ عَقَارُهُ، وَرَقِيقُهُ، وَنَحْوُهُمَا صِيَانَةً لَهَا عَنْ الضَّيَاعِ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى عَمَلٍ، فَإِنْ أَسْلَمَ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ، وَإِلَّا، فَلَا

(وَاقْبَلْ شَهِيدَيْ رِدَّةٍ قَدْ أَطْلَقَا) شَهَادَتَهُمَا بِهَا بِأَنْ لَمْ يُفَصِّلَاهَا؛ لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يُقَدَّمُ الشَّاهِدُ بِهَا إلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ، وَالْبَيَانِ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَالْهَرَوِيُّ وَالْغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُمْ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا، وَكَمَا فِي الشَّهَادَةِ بِالْجَرْحِ، وَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَكَمَا فِي الْإِقْرَارِ بِالْأَخِيرَيْنِ، وَإِقْرَارِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ مَاتَ مُرْتَدًّا عَلَى مَا سَيَأْتِي، بَلْ، أَوْلَى، وَبِنَحْوِهِ أَجَابَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ، وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَقْلًا، وَنَقْلًا، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ قَالَ: وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ بَحَثَ لَهُ (وَ) أَقْبَلَ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِتَلَفُّظِهِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ بِيَمِينِهِ (الْكُرْهَ لِلَّفْظِ) أَيْ: دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ عَلَى التَّلَفُّظِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَخِيلَةً إذْ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبُ الشَّاهِدِ، وَالْحَزْمُ أَنْ يُجَدِّدَ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ، وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْوِيرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ اعْتَبَرَ تَفْصِيلَ الشَّهَادَةِ فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ فَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لِلشَّاهِدِ أَوَّلًا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شَهِدَ بِالرِّدَّةِ لِتَضَمُّنِهِ حُصُولَ الشَّرَائِطِ، أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَذَا، فَيَبْعُدُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ، وَيَقْنَعَ بِأَنَّ الْأَصْلَ الِاخْتِيَارُ، وَيُجَابَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ، وَيُمْنَعُ قَوْلُهُ: فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ، وَبِاخْتِيَارِ الثَّانِي، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقْنَعَ بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ (وَ) أَقْبَلَ مِمَّنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِرِدَّةٍ بِيَمِينِهِ الْكُرْهَ (لِلرِّدَّةِ) أَيْ: دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ عَلَيْهَا (مَعْ مَخِيلَةٍ) أَيْ: قَرِينَةٍ تَعْضِدُهُ (كَالشَّخْصِ فِي الْأَسْرِ وَقَعْ) أَيْ: كَوُقُوعِهِ فِي أَسْرِ كُفَّارٍ، وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُخْتَارًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَخِيلَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ بِدَارِنَا، أَوْ بِدَارِهِمْ، وَهُوَ مُطْلَقٌ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُنَافِي الرِّدَّةَ فَفِي دَعْوَاهُ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِلشَّاهِدِ بِخِلَافِ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَتِهَا.

(لَا إنْ يُكَذِّبْ شَاهِدًا) عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ بِأَنْ قَالَ كَذَبَ عَلَيَّ، أَوْ مَا ارْتَدَدْت، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَصِيرُ بِهِ الْكَافِرُ مُسْلِمًا قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ شُهُودٌ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَأَنْكَرَ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ رُجُوعًا، وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْمُرْتَدِّ بِقَوْلِهِ: رَجَعْت، فَلَا يُقْبَلُ إنْكَارُهُ، وَتَكْذِيبُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا قَالَ كَذَبَ عَلَيَّ، أَوْ لَمْ أَزْنِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي بَابِ الزِّنَا أَنَّهُ يُحَدُّ فِي الْأُولَى

(وَحَظُّ) ابْنٍ (حَيْ) مِنْ اثْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ (قَالَ) بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ الْمَعْرُوفِ بِالْإِسْلَامِ (أَبِي مَاتَ عَلَى الْكُفْرَانِ) بِاَللَّهِ تَعَالَى (فِي) لِإِقْرَارِهِ بِكُفْرِ أَبِيهِ (قُلْتُ) هَذَا (إذَا) بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ، فَإِنْ (أَطْلَقَهُ اسْتَفْصَلَهُ) الْحَاكِمُ (فَإِنْ يُفَسِّرْ قَوْلَهُ) أَيْ: قَوْلَ أَبِيهِ (أَوْ فِعْلَهُ) الَّذِي

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَا بَعْدَ الْحَجْرِ كَمَا قَبْلَهُ م ر (قَوْلُهُ: لَزِمَتْهُ) أَيْ: لَزِمَتْ الْمُكْرَهَ لَهُ، وَفِي الرَّوْضِ:، وَشَرْحِهِ، وَإِذَا وُطِئَتْ مُرْتَدَّةٌ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ وُطِئَتْ مُكْرَهَةً، أَوْ اُسْتُخْدِمَتْ مُكْرَهَةً، وَكَذَا الْمُرْتَدُّ، فَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْأُجْرَةِ مَوْقُوفَانِ. اهـ.

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضِ:، وَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ الْمُؤَجَّلُ أَيْ: بِرِدَّتِهِ، بَلْ مَوْقُوفٌ أَيْ: بَلْ حُلُولُهُ مَوْقُوفٌ كَمِلْكِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالشَّخْصِ فِي الْأَسْرِ وَقَعَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَفِيمَا ذَكَرْنَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِرِدَّةِ أَسِيرٍ، وَلَمْ يَدَّعِ إكْرَاهًا حُكِمَ بِرِدَّتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا حُكِيَ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مَعَ الْكُفَّارِ، ثُمَّ أَحَاطَ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ، فَاطَّلَعَ مِنْ الْحِصْنِ، وَقَالَ أَنَا مُسْلِمٌ، وَإِنَّمَا شُبِّهْت بِهِمْ خَوْفًا قُبِلَ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ، وَمَاتَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ارْتَدَّ طَائِعًا، وَعَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِتَلَفُّظِ رَجُلٍ بِالْكُفْرِ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ، أَوْ مُقَيَّدٌ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلْإِكْرَاهِ، وَفِي التَّهْذِيبِ أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، فَسَجَدَ لِصَنَمٍ، أَوْ تَلَفَّظَ بِكُفْرٍ، ثُمَّ ادَّعَى إكْرَاهًا، فَإِنْ فَعَلَهُ فِي خَلْوَةٍ لَمْ يُقْبَلْ، أَوْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَهُوَ أَسِيرٌ قُبِلَ قَوْلُهُ: أَوْ تَاجِرٌ، فَلَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ: (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ.) الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالرِّدَّةِ لَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ، وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ الْفَرْقُ بِمَا ذُكِرَ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: بِقَوْلِهِ رَجَعْت أَيْ: عَنْ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي اقْتِضَاءِ كَلَامِهِ فِي الْأُولَى نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْكَارَ دُونَ التَّكْذِيبِ الصَّرِيحِ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا حَجْرَ إلَّا عَلَى قَوْلِ بَقَاءِ الْمِلْكِ، وَمَعْنَى قَوْلِ م ر أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ أَنَّهُ لَا يَتَمَيَّزُ قَوْلُ الْمِلْكِ عَنْ قَوْلِ الْوَقْفِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْحَجْرِ، أَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي بُطْلَانِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَوَقْفُ مَا يَقْبَلُهُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَجِّرُ عَقَارَهُ) أَيْ: يُؤَجِّرُهُ الْقَاضِي، أَوْ نَائِبُهُ ع ش مُغْنِي

(قَوْلُهُ: قَدْ أَطْلَقَا) ، وَلَوْ بِقَوْلِهِ: مَا ارْتَدَّ، أَوْ كَفَرَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ الْقَائِلِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا إذَا قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ، أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ، أَمَّا مُجَرَّدُ ارْتَدَّ، أَوْ كَفَرَ، فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا. اهـ. م ر. اهـ. سم (قَوْلُهُ: كَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْقَفَّالِ، وَمَنْ مَعَهُ ضَعِيفٌ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ النَّاسِ إلَخْ.) هُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يَشْهَدُ بِهَا إلَّا بَعْدَ الِاحْتِيَاطِ التَّامِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا سَيَأْتِي) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِفْصَالِ، وَالتَّفْسِيرِ، وَإِلَّا وَقْفٌ، وَيُفَرَّقُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ، وَلَوْ الْوَارِثَ يَتَسَامَحُ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَيِّتِ بِحَسَبِ ظَنِّهِ مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْحَيِّ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِهِ، وَكَوْنِهِ يُفَوِّتُ إرْثَهُ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَارُ مُوَرِّثِهِ الْمُسْتَلْزِمُ لِعَارِهِ، فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ تَحَرٍّ أَكْثَرَ مِنْ الشَّاهِدِ يُعَارِضُهُ أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَغْفُلُ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: إلَّا يُعْتَبَرُ التَّفْصِيلُ لَا تَصِحُّ تِلْكَ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>