للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا اللَّهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ قَوْلَهُ أَحْمَدُ، أَوْ أَبُو الْقَاسِمِ رَسُولُ اللَّهِ كَقَوْلِهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ لَوْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ قَبْلَ أَنْ يُؤْمِنَ بِاَللَّهِ لَمْ يَصِحَّ إيمَانُهُ، وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ الْحَلِيمِيُّ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ

(وَمِنَّا) أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ (فَرْعُهُ) أَيْ: الْمُرْتَدِّ (وَإِنْ سَفَلْ) ، فَيَكُونُ مُسْلِمًا، وَإِنْ انْعَقَدَ بَعْدَ رِدَّةِ أَبَوَيْهِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِمَا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمُنْعَقِدُ مِنْ مُرْتَدَّيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ، وَتَبِعَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَبِهِ قَطَعَ جَمِيعُ الْعِرَاقِيِّينَ، وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِهِ الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ أَمْ مُرْتَدٌّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ، فَلَا يُسْتَرَقُّ، وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُسْتَتَابَ، فَإِنْ أَصَرَّ قُتِلَ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا قَالَ أَنَّهُ الْأَظْهَرُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، وَأَطَالَ فِي بَيَانِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا، وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ قَاضِيَةٌ بِهِ، وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدًّا، وَالْآخَرُ كَافِرًا أَصْلِيًّا، فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ ثَمَّ مُرْتَدٌّ، أَوْ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ كَانَ هُنَا كَافِرًا أَصْلِيًّا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ إنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ مِمَّنْ يُقِرُّ بِهَا كَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مَجُوسِيٌّ، وَالْآخَرُ وَثَنِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلِيُّ كِتَابِيًّا فَالْوَلَدُ كِتَابِيٌّ

(وَ) الْفَرْعُ (لِمُعَاهَدٍ) بِعَقْدِ جِزْيَةٍ، أَوْ أَمَانٍ نُقِضَ عَهْدُهُ، وَالْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَتَرَكَ فَرْعَهُ لَا يُغْتَالُ، وَلَا يُسْتَرَقُّ بَلْ (بِجِزْيَةٍ أَقَرْ) إنْ قَبِلَهَا (أَوْ أُلْحِقَ الْمَأْمَنَ) إنَّ لَمْ يَقْبَلْهَا بِأَنْ نَمْنَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْلِ عَهْدِهِمْ حَتَّى يَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَمَحَلِّ الْإِقْرَارِ، وَالْإِلْحَاقِ (بَعْدَ أَنْ كَبِرْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ أَيْ: بَلَغَ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي

(وَدَيْنَهُ) أَيْ: دَيْنُ الْمُرْتَدِّ الَّذِي لَزِمَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ مُطْلَقًا، وَبَعْدَهَا بِإِتْلَافٍ (اقْضِ) مِنْ مَالِهِ إذْ غَايَةُ الرِّدَّةِ جَعْلُهَا كَالْمَوْتِ (وَعَلَيْهِ) ، وَعَلَى مُمَوِّنِهِ (يُصْرَفُ) مِنْ مَالِهِ لِحَاجَتِهِ لَهُ كَحَاجَةِ الْمَيِّتِ لِلتَّجْهِيزِ

(وَبَاطِلُ تَصَرُّفٍ) مِنْهُ (لَا يُوقَفُ) أَيْ: لَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ (قُلْتُ) ، وَهُوَ (الَّذِي مَا جَازَ أَنْ يُعَلَّقَا) كَبَيْعٍ، وَهِبَةٍ، وَنِكَاحٍ، فَإِنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ، وَهُوَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ كَعِتْقٍ، وَتَدْبِيرٍ، وَوَصِيَّةٍ، وَخُلْعٍ، وَوَقْفٍ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِلَّا، فَلَا، وَمَحَلُّهُ قَبْلَ حَجْرِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفُذْ مُطْلَقًا، وَتُوضَعُ أَمْوَالُهُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ، وَمِثْلُهَا

ــ

[حاشية العبادي]

أَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَوْلِ الْمَعْرُوفِ، وَجَمِيعُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْحَلِيمِيِّ ضَعِيفٌ م ر (قَوْلُهُ: فَقَالَ الْحَلِيمِيُّ إلَخْ.) الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ اشْتِرَاطُ التَّرْتِيبِ، وَالْمُوَالَاةِ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

(قَوْلُهُ: وَنِكَاحٍ) ، وَكَذَا وَقْفٌ خِلَافًا لِمَا سَهَا بِهِ الرَّوْضُ كَمَا بَيَّنَهُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَلَا) نَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَلْيَنْفُذْ حَالًا، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْفُذْ مُطْلَقًا)

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُتَكَلِّمِينَ، وَطَرِيقَةُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَرَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ) فَإِنْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ مُسْلِمٌ، وَإِنْ بَعُدَ لَكِنْ حَيْثُ عُدَّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِحَيْثُ يَرِثُ مِنْهُ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهُ اتِّفَاقًا. اهـ.

م ر وع ش (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) أَيْ: لِتَوَلُّدِهِ بَيْنَ كَافِرَيْنِ، وَلَمْ يُبَاشِرْ إسْلَامًا حَتَّى يُغَلَّظَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُرْتَدٌّ) كَذَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَأَقَرَّهُ م ر وَحَجَرٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ.) الَّذِي فِي م ر وَحَجَرٍ عَنْ الْبَغَوِيّ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ. اهـ. أَيْ لِشَرَفِهِ عَنْ الْمُرْتَدِّ ق ل

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ إلَخْ.) أَيْ: فَهُوَ عَلَى قَوْلِ الْوَقْفِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْمِنْهَاجِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ بِخِلَافِ مَا يَحْتَمِلُهُ لَا بُدَّ فِي بُطْلَانِهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ بَقَاءِ مِلْكِهِ، فَلَا بُدَّ فِي بُطْلَانِ جَمِيعِ تَصَرُّفَاتِهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَيْهِ هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لمر، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ هُنَا مِنْ الْحُكْمِ بِبُطْلَانِ تَصَرُّفِهِ بِمَا لَا يَقْبَلُ الْوَقْفَ قَبْلَ الْحَجْرِ حَتَّى عَلَى قَوْلِ بَقَاءِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا، وَمَحَلُّهُ قَبْلَ حَجْرِ الْحَاكِمِ إلَخْ.) كَذَا فِي التُّحْفَةِ أَيْضًا، وَعِبَارَةُ م ر، وَالْأَصَحُّ عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَكُونُ كَحَجْرِ الْفَلَسِ لِأَجْلِ حَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ.

يُفِيدُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ، وَأَنَّهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَجْرِ الْحَاكِمِ، وَعَدَمِهِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا نُقِلَ عَنْ شَرْحِهِ لِلْبَهْجَةِ مِنْ قَوْلِهِ: قَدْ تَوَهَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ، فَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَجْرِ الْحَاكِمِ، وَعَدَمِهِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَا حَاجَةَ فِي الْحَجْرِ إلَى الْحَاكِمِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِبَقَاءِ مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ لِوَقْفِ مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَبُطْلَانِ غَيْرِهِ، وَلَا وَجْهَ لَأَنْ يُقَالَ أَنَّهُ إذَا حَجَرَ الْحَاكِمُ لَا يَنْفُذُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ بِخِلَافِ حَجْرِ الرِّدَّةِ إذْ لَا احْتِيَاجَ إلَى عَدَمِ النُّفُوذِ بَعْدَ الرُّجُوعِ إلَى الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ أَهْلِ الْفَيْءِ، وَيَكْفِي فِيهِ الْوَقْفُ، وَعَدَمُ النُّفُوذِ إذَا مَاتَ مُرْتَدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ، وَإِذَا، وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ مَوْقُوفٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِلَّا، فَلَا قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ قَوْلُهُ: وَإِذَا، وَقَفْنَا إلَخْ أَيْ: أَمَّا لَوْ أَزَلْنَاهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ أَبْقَيْنَا تَصَرُّفَهُ نَظَرًا لِأَهْلِ الْفَيْءِ فَيَضْرِبُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْحَجْرَ، وَلَكِنْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>