للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَلَامُهُ أَيْ: اشْتِرَاطِ عَدَمِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي فَرْضٍ ثَابِتٍ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْفَرْضِ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ وَلِذَلِكَ الْفَرْضِ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ أَوْ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي فَرْضٍ فَإِنَّهُ إذَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ لَا يَكُونُ رَافِعًا لِغَيْرِهِ وَلَا لَهُ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ، وَتَفْصِيلُهُ أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي فَرْضٍ لَا يَرْفَعُ غَيْرَهُ سَوَاءً انْفَصَلَ عَنْ مَحَلِّهِ كَمِنْ يَدٍ إلَى أُخْرَى أَمْ لَا كَأَنْ انْغَمَسَ جُنُبٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ ثُمَّ نَوَى فَانْغَمَسَ فِيهِ آخَرُ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْدَثَ الْجُنُبُ الْمُنْغَمِسُ بَعْدَ نِيَّتِهِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَاءِ لَا يَرْفَعُ الْمَاءُ حَدَثَهُ الثَّانِيَ لِرَفْعِهِ حَدَثَهُ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى عَدَمِ الْحُكْمِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَعَلَيْهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي.

وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ خِلَافُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيُّ وَأَمَّا الْبَحْثُ فَجَوَابُهُ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ صُورَةَ الِاسْتِعْمَالِ بَاقِيَةٌ إلَى الِانْفِصَالِ، وَالْمَاءُ فِي حَالِ اسْتِعْمَالِهِ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ خَبَثٌ بِمَحَلَّيْنِ فَمَرَّ الْمَاءُ بِأَعْلَاهُمَا ثُمَّ بِأَسْفَلِهِمَا طَهُرَا مَعًا كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ. وَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ الْجُنُبِ إلَى مَحَلِّ الْخَبَثِ وَقُلْنَا: مُسْتَعْمَلُ الْحَدَثِ لَا يُزِيلُ الْخَبَثَ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَفِي طُهْرِهِ وَجْهَانِ اهـ. وَنَقَلَهُمَا مَعَ تَصْحِيحِ الطُّهْرِ الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي وَصَحَّحَ مِنْ عِنْدِهِ مُقَابِلَهُ وَمَا صَحَّحَهُ الْقَاضِي أَوْجَهُ.

وَأَمَّا بَاقِي الْفَرْضِ فَيَرْفَعُهُ الْمَاءُ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ كَمَا لَوْ غَمَسَ جُنُبٌ بَعْضَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى ثُمَّ انْغَمَسَ لِلْحَاجَةِ إلَى رَفْعِ حَدَثِ الْبَاقِي وَعَسِرَ إفْرَادُ كُلِّ جُزْءٍ بِمَاءٍ جَدِيدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا صَبَّ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِي بِالِاغْتِرَافِ بِيَدِهِ أَوْ بِإِنَاءٍ لَا يَرْفَعُهُ بِلَا خِلَافٍ لِانْفِصَالِهِ.

ــ

[حاشية العبادي]

كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: اشْتِرَاطَ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ ذَلِكَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ثَابِتٍ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ رَافِعًا. (قَوْلُهُ: فَانْغَمَسَ فِيهِ آخَرُ) يَنْبَغِي فِيمَا لَوْ نَزَلَ جُنُبٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى ثُمَّ نَزَلَ فِيهِ آخَرُ وَنَوَى أَنْ لَا يَرْتَفِعَ حَدَثُ الثَّانِي وَيَرْتَفِعَ حَدَثُ الْأَوَّلِ وَلَهُ تَطْهِيرُ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ بِالِانْغِمَاسِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ طَهُورٌ لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ وَعَدَمِ تَأْثِيرِهِ بِنُزُولِ الثَّانِي فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ شَيْئًا مِنْ حَدَثِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَمَّا بَاقِي الْفَرْضِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ بِهِ خَبَثٌ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا وَعَلَيْهِ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْبَدَنَ حِينَئِذٍ يُعَدُّ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ لِاتِّحَادِ جِنْسِ الْمُوجِبِ وَعَدَمِ اخْتِصَاصِ تَطْهِيرِهِ بِعُضْوٍ مُعَيَّنٍ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ مَحَلٍّ مِنْ الْجُنُبِ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهُ بَعْدَ تَطْهِيرِ مَا بَيْنَهُمَا عَنْ الْجَنَابَةِ طَهُرَ الْمَحَلُّ الثَّانِي عَنْ الْجَنَابَةِ كَالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِأَسْفَلِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ طَرَأَ الْأَسْفَلُ بَعْدَ الْمُرُورِ بِالْأَعْلَى م ر. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِأَسْفَلِهِمَا) بِسَيَلَانٍ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ أَوْ مَعَهُ حَيْثُ يَغْلِبُ التَّقَاذُفُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَاقِي الْفَرْضِ) كَأَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَا يَكُونُ رَافِعًا لِغَيْرِهِ وَلَا لَهُ إذَا انْفَصَلَ عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي فَرْضٍ لَا يَرْفَعُ غَيْرَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: صَبَّ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِي) يَخْرُجُ بِالصَّبِّ فِي صُورَةِ الِاغْتِرَافِ بِالْيَدِ مَا لَوْ أَدْخَلَهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّعَلُّقِ بِلَا يَكُونُ رَافِعًا لَيْسَتْ لِلتَّبْيِينِ بَلْ لِلتَّعْدِيَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: اشْتِرَاطُ) بَيَانٌ لِلْمُتَعَلِّقِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَفِي الْأَوَّلِ هُوَ الِاشْتِرَاطُ وَفِي الثَّانِي هُوَ رَافِعًا اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى أُخْرَى) خَرَجَ انْفِصَالُهُ إلَى مَا يُسَنُّ غَسْلُهُ كَالسَّاعِدِ فَلَا يَصِيرُ بِهِ مُسْتَعْمَلًا عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: الْجُنُبُ الْمُنْغَمِسُ) مِثْلُهُ الْمُحْدِثُ حَدَثًا أَصْغَرَ إذَا تَوَضَّأَ بِالِانْغِمَاسِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ فِي الْإِيعَابِ وَهُوَ قَرِيبٌ. اهـ.؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ تَقْدِيرِيٌّ لَا حِسِّيٌّ فَكَانَتْ أَعْضَاءُ وُضُوئِهِ بِمَنْزِلَةِ بَدَنِ الْجُنُبِ. (قَوْلُهُ: لِرَفْعِ حَدَثِهِ الْأَوَّلِ) أَيْ: وَإِنَّمَا قَالُوا لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا مَا دَامَ عَلَى الْعُضْوِ لِلْحَاجَةِ إلَى رَفْعِ بَاقِيهِ فَمَتَى رَفَعَ الْحَدَثَ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ وَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ اهـ. (قَوْلُهُ: الْخُوَارِزْمِيَّ) نِسْبَةٌ لِخُوَارِزْمَ بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ مَعْنَى خُوَارِزْمَ هَيِّنٌ حَرْبُهَا؛ لِأَنَّهَا فِي سَهْلَةٍ لَا جَبَلَ بِهَا. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْبَحْثُ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَنَّ صُورَةَ إلَخْ فَلَا يُحْكَمُ بِعَدَمِ الرَّفْعِ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِعْمَالِ اهـ.

(قَوْلُهُ: إلَى الِانْفِصَالِ) أَيْ: بِكُلِّيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: فَجَوَابُهُ إلَخْ) أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ صُورَتُهُ مُسْتَمِرَّةٌ إلَى انْفِصَالِ الْمَاءِ فَيَلْحَقُ مَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَدَثِ فِيهِ بِمَا قَبْلَهُ تَبَعًا كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الصَّلَاةِ. (قَوْلُهُ: صُورَةَ الِاسْتِعْمَالِ) يُفِيدُ أَنَّ حَقِيقَةَ الِاسْتِعْمَالِ انْقَضَتْ بِرَفْعِ الْحَدَثِ وَالْبَاقِي صُورَتُهُ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ) أَيْ: الْمُغْتَسِلِ سَوَاءٌ كَانَ جُنُبًا أَوْ لَا سم. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَجْمُوعِ لَوْ نَزَلَ الْمَاءُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ صَبَّ الْجُنُبُ عَلَى رَأْسِهِ الْمَاءَ وَكَانَ عَلَى ظَهْرِهِ نَجَاسَةٌ فَنَزَلَ عَلَيْهَا فَأَزَالَهَا فَإِنْ قُلْنَا الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي الْحَدَثِ يَصْلُحُ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ طَهُرَ الْمَحَلُّ عَنْ النَّجَاسَةِ وَهَلْ يَطْهُرُ عَنْ الْجَنَابَةِ؟ قَالَ الرُّويَانِيُّ: فِيهِ الْوَجْهَانِ وَإِنْ قُلْنَا الْمُسْتَعْمَلُ لِلْحَدَثِ لَا يَصْلُحُ لِلنَّجَسِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَفِي طَهَارَتِهِ عَنْ النَّجَسِ هُنَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَائِمٌ عَلَى الْمَحَلِّ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا بِالِانْفِصَالِ وَالثَّانِي لَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّا لَا نَجْعَلُ الْمَاءَ فِي حَالِ تَرَدُّدِهِ عَلَى الْعُضْوِ مُسْتَعْمَلًا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي الطَّهَارَةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذِهِ طَهَارَةٌ أُخْرَى فَعَلَى هَذَا يَجِبُ تَطْهِيرُ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ النَّجَاسَةِ، وَهَلْ يَكْفِيهِ الْغَسْلَةُ الْوَاحِدَةُ فِيهِ عَنْ النَّجَسِ وَالْجَنَابَةِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ اهـ.

(قَوْله وَقُلْنَا مُسْتَعْمَلُ الْحَدَثِ إلَخْ) أَيْ: فِيمَا إذَا كَانَ مَحَلُّ النَّجَاسَةِ لَا جَنَابَةَ بِهِ وَلَوْ جَرَى الْمَاءُ عَلَى الِاتِّصَالِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَلَا يُزِيلُ النَّجَسَ كَالْمَاءِ النَّجِسِ اهـ مَجْمُوعٌ. (قَوْلُهُ: أَوْجَهُ) لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ: بَدَنُ الْجُنُبِ كَعُضْوٍ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ الِاسْتِعْمَالُ فِي الْحَدَثِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ غَسْلِ الْبَدَنِ كُلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَاقِي الْفَرْضِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ: لَا يَرْفَعُ غَيْرَ الْمُلَاقِي أَوَّلًا كَذَا فِي التَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا صَبَّ مِنْهُ عَلَى الْبَاقِي بِالِاغْتِرَافِ بِيَدِهِ إلَخْ) هَذَا حُكْمُ مَا صَبَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>