للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ غَرَفَ غُرْفَةً بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ فِي الْوُضُوءِ بِلَا نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ فَغَسَلَ بِهَا سَاعِدَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَنْ كَفِّهِ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لَكِنَّ كَلَامَ الْجُوَيْنِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ يَقْتَضِي ذَلِكَ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي الْمَاءِ قَبْلَ تَطْهِيرِهَا ثُمَّ أَخْرَجَهَا وَأَسَالَ مَا خَرَجَ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ عَلَى مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ انْفِصَالٍ عَنْهَا وَهُوَ غَيْرُ بَعِيدٍ، وَيُؤَيِّدُهُ التَّقْيِيدُ فِي الْقَضِيَّةِ الْآتِيَةِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَنْ كَفِّهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمُغْتَرَفَ مِنْهُ هُنَاكَ قَبْلَ الِاغْتِرَافِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ وَلَمْ يَرْفَعْ شَيْئًا بِخِلَافِهِ هُنَا وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ هُنَا وَرَفْعَهُ لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُهُ بَعْدُ لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ وَإِلَّا لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُ الْيَدِ بِغَمْسِهَا فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَصَلَ الْمَاءُ إلَى كَعْبَيْهِ مَثَلًا ثُمَّ رَفَعَ قَدَمَهُ مِنْ الْمَاءِ وَقَلَبَهُ فَسَالَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ إلَى سَاقِهِ فَإِنَّهُ يُطَهِّرُهُ، كَمَا لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَدَمِهِ وَيَدِهِ إذَا غَمَسَهَا فِي الْمَاءِ ثُمَّ رَفَعَهَا وَأَسَالَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ إلَى ذِرَاعَيْهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ نَوَى جُنُبَانِ مَعًا بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ فِيهِ أَيْ: فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ طُهْرًا أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ أَوْ مَعًا فِي أَثْنَائِهِ لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ بَاقِيهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِرَافِ تَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ فَلَوْ نَوَى الِاغْتِرَافَ وَرَفْعَ الْحَدَثِ فَالْمُتَّجَهُ حُصُولُ الِاسْتِعْمَالِ لِوُجُودِ رَفْعِ الْحَدَثِ وَنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ لَا يُنَافِيهَا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ فِي الْمَاءِ يَصْلُحُ لِرَفْعِ حَدَثِهَا وَالِاغْتِرَافِ لِغَيْرِهَا مَثَلًا مَعًا وَلَوْ سَلِمَ فَيَتَعَارَضَانِ وَيَتَسَاقَطَانِ وَكَأَنْ لَا نِيَّةَ مُطْلَقًا وَذَلِكَ يَقْتَضِي الِاسْتِعْمَالَ وَلَوْ اغْتَرَفَ بِإِنَاءٍ فِي يَدِهِ فَاتَّصَلَتْ فَإِنْ قَصَدَ الِاغْتِرَافَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَلْءِ هَذَا الْإِنَاءِ مِنْ الْمَاءِ فَلَا اسْتِعْمَالَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مُطْلَقًا فَهَلْ يَنْدَفِعُ الِاسْتِعْمَالُ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ قَرِينَةٌ عَلَى الِاغْتِرَافِ دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى مَنْ اعْتَادَ التَّثْلِيثَ حَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِقَرِينَةِ اعْتِيَادِ التَّثْلِيثِ أَوْ يَصِيرُ؟ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَادَةَ تُوجِبُ عَدَمَ دُخُولِ وَقْتِ غَسْلِ الْيَدِ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الْيَدَ دَخَلَتْ فِي وَقْتِ غَسْلِهَا. فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الثَّانِي م ر وَلَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فِي التَّثْلِيثِ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يُثَلِّثُ وَأُخْرَى لَا يُثَلِّثُ وَاسْتَوَيَا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ الِاغْتِرَافِ بَعْدَ غَسْلَةِ الْوَجْهِ الْأُولَى؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ الِاغْتِرَافِ عِنْدَ أَوَّلِ مُمَاسَّةٍ لِمَاءٍ فَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَلَا أَثَرَ لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ ذَكَرَ خِلَافَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ انْفِصَالِهَا) لَعَلَّهُ بِلَا تَقَاذُفٍ بِغَلَبٍ أَمَّا لَوْ انْفَصَلَ مِنْ كَفِّهِ لِسَاعِدِهِ بِالتَّقَاذُفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ حَدَثَ السَّاعِدِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَيْهِ بِيَدِهِ وَأَمَّا يَدُهُ فَإِنْ أَدْخَلَهَا نَاوِيًا الِاغْتِرَافَ دُونَ رَفْعِ حَدَثِهَا صَارَ الْمَاءُ الْمُنْفَصِلُ مَعَهَا مُسْتَعْمَلًا بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مَعَهَا فَلَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهَا بِهِ وَإِنْ أَدْخَلَهَا نَاوِيًا رَفْعَ حَدَثِهَا فَلَا رَيْبَ فِي ارْتِفَاعِ حَدَثِهَا بِمُجَرَّدِ الْغَمْسِ وَيَكُونُ الْمَاءُ الْمُنْفَصِلُ مَعَهَا غَيْرَ مَحْكُومٍ لَهُ بِالِاسْتِعْمَالِ؛ لِأَنَّ اتِّصَالَهُ بِالْيَدِ اتِّصَالٌ بِبَعْضِ الْمُنْغَمِسِ نَظَرًا إلَى أَنَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ يُتَّجَهُ رَفْعُ حَدَثِ سَاعِدِهَا بِهِ إذَا جَرَى إلَيْهِ الْمَاءُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ غَرَفَ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَكَانَ قَدْ رَفَضَ نِيَّتَهُ ثُمَّ نَوَى رَفْعَ حَدَثِهَا بَعْدَ إخْرَاجِهَا بِمَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ فَإِذَا انْفَصَلَ ذَلِكَ الْمَاءُ الَّذِي اغْتَرَفَهُ بِيَدِهِ عَنْهَا بِأَنْ وَضَعَهُ فِي يَدِهِ الْأُخْرَى أَوْ فِي إنَاءٍ ثُمَّ غَسَلَ بِهِ سَاعِدَهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَإِنَّهُ لَا يَرْفَعُ حَدَثَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ انْفَصَلَ مِنْ يَدِهِ إلَى سَاعِدِهِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي م ر وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ وَالسَّاعِدَ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ اهـ. بَقِيَ مَا لَوْ أَخَذَ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ مَعًا بِلَا نِيَّةِ اغْتِرَافٍ مِنْ مَاءِ قَلِيلٍ أَوْ إبْرِيقٍ أَوْ حَنَفِيَّةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِيهِمَا بَاقِيَ إحْدَاهُمَا وَلَا بَاقِيَهُمَا لِرَفْعِ الْمَاءِ حَدَثَ الْكَفَّيْنِ فَمَتَى غَسَلَ بَاقِيَ إحْدَاهُمَا فَقَدْ انْفَصَلَ مَا غَسَلَ بِهِ عَنْ الْأُخْرَى وَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا. أَمَّا لَوْ نَوَى الِاغْتِرَافَ بِأَنْ يَقْصِدَ أَنَّ الْيُسْرَى مُعِينَةٌ لِلْيُمْنَى فِي أَخْذِ الْمَاءِ فَلَهُ أَنْ يَغْسِلَ بِمَا فِي كَفِّ الْيُمْنَى بَاقِيَهَا اهـ. قَوْلُنَا: وَذَلِكَ يُصَيِّرُهُ مُسْتَعْمَلًا خَالَفَ فِيهِ م ر مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْيَدَيْنِ كَعُضْوٍ وَاحِدٍ وَنَظَرَ فِيهِ ع ش اهـ وَهَذَا الَّذِي اعْتَمَدَهُ م ر حَكَاهُ فِي التَّحْقِيقِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا مَا دَامَ يَتَرَدَّدُ عَلَى الْعُضْوِ فَإِنْ فَارَقَهُ صَارَ وَيُقَالُ لَا مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِلَا نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ) الِاغْتِرَافُ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِ الْيَدِ آلَةً لِنَقْلِ الْمَاءِ عِنْدَ مُلَاقَاةِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهَا لَهُ وَنِيَّتُهُ قَصْدُ نَقْلِ الْمَاءِ مِنْ الْإِنَاءِ وَالْغَسْلِ بِهِ خَارِجَهُ لَا بِقَصْدِ غَسْلِهَا دَاخِلَهُ. وَفِي وُجُوبِهَا لِعَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ خِلَافٌ فَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى وُجُوبِهَا وَقِيلَ لَا تَجِبُ وَلَا يُسْتَعْمَلُ الْمَاءُ بِدُونِهَا لِقَرِينَةِ الِاغْتِرَافِ فَبَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ وَانْتَصَرَ لَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ كَذَا فِي الْإِيعَابِ شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ وَفِي التَّحْقِيقِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ وَلَوْ أَدْخَلَ مُتَوَضِّئٌ يَدَهُ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ فِي دُونِ قُلَّتَيْنِ بِنِيَّةِ اغْتِرَافٍ لَمْ يَصِرْ أَيْ: مُسْتَعْمَلًا أَوْ طَهَارَةٍ صَارَ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَصَحِّ اهـ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَ الْجُوَيْنِيِّ فِي التَّبْصِرَةِ إلَخْ) التَّبْصِرَةُ اسْمُ كِتَابٍ لَهُ وَيُسَمَّى أَيْضًا الْكِفَايَةَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْجُوَيْنِيُّ بَنَاهُ عَلَى فَرْعٍ قَالَهُ الْخُضَرِيُّ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ غَمَسَ جُنُبٌ بَعْضَهُ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَنَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>