للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ بِدُونِ انْفِصَالِ الْغُرْفَةِ حَتَّى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمِنْ كَلَامِهَا يُسْتَفَادُ أَنَّ انْفِصَالَ الْعُضْوِ مَعَ الْمَاءِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْعُضْوِ اهـ. وَمَا قِيلَ: إنَّ مَا فِي التَّبْصِرَةِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مَا فِي الْمَجْمُوعِ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِيهَا عَلَى مَا إذَا انْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْ الْكَفِّ كَمَا قَرَرْنَاهُ وَلَوْ انْفَصَلَ مَاءُ الْجُنُبِ مِنْ عُضْوٍ إلَى آخَرَ فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبَيْ الْحَاوِي وَالْبَحْرِ مَنْعُ اسْتِعْمَالِهِ وَرَجَّحَ الْخُرَاسَانِيُّونَ خِلَافَهُ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَرَجَّحَ فِي تَحْقِيقِهِ الثَّانِيَ.

وَوَهِمَ مَنْ قَالَ إنَّهُ رَجَّحَ فِيهِ الْأَوَّلَ وَعِبَارَتُهُ فِيهِ: وَلَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا مَا دَامَ يَتَرَدَّدُ عَلَى الْعُضْوِ فَإِنْ فَارَقَهُ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَبَدَنُ جُنُبٍ كَعُضْوِ مُحْدِثٍ.

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَإِنْ نَوَى جُنُبَانِ مَعًا بَعْدَ تَمَامِ الِانْغِمَاسِ فِيهِ أَيْ: فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ طُهْرًا أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ وَيَصِيرُ الْمَاءُ فِي الْمَعِيَّةِ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْ كُلٍّ بِالنِّسْبَةِ لِلْآخَرِ حَتَّى لَوْ عَرَضَ لَهُمَا حَدَثٌ آخَرُ وَهُمَا مُنْغَمِسَانِ وَنَوَيَا لَمْ يَرْتَفِعْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ: أَوْ مُرَتَّبًا فَالْأَوَّلُ أَيْ: وَلَهُ تَتْمِيمُ الِانْغِمَاسِ إذَا كَانَتْ النِّيَّةُ قَبْلَ تَمَامِهِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ كَالْعَدَمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْتَفِعْ شَيْءٌ مِنْ حَدَثِهِ. (قَوْلُهُ: فَوَجْهَانِ الْأَصَحُّ إلَخْ) لَا يُقَالُ ثُبُوتُ الْخِلَافِ هُنَا يُنَافِيهِ نَفْيُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَجْمُوعِ السَّابِقَةِ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الِانْفِصَالِ وَهُنَاكَ فِي الْفَصْلِ بِرّ. (قَوْلُهُ: رَجَّحَ فِيهِ الْأَوَّلَ) بَرْهَنَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ عَلَى تَصْوِيبِ هَذَا.

ــ

[حاشية الشربيني]

ارْتَفَعَ حَدَثُ الْمُنْغَمِسِ وَصَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِي.

(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) اعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا الْمُسْتَفَادَ مِنْ التَّبْصِرَةِ مَعَ تَفَرُّعِهِ عَلَى فَرْعِ الْخُضَرِيِّ وَقَدْ نَقَلَ هُوَ رُجُوعَ الْخُضَرِيِّ عَنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: حَتَّى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) وَمِنْ كَلَامِهَا يُسْتَفَادُ إلَخْ عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْفَرْعِ عَنْ التَّبْصِرَةِ وَاعْتِمَادِهِ لَهُ نَصُّهَا: قَدْ اسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ انْفِصَالَ الْعُضْوِ مَعَ الْمَاءِ يَقْتَضِي الْحُكْمَ عَلَى الْمَاءِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُتَّصِلًا بِهِ فَتَفَطَّنْ لِهَذِهِ الصُّورَةِ فَإِنَّهَا مُقَيِّدَةٌ لِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ انْتَهَى. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ فَجَعَلَ مَقَالَةَ الْإِسْنَوِيِّ غَايَةً مِنْ حَيْثُ إنَّ الْإِسْنَوِيَّ جَعَلَ ذَلِكَ الْمُسْتَفَادَ تَقْيِيدًا لِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ مُعْتَمَدًا لَهُ اهـ وَمُرَادُهُ بِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ إطْلَاقُهُمْ أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَى الْعُضْوِ لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ فَيُقَيَّدُ بِأَنْ لَا يَنْفَصِلَ الْعُضْوُ مَعَ الْمَاءِ عَنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ انْفِصَالَ الْعُضْوِ مِنْ الْمَاءِ) أَيْ: مِنْ الْمَاءِ الْقَلِيلِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ فِي حِكَايَةِ عِبَارَةِ التَّبْصِرَةِ لَوْ غَرَفَ بِيَدِهِ غُرْفَةً مِنْ مَاءٍ قَلِيلٍ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ فِي الْوُضُوءِ بِلَا نِيَّةِ الِاغْتِرَافِ فَغَسَلَ بِهَا سَاعِدَهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُسْتَعْمَلًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِدُونِ انْفِصَالِ الْغُرْفَةِ) أَيْ: إلَى إنَاءٍ أَوْ يَدٍ أُخْرَى مَثَلًا اهـ بِأَنْ بَقِيَتْ فِي كَفِّهِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَلَوْ بِدُونِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ بَحْثِ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ عَلَى بَحْثِهِ لَيْسَ مُسْتَعْمَلًا بِالنِّسْبَةِ لِبَاقِي الْفَرْضِ بِخِلَافِ مَا هُنَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ إلَخْ) فَلَا يَجِيءُ هَذَا الِاقْتِضَاءُ وَلَا قَوْلُ صَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ انْفَصَلَ إلَخْ) أَيْ: فَارَقَ الْبَدَنَ كُلَّهُ ثُمَّ عَادَ إلَى عُضْوٍ آخَرَ وَلِذَا قَالَ حَجَرٌ فِي الْإِيعَابِ: إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ يُصَوَّرُ بِمَا إذَا نَزَلَ الْمَاءُ مِنْ وَجْهِهِ إلَى صَدْرِهِ وَقَطَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأَعْضَاءِ أَمَّا إذَا انْتَقَلَ مِنْ عُضْوٍ إلَى عُضْوٍ عَلَى الِاتِّصَالِ الْمَحْسُوسِ فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ كَمَا لَوْ انْتَقَلَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ فِي الْوُضُوءِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ ثُمَّ أَفَادَ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُوَ مَا لَوْ انْفَصَلَ إلَى مَا لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ وَإِلَّا عُفِيَ عَنْهُ قَطْعًا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ الْبَدَنَ لَيْسَ مُسَطَّحًا بَسِيطًا لِتَفَاوُتِ الْأَعْضَاءِ فِي الْخِلْقَةِ فَيَقَعُ فِي جَرَيَانِ الْمَاءِ بَعْضُ التَّقَاذُفِ لَا مَحَالَةَ اهـ.

وَمِنْهُ يُؤْخَذُ ضَابِطُ مَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ وَمَا لَا يَغْلِبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ ثُمَّ قَالَ فِيهِ أَيْضًا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الرَّوْضِ وَالْبَحْرِ وَالْحَاوِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى انْفِصَالِ مَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّقَاذُفُ، وَعَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ يُحْمَلُ عَلَى مَا لَمْ يَغْلِبْ فِيهِ ذَلِكَ اهـ. أَيْ: وَحِينَئِذٍ لَا خِلَافَ وَلَا تَرْجِيحَ اهـ لَكِنَّ النَّوَوِيَّ أَدْرَى بِذَلِكَ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَا نَصُّهُ: نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ عَلَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَنْفَصِلَ الْمَاءُ عَنْ الْبَدَنِ بِالْكُلِّيَّةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْخَادِمِ: بِأَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْبَدَنِ وَيَخْرِقَ الْهَوَاءَ ثُمَّ يَرْجِعَ إلَيْهِ كَأَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ رَأْسِهِ وَيَتَقَاطَرَ عَلَى فَخِذِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا قَطْعًا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ: يُزِيلُهُ) لِأَنَّ لِلْمَاءِ حُكْمَيْنِ: رَفْعُ الْحَدَثِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ فَإِذَا رَفَعَ الْحَدَثَ بَقِيَ إزَالَةُ النَّجَسِ. (قَوْلُهُ: الْحَاوِي) لِلْإِمَامِ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُهُ: وَالْبَحْرِ لِلرُّويَانِيِّ. (قَوْلُهُ: الْخُرَاسَانِيُّونَ) أَيْ: مُعْظَمُهُمْ وَبَعْضُهُمْ قَطَعَ بِهِ عَمِيرَةُ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: حَكَاهُ النَّوَوِيُّ) أَيْ: هَذَا الْخِلَافَ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ فِي تَحْقِيقِهِ الثَّانِيَ) قَالَهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ وَتَبِعَهُ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالشَّارِحُ هُنَا. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ إلَخْ) يَعْنِي بِهِ الْبُلْقِينِيَّ وَالزَّرْكَشِيَّ وَغَيْرَهُمَا فَقَدْ نُسِبُوا إلَى تَصْحِيحِ التَّحْقِيقِ الْأَوَّلِ عَمِيرَةُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَارَقَهُ صَارَ) أَيْ: إنْ فَارَقَهُ بِأَنْ خَرَقَ الْهَوَاءَ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ مُسْتَعْمَلًا قَطْعًا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَبَدَنُ جُنُبٍ كَعُضْوِ مُحْدِثٍ) أَيْ: إنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ مُتَرَدِّدًا عَلَيْهِ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا فَإِنْ فَارَقَهُ بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>