رُبْعٍ، أَوْ مُسَاوٍ) فِي الْقِيمَةِ (رُبْعَا مِنْ مَحْضِ دِينَارٍ بِضَرْبٍ) أَيْ: مِنْ دِينَارٍ خَالِصٍ مَضْرُوبٍ
(قَطْعَا) بِبَقِيَّةِ الْقُيُودِ الْآتِيَةِ تُقْطَعُ يُمْنَاهُ كَمَا سَيَأْتِي لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» ، وَالدِّينَارُ الْمِثْقَالُ، وَقِيسَ بِالرُّبُعِ مَا يُسَاوِيهِ فِي الْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ دَرَاهِمَ أَمْ لَا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِدُونِ رُبُعٍ، وَلَا بِرُبُعٍ مَغْشُوشٍ، وَلَا بِرُبُعٍ غَيْرِ مَضْرُوبٍ كَسَبِيكَةٍ، أَوْ حُلِيٍّ لَا يُسَاوِي رُبُعًا مَضْرُوبًا كَمَا صَحَّحَهُ فِيهَا الشَّيْخَانِ اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ، وَلَا بِمَا يُسَاوِي رُبُعًا مَضْرُوبًا لَا قَطْعًا مِنْ الْمُقَوَّمَيْنِ، بَلْ ظَنًّا بِأَنْ قَالُوا نَظُنُّ أَنَّهُ يُسَاوِي رُبُعًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْغَزَالِيُّ، وَأَنَّهُ يُقْطَعُ بِحُلِيِّ ذَهَبٍ كَخَاتَمٍ يُسَاوِي رُبُعًا، وَزِنَتُهُ دُونَ رُبُعٍ، وَبِهِ جَزَمَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي فِي عُجَابِهِ، وَاقْتَضَى كَلَامُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّبِيكَةِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَدَمَ الْقَطْعِ فِيهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ:، وَهُوَ غَلَطٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّهُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَزْنِ أَمْ بِالْقِيمَةِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ بِغَلَطٍ، بَلْ هُوَ فِقْهٌ مُسْتَقِيمٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْوَزْنَ فِي الذَّهَبِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَضْرُوبًا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ رُبُعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي السَّبِيكَةِ، فَأَمَّا إذَا نَقَصَ الْوَزْنُ، وَلَكِنْ قِيمَتُهُ تُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ فَهَذَا يُضْعِفُ فِيهِ الِاكْتِفَاءَ بِالْقِيمَةِ فَاسْتَقَامَ مَا فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِيهِ الْبَأْسُ، وَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الرَّوْضَةِ.
، وَتَقْيِيدُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ بِالْمَضْرُوبِ إيضَاحٌ لِفَهْمِهِ مِنْ لَفْظِ الدِّينَارِ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَضْرُوبِ لَا يَشْمَلُ السَّبِيكَةَ، وَنَحْوَهَا (لِكُلِّ شَخْصٍ) أَيْ: رُبُعُ دِينَارٍ، أَوْ مُسَاوِيهِ لِكُلِّ شَرِيكٍ فِي السَّرِقَةِ فَلَوْ اشْتَرَكَ فِيهَا اثْنَانِ مَثَلًا، وَلَمْ يَبْلُغْ مَسْرُوقُهُمَا نِصَابَيْنِ، فَلَا قَطْعَ نَعَمْ إنْ تَمَيَّزَ فِعْلُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ قُطِعَ مَنْ مَسْرُوقُهُ نِصَابٌ، وَلَوْ تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ، وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِخْرَاجِ قُطِعَ الْمُخْرِجُ فَقَطْ، ثُمَّ، وَصَفَ كُلًّا مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ، وَمُسَاوِيهِ بِقَوْلِهِ: (مِلْكِ غَيْرِهِ لَدَى إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ) ، فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَالِهِ الَّذِي بِيَدِ غَيْرِهِ كَمُسْتَأْجَرٍ، وَمَرْهُونٍ، وَلَا بِسَرِقَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ إذَا مَلَكَهُ هُوَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ نَعَمْ إنْ مَلَكَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ، فَلَا قَطْعَ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى طَلَبِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَدْ تَعَذَّرَ، وَلَا بِسَرِقَتِهِ مَالَ غَيْرِهِ إذَا نَقَصَ عَنْ الرُّبُعِ، أَوْ مُسَاوِيهِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ بِأَكْلٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَصَ عَنْهُ بَعْدَهُ فَقَوْلُهُ لَدَيَّ إخْرَاجِهِ قَيْدٌ لِقَدْرِ رُبُعِ دِينَارٍ، وَلِمِلْكِ غَيْرِهِ، بَلْ، وَلِلْقُيُودِ الْآتِيَةِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْجَمِيعِ، أَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ كَانَ، أَوْلَى
، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَسْرُوقِ مُحْتَرَمًا لِيَخْرُجَ مَالُ الْحَرْبِيِّ (إنْ فَقَدَا) أَيْ: الْمَسْرُوقُ (حَقًّا لِسَارِقٍ) فِيهِ، فَلَا يُقْطَعُ فَقِيرٌ مُسْلِمٌ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الصَّدَقَاتِ، أَوْ الْمَصَالِحِ، وَلَا غَنِيٌّ مُسْلِمٌ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ (بِغَيْرِ شِرْكِهِ) بِكَسْرِ الشِّينِ، وَإِسْكَانِ الرَّاءِ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَى الضَّمِيرِ، وَبِدُونِهَا بِجَعْلِ التَّاءِ لِلتَّأْنِيثِ أَيْ: وَبِغَيْرِ شَرِكَةٍ لَهُ فِي الْمَسْرُوقِ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَتِهِ مَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ، وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ إذْ مَا مِنْ قَدْرٍ يَأْخُذُهُ إلَّا وَلَهُ فِيهِ جُزْءٌ فَكَانَ شُبْهَةً كَوَطْئِهِ الْمُشْتَرَكَةَ، وَيُغْنِي عَنْ هَذَا، أَوْ مَا قَبْلَهُ قَوْلُهُ: (وَ) بِغَيْرِ (شُبْهَةٍ) لَهُ فِيهِ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ الْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ، وَبِالْعَكْسِ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا شُبْهَةَ فِي كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مُبَاحَ الْأَصْلِ كَحَطَبٍ، وَحَشِيشٍ، وَصَيْدٍ، وَلَا فِي كَوْنِهِ رَطْبًا مُتَعَرِّضًا لِلْفَسَادِ كَالْفَوَاكِهِ، وَالْبُقُولِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا: وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ الطَّعَامِ فِي عَامِ الْمَجَاعَةِ إنْ وُجِدَ، وَلَوْ عَزِيزًا بِثَمَنٍ غَالٍ، وَإِلَّا، فَلَا قَطْعَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا قَطْعَ فِي عَامِ الْمَجَاعَةِ، وَلَا يُقْطَعُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: قُطِعَا) ضَبَّبَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: أَوْ مُسَاوٍ (قَوْلُهُ: مَغْشُوشٍ) يَنْبَغِي إذَا سَاوَى الْغِشُّ مَا إذَا انْضَمَّ إلَى الذَّهَبِ بَلَغَ نِصَابًا أَنْ يُقْطَعَ بِسَرِقَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَةِ السَّبِيكَةِ) كَانَ الْمُرَادُ أَحَدَ الْقَوْلَيْنِ، وَإِلَّا، فَلَا قَطْعَ أَيْضًا فِي السَّبِيكَةِ عَلَى طَرِيقِ صَاحِبِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَقَامَ إلَخْ.) فَقَوْلُهُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْوَزْنِ إلَخْ. مَعْنَاهُ بِالْوَزْنِ، فَقَطْ، أَوْ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا أَيْ:، وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي، فَإِذَا انْتَفَى الْقَطْعُ فِيهِمَا، فَلْيُتَأَمَّلْ.
، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ الْبَحْثُ الَّذِي، أَوْرَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ مَلَكَهُ) يَشْمَلُ مَا لَوْ مَلَكَهُ بِخَلْطِهِ بِمِلْكِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْغَصْبِ، فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ الْأَبِ إلَخْ.)
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَقْفَةٌ) قَدْ تُدْفَعُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعْتَمِدُ الْهَرَبَ، وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ فَكَأَنَّهُ قَاصِدٌ لَهَا غَيْرُ مُبَالٍ بِهَا. اهـ. كَذَا قِيلَ: وَلَا يَظْهَرُ فِي الْخَائِنِ فِي الْوَدِيعَةِ بِإِنْكَارِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لِتَمَكُّنِ الْمُودِعِ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا كَأَنْ أَخَذَ الْوَدِيعَ لَهَا عِيَانًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: تُقْطَعُ يُمْنَاهُ) بَيَانٌ لِلْخَبَرِ الْآتِي فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِالْقِيمَةِ) أَيْ: مَعَ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: يُسَاوِي رُبْعًا) أَيْ: بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ: عَدَم الْقَطْعِ فِيهِ) أَيْ: نَظَرًا لِلْوَزْنِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ، وَزْنُهُ رُبُعًا قُطِعَ بِهِ، وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فِي الذَّهَبِ) أَخْرَجَ الْفِضَّةَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا الْقِيمَةُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر الْحَاصِلُ أَنَّ الذَّهَبَ يُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ الْوَزْنُ، وَبُلُوغُ قِيمَتِهِ رُبُعَ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ، وَغَيْرُهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ فَقَطْ. اهـ. وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ، وَرَدَ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ التَّحْدِيدُ بِرُبُعِ الدِّينَارِ، وَهُوَ ذَهَبٌ فَمَتَى وُجِدَ الذَّهَبُ تَعَيَّنَ الْوَزْنُ لِإِمْكَانِهِ، وَإِلَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute