بِسَرِقَةِ مَا قَبْلَ هِبَتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ سَرِقَةِ مَا، وَصَّى لَهُ بِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ (وَدُونَ ظَنِّ مِلْكِهِ وَ) مِلْكِ (الْبَعْضِ، وَالسَّيِّدِ) ، فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مَا ظَنَّهُ مِلْكَهُ، أَوْ مِلْكَ بَعْضِهِ أَيْ: أَصْلِهِ، أَوْ فَرْعِهِ، أَوْ مِلْكِ سَيِّدِهِ لِلشُّبْهَةِ سَوَاءٌ فِي الْأَخِيرَةِ الْقِنُّ، وَغَيْرُهُ حَتَّى الْمُبَعَّضَ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْجِزُ وَالرَّافِعِيُّ كَالْغَزَالِيِّ أَدْرَجَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي الشُّبْهَةِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَلَوْ سَرَقَ السَّيِّدَ مِمَّنْ يَمْلِكُ بَعْضَهُ مَا مَلَكَهُ بِالْحُرِّيَّةِ فَفِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا قَالَ الْقَفَّالُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ بِهَا فِي الْحَقِيقَةِ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَصَارَ شُبْهَةً، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ يُقْطَعُ لِتَمَامِ مِلْكِهِ كَمَالِ الشَّرِيكِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي فِي عُجَابِهِ بِالْأَوَّلِ
(أَوْ دَعْوَاهُ، وَلِلشَّرِيكِ) أَيْ: وَدُونَ دَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكٌ، وَلِبَعْضِهِ، أَوْ لِسَيِّدِهِ، أَوْ لِشَرِيكِهِ (فِي) الْأَمْرِ (الَّذِي عَانَاهُ) مِنْ السَّرِقَةِ، فَلَا يُقْطَعُ إذَا ادَّعَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فَصَارَ شُبْهَةً، وَيُقْطَعُ الشَّرِيكُ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِسَرِقَةِ نِصَابٍ بِلَا شُبْهَةٍ، وَلَوْ ادَّعَى نَقْضَ الْقِيمَةِ، فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِخِلَافِهِ (أَوْ) دُونَ (اعْتِرَافِهِ) أَيْ: الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِلْكُ السَّارِقِ، فَلَا قَطْعَ إذَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ لِسُقُوطِ الْخُصُومَةِ (وَلَوْ إنْ كَذَبَا) أَيْ: وَلَوْ أَنَّ الْبَعْضَ، أَوْ السَّيِّدَ، أَوْ الشَّرِيكَ فِي تِلْكَ، وَالسَّارِقَ فِي هَذِهِ أَنْكَرَ أَنَّهُ مِلْكُهُمَا (أُحْرِزَ) أَيْ: رُبُعٌ، أَوْ مُسَاوٍ لَهُ مُحْرَزٌ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَا لَيْسَ مُحْرَزًا لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ إلَّا فِيمَا آوَاهُ الْمَرَاحُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْ التَّمْرِ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ، وَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ تَعْظُمُ بِمُخَاطَرَةِ أَخْذِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَحُكِمَ بِالْقَطْعِ زَجْرًا بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَّأَهُ الْمَالِكُ، وَمَكَّنَهُ بِتَضْيِيعِهِ، وَالْمِجَنُّ التُّرْسُ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ كَانَ رُبُعَ دِينَارٍ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ، وَيَخْتَلِفُ الْحِرْزُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْوَالِ، وَالْأَحْوَالِ، وَلَمْ يَحُدَّهُ الشَّرْعُ، وَلَا اللُّغَةُ فَرَجَعَ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ كَالْقَبْضِ، وَالْإِحْيَاءِ، فَلَا قَطْعَ إلَّا بِسَرِقَةِ مَا أَحْرَزَ فِي مَوْضِعٍ يَسْتَحِقُّ الْمُحْرِزُ نَفْعَهُ، وَلَوْ بِالْعَارِيَّةِ مِنْ السَّارِقِ، أَوْ غَيْرِهِ
(لَا فِي مَوْضِعٍ قَدْ غُصِبَا) ، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ مَا فِيهِ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مَالِكُ الْحِرْزِ أَمْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لِغَاصِبِهِ، وَلِمَالِكِهِ دُخُولُهُ (وَلَا) بِسَرِقَتِهِ الْمَالَ (الَّذِي أَحْرَزَ مَعَ مَغْصُوبِهِ) بِحِرْزِ الْغَاصِبِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ السَّارِقُ مِنْ مَغْصُوبِهِ شَيْئًا إذْ لَهُ دُخُولُهُ لِأَخْذِ مَالِهِ، أَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَيُقْطَعُ بِذَلِكَ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مَعَ الْمَغْصُوبِ، وَلَا يُقْطَعُ بِالْمَغْصُوبِ إذْ مَالِكُهُ لَمْ يَرْضَ بِإِحْرَازِهِ بِحِرْزِ غَاصِبِهِ فَكَأَنَّهُ غَيْرُ مُحْرِزٍ، وَلَوْ اشْتَرَى حِرْزًا، وَسَرَقَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مَالَ الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى ثَمَنَهُ قُطِعَ؛ لِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْحَبْسِ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا، فَلَا، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يُقْطَعْ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (بِلَحْظِ) أَيْ: أَحْرَزَ بِلَحْظٍ (أَهْلٍ لِلْمُبَالَاةِ بِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِ السَّارِقِ بِقُوَّةٍ، أَوْ اسْتِغَاثَةٍ بِخِلَافِ صَغِيرٍ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ ضَعِيفٍ مَعَ
ــ
[حاشية العبادي]
يُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَتْ نَفَقَةُ السَّارِقِ، وَاجِبَةً كَمَا قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ نَظِيرُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ مِنْ الْحِرْزِ الْمُشْتَرَى قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَرِقَةٍ إلَخْ.) قَدْ يُفَرَّقُ بِتَقْصِيرِ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَمِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ) هَذَا، وَإِنْ، أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ إنَّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْقَبُولِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَلَكَ سَيِّدُهُ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى بِأَمَةِ سَيِّدِهِ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِبَعْضِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْبَعْضَ بِرّ (قَوْلُهُ: مِنْ السَّرِقَةِ) بَيَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَيُقْطَعُ) الشَّرِيكُ فِي السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ إنْ كَذِبًا) هِيَ أَلِفُ التَّثْنِيَةِ
(قَوْلُهُ: بِلَحْظِ أَهْلٍ لِلْمُبَالَاةِ) اعْتَبَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنْ يَكُونَ الْمُلَاحِظُ بِحَيْثُ يَرَاهُ السَّارِقُ حَتَّى يَمْتَنِعَ مِنْ
[حاشية الشربيني]
فَقِيمَتُهُ، وَلَفْظُ الْخَبَرِ فِي مُسْلِمٍ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ سَرِقَةِ إلَخْ.) لِوُجُودِ الْقَبُولِ فِي الْهِبَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ. اهـ.
ق ل (قَوْلُهُ:، وَجَزَمَ صَاحِبُ الْحَاوِي إلَخْ.) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute