للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا فَأَغْرَقَ نَفْسَهُ، أَوْ أَهْلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ جَازَ عِنْدَ أَبِي مُحَمَّدٍ (لَا هَلَاكٌ لِلْأَلَمْ) أَيْ: لَيْسَ لَهُ إهْلَاكُ نَفْسِهِ لِشِدَّةِ الْأَلَمِ، وَعُسْرِ الصَّبْرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بُرْأَهُ مَرْجُوٌّ.

(وَ) لِلْعَاقِلِ الْمُسْتَقِلِّ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ سَفِيهًا، أَوْ مُكَاتَبًا (قَطْعُ سِلْعَةٍ) مِنْ نَفْسِهِ (وَ) الْحَالَةُ أَنَّ الْقَطْعَ (لَيْسَ أَخْطَرَا) مِنْ التَّرْكِ بِأَنْ يَنْتَفِيَ خَطَرُ الْقَطْعِ، أَوْ يَكُونُ التَّرْكُ أَخْطَرَ، أَوْ يَتَسَاوَيَا لِزِيَادَةِ رَجَاءِ السَّلَامَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ، وَتَوَقَّعَهَا فِي الثَّالِثَةِ مَعَ إزَالَةِ الشَّيْنِ فِي الثَّلَاثِ، بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الثَّانِيَةِ لَوْ قَالَ الْأَطِبَّاءُ: إنْ لَمْ يَقْطَعْ حَصَلَ أَمْرٌ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ وَجَبَ الْقَطْعُ كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الْمُهْلِكَاتِ، وَيَحْتَمِلُ الِاسْتِحْبَابَ. اهـ. وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْوَلِيِّ الْآتِيَةِ، فَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ أَخْطَرَ، أَوْ الْخَطَرُ فِيهِ فَقَطْ لَمْ يَجُزْ الْقَطْعُ، وَالسِّلْعَةُ بِكَسْرِ السِّينِ غُدَّةٌ تَخْرُجُ بَيْنَ الْجِلْدِ، وَاللَّحْمِ (وَجَازَ لِلْوَلِيِّ) إمَامًا، أَوْ غَيْرَهُ قَطْعُهَا مِنْ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ (إذْ) أَيْ: وَقْتَ (لَا خَطَرَا) فِي قَطْعِهَا؛ لِأَنَّهُ يَلِي صَوْنَ مَالِهِمَا عَنْ الضَّيَاعِ فَبَدَنُهُمَا، أَوْلَى، وَلِأَنَّ فِيهِ إزَالَةَ الشَّيْنِ

(وَ) جَازَ لَهُ (الْفَصْدُ، وَالْحَجْمُ، وَخَتْنٌ) لِمَنْ يَلِيهِ (فِي الصِّغَرِ) ، وَالْجُنُونِ حَيْثُ لَا خَطَرَ فِيهَا (وَ) جَازَ (لِأَبٍ) ، وَإِنْ عَلَا قَطْعُ سِلْعَةِ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَفَصْدِهِمَا، وَحَجْمِهِمَا، وَخَتْنِهِمَا (إذْ) بِمَعْنَى إذَا كَانَ (تَرْكُهَا أَقْوَى خَطَرْ) مِنْ قَطْعِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْقَطْعُ أَخْطَرَ، أَوْ تَسَاوَيَا، أَمَّا غَيْرُ الْأَبِ مِنْ إمَامٍ، أَوْ وَصِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِمَا، فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ، وَفَرَاغٍ، وَشَفَقَةٍ كَامِلَةٍ، وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ، وَصِيَّةً جَازَ لَهَا ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قُلْتُ كَذَا أَصْلَحَ) أَيْ: بَيَّنَ (فِي التَّعْلِيقَهْ هَذَا الْمَكَانَ فَاعْتَمِدْ تَحْقِيقَهْ) فَإِنَّهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْحَاوِي، وَلِلْأَبِ، وَالْجَدِّ بِلَا خَطَرٍ، أَوْ حَيْثُ التَّرْكُ أَخْطَرُ، وَفَصْدُ الصَّغِيرِ، وَحِجَامَتُهُ، وَخِتَانُهُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ بِلَا خَطَرٍ، وَالْفَصْدُ، وَالْحَجْمُ، وَالْخَتْنُ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَبِ، وَالْجَدِّ، بَلْ يَفْعَلُهَا غَيْرُهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوْلِيَاءِ أَيْضًا، وَالْيَدُ الْمُتَأَكِّلَةُ فِيمَا ذُكِرَ كَالسِّلْعَةِ، وَلَوْ مَاتَ مَنْ فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ بِجَائِزٍ، فَلَا ضَمَانَ، أَوْ بِمَمْنُوعٍ مِنْهُ فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِ الْفَاعِلِ لِتَعَدِّيهِ، وَلَا قَوَدَ لِلشُّبْهَةِ نَعَمْ إنْ خَتَنَ صَبِيًّا فِي سِنٍّ لَا يَحْتَمِلُهُ لَزِمَهُ الْقَوَدُ إلَّا الْوَالِدَ، وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَوْ فَعَلَ فَمَاتَ الْمَفْعُولُ بِهِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ قَوَدًا، أَوْ غَيْرَهُ (وَيَقْهَرُ الْإِمَامُ) عَلَى الْخِتَانِ (بَالِغًا) عَاقِلًا مُحْتَمِلًا لَهُ (أَبَى خِتَانَهُ) أَيْ: امْتَنَعَ مِنْهُ، وَلَا ضَمَانَ إنْ سَرَى إلَى الْهَلَاكِ لَكِنْ لَوْ بَادَرَ فَخَتَنَهُ فِي شِدَّةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ فَهَلَكَ بِهِ ضَمِنَ بِخِلَافِ الْحَدِّ عَلَى الْمَنْصُوصِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحُدُودِ إلَى الْإِمَامِ، فَلَا يُؤَاخَذُ بِمَا يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ، وَالْخِتَانُ يَتَوَلَّاهُ الْمَخْتُونُ، أَوْ، وَالِدُهُ غَالِبًا فَإِذَا تَوَلَّاهُ هُوَ شُرِطَ فِيهِ غَلَبَةُ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَيَضْمَنُ نِصْفَ الدِّيَةِ لَا الْجَمِيعَ عَلَى الْأَصَحِّ

(وَبِالْبُلُوغِ) ، وَالْعَقْلِ، وَاحْتِمَالِ الْخِتَانِ (وَجَبَا) أَيْ: الْخِتَانُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٣] ، وَكَانَ مِنْ مِلَّتِهِ الْخِتَانُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ اخْتَتَنَ، وَعُمْرُهُ ثَمَانُونَ سَنَةً» ، وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ «مِائَةٌ، وَعِشْرُونَ سَنَةً، وَقِيلَ سَبْعُونَ سَنَةً» «، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْخِتَانِ رَجُلًا أَسْلَمَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالُوا: وَلِأَنَّهُ قَطْعُ عُضْوٍ لَا يَخْلُفُ، فَلَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا كَقَطْعِ الْيَدِ، وَلِأَنَّهُ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ لِلذَّكَرِ (بِالْقَطْعِ لِلْقُلْفَةِ) بِضَمِّ الْقَافِ، وَهُوَ مَا يُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى تَنْكَشِفَ جَمِيعُهَا، وَلَوْ كَانَ لَهُ قُبُلَانِ خُتِنَا إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ، وَإِلَّا فَالْأَصْلِيُّ، فَإِنْ شَكَّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ كَالْخُنْثَى، وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (قُلْتُ) خِتَانُ (الْخُنْثَى فِيهِ خِلَافٌ) صَحَّحَ النَّوَوِيُّ مِنْهُ حُرْمَتَهُ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ لَا يَجُوزُ بِالشَّكِّ، وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ وُجُوبُهُ فِي فَرْجَيْهِ جَمِيعًا لِيُتَوَصَّلَ إلَى الْمُسْتَحَقِّ، وَعَلَيْهِ قَالَ النَّوَوِيُّ إنْ أَحْسَنَ الْخَتْنَ خَتَنَ نَفْسَهُ، وَإِلَّا ابْتَاعَ أَمَةً تَخْتِنُهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا تَوَلَّاهُ الرِّجَالُ، وَالنِّسَاءُ

ــ

[حاشية العبادي]

بِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ يَظْهَرُ أَيْضًا تَوْجِيهُ قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُكَاتَبًا) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَفِي مَعْنَى الْحُرِّ، وَالْمُكَاتَبِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ إعْتَاقِهِ إنْ جَعَلْنَا كَسْبَهُ لَهُ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ إعْتَاقُهُ، أَوْ الْمَشْرُوطِ إعْتَاقُهُ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ لِمَالِكِهِ، فَلَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، وَبِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ شِئْت قُلْتُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ، أَوْ الرَّقِيقُ الَّذِي كَسْبُهُ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَلْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ.) قِيَاسُهَا الْأُولَى بِالْأَوْلَى

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ إلَخْ.) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَبَ الرَّقِيقَ، وَالسَّفِيهَ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَقْهَرُ الْإِمَامُ بَالِغًا إلَخْ.) ، وَكَمَا يَجِبُ الْخِتَانُ يَجِبُ قَطْعُ السُّرَّةِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى ثُبُوتُ الطَّعَامِ إلَّا بِهِ إلَّا أَنَّ وُجُوبَهُ عَلَى الْغَيْرِ لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الصِّغَرِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: قَالُوا، وَلِأَنَّهُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى النَّظَرِ فِيهِ، وَلَعَلَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ الْخَطَرُ فِيهِ فَقَطْ) هَذِهِ مَفْهُومَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالْأُولَى (قَوْلُهُ: أَيْ: وَقْتَ لَا خَطَرَا) خَرَجَ حَالَةَ التَّسَاوِي هُنَا، فَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ الْقَطْعُ فِيهَا، وَمِثْلُهُ الْفَصْدُ، وَالْحَجْمُ، وَالْخَتْنُ

(قَوْلُهُ: وَفَصْدِهِمَا إلَخْ.) هَذِهِ زَائِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَإِنْ أُرِيدَ إدْخَالُهَا فِي كَلَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَ مِنْ قَطْعِهَا مِنْ فِعْلِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ أَخْطَرَ إلَخْ. تَأَمَّلْ. (وَقَوْلُهُ: إلَّا الْوَالِدَ) أَيْ: لَا قَوَدَ لَكِنْ يَضْمَنُ الدِّيَةَ. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: نِصْفَ الدِّيَةِ) ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ تَوَلَّدَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ، وَغَيْرِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ إلَخْ.) ، وَلِأَنَّ الْعَوْرَةَ تُكْشَفُ لَهُ فَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَمْ يَجُزْ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: صَحَّحَ النَّوَوِيُّ إلَخْ.) مُعْتَمَدٌ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ضَعِيفٌ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>