للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَآهُ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ:؛ لِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ ثَمَانُونَ

(وَ) إنْ سَرَى (الْحُكْمُ) أَيْ: حُكْمُ الْحَاكِمِ أَيْ: مُقْتَضَاهُ إلَى الْهَلَاكِ (وَلَا صَوَابَ لَهْ) بِأَنْ كَانَ خَطَأً كَأَنْ حَكَمَ فِي حَدٍّ، أَوْ تَعْزِيرٍ بِشَهَادَةِ عَبْدَيْنِ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ، أَوْ مُرَاهِقَيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ، أَوْ ذِمِّيَّيْنِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِمَا فَمَاتَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ضَمِنَهُ عَاقِلَتُهُ كَالْخَطَأِ فِي غَيْرِ الْحُكْمِ (لَا) إنْ سَرَى إلَيْهِ (الْحَدُّ) ، فَلَا ضَمَانَ بِهِ، وَإِنْ أُقِيمَ فِي حَرٍّ، وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ فَالْحَقُّ قَتْلُهُ فَقَوْلُهُ (فَلْتَضْمَنْهُ عَنْهُ الْعَاقِلَهْ) جَوَابُ قَوْلِهِ: فَإِنْ سَرَى، وَفِي نُسْخَةٍ عَقِبَ هَذَا قُلْتُ، وَمِنْ مُسْتَحْسَنِ الْفَوَائِدِ لِلشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ

أَنَّ وَلِيَّ اللَّهِ لَا يُعَزَّرُ ... إنْ رَفَعُوا عَلَيْهِ ذَنْبًا يُصَغِّرُ

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد خَبَرَ «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ إلَّا فِي الْحُدُودِ» ، وَفَسَّرَهُمْ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُمْ الَّذِينَ لَا يُعْرَفُونَ بِالشَّرِّ، فَيَزِلُّ أَحَدُهُمْ الزَّلَّةَ فَتُتْرَكُ لَهُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الزَّلَّةِ بَيْنَ الصَّغِيرَةِ، وَالْكَبِيرَةِ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي عَثَرَاتِهِمْ، وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الصَّغَائِرُ، وَالثَّانِي أَوَّلُ مَعْصِيَةٍ زَلَّ فِيهَا مُطِيعٌ

(وَ) إنْ سَرَى إلَيْهِ حُكْمٌ (غَيْرُ جَائِزٍ) أَيْ: مُقْتَضَاهُ (كَحُكْمٍ اعْتَمَدْ) فِيهِ الْحَاكِمُ شَهَادَةَ (عَبْدَيْنِ) ، أَوْ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ مُرَاهِقَيْنِ، أَوْ فَاسِقَيْنِ، أَوْ امْرَأَتَيْنِ (بِالتَّقْصِيرِ) أَيْ: مَعَ تَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ عَنْ حَالِهِمَا فَمَاتَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَلْيَضْمَنْهُ (ذَا) أَيْ: الْحَاكِمُ لَا عَاقِلَتُهُ، وَلَا بَيْتُ الْمَالِ (وَلَا قَوَدْ) عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ نَعَمْ إنْ تَعَمَّدَ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَى الْأَظْهَرِ عِنْدَ الْإِمَامِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الْهُجُومَ عَلَى الْقَتْلِ مَمْنُوعُ الْإِجْمَاعِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ، بَلْ يَجِبُ قَطْعًا (وَعَادَ ضَامِنٌ) بِسَبَبِ سِرَايَةِ الْحُكْمِ أَيْ: رَجَعَ بِمَا غَرِمَهُ (عَلَى) الشَّاهِدِ (الْفَاسِقِ إنْ أَعْلَنَ) فِسْقَهُ لَا إنْ كَتَمَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُعْلِنِ أَنْ لَا يَشْهَدَ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ يُشْعِرُ بِتَدْلِيسٍ مِنْهُ، وَتَعْزِيرٍ بِخِلَافِ الْكَاتِمِ، وَالذِّمِّيِّ، وَالْمُرَاهِقِ، وَالْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِمْ، وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ، وَأَقَرَّهُمَا عَلَيْهِ شُرَّاحُهُمَا قِيلَ مَرْدُودٌ إذْ لَا رُجُوعَ لِلْحَاكِمِ قَطْعًا لِتَقْصِيرِهِ، وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ عَاقِلَةٍ، أَوْ بَيْتِ مَالٍ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي بَابِ الصِّيَالِ، بَلْ قَطَعَا بِهِ فِي بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ يَزْعُمُ أَنَّهُ صَادِقٌ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ، وَقَدْ يُنْسَبُ الْحَاكِمُ إلَى تَقْصِيرٍ فِي الْبَحْثِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ أَخَذَهُ مِمَّا، أَوْهَمَتْهُ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَعِبَارَتُهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا فِي أَصْلِهَا السَّالِمِ مِنْ الْإِيهَامِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ، بَلْ قَطَعَا بِهِ فِي بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْطَعَا بِهِ

(وَالْجَلَّادُ أَنْ يَعْلَمَ) ظُلْمَ الْإِمَامِ، أَوْ خَطَأَهُ فِي أَمْرِهِ بِحَدٍّ، أَوْ تَعْزِيرٍ (ضَمِنْ كَشَافِعِيٍّ قَاتِلٍ لِلْحُرِّ فِي) أَيْ: بِسَبَبِ قَتْلِ (نَفْسٍ رَقِيقَةٍ بِإِذْنِ) الْإِمَامِ (الْحَنَفِيّ) فَهُوَ الضَّامِنُ دُونَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ فَكَانَ حَقُّهُ الِامْتِنَاعَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ سَوْطُ الْإِمَامِ، وَسَيْفُهُ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي السِّيَاسَةِ، فَإِنْ فُرِضَ إكْرَاهٌ فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ.

وَ (لِلْعَاقِلِ الْإِغْرَاقُ) لِنَفْسِهِ (مِنْ نَارٍ) ، وَقَعَ فِيهَا (وَلَمْ يَفُزْ بِغَيْرٍ) أَيْ: بِغَيْرِ الْإِغْرَاقِ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ مِنْ لَفَحَاتِ النَّارِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّ لَهُ قَتْلَ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إغْرَاقٍ، وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ عَنْ وَالِدِهِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَارٍ لَا يَتَخَلَّصُ مِنْهَا

ــ

[حاشية العبادي]

عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ: فَإِنْ سَرَى تَعْزِيرُهُ لِغَيْرِ الشَّرَابِ مُطْلَقًا، وَلِلشَّرَابِ ضَعَّفَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: مُقْتَضَاهُ) ضَبَّبَ بَيْنَ أَيْ: وَقَوْلُهُ حُكْمُ

(قَوْلُهُ: وَعَادَ ضَامِنٌ) هَذَا شَامِلٌ لِلْإِمَامِ، وَالْعَاقِلَةِ، وَخَصَّهُ الْعِرَاقِيُّ بِالْإِمَامِ، فَقَالَ: الْأَوْلَى أَيْ: مِنْ الْمَسَائِلِ حَيْثُ ضَمِنَ الْحَاكِمُ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْحُكْمِ عَادَ بِمَا ضَمِنَهُ أَيْ: رَجَعَ عَلَى الشَّاهِدِ الْفَاسِقِ إنْ كَانَ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ. اهـ. وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ عَلَى فَرْضِ ذَلِكَ فِي الْعَاقِلَةِ، فَقَالَا، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي الْبَحْثِ، بَلْ بَذَلَ وُسْعَهُ، فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَى الشَّاهِدِ إلَّا عَلَى مُتَجَاهِرٍ بِالْفِسْقِ، فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَتْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ) فَمَا ذَكَرَاهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر

(قَوْلُهُ:، وَالْجَلَّادُ إنْ يَعْلَمْ ضَمِنَ) نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ طَاعَتِهِ فِي الْمَعْصِيَةِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ، فَقَطْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْوَافِي، وَأَقَرَّهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَشَافِعِيٍّ) أَيْ: كَجَلَّادٍ شَافِعِيٍّ، وَالْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ ظُلْمُ الْإِمَامِ، أَوْ خَطَؤُهُ بِاعْتِقَادِ نَفْسِهِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَكَانَ حَقُّهُ الِامْتِنَاعَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ ظَالِمًا بِاعْتِبَارِ عَقِيدَةِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْظَرْ لِكَوْنِ الْجَلَّادِ أَقْدَمَ عَلَى قَتْلٍ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَرْفَعُ الْخِلَافَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَنْقُضُ إنْ قُلْنَا بِنَقْضِهِ، أَوْ مِمَّا ضَعُفَتْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمُخَالِفِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِنَقْضِهِ، فَكَانَ لَا حُكْمَ، فَانْدَفَعَ مَا لِلشَّارِحِ يَعْنِي: الْجَوْجَرِيَّ هُنَا مِنْ التَّنْظِيرِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ دُونَهُ) وَكَذَا لَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ، وَكَانَ الْجَلَّادُ يَعْتَقِدُ جَوَازَ الْفِعْلِ دُونَ الْإِمَامِ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ لِأَنَّهُ الْقَاتِلُ، وَالْجَلَّادُ آلَتُهُ مَعَ عُذْرِهِ بِاعْتِقَادِهِ الْجَوَازَ، وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْجَوْجَرِيِّ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُرِضَ إكْرَاهٌ، فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ) أَيْ: وَهُوَ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِمَا، وَعِبَارَةُ الْعِرَاقِيِّ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا. اهـ.

وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ ضَمَانُ الْإِمَامِ مَعَ اعْتِقَادِهِ جَوَازَ الْقَتْلِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ حُكْمِهِ بِهِ، وَيُجَابُ بِمَا عُلِمَ مِنْ الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى مِنْ نَقْضِ حُكْمِهِ فِي ذَلِكَ، فَلَا احْتِرَامَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالنَّقْضِ، فَقَدْ ضَعُفَ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ فِي ذَلِكَ، فَلَا احْتِرَامَ لَهُ أَيْضًا، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ رَفَعَ الْإِمَامُ الْحَنَفِيُّ لِقَاضٍ شَافِعِيٍّ، فَيَلْزَمُهُ بِالضَّمَانِ، وَيُنْقَضُ حُكْمُهُ إنْ نَقَضْنَاهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ الْقَضِيَّةُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَرْفَعْ لِأَحَدٍ، فَلَا مَعْنَى لِإِلْزَامِهِ بِالضَّمَانِ مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنْ لَا ضَمَانَ لَا سِيَّمَا عِنْدَ حُكْمِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

تَعْزِيرَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لَوْ مَاتَ بِهَا فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ خِلَافًا لِمَا فِي ع ش فَرَاجِعْهُمَا (قَوْلُهُ: افْتَرَى) أَيْ: قَذَفَ، وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا حَدَّ الْقَذْفِ بَقِيَ حَدُّ السُّكْرِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَذْفَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ. اهـ. بج، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ خُصَّ بِجَوَازِهِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ

(قَوْلُهُ: أَقِيلُوا) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ قَالَ حَجَرٌ، وَلَا مَانِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>