للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَمُوسِ، وَإِفْسَادِ الصَّائِمِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ بِجِمَاعِ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ اعْتِبَارِ انْتِفَاءِ الْكَفَّارَةِ فِي إيجَابِ التَّعْزِيرِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ، وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ، وَيَحْصُلُ التَّعْزِيرُ (بِالْحَبْسِ، وَاللَّوْمِ) بِالْكَلَامِ (وَجَلْدٍ) ، وَنَفْيٍ، وَكَشْفِ رَأْسٍ، وَقِيَامٍ مِنْ مَجْلِسٍ، وَنَحْوِهَا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ جِنْسًا، وَقَدْرًا، وَلَا يُرَقَّى إلَى مَرْتَبَةٍ، وَهُوَ يَرَى مَا دُونَهَا كَافِيًا كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ حَالَةَ كَوْنِهِ (نَقَصَا) تَعْزِيرُ مَنْ يُعَزِّرُهُ (عَنْ نَزْرِ حَدِّهِ) أَيْ: أَقَلِّهِ، فَيَنْقُصُ ضَرْبُ الْحُرِّ عَنْ أَرْبَعِينَ، وَحَبْسُهُ عَنْ سَنَةٍ، وَضَرْبُ غَيْرِهِ عَنْ عِشْرِينَ، وَحَبْسُهُ عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِخَبَرِ «مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَدِينَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: الْمَحْفُوظُ إرْسَالُهُ، وَقِيلَ لَا يُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى» ، وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِعَمَلِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ قَالَ الْقُونَوِيُّ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَمَلِ بِخِلَافِهِ أَهْوَنُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى النَّسْخِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَيْ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يُحَدَّ فَوْقَ عَشَرَةٍ إلَّا فِي حَدٍّ (وَإِنْ حَلَّلَهُ) الْمُسْتَحِقُّ مِنْ تَعْزِيرِهِ بِأَنْ عَفَا عَنْهُ فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ لَا يُعَزِّرُهُ قَبْلَ مُطَالَبَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِهِ (لَا حَدَّهُ) أَيْ: لَا إنْ حَلَّلَهُ مِنْ حَدِّهِ، فَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَتَعَلَّقُ أَصْلُهُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ فَجَازَ أَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِيهِ إسْقَاطُ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْحَدِّ (وَإِنْ رَأَى) أَيْ: الْإِمَامُ إهْمَالَ التَّعْزِيرِ (أَهْمَلَهُ) «لِإِعْرَاضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ جَمَاعَةٍ اسْتَحَقُّوهُ» كَالْغَالِّ فِي الْغَنِيمَةِ، وَلَاوِي شِدْقَهُ فِي حُكْمِهِ لِلزُّبَيْرِ (إلَّا) إذَا كَانَ (لِعَبْدٍ) لِلَّهِ تَعَالَى (طَالِبٍ) لَهُ، فَلَا يُهْمِلُهُ كَالْقَوَدِ (وَ) يُعَزِّرُ (وَالِدُ، وَنَائِبٌ) عَنْهُ (صَغِيرَهُ) بِالْإِضَافَةِ إلَى الضَّمِيرِ تَعْلِيمًا، وَزَجْرًا عَنْ الْأَخْلَاقِ الرَّدِيَّةِ، وَيُؤَدَّبُ أَيْضًا الْمَعْتُوهُ بِمَا يَضْبِطُهُ قَالَ الرَّافِعِيِّ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْأُمَّ، وَمِنْ الصَّبِيِّ فِي كَفَالَتِهِ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَا فِي تَعْلِيمِ أَحْكَامِ الطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَالْأَمْرِ بِهَا، وَالضَّرْبِ عَلَيْهَا أَنَّ الْأُمَّهَاتِ كَالْآبَاءِ قَالَ الشَّارِحُ وَيُمْكِنُ انْدِرَاجُهَا فِي تَعْبِيرِ النَّظْمِ بِالْوَالِدِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْأَبِ (وَ) يُعَزِّرُ (السَّيِّدُ) رَقِيقَهُ (لِحَقِّهِ) كَمَا يُعَزِّرُ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ لِحَقِّهِ، بَلْ، أَوْلَى؛ لِأَنَّ سُلْطَانَهُ أَقْوَى (وَ) لِحَقِّ (رَبِّهِ) تَعَالَى لِمَا مَرَّ فِي الزِّنَا بِخِلَافِ الزَّوْجِ لَا يُعَزِّرُ زَوْجَتَهُ لِحَقِّ رَبِّهِ. .

، وَقَالَ الْقَمُولِيُّ رَأَيْت فِيمَا عَلَّقَ عَنْ مَشَايِخِ عَصْرِنَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ لِلزَّوْجِ تَأْدِيبَ زَوْجَتِهِ الصَّغِيرَةِ لِلتَّعْلِيمِ، وَاعْتِيَادِ الصَّلَاةِ، وَأَفْتَى ابْنُ الْبَرْزِيِّ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُ زَوْجَتِهِ بِالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا، وَضَرْبُهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ عَلِمَ الْمُعَزِّرُ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّأْدِيبُ إلَّا بِضَرْبٍ يُبْرِحُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الضَّرْبُ؛ لِأَنَّ الْمُبَرِّحَ مُهْلِكٌ، وَغَيْرُهُ لَا يُفِيدُ

(فَإِنْ) (سَرَى) أَيْ: التَّعْزِيرُ إلَى الْهَلَاكِ ضَمِنَهُ عَاقِلَةُ الْمُعَزِّرِ إمَامًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ إذْ الْمَقْصُودُ التَّأْدِيبُ لَا الْهَلَاكُ فَإِذَا حَصَلَ الْهَلَاكُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ نَعَمْ الْمَمْلُوكُ إذَا ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا ضَمَانَ فِيهِ كَقَتْلِهِ بِإِذْنِهِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَكَذَا إذَا عَزَّرَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، أَوْ عَزَّرَ الْوَالِي مَنْ اعْتَرَفَ بِمَا يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ، وَطَلَبَهُ بِنَفْسِهِ لِإِذْنِهِ (وَلِلشَّرَابِ) أَيْ: وَإِنْ سَرَى إلَى الْهَلَاكِ ضَرَبَهُ لِشُرْبِ الْمُسْكِرِ (ضِعْفُ مَا قَدْ قُدِّرَا) لِحَدِّهِ أَيْ: ثَمَانِينَ ضَمِنَ عَاقِلَتُهُ الزَّائِدَ عَلَى الْمُقَدَّرِ؛ لِأَنَّهُ تَعْزِيرٌ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ تَرْكُهُ، وَاعْتُرِضَ بِأَنْ، وَضَعَهُ النَّقْصُ عَنْ الْحَدِّ فَكَيْفَ يُسَاوِيهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لِجِنَايَاتٍ تَوَلَّدَتْ مِنْ الشَّارِبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلَيْسَ شَافِيًا فَإِنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَتَحَقَّقْ حَتَّى يُعَزَّرَ، وَالْجِنَايَاتُ الَّتِي تَتَوَلَّدُ مِنْ الْخَمْرِ لَا تَنْحَصِرُ فَلْتَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَانِينَ، وَقَدْ مَنَعُوهَا قَالَ: وَفِي قِصَّةِ تَبْلِيغِ الصَّحَابَةِ الضَّرْبَ ثَمَانِينَ أَلْفَاظٌ مُشْعِرَةٌ بِأَنَّ الْكُلَّ حَدٌّ، وَعَلَيْهِ فَحَدُّ الشُّرْبِ مَخْصُوصٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحُدُودِ بِأَنْ يَتَحَتَّمَ بَعْضُهُ، وَيَتَعَلَّقَ بَعْضُهُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ. اهـ.

وَيُوَزَّعُ الضَّمَانُ عَلَى عَدَدِ الضَّرَبَاتِ، فَيَضْمَنُ فِي ضَرْبِ الْحُرِّ ثَمَانِينَ النِّصْفَ، وَفِي ضَرْبِهِ سِتِّينَ الثُّلُثَ، وَفِي ضَرْبِهِ إحْدَى وَثَمَانِينَ أَحَدًا، وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ أَحَدٍ، وَثَمَانِينَ جُزْءًا (وَجَازَ) أَيْ: ضَرْبُ الْحُرِّ ثَمَانِينَ كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ) قَدْ يُنَافِي هَذَا الْحَمْلُ عَمَلَ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورَ، فَلْيُتَأَمَّلْ. إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ يَتَرَجَّحُ غَيْرُ الْأَوْلَى لِعُرُوضِ مَصْلَحَةٍ مُقْتَضِيَةٍ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ) أَيْ: النَّسْخُ (قَوْلُهُ:، وَأَفْتَى ابْنُ الْبَرْزِيِّ إلَخْ.) ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ حَتَّى فِي وُجُوبِ ضَرْبِ الْمُكَلَّفَةِ لَكِنْ لَا مُطْلَقًا، بَلْ إنْ تَوَقَّفَ الْفِعْلُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَخْشَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَشْوِيشٌ لِلْعِشْرَةِ يَعْسُرُ مَدَارِكُهُ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمَمْلُوكُ إذَا ضَرَبَهُ إلَخْ.) فِي الرَّوْضِ: وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الرَّهْنِ مَا نَصُّهُ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ: اضْرِبْهُ أَيْ: الْمَرْهُونَ فَضَرَبَهُ، فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي الْوَطْءِ، فَوَطِئَ، وَأَحْبَلَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: لَهُ أَدِّبْهُ، فَإِنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ، فَمَاتَ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ هُنَا لَيْسَ مُطْلَقَ الضَّرْبِ بَلْ ضَرْبُ تَأْدِيبٍ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا ضَرَبَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ، أَوْ الْإِمَامُ إنْسَانًا تَعْزِيرًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلِلشَّرَابِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ أَيْضًا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ إذْ الْكَفَّارَةُ تَجِبُ بِالْحِنْثِ فِي مُطْلَقِ الْيَمِينِ، وَالتَّعْزِيرُ إنَّمَا، وَجَبَ فِي الْغَمُوسِ لِلْفُجُورِ، وَالْكَذِبِ نَعَمْ يَبْقَى إفْسَادُ الصَّائِمِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، وَارِدًا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجِنَايَةَ إلَخْ.) أَجَابَ م ر بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ قَامَ عَلَى مَنْعِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِينَ فَهِيَ تَعْزِيرَاتٌ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ قَالَ ع ش، وَهُوَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَانِينَ، وَجَوَازُهُ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ. اهـ.

وَلَوْ قِيلَ: إنَّهُ تَعْزِيرٌ وَاحِدٌ مَخْصُوصٌ فَلِذَا بَلَغَ الْحَدَّ لَمْ يَبْعُدْ، وَأَشَارَ لَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ فَحَدُّ الشُّرْبِ إلَخْ.) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>