وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْبُوَيْطِيِّ قَالَ: وَسَمِعْت الْمَاسَرْجِسِيَّ يَقُولُ: غَلِطَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فَقَالَ: لَا يَجْتَنِبُ لِقَوْلِ الْمُزَنِيّ وَيَتَّقِي الْوَجْهَ، وَالْفَرْجَ، وَنَصُّ الْبُوَيْطِيِّ نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا نَصَّ لِلشَّافِعِيِّ يُخَالِفُهُ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ
(قُلْتُ، وَيَجِبْ تَأْخِيرُهُ) أَيْ: ضَرْبُ السَّكْرَانِ (حَتَّى يُفِيقَ) مِنْ سُكْرِهِ فَلَوْ جُلِدَ فِيهِ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ، وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْقَاضِي، وَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ الِاعْتِدَادُ بِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ (وَعَلَى) شَمِّ (نَكْهَتِهِ) أَيْ: رِيحِ فَمِهِ (وَالْقَيْءِ) لِمُسْكِرٍ، وَمُشَاهَدَةِ سُكْرٍ (لَنْ نُعَوِّلَا) أَيْ: لَا نَعْتَمِدُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ، وَالْإِكْرَاهِ، وَإِنَّمَا نُعَوِّلُ عَلَى إقْرَارِهِ، أَوْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلِهِمَا بِأَنْ يَقُولَ هُوَ، أَوْ هُمَا مُخْتَارًا عَالِمًا بِهِ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الشُّرْبِ إلَيْهِ قَدْ حَصَلَتْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ، وَغَلَبَةُ الْعِلْمِ بِمَا يَتَنَاوَلُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَنَحْوِهِ، وَيُخَالِفُ الزِّنَا فَإِنَّ مُقَدِّمَاتِهِ قَدْ تُسَمَّى زِنًا كَمَا فِي خَبَرِ «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ» فَاحْتِيطَ فِيهِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ طَرِيقًا ثَالِثًا فِيمَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنْ يُعْلَمَ شُرْبُهُ مِنْ إنَاءٍ شَرِبَ مِنْهُ غَيْرُهُ فَسَكِرَ، وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَالْمُخْتَصَرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَلْيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ
(وَهُوَ لْيُعَزِّرْ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَيْ: وَالْإِمَامُ يُعَزِّرُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ (مَنْ بِغَيْرِهَا) أَيْ: بِغَيْرِ الْجِنَايَاتِ السَّابِقَةِ (عَصَى) بِأَنْ أَتَى مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ كَمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ، وَسَرِقَةِ مَا دُونَ النِّصَابِ، وَالسَّبِّ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ، وَالتَّزْوِيرِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَالضَّرْبِ بِغَيْرِ حَقٍّ بِخِلَافِ الزِّنَا لِإِيجَابِهِ الْحَدَّ، وَبِخِلَافِ التَّمَتُّعِ بِالطِّيبِ، وَنَحْوِهِ فِي الْإِحْرَامِ لِإِيجَابِهِ الْكَفَّارَةَ، وَقَدْ يَنْتَفِي التَّعْزِيرُ مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ، وَالْكَفَّارَةِ كَمَا فِي صَغِيرَةٍ صَدَرَتْ مِنْ وَلِيِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا سَيَأْتِي، وَكَمَا فِي قَطْعِ شَخْصٍ أَطْرَافَ نَفْسِهِ، وَكَمَا فِي، وَطْءِ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبُرِهَا، فَلَا يُعَزَّرُ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ، بَلْ يُنْهَى عَنْ الْعَوْدِ، فَإِنْ عَادَ عُزِّرَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَغَيْرُهُ، وَكَمَا فِي تَكْلِيفِ السَّيِّدِ عَبْدُهُ فَوْقَ مَا يُطِيقُ مِنْ الْخِدْمَةِ، فَلَا يُعَزَّرُ بِأَوَّلِ مَرَّةٍ أَيْضًا، وَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّعْزِيرُ مَعَ الْكَفَّارَةِ كَمَا فِي قَتْلِ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ كَالْوَلَدِ، وَكَمَا فِي الظِّهَارِ، وَالْيَمِينِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ) قُلْتُ خَبَرُ الْبُخَارِيِّ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّأْخِيرِ إلَى الْإِفَاقَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الشَّارِبَ ضُرِبَ حِينَ شُرْبِهِ قَبْلَ غَيْبَةِ عَقْلِهِ، أَوْ كَانَ قَدْ شَرِبَ قَدْرًا لَا يُسْكِرُ لَكِنْ عَلَى هَذَا يُشْكِلُ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى الِاعْتِدَادِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قَبْلَ الْإِفَاقَةِ مِنْ السُّكْرِ، وَلَا سُكْرَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ
[حاشية الشربيني]
أَيْ: الْأَرْبَعُونَ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ ثَمَانِينَ لَكِنْ رَجَعَ عَنْهُ فِي خِلَافَتِهِ، وَجَلَدَ أَرْبَعِينَ
(قَوْلُهُ: وَيُخَالِفُ الزِّنَا) تَقَدَّمَ لِلْقَلْيُوبِيِّ، وَغَيْرِهِ فِي بَابِ الزِّنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا، وَكَيْفِيَّةِ الْإِدْخَالِ، وَزَمَانِهِ، وَمَكَانِهِ، وَكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا مِنْهُ بِهَا. اهـ.، وَالظَّاهِرُ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا أَنْ يَذْكُرَ مَعَ الْعِلْمِ الِاخْتِيَارَ إذْ الْإِكْرَاهُ دَافِعٌ لِلْحَدِّ، وَإِنْ سُمِّيَ زِنًى مَعَهُ، وَيَكْفِي فِي بَيَانِ ذَلِكَ الظَّاهِرُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا، فَلَا يُقَالُ: لَيْسَ مِنْ مَعْنَى التَّفْصِيلِ فِي الزِّنَا ذِكْرُ الْعِلْمِ، وَالِاخْتِيَارِ
(قَوْلُهُ: لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ) هَذَا الضَّابِطُ لِلْغَالِبِ فَقَدْ يُشَرَّعُ التَّعْزِيرُ، وَلَا مَعْصِيَةَ كَتَأْدِيبِ طِفْلٍ، وَمَنْ يَكْتَسِبُ بِآلَةِ لَهْوٍ لَا مَعْصِيَةَ فِيهَا، وَقَدْ يَنْتَفِي مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ، وَالْكَفَّارَةِ كَقَطْعِ شَخْصٍ أَطْرَافَ نَفْسِهِ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَدِّ كَمَا فِيمَنْ تَكَرَّرَتْ مِنْهُ الرِّدَّةُ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ مَا، أَوْجَبَ الْحَدَّ، وَهُوَ الرِّدَّةُ غَيْرُ مَا، أَوْجَبَ التَّعْزِيرَ، وَهُوَ تَكْرَارُهَا؛ لِأَنَّ الْإِصْرَارَ عَلَى الرِّدَّةِ رِدَّةٌ نَعَمْ قَالُوا: إنَّهُ يُعَزَّرُ بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَفِيهِ إنَّهُ لَا حَدَّ حِينَئِذٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ:، وَالتَّزْوِيرِ) أَيْ: مُشَابَهَةُ خَطِّ الْغَيْرِ بِأَنْ يَكْتُبَ خَطًّا مُشَابِهًا لِخَطِّ غَيْرِهِ لِيُظَنَّ أَنَّهُ خَطُّ الْغَيْرِ كَمَا يَقَعُ فِي الْحُجَجِ الْمُزَوَّرَةِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: مِنْ، وَلِيٍّ) عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ بِالشَّرِّ، وَهِيَ أَوْلَى بِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ» ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ حُرْمَةُ تَعْزِيرِهِمْ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ. اهـ. حَجَرٌ. اهـ. بج (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّعْزِيرُ إلَخْ.) ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الثَّلَاثَةِ كَمَنْ زَنَى بِأَمَةٍ فِي رَمَضَانَ، وَهُوَ صَائِمٌ مُعْتَكِفٌ مُحْرِمٌ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ فَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ، وَالْفِدْيَةُ، وَيُحَدُّ لِلزِّنَا، وَيُعَزَّرُ لِقَطْعِ رَحِمِهِ، وَانْتِهَاكِ الْكَعْبَةِ. اهـ.
ق ل عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ إلَخْ. يُفِيدُ أَنَّ التَّعْزِيرَ لِغَيْرِ مَا، وَجَبَتْ لَهُ الْكَفَّارَةُ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي قَتْلِ مَنْ لَا يُقَادُ بِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ إيجَابَ الْكَفَّارَةِ لَيْسَ لِلْمَعْصِيَةِ، بَلْ لِإِعْدَامِ النَّفْسِ بِدَلِيلِ إيجَابِهَا بِقَتْلٍ بِالْخَطَأِ فَلَمَّا بَقِيَ التَّعَمُّدُ خَالِيًا عَنْ الزَّاجِرِ، أَوْجَبْنَا فِيهِ التَّعْزِيرَ. اهـ. قَالَ م ر، وَهَذَا يَقْتَضِي إيجَابَ التَّعْزِيرِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَتْ إتْلَافًا كَالْحَلْقِ، وَالصَّيْدِ دُونَ الِاسْتِمْتَاعِ كَاللُّبْسِ، وَالطِّيبِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا فِي الظِّهَارِ) فِيهِ أَنَّ سَبَبَ التَّعْزِيرِ هُوَ الْكَذِبُ، وَالْكَفَّارَةُ، وَجَبَتْ بِالْعَوْدِ نَقَلَهُ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ يُقَالُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute