للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُرِيقُ الْخَمْرَ، وَيَفْصِلُ الطُّنْبُورَ، وَيَمْنَعُ أَهْلَ الدَّارِ الشُّرْبَ، وَالضَّرْبَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا قَاتَلَهُمْ، وَإِنْ أَتَى الْقِتَالَ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ تَكْمِلَةً مَعَ إيهَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْإِمَامِ، وَفِي الْآحَادِ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ زَادَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَلَوْ بِالْأَسْلِحَةِ كَانَ، أَوْلَى إذْ الْمُقَابِلُ لَهُ، وَيُنْسَبُ لِلْأُصُولِيِّينَ يَقُولُ: لَيْسَ لِلْآحَادِ الدَّفْعُ بِالْأَسْلِحَةِ لِمَا فِي شَهْرِهَا لِغَيْرِ الْإِمَامِ مِنْ إثَارَةِ الْفِتَنِ، وَتَعْبِيرُهُ كَالْغَزَالِيِّ عَمَّا ذُكِرَ بِالْوُجُوبِ لَا يُنَافِيهِ تَعْبِيرُ الْأَصْحَابِ بِالْجَوَازِ إذْ لَيْسَ مُرَادُهُمْ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ، بَلْ أَنَّهُ جَائِزٌ بَعْدَ امْتِنَاعِهِ قَبْلَ ارْتِكَابِ الْإِثْمِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِالْوَاجِبِ

(وَ) الدَّفْعُ عَنْ (الْبُضْعِ) ، وَلَوْ بُضْعَ أَجْنَبِيَّةٍ، وَأَمَةٍ (وَاجِبٌ) إذْ لَا مَجَالَ لِلْإِبَاحَةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَالِ (وَلَوْ) كَانَ الدَّفْعُ (بِالْأَسْلِحَهْ) فَإِنَّهُ يَجِبُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الدَّفْعُ فِيمَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَخَفْ الدَّافِعُ عَلَى نَفْسِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ عُضْوَهُ، وَمَنْفَعَتَهُ كَنَفْسِهِ، وَصَرَّحَ بِالْبُضْعِ اهْتِمَامًا؛ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ.

(وَ) دَفْعُ (غَيْرِ ذِي عَقْلٍ) مِنْ بَهِيمَةٍ، وَمَجْنُونٍ (عَنْ النَّفْسِ) الْمُحْتَرَمَةِ (وَجَبْ) إذْ الْبَهِيمَةُ تُذْبَحُ لِاسْتِبْقَاءِ الْآدَمِيِّ، فَلَا، وَجْهَ لِلِاسْتِسْلَامِ لَهَا، وَالْمَجْنُونَةَ لَوْ قَتَلَ لَمْ يَبُؤْ بِالْإِثْمِ فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ، وَهَذَا طَرِيقَةٌ فِيهِ نَقَلَهَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا، وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا تَرْجِيحُ جَوَازِ الِاسْتِسْلَامِ لَهُ لِحُرْمَةِ الْآدَمِيِّ، وَرَضِيَ بِالشَّهَادَةِ، وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ، وَغَيَّرَ كَلَامَ الرَّوْضَةِ (وَ) وَجَبَ دَفْعُ (كَافِرٍ) ، وَلَوْ مَعْصُومًا عَنْ النَّفْسِ إذْ غَيْرُ الْمَعْصُومِ لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَالْمَعْصُومُ بَطَلَتْ حُرْمَتُهُ بِصِيَالِهِ، وَلِأَنَّ الِاسْتِسْلَامَ لِلْكَافِرِ ذُلٌّ فِي الدِّينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الصَّائِلُ مُسْلِمًا، فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ، بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد «كُنَّ خَيْرَ ابْنَيْ آدَمَ يَعْنِي: قَابِيلَ، وَهَابِيلَ» ، وَلِمَنْعِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَبِيدَهُ مِنْ الدَّفْعِ يَوْمَ الدَّارِ، وَقَالَ: مَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ، وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ، وَغَيْرُهُ بِمَحْقُونِي الدَّمِ لِيَخْرُجَ غَيْرُهُ كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ، وَتَارِكِ الصَّلَاةِ قَالَ الشَّيْخَانِ، وَالْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الِاسْتِسْلَامِ مِنْهُمْ مَنْ يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَيَصِفُهُ بِالِاسْتِحْبَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ أَنَّ الْمَالَ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ مَالُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، أَوْ، وَقْفٍ، أَوْ مَالًا مُودَعًا وَجَبَ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ الدَّفْعُ عَنْهُ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ

، وَدَفْعُ الصَّائِلِ يَكُونُ بِالتَّدْرِيجِ فَيُدْفَعُ أَوَّلًا (بِرَفْعِ صَوْتٍ) عَلَيْهِ (أَوْ هَرَبْ) مِنْهُ، أَوْ اسْتِغَاثَةٍ بِأَحَدٍ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِذَلِكَ دُفِعَ (بِضَرْبِهِ الْأَخَفَّ فَالْأَخَفْ) ، فَيَضْرِبُهُ بِالْيَدِ، ثُمَّ بِالسَّوْطِ، ثُمَّ بِالْعَصَا (ثُمَّ) يُدْفَعُ (بِجُرْحٍ، ثُمَّ قَطْعِهِ الطَّرَف) ، ثُمَّ بِالْقَتْلِ فَإِنْ دُفِعَ بِالْأَثْقَلِ مَنْ يَنْدَفِعُ بِمَا دُونَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَهُ إلَّا إذَا فَقَدَ آلَةَ الْأَخَفِّ بِأَنْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِالْعَصَا، وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا السَّيْفُ، فَلَا ضَمَانَ إذْ لَهُ الدَّفْعُ بِهِ حِينَئِذٍ، وَكَذَا إذَا الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا لِخُرُوجِ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ غَيْرِهِ، فَلَهُ دَفْعُهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ، وَلَا ضَمَانَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: السَّابِقِ يُدْفَعُ صَائِلٌ، وَلَوْ عَنْ مَالٍ

(قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُهُ كَالْغَزَالِيِّ عَمَّا ذُكِرَ بِالْوُجُوبِ) أَيْ: بِقَوْلِهِ اللَّاتِي، وَاجِبٌ

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ النَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ إذَا خَافَ عَلَى مَنْفَعَةِ أُصْبُعِهِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ) أَيْ: وَهُوَ الْإِثْمُ (قَوْلُهُ: مِنْ بَهِيمَةٍ، وَمَجْنُونٍ) سَكَتَ عَنْ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْآدَمِيِّ إلَخْ.) قَدْ يُشْعِرُ هَذَا الْكَلَامُ بِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ فِي صُورَةِ الْبَهِيمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيلُ مَجْمُوعَ حُرْمَةِ الْآدَمِيِّ، وَالرِّضَى بِالشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ دَفْعُ كَافِرٍ) كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ الْكُفَّارُ بِلَادَنَا، فَلِمُسْلِمٍ قَصَدُوهُ، وَجَوَّزَ الْأَسْرَ، وَالْقَتْلَ، وَعُلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قَتْلٌ جَازَ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ، فَهَلْ يُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِ: وَكَافِرٌ (قَوْلُهُ: إذْ غَيْرُ الْمَعْصُومِ إلَخْ.) هَذَا يَصْلُحُ لِلْجَوَازِ دُونَ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الِاسْتِسْلَامَ لِلْكَافِرِ إلَخْ.) قَدْ يَدُلُّ عَلَى إسْلَامِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ إلَخْ.) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ بِقَتْلِ الصَّائِلِ

(قَوْلُهُ: الْأَخَفَّ، فَالْأَخَفْ) يَنْبَغِي جَوَازُ نَصْبِهِ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ: الضَّرْبَ الْأَخَفَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَالِ) الَّذِي تَحَرَّرَ لِلشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَنَّ الدَّفْعَ عَنْ الْمَالِ إنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ قِتَالٌ، وَجَبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ، وَإِلَّا جَازَ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ إلَخْ) .

مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: وَوَجَبَ دَفْعُ كَافِرٍ عَنْ النَّفْسِ) أَيْ: إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَالِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَأَمَّلْهُ فَلَوْ أَرَادَ كَافِرٌ أَسْرَ مُسْلِمٍ، وَأَمِنَ الْقَتْلَ لَوْ امْتَنَعَ، وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ) ، بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ) ، بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ قَالَ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى مِثْلِ مَا هُنَا، وَعَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ إنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ، وَجَبَ، وَإِلَّا، فَلَا، وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ، وَاسْتَثْنَاهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَقَالَ: إنَّهُ يَجِبُ قَطْعًا، وَقَالَ فِي التَّتِمَّةِ: الْمَذْهَبُ إنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِلَا تَفْوِيتِ رُوحٍ، أَوْ عُضْوٍ، وَجَبَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا بِتَفْوِيتِ رُوحِهِ، أَوْ عُضْوِهِ، وَلَمْ نُوجِبْ الْهَرَبَ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَيَّدَهُ بِتَرْجِيحِهِمْ وُجُوبَ الْهَرَبِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي حَوَاشِي التَّحْرِيرِ، وَالْمَنْهَجِ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَمَا نُقِلَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِغَاثَةِ مَذْهَبُ صَحَابِيٍّ. اهـ.، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ إذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>