للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْأَمْرِ عَنْ الضَّبْطِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَمَحَلُّ رِعَايَةِ التَّدْرِيجِ فِي غَيْرِ الْفَاحِشَةِ فَلَوْ رَآهُ قَدْ أَوْلَجَ فِي امْرَأَةٍ فَلَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْقَتْلِ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مُوَاقِعٌ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الْمَعْصُومِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَالْحَرْبِيِّ، وَالْمُرْتَدِّ فَلَهُ الْعُدُولُ إلَى قَتْلِهِ لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ (وَفَكِّ لَحْيَيْ مَنْ لِعَضٍّ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ لِضَعْفِ الْعَامِلِ بِتَأْخِيرِهِ، وَهُوَ (شَدَّدَا) أَيْ: قَوِيَ عَضُّهُ، وَعِبَارَةُ الْحَاوِي، وَفَكِّ لَحْيَيْ مَنْ عَضَّ أَيْ: وَيُدْفَعُ بِفَكِّ لَحْيَيْ مَنْ عَضَّ يَدَ غَيْرِهِ مَثَلًا لَا خَلْعًا، بَلْ تَفْرِيقًا بِفَتْحِ فَمِهِ لِيُخْرِجَ يَدَهُ، وَيُرَاعَى فِي دَفْعِهِ التَّدْرِيجُ بِأَخَفَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَيَدْفَعُهُ بِفَكِّ لَحْيَيْهِ أَوَّلًا (فَضَرْبِ شِدْقَيْهِ) ثَانِيًا (فَسَلِّهِ الْيَدَا) ثَالِثًا (قُلْتُ كَذَا شَرْحُ الْوَجِيزِ) لِلرَّافِعِيِّ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ (رَتَّبَا مَا) بِزِيَادَةِ مَا أَيْ: رَتَّبَ (بَيْنَ أَنْ يَفُكَّهُ) أَيْ: لَحْيِ الْعَاضِّ (وَ) أَنْ (يَضْرِبَا) شِدْقَيْهِ فَقَدَّمَ الْفَكَّ عَلَى الضَّرْبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا عَضَّ إنْسَانٌ يَدَهُ خَلَّصَهَا بِأَيْسَرَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُ لَحْيَيْهِ، وَتَخْلِيصُ مَا عَضَّهُ فَعَلَ، وَإِلَّا ضَرَبَ شِدْقَيْهِ لِيَدَعَهُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، وَسَلَّ يَدَهُ فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهُ، فَلَا ضَمَانَ

(وَجَاءَ) هَذَا الْحُكْمُ (فِي الْحَاوِي بِأَوْ مُخَيِّرَا) بَيْنَ الْفَكِّ، وَالضَّرْبِ (مُتَابِعًا فِي ذَلِكَ الْمُحَرَّرَا) ، وَمَا عَزَاهُ لِلْمُحَرَّرِ لَيْسَ فِيهِ، وَإِنْ عَبَّرَ بِأَوْ، وَعِبَارَتُهُ خَلَّصَهَا بِأَيْسَرِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ، أَوْ ضَرْبِ شِدْقَيْهِ، وَهُوَ مُسَاوٍ لِقَوْلِ الْمِنْهَاجِ خَلَّصَهَا بِالْأَسْهَلِ مِنْ فَكِّ لَحْيَيْهِ، وَضَرْبِ شِدْقَيْهِ فِي أَنَّهُ يَفْعَلُ الْأَسْهَلَ مِنْهُمَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْفَكَّ أَسْهَلُ فَهُوَ مُرَتَّبٌ لَا مُخَيَّرٌ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ إلَّا بِفَكِّ لَحْيَيْهِ خَلْعًا، أَوْ بِبَعْجِ بَطْنِهِ، أَوْ فَقْءِ عَيْنَيْهِ، أَوْ عَصْرِ خُصْيَيْهِ، أَوْ نَحْوِهَا فَلَهُ ذَلِكَ (وَإِنْ نَضَا) أَيْ: سَلَّ الْمَعْضُوضُ (أَسْنَانَهُ) أَيْ: الْعَاضِّ (بِفِعْلَتِهِ) فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَلَا يَضْمَنُ أَسْنَانَهُ كَنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ ظَالِمًا أَمْ مَظْلُومًا إذْ الْعَضُّ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ، وَقَدْ أَهْدَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ثَنْيَتَيْ الْعَاضِّ، وَقَالَ: «أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ» نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَعْضُوضُ مُرْتَدًّا، أَوْ مُتَحَتِّمَ الْقَتْلِ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَنَحْوِهَا، فَلَا يُفْعَلُ بِالْعَاضِّ مَا يُؤَدِّي إلَى سُقُوطِ أَسْنَانِهِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَقَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ الْعَضُّ بِحَالٍ حَمَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَهُ التَّخَلُّصُ بِلَا عَضٍّ، وَإِلَّا فَهُوَ حَقٌّ لَهُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَالَ أَنَّهُ صَحِيحٌ

(وَرَمْيِ عَيْنِ نَاظِرٍ لِحُرْمَتِهِ) أَيْ: وَيُدْفَعُ النَّاظِرُ لِحُرْمَةِ إنْسَانٍ فِي دَارِهِ (مِنْ ثُقْبَةٍ) كَكُوَّةٍ، وَشِقِّ بَابٍ مَرْدُودٍ بِرَمْيِ عَيْنِهِ (إذْ) أَيْ: وَقْتَ (لَا) يَكُونُ (لَهُ عِرْسٌ) أَيْ: زَوْجَةٌ (وَلَا مَحْرَمَ ثَمَّ) أَيْ: فِي الْمَحَلِّ الْمَنْظُورِ إلَيْهِ (بِحَصَاةٍ مَثَلَا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَوْ اطَّلَعَ أَحَدٌ فِي بَيْتِك، وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَحَذَفْته بِحَصَاةٍ فَفَقَأْت عَيْنَهُ مَا كَانَ عَلَيْك مِنْ جُنَاحٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ صَحَّحَهَا ابْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ «، فَلَا قَوَدَ، وَلَا دِيَةَ» ، وَالْمَعْنَى فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ النَّظَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحُرْمَةُ مَسْتُورَةً أَمْ لَا، وَلَوْ فِي مُنْعَطِفٍ إذْ لَا يَدْرِي مَتَى تَسْتَتِرُ، وَتَنْكَشِفُ، فَيَحْسِمُ بَابَ النَّظَرِ، وَسَوَاءٌ فِي النَّاظِرِ الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْخُنْثَى، وَالْمُرَاهِقُ الْمَمْنُوعُونَ مِنْ النَّظَرِ، وَفِي الرَّامِي زَوْجُ الْحُرْمَةِ، وَمَحْرَمِهَا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ

وَلَا يَخْفَى ثُبُوتُ ذَلِكَ لِلْمَنْظُورَةِ، وَأَنَّ الْأَمْرَدَ، وَالْأَمَةَ إنْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحُرْمَةِ كَالْحُرْمَةِ بِنَاءً عَلَى حُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهِمَا، وَخَرَجَ بِالْعَيْنِ رَمْيُ غَيْرِهَا، فَيَمْتَنِعُ إنْ أَمْكَنَهُ رَمْيُهَا، وَبِحُرْمَتِهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَّ حُرْمَةٌ فَلَيْسَ لَهُ الرَّمْيُ

ــ

[حاشية العبادي]

وَجَرُّهُ عَلَى التَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْقَتْلِ) هَذَا خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ كَالرَّوْضِ وَأَصْلِهِ، وَيَجِبُ أَيْ: الدَّفْعُ عَنْ الْبُضْعِ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ انْدَفَعَ بِغَيْرِ الْقَتْلِ، فَقَتَلَهُ، فَالْقَوَدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْصَنًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ) يَشْمَلُ الزَّانِي الْمُحْصَنَ، وَتَارِكَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَضَا أَسْنَانَهُ بِفَعْلَتِهِ) فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي إمْكَانِ التَّخَلُّصِ بِدُونِ مَا دَفَعَ بِهِ صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ، وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ: وَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي سَائِرِ صُوَرِ الصِّيَالِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ: الْعَاضُّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَفْعَلُ بِالْعَاضِّ إلَخْ.) فَإِنْ، فَعَلَ ضَمِنَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) لَكِنْ رَدَّهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حَرَامٌ، فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّبْرُ عَلَيْهِ بِرّ

(قَوْلُهُ: لَا يَكُونُ لَهُ) أَيْ: لِلنَّاظِرِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فِي النَّاظِرِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَنْعِ مِنْ النَّظَرِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَحْرَمُ الرَّامِي خُنْثَى جَازَ الرَّمْيُ لِحُرْمَةِ نَظَرِ الْفَرِيقَيْنِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ:، وَالْمُرَاهِقُ) بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ قَالَهُ النَّاشِرِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:، وَجَازَ رَمْيُ الْمُرَاهِقِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ كَالْبَالِغِ، وَالرَّمْيُ تَعْزِيرٌ، وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُكَلَّفِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ دَفْعُ الصَّائِلِ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا، أَوْ بَهِيمَةً. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا تَقَيَّدَ مَا هُنَا بِالْمُرَاهِقِ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ النَّظَرِ كَالْبَالِغِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُرَاهِقِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الصَّائِلُ غَيْرَ مُمَيِّزٍ، فَهَلْ يُدْفَعُ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الدَّفْعُ كَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ إنْ أَمْكَنَهُ رَمْيُهَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَمْيُ عَيْنِهِ، أَوْ لَمْ يَنْدَفِعْ أَيْ: بِرَمْيِهِ بِالْخَفِيفِ اسْتَغَاثَ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِهِ يَمْتَنِعُ الصَّائِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ بِدُونِ لُحُوقِ ضَرَرٍ لَهُ، وَدَفْعُ الْمُنْكَرِ، وَاجِبٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ مُوَاقِعٌ) أَيْ: فَلَوْ قُلْنَا بِالتَّدْرِيجِ لَزِمَ اسْتِدَامَةُ الْوِقَاعِ إلَى الْقَتْلِ، وَفِيهِ أَنَّهُ مِنْ أَيْنَ لِلدَّافِعِ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ بِالْأَخَفِّ حَتَّى تَلْزَمَ الِاسْتِدَامَةُ، وَلِذَا صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ حَتَّى فِي الْفَاحِشَةِ، وَاعْتَمَدَهُ زي، وَحَمَلَ الرَّمْلِيُّ كَلَامَ الشَّارِحِ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَيَجِبُ دَفْعُ الزَّانِي عَنْ الْمَرْأَةِ فَإِنْ انْدَفَعَ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فَقَتَلَهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ. اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ انْدِفَاعُهُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: مُسَاوٍ لِقَوْلِ الْمِنْهَاجِ إلَخْ.) هُوَ مُسَاوٍ أَيْضًا لِقَوْلِ النَّاظِمِ هُنَا إذْ مَعْنَاهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ أَنْ يُرَاعَى فِي الدَّفْعِ التَّدْرِيجُ بِالْأَخَفِّ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ) اعْتَمَدَهُ زي

<<  <  ج: ص:  >  >>