(مُفْهِمَيْنِ) لَهُ بِإِشَارَتِهِمَا فَإِنَّهُمَا تَكْفِي لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَإِنْ قَدَرَا عَلَى النُّطْقِ لِبِنَاءِ الْبَابِ عَلَى الِاتِّسَاعِ (أَوْ) عَقَدَا (بِخَطْ) فَإِنَّهُ يَكْفِي وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَالْأَمَانُ يَنْعَقِدُ بِالصَّرِيحِ كَأَمَّنْتُكَ أَوْ أَجَرْتُك أَوْ لَا بَأْسَ عَلَيْك أَوْ لَا خَوْفَ عَلَيْك أَوْ لَا تَخَفْ وَمِنْهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ وَبِالْكِنَايَةِ كَأَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ، أَوْ كُنْ كَيْفَ شِئْت وَمِنْهَا الْخَطُّ وَالْإِشَارَةُ الْمُفْهِمَةُ لَكِنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ أَخْرَسَ اُعْتُبِرَ فِي كَوْنِهَا كِنَايَةً أَنْ يَخْتَصَّ بِفَهْمِهَا فَطِنُونَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَيَنْعَقِدُ بِالرِّسَالَةِ وَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ كَافِرًا وَبِغَيْرِ لَفْظٍ وَإِشَارَةٍ فِي صُوَرٍ تَأْتِي قَرِيبًا
وَإِذَا صَحَّ أَمَانُ الْكَافِرِ صَارَ آمِنًا (بِأَهْلِهِ) أَيْ: مِنْ أَهْلِهِ (وَالْمَالِ) اللَّذَيْنِ (مَعَهُ) بِدَارِنَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا فِي حَوْزَتِهِ (إنْ شَرَطْ) أَمَانَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يَتَعَدَّ الْأَمَانُ إلَيْهِمَا لِقُصُورِ اللَّفْظِ عَنْهُ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ هُوَ مَا رَجَّحَ وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا وَقَالَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ حِكَايَتِهِ لَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَفِيهِ مَزِيدٌ نُورِدُهُ فِي خَاتِمَةِ الْبَابِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الْأَمَانَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَلْبُوسِهِ وَآلَةِ حِرْفَتِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَنَفَقَتِهِ مُدَّةَ أَمَانِهِ لِلْعُرْفِ وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَالَ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَوْ دَخَلَ كَافِرٌ دَارَنَا بِأَمَانٍ أَوْ ذِمَّةٍ كَانَ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ وَالْوَلَدِ فِي أَمَانٍ فَإِنْ شَرَطَ الْأَمَانَ فِيهِمَا فَهُوَ تَوْكِيدٌ. اهـ.
وَفِي الْمُهِمَّاتِ الرَّاجِحُ الدُّخُولُ مُطْلَقًا وَحَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَإِنَّ النَّصَّ يَتَنَاوَلُ مَا حَضَرَ وَمَا غَابَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا. قَالَ وَالْمُرَادُ بِأَهْلِهِ صِغَارُ أَوْلَادِهِ، أَمَّا زَوْجَتُهُ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِهَا وَالْأَوْجَهُ دُخُولُهَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَمَانِ الْمَرْأَةِ اسْتِقْلَالًا وَكَنَظِيرِهِ فِي الْجِزْيَةِ وَالْمَالِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مَالِ الْمُؤَمَّنِ وَمَالِ غَيْرِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَشَمِلَهُ كَلَامُ النَّاظِمِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَهُ مَا خَلَفَهُ مِنْ الْأَهْلِ وَالْمَالِ بِدَارِهِمْ فَلَا يَتَعَدَّى الْأَمَانُ إلَيْهِ وَإِنْ شَرَطَهُ إلَّا أَنْ يُؤَمِّنَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ فَيَدْخُلَ بِالشَّرْطِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي آخِرِ الْبَابِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعِنْدَنَا يَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ مِنْ أَمَانِ الْآحَادِ فَعِنْدَ الشَّرْطِ أَوْلَى
. (وَمَالُ ذِي نَقْضٍ وَرُجْعَى رَقَّا) أَيْ: وَمَالُ حَرْبِيٍّ مُؤَمَّنٍ نَقَضَ أَمَانُهُ وَرَجَعَ إلَى دَرَاهِمِ وَأُرِقَّ وَمَاتَ رَقِيقًا (فَيْءٌ) إذْ الرَّقِيقُ لَا يُورَثُ فَإِنْ عَتَقَ فَهُوَ لَهُ (وَ) إنْ لَمْ يُرَقَّ فَمَالُهُ الدَّاخِلُ فِي الْأَمَانِ (لِلْوَارِثِ) لَهُ (إنْ لَمْ يَبْقَى) أَيْ: إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَمَانٍ وَالْأَمَانُ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ بِحُقُوقِهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَا دَامَ حَيًّا وَلَمْ يُرَقَّ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاعَ أَمَانِهِ فِي حَقِّهِ لِنَقْضِهِ فَمَالُهُ بِحَالِهِ كَأَوْلَادِهِ (وَقَصَدَهُ) أَيْ: الْمَالِكُ أَوْ وَارِثُهُ دُخُولَ دَارِنَا لِأَخْذِ مَالِهِ الْمُخَلَّفِ عِنْدَنَا (أَمْنٌ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَفْظٌ أَوْ نَحْوُهُ وَيَنْبَغِي إذَا دَخَلَ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ وَلَا يَعْرُجَ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ (كَالسِّفَارَةِ) أَيْ: كَقَصْدِ الْكَافِرِ دُخُولَ دَارِنَا لِسِفَارَةٍ أَيْ: رِسَالَةٍ فَإِنَّهُ آمِنْ؛ لِأَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَسُولَيْ مُسَيْلِمَةَ «لَوْ كُنْت قَاتِلًا رَسُولًا لَضَرَبْت أَعْنَاقَكُمَا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لَنَا أَمْ لَا كَوَعِيدٍ وَتَهْدِيدٍ عَلَى الصَّوَابِ فِي أَوَائِلِ الْجِزْيَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ هُنَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ كِتَابٌ أَمْ لَا فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً كَمَا لَوْ دَخَلَ كَافِرٌ دَارَنَا وَادَّعَى أَنَّ مُسْلِمًا أَمَّنَهُ أَوْ أَنَّهُ دَخَلَ لِسَمَاعِ الْقُرْآنِ (وَسَمْعِهِ) أَيْ: وَكَقَصْدِهِ الدُّخُولَ لِسَمَاعِهِ (الْقُرْآنَ) وَالْحَدِيثَ لِيَنْقَادَ إلَى الْحَقِّ إذَا لَاحَ لَهُ فَإِنَّهُ أُمِنَ وَلَا تَتَقَيَّدُ مُدَّتُهُ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَلْ بِمُدَّةِ إمْكَانِ الْبَيَانِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَيُقَاسُ بِهِ الدُّخُولُ لِلسِّفَارَةِ وَلِلتِّجَارَةِ فَتَتَقَيَّدُ مُدَّتُهُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُهُ (وَالتِّجَارَهْ) أَيْ: وَكَقَصْدِهِ الدُّخُولَ لِلتِّجَارَةِ (إنْ آمَنَ الْقَاصِدَهَا مَنْ وُلِّيَ) أَيْ: أَمِنَ الْوَالِي مَنْ قَصَدَهَا
ــ
[حاشية العبادي]
الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: فَالْأَمَانُ يَنْعَقِدُ بِالصَّرِيحِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ أَمَّنَهُ الْمُسْلِمُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ، أَوْ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ أَمِنَ فِيهِ وَفِي طَرِيقِهِ إلَيْهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَا فِي غَيْرِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ أَمَانَهُ وَهُوَ وَالٍ إمَامًا كَانَ أَوْ نَائِبَهُ بِإِقْلِيمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَفِيهِ أَيْ: فَهُوَ آمِنٌ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعِ سُكْنَاهُ وَفِي الطَّرِيقِ إلَيْهِ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مَا لَمْ يَعْدِلْ عَنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: لَا فِي غَيْرِهِ أَيْ: لَا يَكُونُ آمِنًا فِي غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤَمَّنِ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَدَّى الْأَمَانُ إلَيْهِ وَإِنْ شَرَطَهُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ أَنَّ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ نَحْوِ ثِيَابِ بَدَنِهِ وَنَفَقَتِهِ يَدْخُلُ بِلَا شَرْطٍ وَمَا لَا يَحْتَاجُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْإِمَامَ دَخَلَ مَا بِدَارِنَا وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ دُخُولَهُ وَمَا بِدَارِهِمْ إنْ شَرَطَ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَمِّنُ الْآحَادَ دَخَلَ مَا بِدَارِنَا إنْ شَرَطَ دُخُولَهُ، وَلَا يَدْخُلُ مَا بِدَارِهِمْ وَإِنْ شَرَطَ دُخُولَهُ، ثُمَّ قَالَ، أَمَّا إذَا كَانَ الْأَمَانُ لِلْحَرْبِيِّ بِدَارِهِمْ فَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ مَالُهُ وَأَهْلُهُ بِدَارِهِمْ دَخَلَا وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَدْخُلْ أَهْلُهُ وَلَا مَا لَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَالِهِ إلَّا بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ بِدَارِنَا دَخَلَا إنْ شَرَطَهُ الْإِمَامُ لَا غَيْرُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ لَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِرْقَاقِهِ كَانَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُنَا أَيْضًا، ثُمَّ لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ (قَوْلُهُ: لِلْوَارِثِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ الذِّمِّيُّ فَقَطْ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: دُونَ الْحَرْبِيِّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ وَعَلَيْهِ يُقَالُ لَنَا حَرْبِيٌّ يَرِثُهُ ذِمِّيٌّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَصَدَهُ أَمِنَ) وَإِنْ كَانَ نَقَضَ أَمَانَهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: بِأَهْلِهِ وَالْمَالِ) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ إنْ أَمَّنَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَخَلَ مَا مَعَهُ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ وَكَذَا زَوْجَتُهُ وَلَوْ بِلَا شَرْطٍ سَوَاءٌ أَمَّنَهُ بِدَارِنَا أَوْ بِدَارِهِمْ وَيَدْخُلُ مَا لَيْسَ مَعَهُ مِنْهَا إنْ شَرَطَ دُخُولَهُ، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَمَّنَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ لَمْ يَدْخُلْ مَا لَيْسَ مَعَهُ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ مَا مَعَهُ إنْ شَرَطَ دُخُولَهُ وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ لَا تَدْخُلُ زَوْجَتُهُ هُنَا وَلَوْ بِالشَّرْطِ. اهـ.
ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ دُخُولُهَا) اعْتَمَدَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمَالِكُ)