بِأَنْ رَأَى مَصْلَحَةً فِي الدُّخُولِ لَهَا فَقَالَ مَنْ دَخَلَ لِتِجَارَةٍ فَهُوَ آمِنٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ الْآحَادُ وَالْمُرَادُ أَنَّ دُخُولَهُ بِقَصْدِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ أَمَانٌ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ قَصْدِ الدُّخُولِ لَهُ أَمَانٌ
(وَإِنْ يَظُنَّ) كَافِرٌ (صِحَّةً) لِلْأَمَانِ (مِنْ كُلِّ) وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَيَدْخُلُ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ بِأَمَانِ مَنْ لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ كَصَبِيٍّ أَوْ لَهَا بِأَمَانِ الْآحَادِ (أَوْ مَا أَشَارَهُ) أَيْ: أَوْ يَظُنُّ إشَارَتَهُ (أَمَانًا) فَيَدْخُلُ لِذَلِكَ (يُسْلَمْ لِمَأْمَنٍ) أَيْ: يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ وَلَا يُغْتَالُ (لَا إنْ يَقُلْ) أَيْ: الْمُشَارُ إلَيْهِ (لَمْ أَفْهَمْ) إشَارَتَهُ فَلَا يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ بَلْ يُغْتَالُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ كَافِرٌ ظَنَنْت أَنَّ قَصْدَ التِّجَارَةِ يُؤَمِّنُنِي إذْ لَا عِبْرَةَ بِظَنٍّ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ
(وَمَنْ يُبَارِزْ) مِنْ الْكُفَّارِ (مُسْلِمًا وَوَلَّى) أَحَدُهُمَا مُنْهَزِمًا (أَوْ أَثْخَنَ) الْكَافِرُ (الْقِرْنَ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَيْ: الْكُفْءَ وَهُوَ الْمُسْلِمُ (اسْتَحَقَّ الْقَتْلَا) فَلَنَا قَتْلُهُ (إنْ يُشْرَطْ الْكَفُّ) عَنْ إعَانَتِهِمَا (إلَى الْآخَرِ مِنْ قِتَالٍ) ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ كَانَ إلَى آخِرِ الْقِتَالِ وَقَدْ انْتَهَى بِالتَّوَلِّي وَالْإِثْخَانِ وَلَوْ شَرَطَ الْكَفَّ عَنْهُ إلَى رُجُوعِهِ إلَى الصَّفِّ وَفَّى لَهُ بِهِ (أَوْ جَمْعٍ وَلَمْ يَمْنَعْ يُعِنْ) أَيْ: وَيُقْتَلُ الْكَافِرُ الْمُبَارِزُ إنْ يُعِنْهُ جَمْعٌ مَثَلًا مِنْ الْكُفَّارِ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ الْإِعَانَةَ سَوَاءٌ اسْتَنْجَدَ بِهِمْ أَمْ لَا فَإِنْ مَنَعَهُمْ فَلَمْ يَمْتَنِعُوا جَازَ قَتْلُهُمْ دُونَهُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِدُونِ مَا ذُكِرَ بَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ الْمُبَارَزَةَ عَظِيمَةُ الْوَقْعِ وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِأَنْ يُؤَمِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ قِرْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ جَازَ قَتْلُهُ مُطْلَقًا إلَّا إنْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِالْكَفِّ عَنْ الْقِتَالِ إلَى انْقِضَائِهِ أَوْ إلَى الرُّجُوعِ إلَى الصَّفِّ فَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهَا كَالشَّرْطِ وَنَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ شَرْطَ الْكَفِّ مُعْتَبَرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْإِعَانَةِ أَيْضًا فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهَا كَانَ أَوْلَى (وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ) أَيْ: إذَا أَثْخَنَ الْمُسْلِمَ (مِنْ تَذْفِيفِهِ) أَيْ: إسْرَاعِ قَتْلِهِ (وَإِنْ جَرَى الشَّرْطُ بِهِ) أَيْ: بِتَمْكِينِهِ مِنْ التَّذْفِيفِ (لَمْ نُوفِهِ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ وَهَلْ يَفْسُدُ الْأَمَانُ فِيهِ وَجْهَانِ وَزَادَ قَوْلَهُ لَمْ نُوفِهِ أَيْضًا حَاوٍ تَكْمِلَةً. قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ أَثْخَنَ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَفِي جَوَازِ قَتْلِهِ وَجْهَانِ. قَالَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ شَرَطَ الْأَمَانَ إلَى انْقِضَاءِ الْقِتَالِ جَازَ قَتْلُهُ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَعَرَّضَ لِلْمُثْخَنِ وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ. اهـ.
وَكَلَامُهُمَا مُتَدَافِعٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ شَيْءٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ جَوَازُ قَتْلِهِ
(وَالْعِلْجُ) وَهُوَ الْكَافِرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ سُمِّيَ بِهِ لِدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِقُوَّتِهِ وَمِنْهُ الْعِلَاجُ لِدَفْعِهِ الدَّاءَ أَيْ: وَالْكَافِرُ (لَا الْمُسْلِمُ إنْ دَلَّ عَلَى حِصْنٍ) لِلْكُفَّارِ (لِيُعْطَى مِنْهُ أُنْثَى مَثَلَا وَنَحْنُ) أَيُّهَا الْعَاقِدُونَ (لَا غَيْرُ بِهِ) أَيْ: بِالْعِلْجِ أَيْ: بِدَلَالَتِهِ (فَتَحْنَا) الْحِصْنَ وَلَوْ بَعْدَ تَرْكِنَا لَهُ، ثُمَّ عَوْدِنَا إلَيْهِ (وَذِي) أَيْ: الْأُنْثَى (وَلَوْ مُفْرَدَةً وَجَدْنَا) فِي الْحِصْنِ (فَتِلْكَ) أَيْ: الْأُنْثَى (لِلْعِلْجِ إذًا) أَيْ: حِينَ فَتَحْنَاهُ بِدَلَالَتِهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ مُعَيَّنَةً كَانَتْ أَوْ مُبْهَمَةً أَمَةً أَوْ حُرَّةً؛ لِأَنَّهَا تُرَقُّ بِالْأَسْرِ، وَالْمُبْهَمَةُ يُعَيِّنُهَا الْإِمَامُ وَصَحَّ ذَلِكَ مَعَ إبْهَامِهَا وَعَدَمِ مِلْكِهَا وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ، أَمَّا الْمُسْلِمُ إذَا دَلَّنَا عَلَى حِصْنٍ بِهَذَا الشَّرْطِ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعَ غَرَرٍ فَلَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ وَاحْتُمِلَ مَعَ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِأَحْوَالِ حُصُونِهِمْ غَالِبًا؛ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فَرْضُ الْجِهَادِ وَالدَّلَالَةُ نَوْعٌ مِنْهُ فَإِذَا انْفَرَدَ بِمَعْرِفَةِ الْحِصْنِ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْإِعْلَامُ بِهِ كَذَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَأَجَابَ الْعِرَاقِيُّونَ كَمَا قَالَ الشَّيْخَانِ بِالْجَوَازِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي بَابِ الْغَنِيمَةِ تَصْحِيحَهُ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ؛ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْوَجْهَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى تَصْحِيحِ اسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ لِلْجِهَادِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ مُسْلِمٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ لِلْجِهَادِ فِي شَيْءٍ وَإِنَّمَا هَذَا نَظِيرُ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِدَلَالَةِ الطَّرِيقِ إلَى الْكُفَّارِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِ النَّظْمِ مِنْهُ مَا لَوْ شَرَطَ أُنْثَى مِنْ مَالِنَا فَلَا يَصِحُّ إنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً كَسَائِرِ الْجَعَالَاتِ، وَبِقَوْلِهِ وَنَحْنُ لَا غَيْرَ بِهِ فَتَحْنَا مَا لَوْ لَمْ نَفْتَحْهُ وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْ الشَّرْطَ بِالْفَتْحِ وَمَا لَوْ فَتَحْنَاهُ بِغَيْرِ دَلَالَتِهِ وَمَا لَوْ فَتَحَهُ غَيْرُنَا وَلَوْ بِدَلَالَتِهِ لَنَا فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ بِهِ إنْ عُلِّقَ بِالْفَتْحِ وَإِلَّا فَلِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِ الْأُنْثَى بِدُونِ الْفَتْحِ فَكَأَنَّ الشَّرْطَ مُقَيَّدٌ بِالْفَتْحِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ؛ فَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ يَظُنُّ إشَارَتَهُ) أَيْ: الْمُسْلِمِ أَمَانًا أَيْ: وَيَتَبَيَّنُ خِلَافَهُ
(قَوْلُهُ: أَوْ جَمْعٌ) يَنْبَغِي رَفْعُهُ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ بِيُعِنْ مُقَدَّرًا مَعْطُوفًا عَلَى وَلِيٍّ مُفَسَّرًا بِيُعِنْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ إلَخْ) فِيهِ خَفَاءٌ وَلَعَلَّ مَنْشَأَ الْعِلْمِ تَأْخِيرُ بَيَانِ الْمَفْهُومِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْرِط إلَخْ إلَى هُنَا (قَوْلُهُ: جَوَازُ قَتْلِهِ) أَيْ: بَعْدَ الْإِثْخَانِ إنْ شَرَطَ الْكَفَّ إلَى انْتِهَاءِ الْقِتَالِ، أَوْ اطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَمُطْلَقًا لِقَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ جَازَ قَتْلُهُ مُطْلَقًا
(قَوْلُهُ: لَا الْمُسْلِمُ إنْ دَلَّ عَلَى حِصْنٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلْعَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُبْهَمَةِ بِخِلَافِ ظَاهِرِ قَوْلِ أَصْلِهِ قَلْعَةَ كَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ التَّعْيِينِ كَمَا صَوَّرَهُ بِهِ الْجُمْهُورُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ يَكْثُرُ فِيهَا الْغَرَرُ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَبْهَمَ فِي قِلَاعٍ مَحْصُورَةٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) ظَاهِرُهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ: النَّاقِضُ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) دَفْعُ مَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الْقَصْدِ كَافٍ فِي الْأَمَانِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ
(قَوْلُهُ: أَوْ يَظُنَّ إشَارَتَهُ أَمَانًا) أَيْ: وَقَالَ الْمُشِيرُ لَمْ أُرِدْ الْأَمَانَ. اهـ.
عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ: الْمُشَارُ إلَيْهِ) أَيْ: كَانَ الْمُشِيرُ أَشَارَ لَهُ بِالْأَمَانِ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ الْجَعَالَةِ مَعَهُ