لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَتِهِ بَلْ بِالْفَتْحِ بِهَا، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِانْتِفَاءِ مُعَاقَدَتِهِ مَعَهُمْ وَبِقَوْلِهِ وَذِي وَجَدْنَا مَا لَوْ لَمْ نَجِدْ أُنْثَى فِي الْحِصْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَزَادَ مَثَلًا لِيُفِيدَ أَنَّ غَيْرَ الْأُنْثَى كَالْأُنْثَى وَإِذًا لِيُوَضِّحَ بِهِ الْكَلَامَ (وَقُوِّمَتْ) أَيْ: وَتُقَوَّمُ الْأُنْثَى وَتُعْطَى قِيمَتُهَا لِلْعِلْجِ (مِنْ حَيْثُ) يَخْرُجُ (رَضْخٌ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ كَمَا زَعَمَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِابْنِ الْمُلَقِّنِ وَلَا مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَإِنَّمَا يُعْطَى قِيمَتُهَا (إنْ تُمَتْ) بَعْدَ الظَّفَرِ كَمَا سَيَأْتِي لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا (أَوْ أَسْلَمَتْ) بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ قَبْلَ الظَّفَرِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهَا مُطْلَقًا يَمْنَعُ تَسْلِيمَهَا إلَيْهِ كَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ وَقَبْلَ الظَّفَرِ يُمْنَعُ إرْقَاقُهَا نَعَمْ إنْ أَسْلَمَ أَيْضًا وَقَدْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ سُلِّمَتْ إلَيْهِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهَا إذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ الظَّفَرِ لَا يَسْتَحِقُّهَا بَلْ قِيمَتَهَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى شِرَاءِ الْكَافِرِ عَبْدًا مُسْلِمًا إنْ جَوَّزْنَاهُ سَلَّمْنَاهَا إلَيْهِ، ثُمَّ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا وَإِلَّا لَمْ نُسَلِّمْهَا إلَيْهِ لَكِنْ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: هَذَا الْبِنَاءُ مَرْدُودٌ بَلْ يَسْتَحِقُّهَا قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالظَّفَرِ وَقَدْ كَانَتْ إذْ ذَاكَ كَافِرَةً فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِإِسْلَامِهَا كَمَا لَوْ مَلَكَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَكِنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ الَّذِي بَاعَهُ الْمُسْلِمُ لِلْكَافِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَكِنْ هُنَاكَ يَقْبِضُهُ لَهُ الْحَاكِمُ وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ. اهـ.
وَمَا قَالَهُ هُوَ قَضِيَّةُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فِي آخِرِ سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِهِ أَنَّ ذَلِكَ فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهَا قَدْ فَاتَتْهُ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ مُتَبَرِّعًا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ (قُلْتُ) مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَيْتَةِ (إذَا تَمُوتُ بَعْدَ الظَّفَرِ) وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ (فَإِنْ تَمُتْ قَبْلُ) أَيْ: قَبْلَ الظَّفَرِ (فَلَا) شَيْءَ لَهُ (فِي الْأَظْهَرِ) فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ بَعْدَ الظَّفَرِ وَقَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ اسْتِحْقَاقُهُ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَلَيْسَ لَهُ نَصٌّ يُخَالِفُهُ وَلَوْ هَرَبَتْ فَهِيَ كَمَا لَوْ مَاتَتْ (أَمَّا الَّتِي قَدْ أَسْلَمَتْ فَالْمَذْهَبُ) قَائِلٌ (بِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ) لِلْعَمَلِ (عَنْهَا يَجِبُ) لَا قِيمَتُهَا كَمَا فِي الْحَاوِي وَتَبِعَ النَّاظِمُ فِي هَذَا الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهَا كَمَا فِي الْحَاوِي وَمَا تَقَرَّرَ مَحَلُّهُ فِي حِصْنٍ فُتِحَ عَنْوَةً لَا صُلْحًا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ (لَكِنْ زَعِيمُ الْحِصْنِ) أَيْ: سَيِّدُ أَهْلِهِ (إنْ نُؤْمِنْهُ وَأَهْلَهُ بِالصُّلْحِ وَهِيَ) أَيْ: الْأُنْثَى (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الزَّعِيمِ (وَمَا رَضِي هَذَا وَلَا ذَا) أَيْ: الزَّعِيمُ وَالْعِلْجُ (بِعِوَضْ) عَنْهَا (رُدَّ) الزَّعِيمُ (إلَى الْحِصْنِ) الَّذِي هُوَ مَا مِنْهُ وَلَا يُغْتَالُ (وَصُلْحُهُ انْتَقَضْ) وَاسْتُؤْنِفَ الْقِتَالُ؛ لِأَنَّهُ صُلْحٌ مَنَعَ الْوَفَاءَ بِمَا شَرَطْنَاهُ قَبْلَهُ فَإِنْ رَضِيَ الزَّعِيمُ بِدَفْعِهَا لِلْعِلْجِ أَعْطَيْنَاهُ قِيمَتَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَرَضِيَ الْعِلْجُ بِقِيمَتِهَا أَوْ بِجَارِيَةٍ أُخْرَى أَعْطَيْنَاهَا لَهُ وَاسْتَمَرَّ الصُّلْحُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْأُنْثَى مِنْ أَهْلِ الزَّعِيمِ سُلِّمَتْ إلَى الْعِلْجِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْأَمَانِ
. (وَإِنْ يَقُلْ لِأَلْفِ شَخْصٍ مُغْفِلَا لِنَفْسِهِ إذْ عَدَّ أَلْفًا قُتِلَا) أَيْ: وَإِنْ شَرَطَ الزَّعِيمُ أَمَانَ أَلْفِ نَفْسٍ مَثَلًا صَحَّ وَإِنْ جُهِلَتْ أَعْيَانُهُمْ
ــ
[حاشية العبادي]
حَتَّى أُجْرَةَ الْمِثْلِ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ مَعَ مُسْلِمٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ اسْتِحْقَاقُهَا إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ الَّتِي هِيَ مَبْنَى الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَسْلَمَا أَيْضًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ إسْلَامِهَا لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ بَعْدَهَا لِانْتِقَالِ حَقِّهِ مِنْهَا إلَى قِيمَتِهَا قَالَ الْإِمَامُ وَالْمَاوَرْدِيُّ: وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْبِنَاءِ السَّابِقِ وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ. اهـ.
أَشَارَ بِقَوْلِهِ الْبِنَاءِ السَّابِقِ إلَى مَا يَأْتِي آنِفًا عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَبِقَوْلِهِ وَقَدْ مَرَّ إلَخْ إلَى مُنَازَعَةِ الْبُلْقِينِيِّ فِيهِ (قَوْلُهُ: سُلِّمَتْ إلَيْهِ) وَكَذَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ إذَا كَانَ مُسْلِمًا ابْتِدَاءً بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ مُعَاقَدَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَهُنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ هُنَا حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى قَبْضِهَا لِتَوَقُّفِ التَّصَرُّفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ) كَأَنَّهُ يَحْتَرِزُ عَنْ الْمُبْهَمَةِ إذْ لَا يَتَأَتَّى مِلْكُهَا مَعَ الْإِبْهَامِ وَكَانَ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ الْمُوَافَقَةَ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْبَدَلُ وَأَنَّهُ الْقِيمَةُ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدُ أَيْ: وَاحِدَةٌ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ أَقَلُّهُنَّ قِيمَةً أَوْ تُعَيَّنُ لَهُ وَاحِدَةٌ وَيُعْطَى قِيمَتُهَا (قَوْلُهُ: إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهَا إلَخْ) لَمْ يُبَيِّنْ مُحْتَرَزَ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَلَعَلَّهُ إذَا جَهِلَ الْأَمْرَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: قَبْلَ الظَّفَرِ إلَخْ) وَبَعْدَ الْعَقْدِ هَذَا مَوْضِعُ الْقَوْلَيْنِ بِرّ وَبِالْأَوْلَى إذَا مَاتَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَيُخَالِفُ مَا إذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ الْعَقْدِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْمَوْتِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: أَمَّا الَّتِي قَدْ أَسْلَمَتْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى الْحَاوِي كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: فَالْمَذْهَبُ إلَخْ هَذَا الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ بَعْدَ الظَّفَرِ، ثُمَّ قَالَا، ثُمَّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ جَارِيَةً مُعَيَّنَةً فَإِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً وَمَاتَ كُلُّ مَنْ فِيهَا مِنْ الْجَوَارِي وَأَوْجَبْنَا الْبَدَلَ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ قَطْعًا لِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِ الْمَجْهُولِ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تُسَلَّمُ إلَيْهِ قِيمَةُ مَنْ يُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ. اهـ. قِيلَ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الثَّانِيَ قَالَ فَيُعَيِّنُ لَهُ وَاحِدَةً وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهَا كَمَا يُعَيِّنُهَا لَهُ لَوْ كُنَّ أَحْيَاءً. اهـ.
وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا فَيُقَالُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَإِنْ كَانَتْ مُبْهَمَةً وَأَسْلَمَ كُلُّ مَنْ فِيهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهَلْ هِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ وَجْهَانِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ: سَهْمِ الْمَصَالِحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ أَوْ مِنْ حَيْثُ يَكُونُ الرَّضْخُ وَقَوْلُهُ: وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي. اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْضًا. اهـ.
شَرْحُ م ر لِلْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: لَا مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ) قَالَ ق ل قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَهُوَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: قَبْلَ الظَّفَرِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فِي أَمَةٍ مُعَيَّنَةٍ)