للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْحَاجَةِ فَإِذَا عَدَّ أَلْفًا وَأَغْفَلَ نَفْسَهُ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَلْفِ وَقَدْ اتَّفَقَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مُحَاصَرَةٍ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

وَ (لَوْ نَزَلُوا) أَيْ: أَهْلُ الْحِصْنِ مِنْهُ (عَلَى قَضَاءِ) أَيْ: حُكْمِ (ذَكَرِ عَدْلٍ) فِي الشَّهَادَةِ (بِأَحْوَالِ الْقِتَالِ مُبْصِرِ) أَيْ: بَصِيرٍ بِهَا وَلَوْ أَعْمَى صَحَّ؛ لِأَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّعْوِيلُ إلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِهِ الْمَرْأَةُ وَالْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ وَالْقِنُّ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَحَذَفَ النَّاظِمُ مِنْ الْحَاوِي الْعَقْلَ اكْتِفَاءً بِالْعَدَالَةِ كَمَا اكْتَفَيَا مَعًا بِهَا عَنْ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَيَتَعَيَّنُ الْحُكْمُ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ لَنَا مِنْ قَتْلٍ وَإِرْقَاقٍ وَمَنٍّ وَفِدَاءٍ لِعُلُوِّ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ، وَيَتَخَيَّرُ فِيمَنْ يُرَقُّ بِالْأَسْرِ كَالنِّسَاءِ بَيْنَ الْمَنِّ وَالْإِرْقَاقِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى حُكْمِهِ فِي التَّشْدِيدِ وَلَهُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْهُ وَيُسَامِحَ عَلَى مَا سَيَأْتِي كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (إنْ يَقْضِ غَيْرَ الْقَتْلِ مَنْ يَقْتُلْ يَخُنْ) أَيْ: إنْ يَقْضِ الْمُحَكَّمُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ فِي شَخْصٍ فَمَنْ قَتَلَهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَيْ: فَيَحْرُمُ فَلَوْ قَضَى بِالْمَنِّ لَمْ يَجُزْ مَا عَدَاهُ أَوْ بِالْفِدَاءِ جَازَ الْمَنُّ فَقَطْ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْإِرْقَاقِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِإِرْقَاقِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْغَانِمِينَ بِنَفْسِ الْحُكْمِ، وَالْفِدَاءُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمْ قَبْلَ قَبْضِهِ (أَوْ يَقْضِ قَتْلًا) أَيْ: بِهِ (لَمْ نُرِقَّ) نَحْنُ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْإِرْقَاقَ يَتَضَمَّنُ ذُلًّا مُؤَبَّدًا وَقَدْ يَخْتَارُ الْإِنْسَانُ الْقَتْلَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ يَجُوزُ إرْقَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْقَتْلِ (وَنَمُنْ) عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ وَنَفْدِيهِ (وَإِنْ قَضَى الْجِزْيَةَ) أَيْ: بِهَا (نَجْبُرْهُمْ) عَلَى قَبُولِهَا وَإِنْ لَمْ نَجْبُرْ عَلَيْهِ الْأَسِيرَ لِرِضَاهُمْ بِحُكْمِهِ أَوَّلًا فَامْتِنَاعُهُمْ كَامْتِنَاعِ قَابِلِ الْجِزْيَةِ مِنْ بَذْلِهَا (كَمَا يَرِقُّ مَحْكُومٌ بِهِ إنْ أَسْلَمَا) أَيْ: كَمَا يَبْقَى رِقُّ الْمَحْكُومِ بِإِرْقَاقِهِ وَإِنْ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ الْمُحَكَّمِ وَقَدْ حَكَمَ بِإِرْقَاقِهِ فَلَا يَرْتَفِعُ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَمُنُّ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَى الْغَانِمِينَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا لَهُمْ وَإِنْ قَضَى بِقَتْلِهِ فَأَسْلَمَ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ وَلَا إرْقَاقُهُ وَلَا فِدَاؤُهُ بَلْ يَمُنُّ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ قَبْلَ الْحُكْمِ حَقَنَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَلَمْ يَجُزْ إرْقَاقُهُ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ

(يَهْرُبُ مَأْسُورٌ يَمِينًا عَقَدَا) أَيْ: وَيَهْرَبُ الْمَأْسُورُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ جَوَازًا بَلْ وُجُوبًا إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ وَإِنْ عَقَدَ يَمِينَهُ لِمَنْ أَسَرَهُ أَنَّهُ لَا يَهْرُبُ، وَكَذَا كُلُّ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ يَلْزَمُهُ الْهِجْرَةُ وَإِنْ حَلَفَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ» وَالْيَمِينُ لَا تُبِيحُ لَهُ الْإِقَامَةَ حَيْثُ حَرُمَتْ، ثُمَّ إنْ حَلَفَ مُكْرَهًا لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ أَوْ طَائِعًا كَفَرَ

(وَيَقْتُلُ) الْهَارِبُ (التَّابِعَ) لَهُ لِيَرُدَّهُ (دَفْعًا) عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَمَّنُوهُ وَزَادَ قَوْلَهُ (لَا ابْتِدَا) تَكْمِلَةً وَإِيضَاحًا (لَا الْغَيْرَ) أَيْ: غَيْرَ تَابِعِهِ فَلَا يَقْتُلُهُ (إنْ هُمْ أَطْلَقُوا) وَفِي نُسْخَةٍ لَا غَيْرَهُ إنْ أَطْلَقُوا (وَأُومِنَا) أَيْ: إنْ أَطْلَقُوهُ وَأَمَّنُوهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنْهُمْ، وَكَذَا إنْ أَمَّنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّنُوهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفٍ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ فِي الْأُمِّ مَا لَوْ قَالُوا أَمَّنَّاك وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك فَإِنْ لَمْ يَقَعْ أَمَانٌ فَلَهُ قَتْلُ التَّابِعِ وَغَيْرِهِ

(وَمَا اشْتَرَى) أَيْ: وَمَا اشْتَرَاهُ الْأَسِيرُ الْهَارِبُ مِنْهُمْ (يَبْعَثُ) إلَيْهِمْ (عَنْهُ الثَّمَنَا) إنْ اشْتَرَاهُ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ (وَ) يَبْعَثُ إلَيْهِمْ (الْعَيْنَ) الْمُشْتَرَاةَ (إنْ أُكْرِهَ) عَلَى الشِّرَاءِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ (وَالْفِدَاءُ) لِنَفْسِهِ (لَمْ يَبْعَثْ) إلَيْهِمْ (وَلَوْ شَرَطَا كَعَوْدٍ الْتَزَمَ) أَيْ: وَلَوْ الْتَزَمَ بَعْثَ الْفِدَاءِ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَبْعَثُهُ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لِيَعْتَمِدُوا الشَّرْطَ فِي إطْلَاقِ الْأَسْرَى. قَالَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: عَنْ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ) أَيْ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْعَدْلِ عَدْلُ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ يَقْتُلْ يَخُنْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ بِقَتْلِهِ دِيَةُ ذِمِّيٍّ حَيْثُ اسْتَفَادَ الْأَمَانَ؛ لِأَنَّهُ مُؤَمَّنٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الرَّوْضِ فِيمَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَقَاتَلَهُ يَأْثَمُ أَيْ: لِأَنَّهُ بِالْأَمَانِ عَصَمَ دَمَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَعَلَيْهِ دِيَةُ ذِمِّيٍّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا يُرَقُّ مَحْكُومٌ بِهِ إنْ أَسْلَمَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَوْ أَسْلَمَ أَيْ: بَعْدَ الْحُكْمِ بِالرِّقِّ أَيْ: الْإِرْقَاقِ لَا قَبْلَهُ اسْتَرَقَّ. اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِهِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِرْقَاقِ لَا يَسْتَلْزِمُ الرِّقَّ عَكْسُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ إلَّا بِرِضَى الْغَانِمِينَ وَالْوَجْهُ مَا قَدَّمَهُ ثَمَّ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَمُنُّ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَى الْغَانِمِينَ) أَفْهَمَ جَوَازًا لِمَنْ بِرِضَاهُمْ فَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لَهُمْ وَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ إهْمَالَهُ وَتَمْكِينَهُ مِنْ الذَّهَابِ لِأَيِّ مَحَلٍّ شَاءَ وَالتَّصَرُّفَ فِي أَيِّ وَجْهٍ شَاءَ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى الرِّقِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَكَتَبَ أَيْضًا اسْتَشْكَلَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ لِأَهْلِ الْخُمُسِ حَقًّا فَكَيْفَ يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ رِضَى الْغَانِمِينَ؟ . اهـ. قِيلَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَا لَيْسَ مُسْتَقِرًّا بِدَلِيلِ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ قَدْ تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ فِي بَعْضِ الْخِصَالِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ قَضِيَّةُ الْإِشْكَالِ وَالْجَوَابِ أَنَّهُمْ إذَا رَضُوا انْقَطَعَ الْمِلْكُ عَنْهُ فَهَلْ الْمُرَادُ انْقِطَاعُ الرِّقِّ وَعَوْدُهُ لِحُرِّيَّتِهِ الَّتِي كَانَتْ فَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ أَوْ تَنْزِيلُ مَا جَرَى مَنْزِلَةَ إعْتَاقِهِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ) إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَجُزْ إرْقَاقُهُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ أَيْ: أَوْ حَكَمَ بِاسْتِرْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَقَتَلَ مَنْ أَقَامَ مِنْهُمْ عَلَى الْكُفْرِ أَوْ بِاسْتِرْقَاقِ مَنْ أَسْلَمَ وَمَنْ أَقَامَ عَلَى الْكُفْرِ جَازَ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ. اهـ.

؛ لِأَنَّ هَذَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا سَبَقَ الْحُكْمُ الْإِسْلَامَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَسْأَلَةُ الشَّارِحِ بِالْعَكْسِ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إظْهَارِ دِينِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَتَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ أَيْ: إمْكَانِ إظْهَارِ دِينِهِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْهِجْرَةِ لَكِنَّهُ قَالَ قَبْلَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ إظْهَارُ دِينِهِ أَمْ لَا وَنَقَلَهُ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ. اهـ.

وَعَلَى هَذَا فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْهِجْرَةِ مَا فِي الْأَسْرِ مِنْ الذُّلِّ

(قَوْلُهُ: وَلَا أَمَانَ لَنَا عَلَيْك) أَيْ: وَلَا أَمَانَ يَجِبُ لَنَا عَلَيْك فَيَجُوزُ اغْتِيَالُهُمْ حِينَئِذٍ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: وَيَبْعَثُ الْعَيْنَ إنْ أُكْرِهَ) وَإِنْ وَكَّلُوهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ بِدَارِنَا بَاعَهُ وَرَدَّ ثَمَنَهُ أَيْ: إلَيْهِمْ رَوْضٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَتْ مُبْهَمَةً وَأَسْلَمَ جَمِيعُ مَنْ فِيهَا مِنْ الْإِمَاءِ بَعْدَ الظَّفَرِ كَمَا لَوْ مَاتَ كُلُّ جَارِيَةٍ فِيهَا بَعْدَ الظَّفَرِ فَإِنَّ الْحُكْمَ أَنْ يُعَيِّنَ الْإِمَامُ جَارِيَةً لِيُعْطِيَ قِيمَتَهَا تَدَبَّرْ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَعَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>