للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدْفَعْ الْإِمَامُ عَنْهُمْ مَا يَجِبُ لَهُمْ بِالْعَقْدِ مِنْ الذَّبِّ عَنْهُمْ لَمْ تَجِبْ جِزْيَةُ ذَلِكَ الْحَوْلِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ بِقَدْرِ دِينَارٍ صِحَّةُ الْعَقْدِ بِدِينَارٍ وَبِمَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ وَهُوَ ظَاهِرُ خَبَرِ مُعَاذٍ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ أَقَلُّ الْجِزْيَةِ دِينَارٌ أَوْ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، وَالْمَنْصُوصُ الْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ أَقَلَّهَا دِينَارٌ، وَعَلَيْهِ إذَا عَقَدَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ عِوَضًا كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُسْتَقِرَّةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ قَدْرِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ عَقْدُهَا بِمَا قِيمَتُهُ دِينَارٌ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ قَدْ تَنْقُصُ عَنْ دِينَارٍ آخِرَ الْمُدَّةِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَجَازَ إنْ مَاكَسَ (دُونَ مَا لَمْ يَتَّصِلْ مِنْ الْجُنُونِ) بِأَنْ تَقَطَّعَ فَلَا تَجِبُ الْجِزْيَةُ لِأَيَّامِهِ بَلْ تُلَفَّقُ أَيَّامُ الْإِفَاقَةِ فَإِذَا تَمَّتْ سَنَةً أُخِذَتْ الْجِزْيَةُ لَهَا نَعَمْ إنْ كَانَ زَمَنُ الْجُنُونِ يَسِيرًا كَسَاعَةٍ فِي شَهْرٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ (وَانْقِيَادٍ) أَيْ: بِقَدْرِ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ وَبِانْقِيَادِهِمْ لِأَحْكَامِنَا الَّتِي يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهَا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَنِكَاحِ الْمَجُوسِ الْمَحَارِمَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا كَالْعِوَضِ عَنْ التَّقْرِيرِ فَيَجِبُ ذِكْرُهُمَا كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالْأُجْرَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَفُسِّرَ إعْطَاءُ الْجِزْيَةِ فِي الْآيَةِ بِالْتِزَامِهَا، وَالصِّغَارُ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا، فَيَقُولُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَقْرَرْتُكُمْ أَوْ أَذِنْت لَكُمْ فِي الْإِقَامَةِ بِدَارِنَا عَلَى أَنْ تَبْذُلُوا الْجِزْيَةَ وَتَنْقَادُوا لِحُكْمِنَا، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ كَفٍّ اللِّسَانِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ لِدُخُولِهِ فِي الِانْقِيَادِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ عَقْدُ الْجِزْيَةِ (إنْ قَبِلْ) أَيْ: الْمَأْذُونُ لَهُ وَكَالْقَبُولِ الِاسْتِيجَابُ وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ عَقْدَهَا بِلَا مَكِيدَةٍ

. (وَأُخِذَتْ) أَيْ: الْجِزْيَةُ (لِمَا مَضَى) مِنْ الْعَامِ (إنْ أَسْلَمَا) أَيْ: الْمَأْذُونُ لَهُ (أَوْ مَاتَ أَوْ جُنَّ) فِي أَثْنَائِهِ إذْ وُجُوبُهَا بِالسُّكْنَى فَإِذَا سَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَجَبَ قِسْطُهُ كَالْأُجْرَةِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ فَتَرِكَتُهُ كُلُّهَا فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ أَخَذَ مِنْ نَصِيبِ الْوَارِثِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْجِزْيَةِ وَسَقَطَتْ حِصَّةُ بَيْتِ الْمَالِ

(وَسَوِّهِ) أَيْ: الْمَأْخُوذَ جِزْيَةً مِمَّنْ لَزِمَتْهُ (بِمَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ) أَيْ: لِآدَمِيٍّ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ؛ وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا حَقُّ الْآدَمِيِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا أُجْرَةٌ حَتَّى لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، أَوْ مَاتَ وَضَاقَ مَالُهُ عَنْ دَيْنِهِ وُزِّعَ عَلَى الْكُلِّ بِالْقِسْطِ، أَمَّا دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى فَيُقَدَّمُ عَلَى الْجِزْيَةِ كَمَا يُقَدَّمُ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ الْمُسَاوِي لَهَا

(وَلَسْنَا نَأْخُذُ قِسْطًا) مِنْهَا فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ لِمَا مَضَى مِنْهُ (مِنْ أَهْلِ جِزْيَةٍ لَمْ يَنْبِذُوا) الْعَهْدَ بَلْ نَأْخُذُ الْكُلَّ آخِرَ الْعَامِ اتِّبَاعًا لِسِيرَةِ الْأَوَّلِينَ فَإِنْ نَبَذُوا الْعَهْدَ فِي أَثْنَائِهِ أَخَذْنَا مِنْهُمْ قِسْطَ مَا مَضَى مِنْهُ وَقَوْلُهُ لَمْ يَنْبِذُوا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ لَا نَأْخُذُ مِنْهُ الْقِسْطَ حِينَئِذٍ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى الْأَخْذِ

(وَتِلْكَ) أَيْ: الْجِزْيَةُ بَاقِيَةٌ (فِي ذِمَّةِ مُعْسِرٍ) وَقْتَ اسْتِحْقَاقِهَا (إلَى يَسَارِهِ بِهَا) فَتُؤْخَذُ مِنْهُ (وَلَا تَدَاخُلَا) لِجِزْيَةِ سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ

ــ

[حاشية العبادي]

عِنْدَ الْعَقْدِ فِي آخِرِ الْعَامِ، ثُمَّ إنَّ الْكَافِرَ إنْ صَمَّمَ عَلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى الدِّينَارِ وَجَبَ قَبُولُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الزِّيَادَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَسَتَعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْمُمَاكَسَةَ قَدْ تَكُونُ فِي آخِرِ الْعَامِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَى الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ عِوَضًا) وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ذَلِكَ ظَاهِرُ خَبَرِ مُعَاذٍ (قَوْلُهُ: بَلْ تُلَفَّقُ أَيَّامُ الْإِفَاقَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنْ أَمْكَنَ أَيْ: التَّلْفِيقُ كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ أَوْ وَيَوْمَيْنِ، ثُمَّ قَالَ، أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّلْفِيقُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَجْنُونِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَا أَثَرَ لِيَسِيرِهِ أَيْ: زَمَنِ الْجُنُونِ كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَكَذَا لَا أَثَرَ لِيَسِيرِ زَمَنِ الْإِفَاقَةِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: الَّتِي يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهَا) فِي وَصْفِ الْأَحْكَامِ بِهَذَا مَا لَا يَخْفَى إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا الْأُمُورُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهَا بِقَرِينَةِ التَّمْثِيلِ (قَوْلُهُ: وَالصَّغَارُ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّهُ لَا صِغَارَ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِنَا مَعَ تَقْيِيدِهَا بِمَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ إذْ لَا صَغَارَ عَلَى الْإِنْسَانِ بِالْتِزَامِ مَا يَعْتَقِدُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الصَّغَارَ جَاءَ مِنْ جِهَةِ إلْزَامِنَا وَالْإِنْسَانُ لَا يَحْتَمِلُ إلْزَامَ غَيْرِهِ لَهُ وَتَسَلُّطَهُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِمَا يَعْتَقِدُهُ بَقِيَ أَنَّ وَصْفَ الْأَحْكَامِ هُنَا بِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُلْتُ وَعَيْبُ ذَا مَا نَصُّهُ أَيْ: وَيَكْفِي فِي الصَّغَارِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمْ الْحُكْمُ بِمَا لَا يَعْتَقِدُونَهُ. اهـ.

اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ لَا يَعْتَقِدُونَهُ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنَادُ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَالتَّسَلُّطُ بِهِ عَلَيْهِمْ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَشَارَ إلَى جَوَابٍ آخَرَ وَسَتَنْظُرُهُ بِهَامِشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: لِدُخُولِهِ فِي الِانْعِقَادِ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ فِي كَفِّ اللِّسَانِ عَنْ رَسُولِهِ وَدِينِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي أَنَّهُمْ لَوْ سَبُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنْ شَرَطَ انْتِقَاضَ الْعَهْدِ بِذَلِكَ انْتَقَضَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ أَنَّ كَفَّهُمْ عَنْ ذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِاشْتِرَاطِهِ وَأَمَّا انْتِقَاضُ عَهْدِهِمْ بِذَلِكَ فَلَا يَكْفِي فِيهِ لُزُومُ ذَلِكَ لَهُمْ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ بَلْ وَلَا التَّصْرِيحُ فِي الْعَقْدِ بِاشْتِرَاطِ كَفِّهِمْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ فِي الْعَقْدِ بِاشْتِرَاطِ الِانْتِقَاضِ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَسَقَطَتْ حِصَّةُ بَيْتِ الْمَالِ) هَذَا ظَاهِرٌ إنْ لَمْ تَقِلَّ بِالرَّدِّ عَلَى الْوَارِثِ غَيْرِ الْمُسْتَغْرَقِ وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْفُصُولِ مَا نَصُّهُ وَإِطْلَاقُ الْقَوْلِ بِالرَّدِّ وَبِإِرْثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ عَلَى الْجِزْيَةِ) أَيْ: بَعْدَ الْمَوْتِ بِرّ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى الْأَخْذِ) هُوَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ) أَيْ: حَتَّى تَكُونَ كَالزَّكَاةِ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ إلَخْ) حَمَلَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>