للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَذْبَحَ وِفَاقًا فَفِي حِلِّهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الذَّبْحِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ. قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الْمَذْبَحَ وَأَنْ يَقْصِدَ الشَّاةَ فَيُصِيبَ الْمَذْبَحَ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَرْجَحُ الْحِلُّ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي الْجَرْحِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ (أَوْ رَدَّهُ كَلْبُ الْمَجُوسِ) وَقَدْ هَرَبَ كَلْبُ الْمُسْلِمِ فَقَتَلَهُ كَلْبُ الْمُسْلِمِ فَيَحِلُّ كَمَا لَوْ ذَبَحَ مُسْلِمٌ شَاةً أَمْسَكَهَا مَجُوسِيٌّ (وَلِمَا بَانَ بِمَا ذَفَّفَ) أَيْ: الذَّكَاةُ لِلْحَيَوَانِ بِمَا مَرَّ وَلِلْعُضْوِ الْمُبَانِ مِنْ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِجُرْحٍ مُذَفِّفٍ أَيْ: مُسْرِعٍ لِقَتْلِهِ فَيَحِلُّ الْعُضْوُ كَبَاقِي الْبَدَنِ فَإِنْ أُبِينَ مِنْهُ بِغَيْرِ مُذَفِّفٍ حَرُمَ سَوَاءٌ ذُبِحَ أَمْ مَاتَ بِذَلِكَ الْجَرْحِ أَوْ بِجَرْحٍ آخَرَ مُذَفِّفٍ أَوْ غَيْرِ مُذَفِّفٍ؛ لِأَنَّهُ أُبِينَ مِنْ حَيٍّ، وَحَلَّ الْبَاقِي وَمَحَلُّ حِلِّهِ فِي غَيْرِ الْأُولَى إذَا لَمْ يَثْبُتْهُ بِالْجَرْحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَثْبَتَهُ بِهِ تَعَيَّنَ ذَبْحُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ تَحْرِيمُ الْمُبَانِ بِغَيْرِ مُذَفِّفٍ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الذَّبْحِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لِمَا مَرَّ وَوَقَعَ فِي الْمَنَاهِجِ كَأَصْلِهِ تَصْحِيحُ حِلِّهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُذَفِّفًا وَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمَيْنِ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَاهُ فَإِنْ أَصَابَاهُ مَعًا فَحَلَالٌ، أَوْ أَصَابَهُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَإِنْ أَزْمَنَهُ وَلَمْ يُصِبْ الثَّانِي مَذْبَحَهُ لَمْ يَحِلَّ، وَإِنْ أَصَابَهُ حَلَّ وَإِنْ لَمْ يُزْمِنْهُ الْأَوَّلُ وَقَتَلَهُ الثَّانِي حَلَّ (لَا مَا طَعِمَا) أَيْ: يَحِلُّ مَا مَرَّ لَا مَا أَكَلَ (مِنْهُ) الْجَارِحَةُ بَعْدَ الْإِمْسَاكِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ حَشْوَتَهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا أَكَلَ مِنْهُ عَقِبَ قَتْلِهِ وَإِلَّا فَيَحِلُّ قَطْعًا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ كُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ» مَعَ أَنَّ فِي رِجَالِهِ رَجُلًا مُتَكَلَّمًا فِيهِ، وَخَرَجَ بِطَعْمِهَا لَعْقُهَا الدَّمَ فَلَا يُؤَثِّرُ (وَعُلِّمَتْ) بَعْدَ أَكْلِهَا؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ غَيْرَ مُعَلَّمَةٍ (وَمَا مِنْ قَبْلِهِ تَقْتُلُ) أَيْ: وَلَا يَحِلُّ مَا قَتَلَهُ قَبْلَ أَكْلِهَا (لَكِنْ) هَذَا مُقَيَّدٌ (بِاعْتِيَادِ أَكْلِهِ) أَيْ: بِالصَّيْدِ بِأَنْ أَكَلَتْ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَإِذَا قُلْنَا بِتَحْرِيمِ مَا أَكَلَ مِنْهُ فَيَجِبُ اسْتِئْنَافُ التَّعْلِيمِ وَلَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَا اصْطَادَهُ قَبْلُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْأَكْلُ وَصَارَ عَادَةً فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ مَا أَكَلَ مِنْهُ آخِرًا وَفِيمَا أَكَلَ مِنْهُ قَبْلُ وَجْهَانِ الْأَقْوَى التَّحْرِيمُ. اهـ.

(وَلَا) يَحِلُّ (الَّذِي يُثْخِنُهُ) الْمُسْلِمُ بِكَلْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ (ثُمَّ قَتَلْ) أَيْ: قَتَلَهُ (كَلْبُ الْمَجُوسِيِّ) تَغْلِيبًا لِلْحُرْمَةِ (وَغُرْمَهُ حَمَلْ) أَيْ: وَحَمَلَ الْمَجُوسِيُّ إنْ وُجِدَ مِنْهُ إغْرَاءٌ أَوْ تَقْصِيرٌ قِيمَةَ الصَّيْدِ مُثْخَنًا لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالَهُ (أَوْ) الَّذِي (غَابَ) بَعْدَ أَنْ جَرَحَهُ وَلَمْ يُنْهِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ (ثُمَّ مَاتَ) أَيْ: لَا يَحِلُّ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ بِسَبَبٍ آخَرَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ يَحِلُّ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مَاتَ بِالْجَرْحِ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا رَمَيْت بِسَهْمِك فَغَابَ عَنْك فَأَدْرَكْته فَكُلْهُ مَا لَمْ يُنْتِنْ» . قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ أَصَحُّ دَلِيلًا، وَفِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَالصَّوَابُ وَثَبَتَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ دُونَ التَّحْرِيمِ. قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ فَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ بِطُرُقٍ حَسَنَةٍ فِي حَدِيثِ «عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ. قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ إنَّا أَهْلُ صَيْدٍ، وَإِنَّ أَحَدَنَا يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَغِيبُ عَنْهُ اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ فَيَجِدْهُ مَيِّتًا فَقَالَ إذَا وَجَدْت فِيهِ أَثَرَ سَهْمِك وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ سَبُعٍ وَعَلِمْتَ أَنَّ سَهْمَك قَتَلَهُ» فَكُلْ فَهَذَا مُقَيِّدٌ لِبَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ وَدَالٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ

. (وَالْإِغْرَاءُ) لِلْجَارِحِ (فِي أَثْنَاءِ عَدْوِهِ كَمِثْلِ الْمُنْتَفِي) أَيْ: كَالْعَدَمِ بِخِلَافِ إغْرَائِهِ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبًا فَأَغْرَاهُ مَجُوسِيٌّ حَلَّ وَإِنْ زَادَ عَدْوُهُ بِإِغْرَائِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَوْ اسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ، ثُمَّ أَغْرَاهُ مُسْلِمٌ حَرُمَ وَإِنْ زَادَ بِهِ عَدْوُهُ

(وَاَللَّهَ نَدْبًا وَحْدَهُ يُسَمِّي) أَيْ: الْمُذَكِّي بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١١٨] وَلِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَإِنَّمَا لَمْ

ــ

[حاشية العبادي]

حَرُمَ. قَالَ فِي شَرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُحَرَّمًا فَلَا يَسْتَفِيدُ الْحِلَّ. اهـ.

، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ لَا عَكْسَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِأَنْ رَمَى حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا ظَنَّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا وَمَاتَ حَلَّ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُبَاحًا. اهـ.

وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَصَدَ مُحَرَّمًا قَدْ يُقَالُ قَدْ قَصَدَ مُحَرَّمًا فِيمَا إذَا أَصَابَهُ وَبَانَ حَيَوَانًا مَأْكُولًا لَا فَكَأَنَّ قَصْدَ الْمُحَرَّمِ إنَّمَا يَضُرُّ إذَا كَانَتْ الْإِصَابَةُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لَهُ (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأُولَى) خَرَجَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا هَذَا التَّقْيِيدُ لِوُجُودِ الذَّبْحِ فِيهَا (قَوْله بِاعْتِيَادِ أَكْلِهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا صَادَتْ الْجَارِحَةُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَثَلًا وَلَمْ تَأْكُلْ فِيهَا مِنْ الصَّيْدِ، ثُمَّ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مَثَلًا، وَأَكَلَتْ مِنْهُ فِيهِمَا فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُرْمَةُ الصَّيْدِ فِي الْمَرَّتَيْنِ وَفِي الثَّلَاثِ قَبْلَهَا أَيْضًا وَحَاصِلُ الْمَنْقُولِ الْمَذْكُورِ الْحُرْمَةُ فِي الْمَرَّتَيْنِ دُونَ الثَّلَاثِ قَبْلَهَا فَاتَّضَحَ قَوْلُهُ: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَبَدُّلَ صِفَةِ الْجَارِحَةِ كَتَبَدُّلِ صِفَةِ الصَّائِدِ إلَى رِدَّةٍ وَنَحْوِهَا وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ تُوهِمُ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّكَرُّرِ وَجَرَيَانَ الْوَجْهَيْنِ مُفَرَّعٌ عَلَى الرَّاجِحِ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ تَحْرِيمِ الَّذِي أَكَلَ مِنْهُ مَرَّةً بَعْدَ التَّعْلِيمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَأَيْت فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ بِرّ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ: فَقَطْ كَمَا فِي الْخَادِمِ؛ لِأَنَّ بَقِيَّتَهَا لَا تُنَاسِبُ الْمَقَامَ لَكِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّسْمِيَةِ خُصُوصَ هَذَا اللَّفْظِ بَلْ لَوْ قَالَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كَانَ حَسَنًا، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ النَّصِّ أَنَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) قَالَ م ر وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: آخِرًا) أَيْ: مَا حَصَلَ بِهِ التَّكْرَارُ، وَقَوْلُهُ: وَفِيمَا أَكَلَ مِنْهُ قَبْلُ أَيْ: قَبْلَ ذَلِكَ الْآخَرِ مِمَّا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ التَّكْرَارُ

(قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ ق ل عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>