للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِي صَيْدِ غَيْرِ الْحَرَمَيْنِ وَالْمُحْرِمِ (وَمَلْجَإٍ لِوَاسِعٍ) أَيْ: وَإِلْجَاءِ الصَّيْدِ إلَى مَوْضِعٍ وَاسِعٍ (أَوْ) تَعْشِيشِهِ فِي بِنَاءٍ (عُمِّرَا بِغَيْرِ قَصْدِهِ) أَيْ: تَعْشِيشِهِ فِيهِ مَعَ وُجُودِ الصَّيْدِ فِيهِ (حَكَى) أَيْ: شَابَهَ (التَّحَجُّرَا) لِلْإِحْيَاءِ حَتَّى لَا يَمْلِكَهُ بِذَلِكَ الْفَاعِلُ وَيَكُونُ أَوْلَى بِتَمَلُّكِهِ وَلَوْ أَخَذَهُ أَجْنَبِيٌّ مَلَكَهُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ أَوْلَى بِتَمَلُّكِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَكَانُ مَغْصُوبًا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يَمْلِكُ مَا صَادَهُ فِي دَارِ غَصَبَهَا (وَلَوْ مَعَ التَّحْرِيرِ وَالْإِفْلَاتِ) أَيْ: مَلَكَ مَا صَادَهُ فَلَا يَزُولُ بِغَيْرِ مُزِيلٍ، وَلَوْ مَعَ تَحْرِيرِهِ لَهُ بِأَنْ قَالَ حَرَّرْتُهُ أَوْ أَعْتَقْتُهُ أَوْ مَعَ إفْلَاتِهِ لَهُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ؛ وَهُوَ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِفِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَوْ قَالَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ عِنْدَ إرْسَالِهِ أَبَحْته لِمَنْ يَأْخُذُهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ فَلِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ بِلَا ضَمَانٍ لَكِنْ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ (كَالْحُكْمِ) فِيمَا (لَوْ أَعْرَضَ عَنْ مُقْتَاتِ) مِنْ كِسْرَةٍ وَسَنَابِلَ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ لَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَا يَمْلِكُهُ آخِذُهُ وَإِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ أَكْلُهُ لِلِاكْتِفَاءِ فِي الْإِبَاحَةِ بِالْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ أَحْوَالِ السَّلَفِ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمُقْتَاتٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِكِسْرَةٍ مَعَ أَنَّ عُمُومَهُ لَيْسَ مُرَادًا مُطْلَقًا فَلَوْ عَبَّرَ بِمَا يُعْرَضُ عَنْهُ عُرْفًا كَانَ أَوْلَى لِتَنَاوُلِهِ غَيْرَ الْمُقْتَاتِ كَبُرَادَةِ الْحَدِيدِ، وَإِخْرَاجِهِ مَا لَا يُعْرَضُ عَنْهُ عُرْفًا (لَا) إنْ أَعْرَضَ عَنْ (جِلْدِ مَيِّتٍ) فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ وَدَبَغَهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَيَزُولُ اخْتِصَاصُ الْأَوَّلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاخْتِصَاصِ يَضْعُفُ بِالْإِعْرَاضِ

وَلَوْ جَرَحَ اثْنَانِ صَيْدًا فَإِمَّا أَنْ يَتَعَاقَبَ عَلَيْهِ جَرْحَاهُمَا أَوْ يَجْرَحَاهُ مَعًا فَإِنْ تَعَاقَبَا عَلَيْهِ فَلَهُ أَحْوَالٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يُزْمِنَهُ الْأَوَّلُ وَيُذَفِّفَهُ الثَّانِي وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا أَزْمَنَ) وَاحِدٌ (ثُمَّ ذَفَّفَ ثَانٍ) فَإِنْ ذَفَّفَ (لَا بِمَذْبَحٍ حَرُمْ) ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِزْمَانِ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ (وَقِيمَةُ الصَّيْدِ) مُزْمِنًا (عَلَى الثَّانِي) لِلْأَوَّلِ لِإِفْسَادِهِ مَالَهُ وَإِنْ ذَفَّفَ بِالْمَذْبَحِ بِأَنْ قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ لَمْ يَحْرُمْ وَيَضْمَنُ لِلْأَوَّلِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا. قَالَ الْإِمَامُ: وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ كَانَ مُتَأَلِّمًا بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُذْبَحْ لَهَلَكَ فَمَا عِنْدِي أَنَّهُ يَنْقُصُ مِنْهُ بِالذَّبْحِ شَيْءٌ.

وَاعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فِي ضَمَانِ النَّقْصِ أَنَّهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ زَمِنًا وَمَذْبُوحًا فَإِنَّ الْجِلْدَ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ فَيَلْزَمُ الثَّانِيَ نَقْصُهُ ثَانِيهَا: أَنْ يُذَفِّفَ أَحَدُهُمَا وَيُزْمِنَ الْآخَرُ وَيُجْهَلَ السَّابِقُ فَيَحْرُمُ إنْ ذَفَّفَ بِغَيْرِ الْمَذْبَحِ وَإِلَّا حَلَّ، ثُمَّ إنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ أَزْمَنَهُ أَوَّلًا وَأَنَّهُ لَهُ فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ فَإِنْ حَلَفَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَا شَيْءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَهُوَ لَهُ وَلَهُ عَلَى النَّاكِلِ قِيمَتُهُ مُزْمِنًا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَأَرْشُ مَا نَقَصَ بِالذَّبْحِ فِي الثَّانِيَةِ.

ثَالِثُهَا: أَنْ يَعْلَمَ السَّابِقَ، ثُمَّ يَنْسَى فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُوقَفُ إلَى الصُّلْحِ أَوْ الْبَيَانِ. رَابِعُهَا: أَنْ يُزْمِنَهُ الْأَوَّلُ وَلَا يُذَفِّفُهُ الثَّانِي وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمَا لَوْ لَمْ يُذَفِّفْهُ) الثَّانِي بِزِيَادَةِ مَا (فَمَاتَ بِهِمَا) أَيْ: بِالْجَرْحَيْنِ (فَهُوَ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَكْلِ حَرَامٌ وَإِلَى -

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ يَجُوزُ إطْلَاقُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ يَحْرُمُ كَالْإِفْلَاتِ السَّابِقِ؟ الظَّاهِرُ التَّحْرِيمُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالسَّوَائِبِ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلِمَنْ أَخَذَهُ أَكْلُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَذَا إطْعَامُ غَيْرِهِ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ.

وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ أَخْذَ الْغَيْرِ مِنْهُ وَأَكْلَهُ لَا يَنْقُصُ عَنْ أَخْذِهِ لِلْأَكْلِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَهُوَ جَائِزٌ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَقَوْلُهُ: أَكْلَهُ أَيْ: لَا إطْعَامَ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ م ر (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ مِنْ لَازِمِ جَوَازِ أَكْلِهِ جَوَازُ ذَبْحِهِ) ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقُ الْأَكْلِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ إطْلَاقَ الْإِبَاحَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْأَكْلِ فَهَلْ يُسْتَفَادُ بِهَا الِانْتِفَاعُ بِنَحْوِ الرُّكُوبِ أَيْضًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ قَيَّدَ الْإِبَاحَةَ بِالرُّكُوبِ فَهَلْ لَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ) أَيْ: وَيَزُولُ مِلْكُ الْمُعْرِضِ عَنْهُ بِالْإِعْرَاضِ كَمَا فِي شَرْحَيْ الْإِرْشَادِ بِرّ

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) هَذَا الْكَلَامُ يَدُلُّ عَلَى حِلِّهِ بِالذَّبْحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَهُ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ إذَا زَالَتْ بِنَحْوِ جُرْحٍ لَمْ يَحِلَّ بِالذَّبْحِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ وَالْإِزْمَانُ هُنَا حَصَلَ بِالْجُرْحِ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ جَرَحَ الصَّيْدَ اثْنَانِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الثَّانِيَ نَقْصُهُ) قَدْ يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ ضَمَانِ نَقْصِهِ ضَمَانُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا وَمَذْبُوحًا؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ إذَا نَقَصَ بِالْقَطْعِ اللَّازِمِ لِلذَّبْحِ لَزِمَ نَقْصُ قِيمَتِهِ مَذْبُوحًا عَنْ قِيمَتِهِ قَبْلَ الذَّبْحِ فَفِيمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَنَافٍ لَا يَخْفَى مَعَ التَّأَمُّلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ ذَفَّفَ بِالذَّبْحِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَا) يَنْبَغِي أَوْ نَكَلَا (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَةِ الْأُولَى) أَيْ: إنْ ذَفَّفَ بِغَيْرِ الذَّبْحِ وَقَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ أَيْ: قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِحَرَكَةِ مَذْبُوحٍ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ ذَبَحَ بِكَالٍّ كَمَا فِي التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: فَمَاتَ بِهِمَا) أَيْ: بِالْجُرْحَيْنِ أَيْ: وَلَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>