للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُ مَا لَمْ يُعْتِقْهُ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَا يَنْتَقِلُ بَلْ يَنْفَكُّ عَنْ الْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي الْأُضْحِيَّةَ وَالْهَدْيِ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَسَاكِينِ وَلِهَذَا لَوْ أَتْلَفَا اشْتَرَى بِقِيمَتِهِمَا مِثْلَهُمَا كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِتْقِ وَقَدْ هَلَكَ وَمُسْتَحِقُّو الضَّحِيَّةِ وَالْهَدْيِ بَاقُونَ وَلَوْ نَوَى جَعْلَ الشَّاةِ مَثَلًا ضَحِيَّةً أَوْ هَدْيًا وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ لَمْ تَصِرْ ضَحِيَّةً وَلَا هَدْيًا كَمَا لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ وَالْوَقْفُ إلَّا بِاللَّفْظِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ غَيْرُهُ كَأَنْ. قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ شَيْءٌ بَلْ يُضَحِّي بِمَا شَاءَ مِنْ الشِّيَاهِ وَلَوْ. قَالَ جَعَلْت هَذَا الْمَالَ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ صَدَقَةً تَعَيَّنَتْ كَشَاةِ الْأُضْحِيَّةَ وَقِيلَ لَا إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَعْيِينِهَا لِتَسَاوِيهَا بِخِلَافِ الشَّاةِ وَلَوْ. قَالَ عَيَّنْتُ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ عَمَّا فِي ذِمَّتِي مِنْ زَكَاةٍ أَوْ نَذْرٍ لَمْ تَتَعَيَّنْ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ كُلٍّ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ ضَعِيفٌ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

(وَبِفَصِيلَةٍ) أَوْ فَصِيلٍ وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ إذَا فُصِلَ عَنْهَا (وَذَاتِ وَصْمَهْ) أَيْ: عَيْبٍ (وَسَخْلَةٍ) وَهِيَ وَلَدُ الْغَنَمِ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهُ سَنَةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ وَيُقَالُ إنَّهَا وَلَدُ الْغَنَمِ سَاعَةَ تَلِدُهُ أُمُّهُ (عَيَّنَ) أَيْ: وَبِنَذْرِهِ التَّضْحِيَةَ بِوَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ سَوَاءٌ عَيَّنَهَا ابْتِدَاءً (أَوْ) عَمَّا (فِي الذِّمَّةِ يَصْرِفُهَا) وُجُوبًا (مَصْرِفَهَا) أَيْ: الضَّحِيَّةِ مَعَ ذَبْحِهَا فِي وَقْتِهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِاسْمِ التَّضْحِيَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَحِيَّةً لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مَعِيبًا عَنْ كَفَّارَتِهِ يُعْتَقُ وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا وَلَوْ كَمُلَتْ قَبْلَ ذَبْحِهَا لَمْ تُجْزِهِ الضَّحِيَّةُ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا قَبْلَهُ كَمَنْ أَعْتَقَ أَعْمَى عَنْ كَفَّارَتِهِ فَعَادَ بَصَرُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَمُلَ مَنْ الْتَزَمَ عِتْقَهُ قَبْلَ إعْتَاقِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي تَعْيِينَ مَا عَيَّنَهُ مِنْ الثَّلَاثِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَا نِزَاعَ أَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

بِرّ وَرَوْضٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الشِّيَاهِ) خَرَجَ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: كَشَاةِ الْأُضْحِيَّةَ) قَضِيَّتُهُ زَوَالُهَا عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: لِتَسَاوِيهَا فِيهِ) فِي الْعُرُوضِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ عَيَّنَ بِالنَّذْرِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَرْفُ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَمَّا فِي ذِمَّتِي فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: مِنْ الدَّرَاهِمِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ تَسَاوِي الدَّرَاهِمِ وَقَوْلُهُ: وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ مَعْدُومٌ (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعِتْقِ كَالدَّرَاهِمِ فِي حُكْمِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَذَاتِ وَصْمَةٍ) أَيْ: عَيْبٍ قِيلَ وَقَضِيَّةُ عِبَارَةِ الْحَاوِي عَلَى مَا حَلَّهُ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ لُزُومُ الْمَعِيبَةِ وَإِنْ أَبْهَمَ الْعَيْبَ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِمَعِيبَةٍ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَعَلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ فِي تَعْيِينِ أَيِّ مَعِيبَةٍ شَاءَ لَكِنْ ظَاهِرُ تَمْثِيلِ الشَّيْخَيْنِ بِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِشَاةٍ عَرْجَاءَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْعَيْبِ وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا الظَّاهِرِ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي مُصَنِّفَ الْإِرْشَادِ حَيْثُ اعْتَرَضَ عِبَارَةَ الْحَاوِي الْمُقْتَضِيَةَ لِخِلَافِ ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ: مِنْ الْمَعِيبِ فِي الذِّمَّةِ يَجُوزُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ نَذَرَ سَلِيمَةً، ثُمَّ عَيَّنَ عَنْهَا مَعِيبَةً وَلَكِنْ بِصِيغَةِ نَذْرٍ فَإِنَّ حُكْمَهَا مَا تَقَرَّرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَ عَنْهَا بِصِيغَةِ جُعْلٍ فَإِنَّهُ يَلْغُو كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَيَجُوزُ أَيْضًا تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ مُعَيَّنًا كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِعَرْجَاءَ، ثُمَّ عَيَّنَ عَنْهُ مَعِيبًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ سَوَاءٌ عَيَّنَهُ بِصِيغَةِ نَذْرٍ أَوْ جُعْلٍ كَالسَّلِيمِ عَنْ السَّلِيمِ وَهَذَا الثَّانِي كَأَنَّهُ مُرَادُ الشَّارِحِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ سَيَذْكُرُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ وَأَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُصَوِّرَ الْمَتْنُ بِمَا لَوْ الْتَزَمَ الْمَعِيبَ ابْتِدَاءً فِي ذِمَّتِهِ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِعَرْجَاءَ وَمَعْنَى الْمَتْنِ سَوَاءٌ عَيَّنَ بِالنَّذْرِ أَوْ الْتَزَمَهُ فِي الذِّمَّةِ مَعِيبًا وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَلَزِمَ فِي نَحْوِ عَرْجَاءَ وَصَغِيرَةٍ وَلَوْ بِذِمَّةٍ قَالَ شَارِحَاهُ أَيْ: وَلَوْ كَانَ الِالْتِزَامُ لَهَا فِي الذِّمَّةِ كَأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِعَرْجَاءَ وَهَذَا عَيْنُ مَا قُلْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ لَا يُقَالُ لَا يَصِحُّ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَتَعْيِينُ الَّذِي تَعَيَّبَا لِنَذْرِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَا هُنَا مُصَوَّرًا بِمَا لَوْ نَذَرَ سَلِيمَةً، ثُمَّ عَيَّنَ عَنْهَا مَعِيبَةً فَإِنْ كَانَ الْآتِي مُصَوَّرًا بِذَلِكَ لَزِمَ التَّكْرَارُ أَوْ لَوْ نَذَرَ مَعِيبَةً فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ عَيَّنَ عَنْهَا مَعِيبَةً لَمْ يَصِحَّ حُكْمُهُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَغْوٌ فَكَيْفَ جَوَّزَ الشَّيْخُ حَمْلَ الْمَتْنِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ نَخْتَارُ الشِّقَّ الْأَوَّلَ وَنَمْنَعُ التَّكْرَارَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي وُجُوبِ الصَّرْفِ وَالْآتِيَ فِي عَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ نَذْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، أَوْ مَا هُنَا فِي التَّعْيِينِ بِالنَّذْرِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ، وَالْآتِي فِي التَّعْيِينِ بِالْجُعْلِ بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّارِحَ لَمَّا قَرَّرَ الْآتِيَ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَهُ بِصِيغَةِ النَّذْرِ إلَخْ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مَنْ الْتَزَمَ عِتْقَهُ) هَلْ لُزُومُ عِتْقِهِ بِمُجَرَّدِ الِالْتِزَامِ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنْ كَمُلَ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لَا يَنْتَقِلُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَمْلِكَ نَفْسَهُ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ بِنَفْسِ الِالْتِزَامِ يَسْتَحِيلُ إتْيَانُهُ بِمَا الْتَزَمَهُ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ لِسَبْقِ الْعِتْقِ بِخِلَافِ مَقْصُودِ الْأُضْحِيَّةَ وَهُوَ الذَّبْحُ فَإِنَّهُ بَاقٍ وَإِنْ قُلْنَا بِزَوَالِ الْمِلْكِ. اهـ.

رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَتَعَيَّنْ) ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِيهَا ضَعِيفٌ إذْ لَا تَصْلُحُ لِلْأُضْحِيَّةِ حَتَّى يَنْتَقِلَ الْمِلْكُ فِيهَا إلَى الْمَسَاكِينِ بِخِلَافِ الشَّاةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ مِمَّا لَا يَصْلُحْ لِلْأُضْحِيَّةِ وَالْعِتْقِ كَالدَّرَاهِمِ. اهـ.

حَاشِيَةُ الْأَنْوَارِ فَتَأَمَّلْ وَعَلَّلَ فِي التُّحْفَةِ عَدَمَ التَّعَيُّنِ بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ فِي تَعْيِينِهَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةَ لِاخْتِلَافِ أَشْخَاصِهَا، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا أَوْضَحُ مِنْ فَرْقِ الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ سَبَبُ ضَعْفِ التَّعْيِينِ عَدَمُ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِهِ وَمِثْلُهُ فِي م ر وَكَتَبَ ع ش عَلَى قَوْلِ م ر لِانْتِفَاءِ الْغَرَضِ فِي تَعْيِينِهَا أَيْ: لِعَدَمِ اخْتِلَافِهَا غَالِبًا حَتَّى لَوْ تَعَلَّقَ غَرَضُهُ لِجَوْدَتِهَا أَوْ كَوْنِهَا مِنْ جِهَةِ حِلٍّ لَا يَتَعَيَّنُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ إلَخْ) خَالَفَ ع ش فِي الْمُعَيَّنِ ابْتِدَاءً فَقَالَ وَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهَا وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>