الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَأَوْلَى بِأَنْ لَا يَجِبَ؛ لِأَنَّ عَقْلَ الْمَالِكِ وَدِينَهُ يَبْعَثَانِهِ عَلَى الْإِطْعَامِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَذْهَبُ لَا يَجِبُ قِتَالُهُ كَالصَّائِلِ وَأَوْلَى وَخَصَّ الْبَغَوِيّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا أَمِنَ فِي قَهْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ قَطْعًا (أَوْ) إنْ (اشْتَرَى) أَيْ: وَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ طَعَامَ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ إنْ بَاعَهُ لَهُ مَالِكُهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ بِزِيَادَةٍ يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهَا، ثُمَّ إنْ فَقَدَ مَا يَصْرِفُهُ إلَيْهِ الْتَزَمَ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِلَّا صَرَفَ مَا مَعَهُ إلَيْهِ حَتَّى إزَارَهُ إنْ أَمِنَ الْهَلَاكَ بِالْبَرْدِ، وَيُصَلِّي عَارِيًّا فَإِنَّ كَشْفَ الْعَوْرَةِ أَهْوَنُ مِنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلِهَذَا يَجُوزُ قَهْرُ الْمَالِكِ عَلَى الطَّعَامِ لَا عَلَى السُّتْرَةِ (وَثَمَنٌ) أَيْ: وَكَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذَا اشْتَرَاهُ (وَإِنْ غُبِنْ) فِي شِرَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي الِالْتِزَامِ وَلَهُ إذَا بَذَلَهُ مَالِكُهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ قَهْرًا وَيُقَاتِلَهُ عَلَيْهِ (وَقَتْلُهُ) أَيْ: الْمُضْطَرِّ غَيْرَ الْمُضْطَرِّ الْمَانِعِ طَعَامَهُ مِنْهُ (بِالدَّفْعِ) أَيْ: بِسَبَبِ دَفْعِهِ (عَنْهُ مَا ضَمِنْ) بِخِلَافِ قَتْلِهِ الْمُضْطَرَّ الْمَانِعَ طَعَامَهُ مِنْهُ وَبِخِلَافِ قَتْلِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ الْمَانِعِ طَعَامَهُ الْمُضْطَرَّ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ فَإِنْ مَنَعَهُ فَمَاتَ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْهُ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ
(وَالْمَيِّتُ أَوْلَى) لِلْمُضْطَرِّ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ طَعَامِ غَيْرِهِ الْغَائِبِ (بِالْأَكْلِ) لِعَدَمِ ضَمَانِ الْمَيِّتِ؛ وَلِأَنَّ إبَاحَتَهُ لِلْمُضْطَرِّ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا، وَإِبَاحَةَ أَكْلِ مَالِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ ثَابِتَةٌ بِالِاجْتِهَادِ؛ وَلِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ (وَ) أَوْلَى أَيْضًا (مِنْ) قَتْلِ (صَيْدٍ لِمَنْ أَحْرَمَ) ؛ لِأَنَّ مَذْبُوحَهُ مِنْ الصَّيْدِ مَيْتَةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ وَزَادَ بِالْمَنْعِ مِنْ ذَبْحِهِ مَعَ لُزُومِ الْجَزَاءِ وَمِثْلُهُ بَيْضُهُ وَلَبَنُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَكَصَيْدِ الْمُحْرِمِ صَيْدُ الْحَرَمِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ هَذَا كُلُّهُ فِي مَيْتَةِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، أَمَّا مَيْتَتُهُ فَطَعَامُ الْغَيْرِ وَالصَّيْدُ أَوْلَى مِنْهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِيهِمَا لَوْ وَجَدَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا وَطَعَامَ غَيْرِهِ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَوْ أَقْوَالٍ ثَالِثُهَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا. اهـ.
وَيَظْهَرُ تَعَيُّنُ الصَّيْدِ لِبِنَاءِ حَقِّ اللَّهِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ (قُلْتُ قَدْ طُعِنْ) أَيْ: اُعْتُرِضَ (عَلَى الَّذِي يَظُنُّ) أَخْذًا مِنْ تَعْبِيرِ
ــ
[حاشية العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ تَعَيُّنُ الصَّيْدِ) الظَّاهِرُ تَعَيُّنُ طَعَامِ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ فَطَعَامُ الْغَيْرِ حَلَالٌ، وَالصَّيْدُ يَصِيرُ مَيْتَةً بِذَبْحِ الْمُحْرِمِ قَالَهُ م ر فِي حَاشِيَةِ الرَّوْضِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ وُجُوبُ تَقْدِيمِ الْمَيْتَةِ عَلَى طَعَامِ الْغَيْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute