بِخِلَافِ اللَّيِّنَةِ وَبِالْعَاصِفَةِ الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ فَلَا أَثَرَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْجَوَّ لَا يَخْلُو عَنْهَا غَالِبًا مَعَ ضَعْفِ تَأْثِيرِهَا. (وَلَهُ الْكُلُّ حُسِبْ) بِرَفْعِ كُلٍّ وَبِنَصْبِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَلَهُ فِي الْكُلِّ أَيْ: وَحُسِبَ لِلرَّامِي رَمْيُهُ إذَا أَصَابَ الْغَرَضَ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ مِنْ انْكِسَارِ الْقَوْسِ وَانْصِدَامِ السَّهْمِ بِثَابِتٍ وَعُرُوضِ مَاشٍ أَوْ رِيحٍ عَاصِفَةٍ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْإِصَابَةِ بِالنَّصْلِ لَا بِفَوْقِ السَّهْمِ وَعَرْضِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ نَوْبَتِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا أَوْ بِدُونِهِ لَمْ تُحْسَبْ الزِّيَادَةُ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ وَلَوْ عَثَرَ أَحَدُ الْفَرَسَيْنِ أَوْ سَاخَتْ قَوَائِمُهُ فِي الْأَرْضِ فَتَقَدَّمَ الْآخَرُ لَمْ يَكُنْ سَابِقًا، وَكَذَا لَوْ وَقَفَ بَعْدَمَا جَرَى لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ وَقَفَ بِلَا عِلَّةٍ فَمَسْبُوقٌ وَلَوْ وَقَفَ قَبْلَ أَنْ تَجْرِيَ فَلَيْسَ بِمَسْبُوقٍ مُطْلَقًا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْغَرَضِ شَاهِدَانِ لِيَشْهَدَا عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ إصَابَةٍ وَخَطَأٍ وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَمْدَحَا الْمُصِيبَ وَلَا أَنْ يَذُمَّا الْمُخْطِئَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالنَّشَاطِ
(بَابُ الْأَيْمَانِ) (بَابُ الْأَيْمَانِ) جَمْعُ يَمِينٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] الْآيَةَ وَقَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: ٧٧] ، وَأَخْبَارٌ مِنْهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْيَمِينُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الْيَدُ الْيُمْنَى وَأُطْلِقَتْ عَلَى الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا أَخَذَ كُلٌّ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ وَقِيلَ:؛ لِأَنَّهَا تَحْفَظُ الشَّيْءَ عَلَى الْحَالِفِ كَمَا تَحْفَظُهُ الْيَدُ وَفِي الشَّرْعِ مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ. (تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ الْيَمِينُ) أَيْ: الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ وُقُوعُهُ مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا مُمْكِنًا كَحَلِفِهِ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ مُمْتَنِعًا كَحَلِفِهِ لَيَقْتُلَنَّ زَيْدًا الْمَيِّتَ صَادِقَةً كَانَتْ الْيَمِينُ أَوْ كَاذِبَةً مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ أَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ وَالْكَاذِبَةُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ تُسَمَّى الْيَمِينَ الْغَمُوسَ؛ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ أَوْ النَّارِ وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ بِأَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِهَا بِلَا قَصْدٍ كَقَوْلِهِ فِي حَالَةِ غَضَبٍ أَوْ لَجَاجٍ أَوْ صِلَةِ كَلَامٍ لَا وَاَللَّهِ تَارَةً وَبَلَى وَاَللَّهِ أُخْرَى إذْ لَا يَقْصِدُ بِهَا تَحْقِيقَ شَيْءٍ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ الْأُولَى لَغْوٌ، وَالثَّانِيَةُ مُنْعَقِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدْرَاكُ مَقْصُودٍ مِنْهُ، وَفِي مَعْنَى اللَّغْوِ لَوْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ حَلَفَ وَقَالَ: لَمْ أَقْصِدْ الْيَمِينَ صُدِّقَ، وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ لَا يُصَدَّقُ فِي الظَّاهِرِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِجْرَاءِ أَلْفَاظِ الْيَمِينِ بِلَا قَصْدٍ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَتَالِيَيْهِ فَدَعْوَاهُ فِيهَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فَلَا يُقْبَلُ، وَلَوْ اقْتَرَنَ بِالْيَمِينِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَصْدِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْحُكْمِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت شَهْرًا فَإِنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ وَيَلْحَقُ بِهِمَا الْإِيلَاءُ
ــ
[حاشية العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
[حاشية الشربيني]
(بَابُ الْأَيْمَانِ) (قَوْلُهُ: بَابُ الْأَيْمَانِ) اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ يُحْمَلُ عَلَى اللُّغَةِ مَتَى اُشْتُهِرَتْ وَإِنْ اُشْتُهِرَ الْعُرْفُ احْتِيَاطًا لَهُ بِخِلَافِ الْحَلِفِ بِغَيْرِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ مَتَى اُشْتُهِرَ وَلَمْ يَضْطَرِبْ وَإِنْ اُشْتُهِرَتْ اللُّغَةُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ أَوْ اضْطَرَبَ فَالرُّجُوعُ إلَى اللُّغَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ صَرِيحٌ فِي تَقْدِيمِ عُرْفِ الْحَالِفِ عَلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ وَالْعُرْفِ الْعَامِّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الشَّرْعِيُّ ثُمَّ الْعُرْفِيُّ، ثُمَّ اللُّغَوِيُّ وَلَا تَنَافِيَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأُصُولِيِّينَ كَمَا قَالَهُ م ر فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَقَائِقِ وَالْأَدِلَّةِ الَّتِي يُسْتَنْبَطُ مِنْهَا الْأَحْكَامُ فَيُقَدَّمُ فِيهِمَا الشَّرْعِيُّ عَلَى الْعُرْفِيِّ كَبَيْعِ الْهَازِلِ وَطَلَاقِهِ فَإِنَّهُ نَافِذٌ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْعُرْفِ لَا يَنْفُذُونَهُ وَيُقَدَّمُ الْعُرْفُ فِيهِمَا عَلَى اللُّغَوِيِّ عِنْدَ التَّعَارُضِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ طَارِئٌ عَلَى اللُّغَةِ فَهُوَ كَالنَّاسِخِ لَهَا. (قَوْلُهُ: أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ) قَالَ ق ل: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ أَعَمُّ. (قَوْلُهُ: وَالْعَتَاقِ) أَيْ: فِيمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute