الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ بِلَا سَبَبٍ بِنَاءً عَلَى انْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: الْأَرْجَحُ عِنْدَنَا خِلَافُهُ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ
(وَانْعِزَالُ ذَا) أَيْ: الْقَاضِي. (وَنَائِبٍ) لَهُ يَحْصُلُ بِإِغْمَائِهِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَأْتِي. (لَا مَنْ عَنْ الْإِمَامِ عَمَّ) أَيْ: لَا النَّائِبِ الْعَامِّ عَنْ الْإِمَامِ بِأَنْ نَصَّبَهُ عَنْهُ الْقَاضِي بِإِذْنِهِ فِي اسْتِخْلَافِهِ عَنْهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ عَنِّي فَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي بِإِغْمَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ وَالْأَوَّلُ سَفِيرٌ فِي تَوْلِيَتِهِ فَكَانَ كَمَا لَوْ نَصَّبَهُ الْإِمَامُ عَنْهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْعَامِّ بَلْ الْخَاصِّ بِأَنْ نَابَ فِي مُعَيَّنٍ كَبَيْعٍ عَلَى مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ سَمَاعِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةٍ كَذَلِكَ بِخِلَافِ نَائِبِ الْقَاضِي بِأَنْ اسْتَخْلَفَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَهُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ إذَا لَمْ يَنْهَهُ أَوْ بِإِذْنِهِ لَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك أَوْ اسْتَخْلِفْ وَأَطْلَقَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ نِيَابَتِهِ مُعَاوَنَتُهُ وَقَدْ زَالَتْ فَلَا يُشْكِلُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ إذْ لَيْسَ الْغَرَضُ هُنَاكَ مُعَاوَنَةَ الْوَكِيلِ بَلْ النَّظَرَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَحُمِلَ الْإِطْلَاقُ عَلَى إرَادَتِهِ. (وَلَا الْقَيِّمِ لِلْأَيْتَامِ وَالْوَقْفِ) فَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَلَّ مَصَالِحُ الْأَيْتَامِ وَالْأَوْقَافِ فَصَارَ سَبِيلُ الْقَيِّمِ سَبِيلَ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ وَالْوَاقِفِ. (بِالْإِغْمَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ: انْعِزَالُ الْقَاضِي وَنَائِبِهِ يَحْصُلُ بِإِغْمَائِهِ لِزَوَالِ أَهْلِيَّتِهِ. (وَسَمْعِ خَبَرِهِ) أَيْ: وَبِسَمَاعِهِمَا خَبَرَ عَزْلِهِ مِنْ عَدْلٍ فَلَا يَنْعَزِلَانِ قَبْلَ سَمَاعِهِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ لِمَا فِي رَدِّ أَقْضِيَتِهِمَا مِنْ عِظَمِ الضَّرَرِ فَإِنْ سَمِعَ ذَلِكَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ انْعَزَلَ وَحْدَهُ. (وَبِالْجُنُونِ) وَبِالْخَرَسِ وَبِالصَّمَمِ وَبِعَزْلِ نَفْسِهِ. (وَذَهَابِ بَصَرِهْ) لِمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ ذَهَبَ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا نَفَذَ قَضَاؤُهُ فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إشَارَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ. (كَذَا بِنِسْيَانٍ وَأَنْ) أَيْ: وَبِأَنْ. (لَا يَنْتَبِهْ) لِلْأُمُورِ. (تَغَفُّلًا) بِحَيْثُ ذَهَبَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ. (وَالْفِسْقِ) لِزَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ. (لَا الْإِمَامِ بِهْ) أَيْ: لَا يَنْعَزِلُ بِفِسْقِهِ لِحُدُوثِ الْفِتَنِ وَاضْطِرَابِ الْأَحْوَالِ بِانْعِزَالِهِ. (وَحَيْثُ لَا فِتْنَةَ) فِي إبْدَالِ الْإِمَامِ الْفَاسِقِ بِغَيْرِهِ. (فَلْيُبْدَلْ) بِغَيْرِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ أَيْضًا بِالْإِغْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَقَّعُ الزَّوَالِ وَخَالَفَ الْقَاضِيَ لِمَا ذُكِرَ نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّشَائِيُّ.
(وَلَا) يَنْعَزِلُ. (قَاضٍ) وَوَالٍ. (بِمَوْتِ ذَا) أَيْ الْإِمَامِ. (كَأَنْ يَنْعَزِلَا) أَيْ: كَمَا لَا يَنْعَزِلَ بِانْعِزَالِهِ لِشِدَّةِ الضَّرَرِ بِتَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ وَلِأَنَّ مَا عَقَدَهُ الْإِمَامُ إنَّمَا هُوَ لِغَيْرِهِ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِمَوْتِ الْوَلِيِّ
(وَيَشْهَدُ) الْقَاضِي. (الْمَعْزُولُ) إذَا قَضَى بِشَيْءٍ. (مَعَ عَدْلٍ) بِأَنَّهُ. (قَضَى قَاضٍ بِهِ لَكِنْ) إنْ أَضَافَهُ لِنَفْسِهِ إقْرَارًا أَوْ شَهَادَةً بِأَنْ قَالَ قَضَيْت بِهِ. (أَنَا) أَوْ أَشْهَدُ بِأَنِّي قَضَيْت
ــ
[حاشية العبادي]
يُنْظَرُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الْعَزْلُ يَظْهَرُ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ عَزْلِ الْإِمَامِ لِلْقَاضِي وَعَزْلِ الْقَاضِي لِنَائِبِهِ بِلَا سَبَبٍ فِيهِمَا. (قَوْلُهُ: بِلَا سَبَبٍ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ م ر
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ نِيَابَتِهِ مُعَاوَنَتُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مَنْ يَسْتَخْلِفُهُ فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بِانْعِزَالِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَظَرَهُ بِالتَّعْيِينِ وَجَعَلَهُ سَفِيرًا أَشَارَ إلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فِيمَا إذَا اسْتَخْلَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ نَصَّبَ الْإِمَامُ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي فَقَالَ السَّرَخْسِيُّ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْقَاضِي وَانْعِزَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ اهـ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يُوَافِقُ هَذَا الِاحْتِمَالَ اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ) أَيْ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي بِمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَكِيلِ) مِثْلُهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَصَاحِبُ الْوَظِيفَةِ فَيَنْعَزِلَانِ بِمُجَرَّدِ الْعَزْلِ وَالْكَلَامُ فِي الْوَظِيفَةِ إذَا صَحَّ الْعَزْلُ بِأَنْ كَانَ بِسَبَبٍ يُسَوِّغُهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ عَزْلُهُ وَكَذَا فِي النَّاظِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَلَهُ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ عَزْلُ مَنْ أَقَامَهُ نَاظِرًا بَلْ يَنْعَزِلُ النَّاظِرُ بِانْعِزَالِ الْقَاضِي. اهـ. م ر
[حاشية الشربيني]
إجْمَاعًا. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ بِأَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ جَمِيعِ عَمَلِهِ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ دُونَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةِ حَرُمَ عَزْلُهُ وَلَمْ يَنْفُذْ اهـ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَهُ عَزْلُ خَلِيفَتِهِ) لَيْسَ مِنْهُ مَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لِلْوَقْفِ نَاظِرًا فَإِنَّ النَّظَرَ لِلْقَاضِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَكِنْ إذَا أَقَامَ نَاظِرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ بِلَا سَبَبٍ وَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ بَلْ لَوْ عَزَلَهُ الْإِمَامُ لَمْ يَنْعَزِلْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَ نَائِبَ الْقَاضِي وَلَا الْإِمَامِ وَإِنَّمَا أَقَامَهُ الْقَاضِي لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ وَالْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ النَّظَرُ لِلْقَاضِي بِشَرْطِ الْوَاقِفِ نَقَلَهُ سم عَنْ م ر
(قَوْلُهُ وَلَا الْقَيِّمِ لِلْإِيتَامِ وَالْوَقْفِ) يُحْمَلُ هَذَا الْكَلَامُ فِي قَيِّمِ الْوَقْفِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ النَّظَرُ لِلْقَاضِي بِشَرْطِ الْوَاقِفِ كَمَا مَرَّ بِالْهَامِشِ، أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَأَقَامَ الْقَاضِي نَاظِرًا عَلَى ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute