لِيَأْخُذَ بِيَدِ مَحْبُوسِهِ وَيُحْضِرَهُ فَإِذَا حَضَرَ عِنْدَهُ سَأَلَ الْمَحْبُوسَ عَنْ سَبَبِ حَبْسِهِ فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالْحَقِّ عَمِلَ مَعَهُ مُقْتَضَى الِاعْتِرَافِ وَإِلَّا. (فَخَصْمُ مَنْ يَزْعُمُ) أَنَّهُ حُبِسَ. (ظُلْمًا إنْ حَضَرْ) بِالْبَلَدِ. (عَلَيْهِ حُجَّةٌ) بِأَنَّ حَبْسَهُ بِحَقٍّ فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا صُدِّقَ الْمَحْبُوسُ بِيَمِينِهِ.
(وَإِنْ غَابَ) عَنْ الْبَلَدِ. (رَقَمْ) أَيْ: كَتَبَ. (إلَيْهِ) الْقَاضِي لِيَحْضُرَ عَاجِلًا فَيَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ وَإِنْ قَالَ حُبِسَتْ بِشُهُودٍ غَيْرِ عُدُولٍ خَلَّاهُ فِي الْحَبْسِ وَبَحَثَ عَنْهُمْ. (أَوْ نُودِيَ إنْ جَهْلًا زَعَمْ) أَيْ: وَإِنْ زَعَمَ الْجَهْلَ بِسَبَبِ حَبْسِهِ أَوْ قَالَ لَا خَصْمَ لِي نُودِيَ عَلَيْهِ لِطَلَبِ الْخَصْمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُحْبَسُ مُدَّةَ النِّدَاءِ وَلَا يُخَلَّى بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُرَاقَبُ، فَإِنْ حَضَرَ خَصْمُهُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَأَقَامَ حُجَّةً عَلَى الْحَقِّ أَوْ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَطْلَقَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَأُطْلِقَا) أَيْ: الْمَحْبُوسُ فِي هَذِهِ وَالْمَحْبُوسُ فِيمَا قَبْلَهَا (لِعَدَمِ الْحُضُورِ) نَعَمْ يَحْلِفُ الثَّانِي عَلَى مَا يَدَّعِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ بِلَا خَصْمٍ خِلَافُ الظَّاهِرِ (إطْلَاقَ مَظْلُومٍ) أَيْ: يُطْلِقُ الْقَاضِي مَنْ ذُكِرَ كَإِطْلَاقِهِ الْمَظْلُومَ الثَّابِتَ ظُلْمُهُ بِاعْتِرَافِ خَصْمِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِعِلْمِ الْقَاضِي. (وَ) كَمَا يُطْلَقُ الْمَحْبُوسُ. (لِلتَّعْزِيرِ إنْ شَاءَ) بِأَنْ رَأَى إطْلَاقَهُ وَإِنْ رَأَى مَصْلَحَةً فِي إدَامَةِ حَبْسِهِ أَدَامَهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ الْقِيَاسُ.
(ثُمَّ) بَعْدَ نَظَرِهِ فِي الْمَحْبُوسِينَ يَنْظُرُ فِي. (الْأَوْصِيَاءِ) عَلَى الْأَطْفَالِ وَنَحْوِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْمُرَافَعَةَ فَمَنْ ادَّعَى وِصَايَةً سَأَلَ عَنْ حَالِهَا وَعَنْ حَالِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَمَنْ وَجَدَهُ مُسْتَقِيمَ الْحَالِ قَوِيًّا أَقَرَّهُ أَوْ فَاسِقًا أَخَذَ الْمَالَ مِنْهُ أَوْ ضَعِيفًا لِكَثْرَةِ الْمَالِ أَوْ لِغَيْرِهِ عَضَدَهُ بِمُعِينٍ فَإِنْ قَالَ الْوَصِيُّ فَرَّقْت مَا أُوصِيَ بِهِ فَإِنْ كَانَ لِمُعَيَّنِينَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَوْ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ وَهُوَ عَدْلٌ أَمْضَاهُ أَوْ فَاسِقٌ ضَمِنَهُ بِتَعَدِّيهِ بِالتَّفْرِقَةِ وَغَيْرُ الْوَصِيِّ إذَا فَرَّقَ مَا هُوَ لِمُعَيَّنِينَ وَقَعَ الْمَوْقِعُ؛ لِأَنَّ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَإِنْ كَانَ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ ضَمِنَ. (وَ) فِي. (الضُّلِّ) بِضَمِّ الضَّادِ أَيْ: الْمَالِ الضَّائِعِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ضَلَّ الشَّيْءُ ضَاعَ وَهَلَكَ وَالِاسْمُ الضُّلُّ بِالضَّمِّ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ هُوَ ضُلُّ بْنُ ضُلٍّ إذَا لَمْ يُعْرَفْ هُوَ وَلَا أَبُوهُ وَالْمُرَادُ بِالضَّالِّ مَا يَشْمَلُ اللُّقَطَةَ فَمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُلْتَقِطِ تَمَلُّكُهُ أَوْ لَمْ يَجُزْ تَمَلُّكُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ حَفِظَهُ الْقَاضِي عَلَى صَاحِبِهِ أَوْ بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ وَلَهُ حِفْظُ هَذِهِ الْأَمْوَالِ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِلَا خَلْطٍ وَلَهُ خَلْطُهَا بِمِثْلِهَا فَإِذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ غَرِمَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
(وَ) فِي (الْوَقْفِ إنْ عَمَّ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَكَذَا إنْ خُصَّ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ لِمَنْ لَا يَتَعَيَّنُ مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَيَنْظُرُ هَلْ آلَ إلَيْهِمْ وَهَلْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ مِنْهُمْ لِصِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ. (وَ) فِي. (مَالِ الطِّفْلِ) الَّذِي تَحْتَ نَظَرِ أُمَنَاءِ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ الطِّفْلُ بِبَلَدِ قَاضٍ وَمَالُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَحِفْظُ الْمَالِ عَلَى مَنْ هُوَ عِنْدَهُ كَمَا مَرَّ بَسْطُهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ وَكَلَامُهُ لَا يَفِي بِالْغَرَضِ مِنْ التَّرْتِيبِ فَإِنَّهُمْ قَدَّمُوا نَدْبًا الْمَحْبُوسِينَ، ثُمَّ الْأَوْصِيَاءَ، ثُمَّ الْأُمَنَاءَ وَأَخَّرُوا عَنْ الْأَوْصِيَاءِ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهِمْ أَبْعَدُ؛ لِأَنَّ نَاصِبَهُمْ الْقَاضِي، وَإِنَّمَا يُنَصِّبُهُمْ بَعْدَ ثُبُوتِ أَهْلِيَّتِهِمْ عِنْدَهُ بِخِلَافِ الْأَوْصِيَاءِ، ثُمَّ الضَّوَالِّ وَاللُّقَطَةِ وَالْأَوْقَافِ وَلْيُقَدِّمْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ الْأَهَمَّ فَالْأَهَمَّ
(وَبَعْدَ ذَا اسْتَكْتَبَ) الْقَاضِي أَيْ: اتَّخَذَ أَدِيبًا كَاتِبًا لِكِتَابَةِ مَحَاضِرَ وَسِجِلَّاتٍ وَكُتُبٍ حُكْمِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَفَرَّغُ لَهَا غَالِبًا وَقَدْ «كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُتَّابٌ مِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ» . (عَدْلًا) فِي الشَّهَادَةِ لِتُؤْمَنَ خِيَانَتُهُ حَافِظًا لِئَلَّا يَغْلَطَ عَارِفًا بِكِتَابَةِ مَا ذُكِرَ حَالَةَ كَوْنِ الثَّلَاثَةِ. (شَرْطًا) فِي أَدَاءِ الْمَنْدُوبِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ فَإِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فَلَا يَكْفِي غَيْرُ الْمُكَلَّفِ وَلَا الْعَبْدُ وَالْفَاسِقُ وَلَا الْكَافِرُ قَالَ تَعَالَى {لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: ١١٨] وَقَوْلُهُمْ الْكَافِرُ قَدْ يَكُونُ عَدْلًا فِي دِينِهِ مَجَازٌ قَرِينَتُهُ لُزُومُ التَّقْيِيدِ. (عَفًّا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَشْدِيدِ ثَانِيهِ أَيْ: عَفِيفًا لِئَلَّا يُسْتَمَالَ بِالطَّمَعِ. (فَقِيهًا) بِمَا زَادَ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ مِنْ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ. (قَدْ أَجَادَ الْخَطَّا) أَيْ: جَيِّدَ الْخَطِّ وَافِرَ الْعَقْلِ لِئَلَّا يُخْدَعَ حَاسِبًا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي كَتْبِ الْمَقَاسِمِ وَالْمَوَارِيثِ فَصِيحَا عَالِمًا بِلُغَاتِ الْخُصُومِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ شَيْئًا بِخِلَافِ الْمُرَتَّبِينَ الْآتِيَيْنِ وَمَحَلُّ نَدْبِيَّةِ اتِّخَاذِهِ إذَا لَمْ يَطْلُبْ أُجْرَةً أَوْ كَانَ رِزْقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَلَا يُعَيِّنُ كَاتِبًا لِئَلَّا يُغَالِيَ فِي الْأُجْرَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى رِزْقِ الْقَاضِي وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْلِسَهُ بَيْنَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِلتَّعْزِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْبُوسِ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ وَجَدَهُ مُسْتَقِيمَ الْحَالِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ شَكَّ فِي عَدَالَتِهِ قَرَّرَهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقِيلَ يَنْزِعُ الْمَالَ مِنْهُ حَتَّى يُثْبِتَ عَدَالَتَهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ رَجَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ فِي الِانْتِصَارِ الثَّانِيَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُرْشِدِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّهُ الْمُخْتَارُ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْأَوَّلَ اهـ مَا فِي شَرْحِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ حَيْثُ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَإِنْ ثَبَتَتْ وَأَطْلَقَ تَصَرُّفَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ عِنْدَ الشَّكِّ جَزْمًا وَإِنَّمَا احْتَاجَ شَاهِدَ عَدْلٍ فِي قَضِيَّةٍ، ثُمَّ شَهِدَ فِي أُخْرَى بَعْدَ طُولِ الْمُدَّةِ إلَى الِاسْتِزْكَاءِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَثَمَّ مُتَعَدِّدَةٌ وَقَيَّدَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمَ التَّعَرُّضِ لِمَنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ بِمَا إذَا كَانَ مُثْبِتُهَا ذَا دِيَانَةٍ وَسَتْرٍ وَعِلْمٍ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُمْ يُطَالِبُونَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَلَهُمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانُوا أَهْلًا لِلْمُطَالَبَةِ فَإِنْ كَانُوا مَحْجُورِينَ فَلَا لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَلِيٌّ غَيْرَ الْقَاضِي شَرْحُ رَوْضٍ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرُ الْوَصِيِّ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِنْ
[حاشية الشربيني]
أَنَّ مَنْ مَلَكَ إنْشَاءَ شَيْءٍ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: مَحَاضِرَ إلَخْ) الْمَحْضَرُ مَا تُحْكَى فِيهِ وَاقِعَةُ الدَّعْوَى وَالْجَوَابِ وَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ بِلَا حُكْمٍ وَالسِّجِلُّ مَا تَضَمَّنَ إشْهَادَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ بِكَذَا أَوْ نَفَّذَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute