يَدَيْهِ وَيُشَاهِدَ مَا يَكْتُبُهُ. (وَرَتَّبَ اثْنَيْنِ مُتَرْجِمَيْنِ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ. (لِيَنْقُلَا) إلَيْهِ. (اللَّفْظَ مِنْ الصَّوْبَيْنِ) أَيْ: مِنْ جِهَتَيْ الْخَصْمِ وَالشَّاهِدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْهَلُ لُغَتَهُمَا وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مِنْ جِهَتَيْ الْقَاضِي وَالْخَصْمِ بِأَنْ يَنْقُلَا لَفْظَ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى الْآخَرِ وَعَلَيْهِ جَرَى الشَّارِحُ.
. (وَرَتَّبَ اثْنَيْنِ مُزَكَّيَيْنِ) يُرْجَعُ إلَيْهِمَا فِي حَالِ الشُّهُودِ وَرَتَّبَ أَصْحَابَ مَسَائِلَ وَهُمْ الَّذِينَ يَبْعَثُهُمْ إلَى الْمُزَكِّينَ لِيَبْحَثُوا وَيَسْأَلُوا وَرُبَّمَا فُسِّرُوا فِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ بِالْمُزَكِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَسْئُولُونَ وَبَاحِثُونَ وَهَلْ حُكْمُهُ بِقَوْلِهِمْ أَوْ بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ؛ لِأَنَّهُمْ الْأَصْلُ وَأُولَئِكَ رُسُلٌ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا الْأَوَّلُ فَيُعْتَمَدُ مَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ بِقَوْلِ الْمُزَكِّينَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ يُقْبَلُ لِلْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ الْحُضُورَ وَعَلَى الثَّانِي يَجُوزُ كَوْنُ صَاحِبِ الْمَسْأَلَةِ وَاحِدًا فَإِنْ عَادَ بِالْجَرْحِ تَوَقَّفَ الْقَاضِي أَوْ بِالْعَدَالَةِ دَعَا مُزَكَّيَيْنِ لِيَشْهَدَا عِنْدَهُ بِهَا ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَا: وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَهُمْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْتَفِعَ الْخِلَافُ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ إنْ وَلِيَ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ فَالْحُكْمُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَإِنْ أَمَرَهُ بِالْبَحْثِ فَبَحَثَ وَشَهِدَ بِمَا بَحَثَهُ فَالْحُكْمُ أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنْ يُعْتَبَرُ الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَإِنْ أَمَرَهُ بِمُرَاجَعَةِ مُزَكَّيَيْنِ وَإِعْلَامِهِ بِمَا عِنْدَهُمَا فَرَسُولٌ مَحْضٌ وَالْعُمْدَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا فَلْيَحْضُرَا وَيَشْهَدَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ مَرْدُودَةٌ اهـ وَلَهُمْ أَنْ يَخْتَارُوا الشِّقَّ الْأَخِيرَ وَيَمْنَعُوا أَنَّ الْمُرْسَلَ رَسُولٌ مَحْضٌ بَلْ هُوَ شَاهِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّ هَذَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ تُقْبَلُ لِلْحَاجَةِ
(وَرَتَّبَ) الْقَاضِي. (الْأَصَمُّ) أَيْ: الَّذِي لَا يَسْمَعُ إلَّا بِرَفْعِ الصَّوْتِ. (مُسْمِعَيْنِ) يُسْمِعَانِهِ كَلَامَ الْخَصْمِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ وَالْمُزَكَّيَيْنِ وَالْمُسْمِعَيْنِ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَاوِي وَتَرَكَهُ النَّاظِمُ ذُهُولًا فَلَزِمَهُ عَوْدُ ضَمِيرِهَا الْآتِي إلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ كَفَى فِي التَّرْجَمَةِ مِثْلُ ذَلِكَ وَيَكْفِي فِي الزِّنَا تَرْجَمَةُ رَجُلَيْنِ وَيُسْتَثْنَى الْأَعْمَى فَيَكْفِي تَرْجَمَتُهُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهَا تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ لَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى مَنْ يُتَرْجِمُ الْأَعْمَى كَلَامَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا تُقْبَلُ تَرْجَمَةُ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَضَمَّنَتْ حَقًّا لِوَلَدِهِ أَوْ وَالِدِهِ دُونَ مَا إذَا تَضَمَّنَتْ حَقًّا عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُكْتَفَى فِي إسْمَاعِهِ بِإِسْمَاعِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْمَالِ كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ وَأَجَابَ فِي الْوَسِيطِ بِالْمَنْعِ، أَمَّا إسْمَاعُ الْخَصْمِ الْأَصَمِّ
ــ
[حاشية العبادي]
فَرَّقَهَا أَجْنَبِيٌّ وَكَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْوَارِثِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلْيُرَاجَعْ. (فَائِدَةٌ)
لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِنَفْسِهِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ الْخَيْلِ وَالْغِلْمَانِ وَالدَّارِ الْوَاسِعَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ وَآلُهُ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ لِبُعْدِ الْعَهْدِ بِزَمَنِ النُّبُوَّةِ الْمُؤَيَّدِ بِالنَّصْرِ وَالرُّعْبِ وَالْهَيْبَةِ بِرّ
(قَوْلُهُ: لِيَنْقُلَا اللَّفْظَ مِنْ الصَّوْبَيْنِ) أَيْ لِيَنْقُلَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَرْجِمَيْنِ لَفْظَ كُلِّ خَصْمٍ وَكُلِّ شَاهِدٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُسْمِعَيْنِ بِرّ. (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ جِهَتَيْ الْخَصْمِ إلَخْ) السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّهُ حَمْلُ الصَّوْبَيْنِ عَلَى صَوْبِ الْخَصْمِ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَصَوْبُ الشَّاهِدِ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي لَا يَسْمَعُ إلَّا بِرَفْعِ الصَّوْتِ) أَيْ لَا مَنْ لَا يَسْمَعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ. (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي تَرْجَمَتُهُ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ مَنْ يُورِثُ كَلَامُهُ لَبْسًا بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالْكُتُبُ الْحُكْمِيَّةُ هِيَ الْحُجَجُ الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ. اهـ. م ر وَق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَرَتَّبَ اثْنَيْنِ مُزَكَّيَيْنِ) وَيَحْرُمُ اتِّخَاذُ صِنْفٍ مِنْهُمْ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُمْ كَمَا يَأْتِي فِي الشُّهُودِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَا تَجِبُ التَّزْكِيَةُ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي عَدَالَةَ الشُّهُودِ وَإِلَّا وَجَبَتْ وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: إذَا طَلَبَ الْخَصْمُ التَّزْكِيَةَ وَجَبَتْ وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي عَدَالَةَ الشُّهُودِ. اهـ. عَمِيرٌ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَسْأَلَةِ إنْ وَلِيَ الْجَرْحَ وَالتَّعْدِيلَ إلَخْ) هُوَ مُنْطَبِقٌ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي شُرَيْحٍ الرُّويَانِيِّ وَالْقَاضِي أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ وَالْمُعَدِّلُونَ الَّذِي يَشْهَدُونَ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ الَّذِينَ وَلَّاهُمْ الْحَاكِمُ التَّعْدِيلَ يُسْتَحَبُّ اثْنَانِ وَيَكْفِي وَاحِدٌ وَلَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ وَيَجُوزُ بِلَفْظِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ يُخْبِرُ حَاكِمًا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ وَيَقُولُ الْمُعَدِّلُ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ قَبِلْتهَا وَيُخْبِرُ بِهَا الْحَاكِمَ الضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ الْحَاكِمُ لِاثْنَيْنِ: اذْهَبَا وَتَفَحَّصَا بِأَنْفُسِكُمَا فَيَذْهَبَانِ وَيَبْحَثَانِ عَنْ الْمَالِ وَيُخْبِرَانِ الْحَاكِمَ فَهَذَانِ يَشْهَدَانِ بِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ شَرْطٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ إذَا جَاءَ اثْنَانِ إلَى الْمُعَدِّلُ فَشَهِدَا بِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ فَطَرِيقُ ذَلِكَ طَرِيقُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَلَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ غَيْبَةِ الْأَصْلِ أَوْ مَرَضِهِ. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لِلْحَاجَةِ وَأَوْضَحْنَاهُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: تُقْبَلُ لِلْحَاجَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمُزَكِّينَ لَا يُكَلَّفُونَ بِالْحُضُورِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُحْضِرَهُمْ لِيَسْأَلَهُمْ فَصَارَ هَذَا عُذْرًا فِي شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ عَلَى شَهَادَةِ الْمَسْئُولِينَ كَالْمَرَضِ وَالْغَيْبَةِ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ عَلَى الْأَصْلِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: كَفَى) وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ بِمَحْضِ الْإِنَاثِ كَفَى أَرْبَعُ نِسْوَةٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ إلَخْ) هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ:، أَمَّا إسْمَاعُ إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ مِثْلُهُ فِي تَرْجَمَةِ كَلَامِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ الْقَاضِي لِلْخَصْمِ وَالْقِيَاسُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ