للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَالشَّاهِدَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا إذَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَلَا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُمْ بَلْ يُخَلَّى بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى الْحُضُورِ وَالْكَمَالِ وَالْحَلِفِ

(وَأَدَاهَا) أَيْ وَأَدَّى الشَّهَادَةَ (مُسْتَحَقْ) أَيْ وَاجِبٌ عَلَى مُتَحَمِّلِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَحَمُّلَهَا؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ بِالْحَلِفِ كَرَدِّ الْوَدِيعَةِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَضِيَّةِ إلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ إنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَعْتَقِدُ الْحُكْمَ بِهِمَا لَزِمَهُ الْأَدَاءُ وَإِلَّا فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْآتِي بِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ الِاجْتِهَادُ تَصْحِيحُ الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِلُزُومِ الْأَدَاءِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا (إنْ يُدْعَ مِنْ) مَسَافَةِ (عَدْوَى) فَمَا دُونَهَا (لَهَا) أَيْ لِلشَّهَادَةِ لِأَدَائِهَا بِخِلَافِ مَا فَوْقَهَا لِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ حِينَئِذٍ (لَا إنْ فَسَقْ فِسْقًا) ظَاهِرًا أَوْ خَفِيًّا (بِإِجْمَاعٍ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاؤُهَا بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِهَا بَاطِلٌ وَخَرَجَ بِالْإِجْمَاعِ الْفِسْقُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَرَى رَدَّ الشَّهَادَةِ فَقَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ وَيَرَى قَبُولَهَا، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ عَدَمُ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(وَلَا إذَا عَرَضْ لِشَاهِدٍ عُذْرٌ يَشُقُّ) مَعَهُ حُضُورُهُ لِلْحَاكِمِ (كَالْمَرَضْ) وَالْخَوْفِ عَلَى الْمَالِ أَوْ نَحْوِهِ وَتَعْطِيلِ الْكَسْبِ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ بَلْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي إلَيْهِ مَنْ يَسْمَعُ شَهَادَتَهُ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهُ وَمِنْ الْعُذْرِ تَحْذِيرُ الْمَرْأَةِ بِأَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا نَادِرًا لِحَاجَةٍ، وَغَيْرُ الْمُخَدَّرَةِ عَلَيْهَا الْحُضُورُ وَعَلَى زَوْجِهَا الْإِذْنُ لَهَا وَلَوْ دُعِيَ إلَى قَاضٍ مُتَعَنِّتٍ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَرُدَّهُ جَوْرًا وَتَعَنُّتًا فَالرَّاجِحُ فِي الرَّوْضَةِ الْوُجُوبُ أَوْ إلَى أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ: عِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ إذَا عُلِمَ تَحْصِيلُ الْحَقِّ بِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْلُصُ إلَّا عِنْدَ الْأَمِيرِ أَوْ الْوَزِيرِ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ تَحْصِيلَ الْحَقِّ بِهِ أَمَّا إذَا عَلِمَ تَحْصِيلَهُ بِالْقَاضِي فَلَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِسَمَاعِهَا وَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِأَنَّ مَنْصِبَ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ دُعِيَ إلَى مَنْ لَا يَعْتَقِدُ انْعِقَادَ وِلَايَتِهِ لِجَهْلٍ أَوْ فِسْقٍ لَزِمَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ قَاضٍ فَرَدَّ شَهَادَتَهُ لِإِعْلَانِهِ بِالْفِسْقِ ثُمَّ طَلَبَهُ الْمُدَّعِي أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ، وَلَا يَجِبُ الْأَدَاءُ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ يُسْتَحَبُّ كَتْمُ الشَّهَادَةِ بِهَا كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَصَحَّحَ فِي بَابِ الزِّنَا الْوُجُوبَ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ الِاسْتِيفَاءِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَائِبٍ وَأَحْضَرَهُ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْعَيْنِ، بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَنْفَرِدُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ، وَلَوْ قَبَضَ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْئًا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ، بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ بَقِيَّتُهُمْ وَقَالُوا هُنَا يَأْخُذُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغَيْبَةَ لِلشَّرِيكِ هُنَا عُذْرًا فِي تَمْكِينِ الْحَاضِرِ مِنْ الِانْفِرَادِ حِينَئِذٍ وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ فِيمَا قَبَضَهُ وَيَقْبِضُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِيمَا مَرَّ وُجُوبًا الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ وَيُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إنْ كَانَ لَهُمَا وَلِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْقَاضِي إلَخْ) وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ تَقْلِيدِهِ غَيْرَ مُقَلِّدِهِ لِبُعْدِهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَ مُقَلِّدِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ مِثْلِ هَذَا الْجَوَازِ بَعِيدٌ اهـ. (قَوْلُهُ وَتَعْطِيلُ الْكَسْبِ) أَيْ مَعَ الْحَاجَةِ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ هَذَا بِأَنَّهُ شَامِلٌ لِمَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَعَ أَنَّ قَضِيَّةَ مَا هُنَا عَدَمُ الْوُجُوبِ مُطْلَقًا وَمَا يَأْتِي الْوُجُوبُ إذَا بَذَلَ لَهُ قَدْرَ كَسْبِهِ إلَّا أَنْ يَخُصَّ هَذَا بِذَاكَ (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ إلَخْ) فِي إرْشَادِهِ إلَى ذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا اُحْتُرِزَ بِهِمْ عَنْ غَيْرِ الْأَمِيرِ وَالْوَزِيرِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَلَوْ ادَّعَى إلَخْ) يَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْلُصُ إلَّا عِنْدَهُ فَاللُّزُومُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ أَنَّ عَدَمَ انْعِقَادِ وِلَايَتِهِ فِي اعْتِقَادِ الْمَدْعُوِّ دُونَ اعْتِقَادِ الْقَاضِي فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَاللُّزُومُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ تَخْلِيصُ الْحَقِّ عَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لِلْوُجُوبِ فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ) لَعَلَّ مَحَلَّ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ فِسْقِهِ، وَإِلَّا لَمْ يُتَّجَهْ اللُّزُومُ وَفِيهِ مَا فِيهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُسْتَشْكَلُ اللُّزُومُ مَعَ فَرْضِ إعْلَانِهِ بِفِسْقِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِتَصْوِيرِ ذَلِكَ بِمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ زَوَالِ فِسْقِهِ وَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَنَّ الْقِيَاسَ حِينَئِذٍ أَنْ لَا فَرْقَ فِي اللُّزُومِ بَيْنَ أَنْ يَطْلُبَ إلَى الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَدِينُ غَيْرَ ثِقَةٍ مَلِيًّا رَاجِعْهُ

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَحَمُّلَهَا) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ لَا يَجِبُ الْأَدَاءُ حِينَئِذٍ. اهـ مِنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ إلَخْ) إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ وَأَشَارَ م ر إلَى تَصْحِيحِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَحَاشِيَتُهُ وَنَقَلَهُ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ عَنْ إفْتَاءِ وَالِدِهِ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُحْمَلُ هَذَا عَلَى غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ إنَّمَا جَازَ لِضَرُورَةِ تَوَقُّفِ خَلَاصِ الْحَقِّ عَلَى الْأَدَاءِ عِنْدَهُ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ إعْلَامِ قَادِرٍ بِمَعْصِيَتِهِ لِيُزِيلَهَا حَتَّى لَا يَحْتَاجَ لِدَعْوَى قَالَ سم وَعَلَى قِيَاسِهِ لَا يَحْتَاجُ لِلَّفْظِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ اجْتِهَادٌ فِي صِحَّةِ التَّقْلِيدِ وَفَسَادِهِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ ثُمَّ طَلَبَهُ الْمُدَّعِي أَنْ يَشْهَدَ لَهُ) أَيْ شَهَادَةً عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>