مَا قَدَّمْته عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي بَابِ الزِّنَا مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَهُ اعْتِبَارُ أَسْبَقِهِمَا (بِاثْنَيْنِ مِنْ قَبْلِ الثَّنَا) أَيْ وَبِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ (يُحَالُ) قَبْلَ تَزْكِيَتِهِمَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَرَقِيقِهِ (فِي) دَعْوَى (الْعِتْقِ وَ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي دَعْوَى (الطَّلَاقِ) بِغَيْرِ طَلَبِ الْمُدَّعِي احْتِيَاطًا وَيُؤَجِّرُ الْقَاضِي الرَّقِيقَ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيُوقِفُ الْفَاضِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ ثُمَّ يُنْفِقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيَرْجِعُ عَلَى السَّيِّدِ إنْ اسْتَمَرَّ الرِّقُّ وَتُجْعَلُ الزَّوْجَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَتُمْنَعُ الْخُرُوجَ، وَالْحَيْلُولَةُ فِي الْعَبْدِ بِغَيْرِ طَلَبِهِ جَائِزَةٌ وَبِطَلَبِهِ وَفِي الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ وَاجِبَةٌ.
(أَمَّا الْمَالُ) الْمُدَّعَى بِهِ وَإِنْ خَافَ هَلَاكَهُ (فَبِالْتِمَاسٍ) أَيْ فَيُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَكَذَا بِغَيْرِ طَلَبِهِ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ (وَبِحَدِّ) أَيْ وَفِي حَدِّ (آدَمِي وَفِي الْقِصَاصِ حَبْسُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَابِتٌ (لِلْحَاكِمِ) بِالْتِمَاسِ الْمُدَّعِي قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَتَسْتَمِرُّ الْحَيْلُولَةُ وَالْحَبْسُ إلَى ظُهُورِ الْأَمْرِ لِلْحَاكِمِ بِالتَّزْكِيَةِ أَوْ الْجَرْحِ، وَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ الْمُدَّعِي الْحَجْرَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ لَمْ يُجِبْهُ إلَيْهِ لِعِظَمِ ضَرَرِ الْحَجْرِ، وَخَرَجَ بِحَدِّ الْآدَمِيِّ حَدُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُحْبَسُ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَبِالِاثْنَيْنِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَاحِدُ فَلَا حَيْلُولَةَ وَلَا حَبْسَ بِشَهَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَيْسَتْ التَّزْكِيَةُ مِنْ تَمَامِ الْحُجَّةِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِهَا قِيَامُهَا وَأَمَّا الْوَاحِدُ مَعَ الْيَمِينِ فَلِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ (وَاسْمَهُمَا وَاسْمَ الْخَصْمَيْنِ وَمَا مَيَّزَهُمْ وَقَدْرَ مَالٍ رُقِّمَا إلَيْهِمَا) أَيْ وَكَتَبَ الْحَاكِمُ إلَى الْمُزَكِّيَيْنِ اسْمَ الشَّاهِدَيْنِ وَمَا يَتَمَيَّزَانِ بِهِ عَنْ غَيْرِهِمَا مِنْ كُنْيَةٍ وَشُهْرَةٍ وَغَيْرِهِمَا لِئَلَّا يَشْتَبِهَا بِغَيْرِهِمَا وَاسْمَ الْخَصْمَيْنِ الْمَشْهُودِ لَهُ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَقَدْ يَكُونُ الشَّاهِدُ بَعْضَ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ عَدُوَّ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَقَدْرَ الْمَالِ الْمَشْهُودِ بِهِ فَقَدْ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الشَّاهِدِ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَقَوْلُهُ وَمَا مَيَّزَهُمْ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيَكْتُبُ إلَى كُلِّ مُزَكٍّ كِتَابًا وَيَدْفَعُهُ لِصَاحِبِ مَسْأَلَةٍ وَيُخْفِيهِ عَنْ غَيْرِ مَنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَغَيْرِ مَنْ بَعَثَهُ إلَيْهِ احْتِيَاطًا وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ: إنَّ كِتَابَةَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ لِيُنَجِّزَ الْحُكْمَ وَلَا يَقِفُ عَلَى اسْتِكْشَافِ عَدَاوَةٍ وَلَا قَرَابَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ تَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا فَذَاكَ لَيْسَ مِنْ أَمْرِ الِاسْتِزْكَاءِ فِي شَيْءٍ حَتَّى لَوْ أَغْفَلَهُ وَثَبَتَتْ الْعَدَالَةُ بَقِيَ عَلَى الْقَاضِي النَّظَرُ فِيمَا وَرَاءَ التَّعْدِيلِ
(وَشَهِدَا) أَيْ الْمُزَكِّيَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ (مُشَافَهَهْ) لَا مُكَاتَبَةً وَلَا مُرَاسَلَةً (أَنَّ فُلَانًا عَدْلٌ أَوْ مَا شَابَهَهْ) كَقَوْلِهِ: إنَّهُ مَرْضِيٌّ أَوْ مَقْبُولُ الْقَوْلِ فَإِنْ قَالَ هُوَ عَدْلٌ عَلَى وَلِيٍّ فَهُوَ آكَدُ وَفِي لَفْظِ الْغَزَالِيِّ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مَقْبُولَةٌ فِي الْحَادِثَةِ فَقَدْ يَكُونُ عَدْلًا وَهُوَ مُغَفَّلٌ أَوْ خَارِمٌ لِلْمُرُوءَةِ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْقُونَوِيُّ تَبَعًا لِتَمْثِيلِ الْحَاوِي بِمَقْبُولِ الشَّهَادَةِ، وَالْمَنْقُولُ الِاكْتِفَاءُ بِأَنَّهُ عَدْلٌ وَلِهَذَا عَدَلَ النَّاظِمُ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِمَا ذَكَرَ إلَى قَوْلِهِ أَنَّ فُلَانًا عَدْلٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنَّ الْحَالَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ سُؤَالِ الْقَاضِي إنْ سَأَلَ عَنْ قَبُولِهَا فِي الْحَادِثَةِ تَعَرَّضَ الْمُزَكِّي لِلْقَبُولِ أَوْ عَنْ عَدَالَتِهِ كَفَاهُ التَّعَرُّضُ لَهَا هَذَا وَفِي تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ فِي كِتَابَةِ اسْمِ الشَّاهِدِ وَالْخَصْمِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ: مَقْبُولُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمْتُ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ أَصْحَابُ مَسَائِلَ أَنَّ الْحُكْمَ بِقَوْلِهِمْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَأَنَّ الشَّيْخَيْنِ حَاوَلَا رَفْعَ الْخِلَافِ وَأَنَّ مَا حَاوَلَاهُ مَرْدُودٌ
(وَمَنْ يَلِي جَرْحًا وَتَعْدِيلًا) مِنْ الْمُزَكِّيَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا (إذَا قَالَ حَكَمْت بِعَدَالَةٍ) لِلشَّاهِدِ (فَذَا) مُغْنٍ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلْيَكُنْ كِتَابُهُ حِينَئِذٍ إلَى الْقَاضِي كَكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي وَالرَّسُولَانِ كَشَاهِدَيْ كِتَابِهِ
(وَإِنْ أَتَاهُ) أَيْ وَإِنْ أَتَى الشَّاهِدُ الْمُعَدِّلُ الْحَاكِمَ (شَاهِدًا فِي وَاقِعَهْ أُخْرَى وَقَدْ طَالَ الزَّمَانُ) بَيْنَ الْوَاقِعَتَيْنِ (رَاجَعَهْ) أَيْ الْمُزَكِّي لِيُزَكِّيَهُ؛ لِأَنَّ طُولَ الزَّمَانِ يُغَيِّرُ الْأَحْوَالَ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ حَكَمَ بِلَا مُرَاجَعَةٍ، وَيَجْتَهِدُ فِي طُولِ الْمُدَّةِ وَقِصَرِهَا، وَقَوْلُ الْوَسِيطِ يَرْجِعُ فِيهِمَا إلَى الْعُرْفِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ (فَإِنْ يَرِبْهُ الْأَمْرُ) فِي الْعَدَالَةِ (يَسْتَفْصِلْ) كُلًّا مِنْ الشُّهُودِ اسْتِحْبَابًا فَيَسْأَلُهُمْ مُتَفَرِّقِينَ عَنْ زَمَانِ تَحَمُّلِهِمْ وَمَكَانِهِ وَغَيْرِهِمَا فَلَعَلَّهُ يَطَّلِعُ عَلَى
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَيُؤَجِّرُ الْقَاضِي الرَّقِيقَ) ، وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَالرَّقِيقِ رَوْضٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُنْفِقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا (قَوْلُهُ وَتُجْعَلُ الزَّوْجَةُ) أَيْ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ إلَخْ، عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَفِي دَعْوَى النِّكَاحِ تَعْدِلُ أَيْ تُحَوَّلُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَتُمْنَعُ الْخُرُوجَ وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُدَّعًى عَلَيْهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَلَيْسَ الْبُضْعُ فِي يَدِهِ وَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ شَهِدَ لِلْأَمَةِ بِالْحُرِّيَّةِ حِيلَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ إنْ طُلِبَ أَوْ رَآهُ الْقَاضِي إلَى أَنْ قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَلَوْ أَقَامَتْ شَاهِدَيْنِ بِطَلَاقٍ فَرَّقَ أَيْ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ اهـ. (قَوْلُهُ أَيْ فَيُحَالُ) ذِكْرُ الْحَيْلُولَةِ يُعْلَمُ مِنْهَا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَيْنِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ: لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِمَالٍ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَوْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَعْدِلَهُ أَيْ يُحَوِّلَهُ حَتَّى يُزَكَّى الشَّاهِدَانِ أُجِيبَ أَوْ بِدَيْنٍ لَمْ يُسْتَوْفَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ، وَلَوْ طَلَبَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَمْ يُجِبْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ الْمُدَّعِي) أَيْ فِي الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ يَلِي جَرْحًا وَتَعْدِيلًا إلَخْ) وَيُشْتَرَطُ فِيمَنْ نُصِّبَ حَاكِمًا فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ عِلْمُهُ بِذَلِكَ وَاتِّصَافُهُ بِسَائِرِ صِفَاتِ الْقُضَاةِ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ذَلِكَ، وَفِي الْمُزَكِّي صِفَاتُ الشُّهُودِ مَعَ الْعِلْمِ بِسَبَبِ الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ وَأَنْ يَكُونَ الْعَدْلُ خَبِيرًا بِالْبَاطِنِ وَأَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا إنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْخِبْرَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّقَادُمُ فِي مَعْرِفَتِهَا، بَلْ يَكْفِي شِدَّةُ الْفَحْصِ
(قَوْلُهُ يَسْتَفْصِلُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فَجْأَةً قَبْلَ أَنْ يَفْهَمُوا ذَلِكَ فَيَحْتَالُوا شَرْحُ رَوْضٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَيْسَتْ التَّزْكِيَةُ مِنْ تَمَامِ الْحُجَّةِ) أَيْ فَلَا يُقَالُ أَنَّ الْحَبْسَ بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ حَبْسٌ أَيْضًا