مَا يَرُدُّ شَهَادَتُهُمْ وَإِذَا لَمْ يَرَ بِهِ الْأَمْرَ لَا يُفَرِّقُهُمْ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَضًّا مِنْهُمْ (وَإِنْ يُصِرَّ) الشَّاهِدُ عَلَى شَهَادَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ تَفْصِيلًا (يَحْكُمْ) أَيْ الْحَاكِمُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَبْقَى مِنْ رِيبَةٍ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشُّرُوطِ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ يَرَ بِهِ بِالْفَاءِ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ التَّزْكِيَةِ عَلَى الِاسْتِفْصَالِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالصَّحِيحُ عَكْسُهُ فَإِنْ عَرَفَ عَوْرَةً اسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِزْكَاءِ وَالْبَحْثِ وَإِلَّا فَإِنْ عَرَفَ عَدَالَةً حَكَمَ وَإِلَّا اسْتَزْكَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَصِيَغُ الْحُكْمِ كَقَوْلِهِ حَكَمْت عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ بِكَذَا أَوْ أَلْزَمْتُهُ بِهِ فَلَوْ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَوْ صَحَّ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِهِ قَبُولُ الشَّهَادَةِ وَاقْتِضَاءُ الْبَيِّنَةِ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَصَارَ كَقَوْلِهِ سَمِعْت الْبَيِّنَةَ وَقَبِلْتُهَا وَلِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْإِلْزَامُ، وَالثُّبُوتُ لَيْسَ بِإِلْزَامٍ وَأَمَّا مَا يُكْتَبُ عَلَى ظُهُورِ الْكُتُبِ الْحُكْمِيَّةِ وَهُوَ صَحَّ وُرُودُ هَذَا الْكِتَابِ عَلَيَّ فَقَبِلْتُهُ قَبُولَ مِثْلِهِ وَأُلْزِمْتُ الْعَمَلَ بِمُوجَبِهِ فَلَيْسَ بِحُكْمٍ كَمَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْهَرَوِيِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ تَصْحِيحُ الْكِتَابِ وَإِثْبَاتُ الْحُجَّةِ، وَقَوْلُهُ أُلْزِمْتُ الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا وَقَعَ فِي نُسَخٍ اخْتَصَرَ مِنْهَا صَاحِبُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ مِنْ النَّاسِخِ وَاَلَّذِي فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ الْتَزَمْتُ بِالتَّاءِ قَبْلَ الزَّايِ كَمَا رَأَيْته كَذَلِكَ فِي إشْرَافِ الْهَرَوِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ مَعْنًى أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أُلْزِمْتُ الْعَمَلَ بِمُوجِبِهِ بِلَا تَاءٍ حُكْمٌ كَمَا لَوْ خَاطَبَ بِهِ الْخَصْمَ. اهـ.
وَلَا يَحْكُمُ إلَّا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَيَحْكُمُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ (وَبِحَمْلٍ مُقْتَرِنْ) أَيْ مَوْجُودٍ عِنْدَ الشَّهَادَةِ تَبَعًا لِأُمِّهِ كَمَا فِي الْعُقُودِ وَإِنْ احْتَمَلَ انْفِصَالُهُ عَنْ الْأُمِّ بِوَصِيَّةٍ (لَا بِالنَّتَاجِ وَثِمَارٍ قَدْ بَدَتْ) أَيْ يَحْكُمُ (بِحُجَّةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ غَيْرِ مُؤَرَّخَةٍ بِالْمَشْهُودِ بِهِ وَحَمْلِهِ لَا بِنِتَاجِهِ وَثِمَارِهِ الظَّاهِرَةِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ بَلْ تَبْقَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْحُجَّةُ الْمُطْلَقَةُ لَا تُوجِبُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي بَلْ تُظْهِرُهُ فَيَجِبُ سَبْقُهُ عَلَى إقَامَتِهَا وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ أَمَّا غَيْرُ الظَّاهِرَةِ فَكَالْحَمْلِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (إذْ شَهِدَتْ) ظَرْفٌ لِلْحَمْلِ وَالنِّتَاجِ وَالثِّمَارِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَالْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْعَيْنِ رَجَعْ) أَيْ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْعَيْنِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ (هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَإِنْ احْتَمَلَ انْتِقَالُهَا مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِهَا مِنْهُ إلَيْهِ فَيَسْتَنِدُ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا تَقَرَّرَ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ (وَلَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ تُنْتَزَعْ) أَيْ وَلَوْ انْتَزَعَهَا الْمُدَّعِي مِنْ مُشْتَرِيهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهَا وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُشْتَرِي (كَالْحُكْمِ فِي مُتَّهَبٍ) لَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ بِالْمَشْهُودِ بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحْكُمُ (قَوْلُهُ وَثِمَارِهِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ الْبَارِزَةُ الْمُؤَبَّرَةُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَهَلْ الظُّهُورُ هُنَا بِنَحْوِ التَّأْبِيرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ أَوْ بِأَنْ تُشَاهَدَ وَلَوْ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَنَحْوِهِ؟ مَحَلُّ نَظَرٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ رَجَعَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الْمُطْلَقَةِ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ (قَوْلُهُ أَيْ فِيمَا إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الْمُطْلَقَةِ) خَرَجَ مَا لَوْ أُخِذَتْ مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ فَلَا رُجُوعَ إذْ إقْرَارُهُ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ (قَوْلُهُ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ) تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ فَيَجِبُ سَبْقُهُ عَلَى إقَامَتِهَا، وَلَوْ بِلَحْظَةٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: يُمْكِنُ التَّخَلُّصُ وَتَخْصِيصُ السَّابِقِ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُشْتَرِي فِي شَيْءٍ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الشِّرَاءِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّةِ قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا حُكِمَ إلَخْ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا حُكِمَ بِبَقَاءِ الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ) أَيْ حَتَّى لِلْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّيْخِ وَلِيِّ الدِّينِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَعَجِيبٌ أَنْ يُتْرَكَ فِي يَدِهِ نِتَاجٌ حَصَلَ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلِذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ إلَى آخِرِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ بِطُولِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَهِيَ طَرِيقَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ جَامِعَةٌ لِأَمْرٍ مُحَالٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَأْخُذُ النِّتَاجَ وَالثَّمَرَةَ وَالزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ كُلَّهَا وَهُوَ قَضِيَّةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْبَيْعِ، وَهَذَا مُحَالٌ وَخَرْقٌ عَظِيمٌ إلَخْ اهـ.
وَمُنْدَفَعُ تَشْنِيعِهِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ لِاحْتِمَالِ انْتِقَالِهَا إلَيْهِ إلَخْ مَعَ مَا بِإِزَائِهِ فِي الْهَامِشِ عَنْ الْجَوْجَرِيِّ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بِجُزْءٍ مِنْ الْأَصْلِ) زَادَ الْجَوْجَرِيُّ وَلَمْ تَقُمْ حُجَّةٌ عَلَى نَزْعِهَا فَتُرِكَتْ فِي يَدِ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ قَدْ اسْتَشْكَلَهَا الْغَزَالِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَلَا إشْكَالَ لِمَا تَقَرَّرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ
[حاشية الشربيني]
قَبْلَ الْحُجَّةِ
(قَوْلُهُ وَبِحَمْلٍ مُقْتَرِنٍ) وَمِثْلُهُ الْغَلَّةُ الْحَادِثَةُ بَيْنَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَالتَّعْدِيلِ تَكُونُ لِلْمُدَّعِي كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (قَوْلُهُ قَدْ بَدَتْ) أَيْ ظَهَرَتْ وَذَلِكَ لِكَوْنِهَا مُؤَبَّرَةً فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ أَوْ بِالنَّوْرِ فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَحَاصِلُهُ أَنْ لَا تَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ دَخَلَتْ فِيهِ لِعَدَمِ ذَلِكَ اسْتَحَقَّهَا مُقِيمُ الْبَيِّنَةِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَشَارَ م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَحْظَةٍ) سَلَكَ الْأَصْحَابُ فِي ذَلِكَ طَرِيقَ التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ تَضَمُّنُ شَهَادَتِهِمْ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الزَّمَنِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا صِحَّةُ الدَّعْوَى فَيَكْفِي فِيهَا احْتِمَالُ تَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى انْتِظَامُهَا، وَإِمْكَانُهَا ظَاهِرٌ إلَّا مُوَافَقَتَهَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْمِلْكِ قَبْلَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا تَقَدُّمَ الْمِلْكِ عَلَيْهَا. اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا أُخِذَتْ مِنْهُ) بِأَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فَادَّعَى بِهَا وَأَخَذَهَا. اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute