للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَى الْإِعَادَةِ انْتَهَى، (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ إحْدَى الْحُجَّتَيْنِ مُرَجِّحٌ مِمَّا مَرَّ قُدِّمَ (شَهِيدَانِ عَلَى الْمُكَمِّلَهْ بِقَسَمٍ) أَيْ يَمِينٍ، لِأَنَّهُمَا حُجَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَنْفَى لِتُهْمَةِ الْحَلِفِ كَاذِبًا بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مُرَجِّحٌ مِمَّا مَرَّ قُدِّمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ لِاعْتِضَادِهِمَا بِهِ، (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ مُرَجِّحٌ مِمَّا مَرَّ قُدِّمَتْ الْحُجَّةُ (الَّتِي تَسْبِقُ) غَيْرَهَا (فِي تَارِيخِهَا) ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكٍ أَمْ فِي غَيْرِهِ، فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ سَنَةٍ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مِنْ أَكْثَرَ، قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْمِلْكَ فِي وَقْتٍ بِلَا مُعَارَضَةٍ وَفِي وَقْتٍ بِمُعَارَضَةٍ، فَيَتَسَاقَطَانِ فِي الثَّانِي وَيَثْبُتُ مُوجِبُهَا فِي الْأَوَّلِ.

وَالْأَصْلُ فِي الثَّابِتِ دَوَامُهُ، وَظَاهِرُ عَطْفِهِ بِثُمَّ أَنَّ السَّابِقَةَ إنَّمَا تُقَدَّمُ بَعْدَ جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ حَتَّى يُقَدَّمَ الشَّاهِدَانِ عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ سَبَقَ تَارِيخُهُمَا، وَتُقَدَّمُ حُجَّةُ ذِي الْيَدِ عَلَى سَابِقَةِ التَّارِيخِ، فَلَوْ كَانَتْ سَابِقَتُهُ شَاهِدَةً بِوَقْفٍ، وَالْمُتَأَخِّرَةُ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ شَاهِدَةً بِمِلْكٍ أَوْ وَقْفٍ قُدِّمَتْ الَّتِي مَعَهَا يَدٌ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَعَلَيْهِ جَرَى الْعَمَلُ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْيَدَ عَادِيَةٌ بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِهَا عَلَى بَيْعٍ صَدَرَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَوْ بَعْضِهِمْ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ، فَهُنَاكَ يُقَدَّمُ الْعَمَلُ بِالْوَقْفِ. (ثُمَّ) بَعْدَ فَقْدِ مَا مَرَّ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ (التَّسَاقُطُ) لِلْحُجَّتَيْنِ (اُصْطُفِيَ) أَيْ: اُخْتِيرَ كَأَنْ ادَّعَيَا دَارًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ مُطْلَقَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ، وَلَمْ يُقِرَّ الثَّالِثُ لِأَحَدِهِمَا، إذْ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (كَذَاتِ تَارِيخٍ وَأُخْرَى مُطْلِقَهْ) فَإِنَّهُمَا يَتَسَاقَطَانِ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَةَ قَدْ تُثْبِتُ الْمِلْكَ قَبْلَ ذَلِكَ التَّارِيخِ لَوْ بُحِثَ عَنْهَا فَاسْتَوَتَا، وَالظَّاهِرُ تَسَاقُطُهُمَا أَيْضًا فِيمَا لَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِزَمَنٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ انْتِقَالُ الْمِلْكِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِكَوْنِ إحْدَى الْحُجَّتَيْنِ رَجُلَيْنِ وَالْأُخْرَى رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا بِزِيَادَةِ عَدَدٍ أَوْ وَرَعٍ أَوْ فِقْهٍ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ لِلشَّهَادَةِ نِصَابًا فَيُتَّبَعُ، وَلَا ضَبْطَ لِلرِّوَايَةِ فَيُعْمَلُ بِأَرْجَحِ الظَّنَّيْنِ.

(وَغُرْمُ كُلِّ الثَّمَنَيْنِ) لِمُدَّعِيَيْنِ أَقَامَا حُجَّتَيْنِ (لِحَقِّهْ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي) صُورَةِ (الْبَيْعِ) مِنْهُ إذَا (لَمْ تُؤَرِّخَاهُ بِزَمَنْ) ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى مَا بِيَدِهِ دَارٌ مَثَلًا أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْهُ بِكَذَا، وَكَانَتْ مِلْكَهُ وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ وَأَقَامَ حُجَّةً بِمَا ادَّعَاهُ وَلَمْ تُؤَرَّخَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ، بِأَنْ أُرِّخَتَا بِزَمَنَيْنِ أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا غَرِمَ لَهُمَا الثَّمَنَيْنِ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بِانْتِقَالِ الْمُدَّعَى مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي، بِأَنْ يَسَعَهُ مَا بَيْنَ الزَّمَنَيْنِ، فَإِنْ أَرَّخَتَاهُ بِزَمَنٍ أَوْ بِزَمَنَيْنِ لَا يُمْكِنُ بَيْنَهُمَا ذَلِكَ، فَلَا غُرْمَ لِلتَّعَارُضِ فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا، كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً دُونَ الْآخَرِ غَرِمَ لَهُ الثَّمَنَ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَأَقَرَّ لَهُمَا غَرِمَ الثَّمَنَيْنِ، وَإِنْ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا غَرِمَ لَهُ الثَّمَنَ وَحَلَفَ لِلْآخَرِ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَيَاهُ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا عُرِفَ.

(وَ) غَرِمَ الثَّمَنَيْنِ لِحَقِّهِ أَيْضًا (فِي) صُورَةِ (الشِّرَا مِنْهُ وَتَوْفِيرِ الثَّمَنْ) فَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ دَارٌ مَثَلًا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ، وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ، وَطَلَبَ تَسْلِيمَ الدَّارِ إلَيْهِ وَلَمْ تُؤَرَّخَا بِزَمَنَيْنِ لَزِمَهُ الثَّمَنَانِ، إذْ لَا تَعَارُضَ فِيهِمَا، نَعَمْ إنْ تَعَرَّضَتْ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الدَّارِ، فَلَا غُرْمَ لِتَقَرُّرِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ، وَأَمَّا الدَّارُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا لِلتَّعَارُضِ فِيهَا لِامْتِنَاعِ كَوْنِهَا مِلْكًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا أَنَّهُ مَا بَاعَهُ كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ أُرِّخَتَا بِزَمَنَيْنِ قَضَى بِأَسْبَقِهِمَا وَسُلِّمَتْ الدَّارُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْبَيْعِ لِلثَّانِي وَلَوْ صَدَّقَ أَحَدَهُمَا سُلِّمَتْ الدَّارُ لَهُ، كَمَا لَوْ صَدَّقَهُ وَلَا بَيِّنَةَ.

قَالَ الشَّيْخَانِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَاصِمٍ وَلَوْ تَعَرَّضَتْ أَحَدُ الْبَيِّنَتَيْنِ لِكَوْنِ الدَّارِ مِلْكَ الْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ أَوْ لِكَوْنِهَا مِلْكَ الْمُشْتَرِي الْآنَ كَانَتْ مُقَدَّمَةً، وَإِنْ لَمْ تَذْكُرَا تَارِيخًا، وَلَوْ ذَكَرَتْ إحْدَاهُمَا نَقْدَ الثَّمَنِ دُونَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ إلَخْ) هَذَا يُفْهَمُ مِنْ ثَمَّ

(قَوْلُهُ فَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ إلَخْ) صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ فَيُنْكِرُ فَيَزْعُمَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَهُ بَيِّنَةٌ فَيُمْهَلَ لِإِحْضَارِهَا فَيَدَّعِيَ الثَّانِي عَلَيْهِ فَيُنْكِرُهُ ثُمَّ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ثُمَّ يَحْضُرَ الْأَوَّلُ فَيُقِيمُهَا قَبْلَ الْحُكْمِ لِلثَّانِي بِرّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَقَوْلُهُ: اشْتَرَاهَا مِنْهُ أَيْ مَنْ بِيَدِهِ دَارٌ (قَوْلُهُ وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ) أَيْ فَكَذَّبَهُمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَرَّخَا بِزَمَنَيْنِ) بِأَنْ أُطْلِقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا أَوْ أُرِّخَتَا بِزَمَنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَسُلِّمَتْ الدَّارُ لَهُ) قَالَ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

وَمَا فِي غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ احْتِيَاجُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ فَقْدِ مَا مَرَّ إلَخْ) قَالَ م ر وَتُقَدَّمُ مَنْ تَعَرَّضَتْ لِكَوْنِ الْبَائِعِ مَالِكًا عِنْدَ الْبَيْعِ وَمَنْ قَالَتْ: وَنَقَدَ الثَّمَنَ، أَوْ هُوَ مَالِكٌ الْآنَ عَلَى مَنْ لَمْ تَذْكُرْ ذَلِكَ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَهُ مَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ مَا بَيْنَ شِرَائِهِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَشِرَائِهِ مِنْ الْبَائِعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَلَا غُرْمَ) وَكَوْنُهُ تَحْتَ يَدِهِ حِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ أَحَدِهِمَا. اهـ. بج (قَوْلُهُ كَانَتْ مُقَدَّمَةً) ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ ذَكَرَتْ إحْدَاهُمَا نَقْدَ الثَّمَنِ) هَذِهِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَوَفَّاهُ الثَّمَنَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهُ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>