للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأُجْرَةُ مِنْ الْمُؤَنِ التَّابِعَةِ لَهَا، فَإِنْ لَمْ يُطَالِبُوهُ بِهَا لَمْ يُطَالِبْهُمْ بِهَا بِلَا غِبْطَةٍ، وَمَعَ الْغِبْطَةِ يَلْزَمُهُ طَلَبُهَا وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ.

(وَأُجْبِرَا) أَيْ: الشَّرِيكُ عَلَى الْقِسْمَةِ (إذَا بِأَجْزَاءٍ تَسَاوَتْ انْقَسَمْ) أَيْ: إذَا انْقَسَمَ مَا أُرِيدَ قِسْمَتُهُ بِأَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ، (وَذَاكَ) أَيْ تَسَاوِيهَا مُعْتَبَرٌ بِالتَّسَاوِي (فِي الصِّفَاتِ) ، وَتُسَمَّى قِسْمَةَ الْمُتَشَابِهَاتِ كَالْمِثْلِيَّاتِ مِنْ حُبُوبٍ وَأَدْهَانٍ وَغَيْرِهَا وَكَالْأَرَاضِيِ الْمُتَسَاوِيَةِ وَالدُّورِ الْمُتَّفِقَةِ الْأَبْنِيَةِ، (ثُمَّ) بَعْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ التَّسَاوِي (فِي الْقِيَمْ) وَتُسَمَّى قِسْمَةَ التَّعْدِيلِ كَالْأَرْضِ الَّتِي ثُلُثُهَا فِي الْقِيمَةِ كَثُلُثَيْهَا لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ أَوْ قُوَّةِ إنْبَاتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا، أَمَّا قِسْمَةُ الرَّدِّ، فَلَا إجْبَارَ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي (مُعْتَبِرًا) الْقَاسِمُ فِي قِسْمَةِ مَا ذُكِرَ، إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ (أَقَلَّ حَظِّ الشَّرِكَهْ فِيهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَمَا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ وَلِآخَرَ الثُّلُثُ وَلِآخَرَ السُّدُسُ، فَيُجَزَّأُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ بِحَسْبِ الصِّفَةِ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ وَبِحَسْبِ الْقِيمَةِ فِي التَّعْدِيلِ، (كَمَا) يُعْتَبَرُ أَقَلُّ حَظٍّ فِيهَا (لِدَيْنِهِ) أَيْ لِقِسْمَةِ دَيْنِ الْمَيِّتِ، (وَالتَّرِكَهْ ثَمَّتَ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ إفْرَازِ الدَّيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ يُقْسَمُ الْبَاقِيَ (لِلرِّقِّ وَلِلْحُرِّيَّهْ) ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مَرِيضٌ ثَمَانِيَةَ أَعْبُدٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ رُبُعِهِمْ مَثَلًا، فَيُقَسَّمُونَ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ أَوَّلًا بِسَهْمِ دَيْنٍ وَثَلَاثَةِ أَسْهُمِ تَرِكَةٍ، فَيُبَاعُ مَنْ خَرَجَتْ عَلَيْهِ قُرْعَةُ الدَّيْنِ، ثُمَّ يُقْرَعُ لِلْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ وَأَفَادَ بِثُمَّ أَنَّهُ لَا يُقْرَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً لِلدَّيْنِ وَالْعِتْقِ وَالتَّرِكَةِ، إذْ رُبَّمَا خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْعِتْقِ أَوَّلًا، وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُهُ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ تَلِفَ الْمُعَيَّنُ لِلدَّيْنِ قَبْلَ وَفَائِهِ تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِبَاقِي التَّرِكَةِ.

(وَإِنْ تَعَذَّرَتْ) أَيْ الْقِسْمَةُ (عَلَى السَّوِيَّهْ) أَيْ عَلَى أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ فِي الصِّفَةِ أَوْ الْقِيمَةِ، (جَزَّا) أَيْ الْقَاسِمُ الْمِلْكَ بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ. أَحَدُهُمَا: (بِأَجْزَاءٍ قَرِيبَةِ الْقِيَمْ) مِنْ الْأَجْزَاءِ الْمُتَسَاوِيَةِ (فَبِثَلَاثَتَيْنِ وَاثْنَيْنِ قَسَمْ) أَيْ: الْقَاسِمُ أَيْ: جَزَّأَ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَاثْنَيْنِ (لِعِتْقِ ثُلْثِ أَعْبُدٍ ثَمَانِيَهْ أَوْصَى بِهِ) مَالِكُهُمْ (وَقِيَمٍ) لَهُمْ (مُسَاوِيَهْ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ إلَى التَّثْلِيثِ فِي الْقِيمَةِ مِنْ تَجْزِئَتِهِمْ بِأَرْبَعَةٍ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ مَثَلًا؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْوَصِيَّةِ: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ الْحَدِيثَ، وَيُكْتَبُ فِي رُقْعَةٍ حُرِّيَّةٌ، وَفِي رُقْعَتَيْنِ رِقٌّ، وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ عَلَى ثَلَاثَةٍ رُقَّ غَيْرُهُمْ، وَانْحَصَرَ الْعِتْقُ فِيهِمْ، ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ بِسَهْمَيْ عِتْقٍ وَسَهْمِ رِقٍّ، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الرِّقِّ رَقَّ ثُلُثُهُ وَعَتَقَ ثُلُثَاهُ مَعَ الْآخَرِينَ، وَهُوَ تَمَامُ الثُّلُثِ، وَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ عَلَى اثْنَيْنِ عَتَقَا وَأَعَدْنَا الْقُرْعَةَ بَيْنَ السِّتَّةِ، وَيُجْعَلُ كُلَّ اثْنَيْنِ جُزْءًا، فَإِذَا خَرَجَ سَهْمُ الْعِتْقِ بِاسْمِ اثْنَيْنِ أَعَدْنَا الْقُرْعَةَ بَيْنَهُمَا، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْعِتْقِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ.

هَذَا إذَا كُتِبَ فِي الرِّقَاعِ الرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ، فَإِنْ كُتِبَ الْأَسْمَاءُ فِي ثَلَاثِ رِقَاعٍ، فَإِنْ خَرَجَ سَهْمُ اثْنَيْنِ وَعَتَقَا لَمْ تُعَدْ الْقُرْعَةُ بَيْنَ السِّتَّةِ، بَلْ يُخْرَجُ رُقْعَةٌ أُخْرَى وَيُقْرَعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْمَكْتُوبِينَ فِيهَا، فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمُ الْعِتْقِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ، (وَ) الثَّانِي (بِطَرِيقٍ لِانْفِصَالٍ) أَيْ بِطَرِيقٍ (أَقْرَبِ) إلَى انْفِصَالِ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرَاعَى التَّثْلِيثُ، كَأَنْ يَكْتُبَ أَسْمَاءَهُمْ فِي ثَمَانِ رِقَاعٍ وَيُخْرِجَ وَاحِدَةً لِلْعِتْقِ ثُمَّ ثَانِيَةً لَهُ ثُمَّ ثَالِثَةً لَهُ، فَيَعْتِقَ الْأَوَّلَانِ وَثُلُثَا الثَّالِثِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلُوا أَرْبَاعًا ثُمَّ إنْ كَتَبَ الْأَسْمَاءَ كَتَبَ اسْمَ كُلِّ اثْنَيْنِ فِي رُقْعَةٍ، فَإِذَا خَرَجَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ عَتَقَا، ثُمَّ يُخْرِجُ أُخْرَى وَيَقْرَعُ بَيْنَ اللَّذَيْنِ فِيهَا، فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ ثُلُثَاهُ، وَإِنْ كَتَبَ الرِّقَّ وَالْحُرِّيَّةَ كَتَبَ الْعِتْقَ فِي وَاحِدَةٍ وَالرِّقَّ فِي ثَلَاثٍ، فَإِذَا خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ لِاثْنَيْنِ عَتَقَا وَأُعِيدَتْ الْقُرْعَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْكَلَامَ فِي قِسْمَتِهِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ) أَيْ التَّسَاوِي فِي الصِّفَاتِ (قَوْلُهُ فِيهَا) يَتَبَادَرُ تَعَلُّقُهُ بِمُعْتَبَرٍ أَيْ مُعْتَبَرٍ فِي الْقِسْمَةِ الْأَقَلُّ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الصِّفَةِ) قَدْ يُقَالُ التَّجْزِئَةُ بِحَسَبِ الصِّفَةِ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ يَسْتَلْزِمُ التَّجْزِئَةَ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ لِاسْتِوَاءِ قِيَمِ أَجْزَائِهَا فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهَلَّا أَطْلَقَ أَنَّهُ يُجَزَّأُ بِحَسَبِ الْقِيمَةِ؟ يَشْمَلُ النَّوْعَيْنِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُقْرِعُ) أَيْ إذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَقَوْلُهُ يُقْرِعُ لِلْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ أَيْ بِسَهْمِ حُرِّيَّةٍ وَسَهْمِ رِقٍّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُنْظَرْ. هَلَّا قَالَ بِسَهْمَيْ رِقٍّ فَقَدْ يُشْكِلُ مَا قَالَهُ بِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَتْ رُقْعَةُ الرِّقَاقِ عَلَى اثْنَيْنِ تَعَيَّنَ أَنَّ الْبَاقِيَةَ رُقْعَةُ الْحُرِّيَّةِ فَلَوْ أَخْرَجَهَا عَلَى اثْنَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ كَانَ تَشْبِيهًا وَتَحَكُّمًا؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ لِرُقْعَةٍ عَلَى أَنَّهَا لِلْحُرِّيَّةِ عَلَى خُصُومِ اثْنَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَدَّدَتْ رُقْعَةُ الرِّقِّ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إذَا أَخْرَجَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا رِقٌّ أَوْ حُرِّيَّةٌ فَإِنْ كَانَتْ رِقًّا انْحَصَرَتْ الْحُرِّيَّةُ فِي الْبَاقِيَيْنِ أَوْ حُرِّيَّةً انْحَصَرَ الرِّقُّ فِي الْبَاقِيَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَوْصَى بِهِ) أَيْ عِتْقِ ثُلُثِ أَعْبُدٍ ثَمَانِيَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْرَبُ) أَيْ هَذَا الطَّرِيقُ أَقْرَبُ إلَى قِسْمَتِهِمْ أَثْلَاثًا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ: اثْنَانِ وَثُلُثَا عَبْدٍ وَاثْنَانِ وَثُلُثَا عَبْدٍ وَاثْنَانِ وَثُلُثَا عَبْدٍ بِرّ (قَوْلُهُ وَأَعَدْنَا الْقُرْعَةَ) وَجْهُ إعَادَتِهَا أَنَّ قُرْعَةَ الْعِتْقِ وَاحِدَةٌ فَلَا يُمْكِنُ الْإِخْرَاجُ مَرَّةً أُخْرَى بِدُونِ إعَادَةِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ قُرْبِ) يَنْبَغِي جَرُّهُ بِالْكَسْرَةِ لِضَرُورَةِ مُنَاسَبَةٍ، وَالْخَشَبِ فَإِنَّهُ مَجْرُورٌ، وَانْظُرْ لَمْ يَبْنِهِ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ كَعَادَتِهِ فِي أَمْثَالِهِ كَأَنْ يَقُولَ يَصْرِفُهُ لِلْوَزْنِ أَيْ مَعَ عَدَمِ تَنْوِينِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مَجْرُورًا بِالْفَتْحَةِ وَالْخَشَبَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِ مَعَهُ فَلْيُحَرَّرْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ فِي الْقِسْمَةِ فَلَوْ أَخَّرَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ فِي قِسْمَةِ مَا ذَكَرَ وَجَعَلَهُ بَيَانًا لِقَوْلِهِ فِيهَا كَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ إلَخْ) لِاحْتِمَالِ تَلَفِ غَيْرِ مَا خَرَجَ لِلْعِتْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>