للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُكَلَّفِ إلَّا السَّكْرَانَ وَلَا تَدْبِيرُ الْمُكْرَهِ

(وَصَحَّ) التَّدْبِيرُ (مُطْلَقَا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَيْدٍ كَدَبَّرْتُك، أَوْ أَنْتَ مُدَبَّرٌ، وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي (أَوْ مَعَهُ قَيْدٌ) كَإِنْ مِتُّ فِي هَذَا الشَّهْرِ، أَوْ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْت حُرٌّ، وَمِنْهُ تَعْلِيقُهُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ:

(وَ) صَحَّ تَعْلِيقُهُ (بِوَقْتٍ بَعْدَهُ وَ) بِوَقْتٍ (قَبْلَهُ) كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، أَوْ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ (قُلْتُ رَأَى ذَا وَحْدَهُ) أَيْ: رَأَى الْحَاوِي وَحْدَهُ كَوْنَ التَّعْلِيقِ بِالْقَبْلِيِّ تَدْبِيرًا، وَالْمَنْقُولُ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ لَا تَدْبِيرٌ فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ قَطْعًا يَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ خَلَا لِوَقْتٍ عَنْ مَرَضِ الْمَوْتِ، أَوْ زَادَ عَلَى مُدَّتِهِ، وَأَمَّا كَوْنُ تَعْلِيقِهِ بِالْبَعْدِيِّ تَدْبِيرًا فَهُوَ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ، وَالصَّحِيحُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ أَيْضًا تَعْلِيقٌ لَا تَدْبِيرٌ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قَالُوا: وَمَهْمَا عَلَّقَ الْعِتْقَ بِصِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ كَإِذَا مِتّ وَشِئْت الْحُرِّيَّةَ، أَوْ شَاءَ فُلَانٌ، أَوْ ثُمَّ دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إذَا خَدَمْت ابْنِي شَهْرًا فَلَيْسَ تَدْبِيرًا، وَإِنَّمَا هُوَ مَحْضُ تَعْلِيقٍ بَلْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْمُقَيَّدَ مُطْلَقًا تَدْبِيرٌ، وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي الْمُقَيَّدِ بِشَرْطٍ فِي الْمَوْتِ مُخَالِفٍ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ تَدْبِيرًا وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ النَّصِّ، ثُمَّ قَالَ: وَكَأَنَّهُ مَصِيرٌ إلَى أَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ عَلَى مُطْلَقِ الْمَوْتِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ إلَى مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ. اهـ.

وَعِبَارَةُ الْبُوَيْطِيِّ، وَإِنْ قَالَ: أَنْت حُرٌّ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا، أَوْ فِي سَفَرِي، أَوْ فِي عَامِي هَذَا فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ، وَلَيْسَ بِتَدْبِيرٍ، وَحَكَاهُ مَعَ نَصِّ الْأُمِّ الْبُلْقِينِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا يُخَالِفُهُ فَهُوَ مَذْهَبُهُ، وَإِنْ لَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَهُ.

(وَ) صَحَّ التَّدْبِيرُ بِالصَّرِيحِ كَقَوْلِهِ (ذَا مُدَبَّرٌ وَدَبَّرْتُ) أَيْ أَوْ دَبَّرْتُهُ (كَذَا أَعْتَقْتُ هَذَا بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ عَتِيقُ) وَبِالْكِنَايَةِ كَقَوْلِهِ: حَبَسْتُك، أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَك بَعْدَ مَوْتِي بِنِيَّةِ عِتْقِهِ، وَقَوْلُهُ: كَذَا أَعْتَقْت إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: أَوْ لَا إنْ عَلَّقَا عِتْقًا بِمَوْتِهِ وَلَوْ قَالَ: دَبَّرْت نِصْفَك، أَوْ ثُلُثَك صَحَّ، وَإِذَا مَاتَ عَتَقَ الْجُزْءُ، وَلَا سِرَايَةَ، وَلَوْ قَالَ: دَبَّرْت يَدَك، أَوْ عَيْنَك فَوَجْهَانِ كَنَظِيرِهِ فِي الْقَذْفِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ.

(وَصَحَّ فِي تَدْبِيرِهِ التَّعْلِيقُ) لَهُ كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ كَقَوْلِهِ: إنْ، أَوْ إذَا، أَوْ مَتَى دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ مُدَبَّرٌ فَإِذَا دَخَلَهَا وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ صَارَ مُدَبَّرًا فَيَعْتِقُ بِمَوْتِهِ، وَقَوْلُهُ: (مِثْلُ إذَا مِتُّ فَهَذَا الْعَبْدُ عَتِيقٌ إنْ) ، أَوْ إذَا (شَاءَ) الْعِتْقَ (فَشَاءَ) هـ (بَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ عَلَى الْفَوْرِ لَيْسَ مِثَالًا لِتَعْلِيقِ التَّدْبِيرِ بَلْ لِأَصْلِ التَّدْبِيرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إنْ خَلَا الْوَقْتُ) أَيْ: الْقَبْلِيِّ كَالشَّهْرِ فِي قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، وَقَوْلُهُ: عَنْ مَرَضٍ كَأَنْ مَاتَ فَجْأَةً، وَقَوْلُهُ: أَوْ زَادَ أَيْ: الْوَقْتُ، وَقَوْلُهُ: عَلَى مُدَّتِهِ أَيْ: الْمَرَضِ كَأَنَّ صُورَتَهُ أَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، ثُمَّ يَمُوتُ بَعْدَ شَهْرٍ وَقَعَ الْمَرَضُ فِي نِصْفِهِ الثَّانِي فَإِنَّ الْعِتْقَ حِينَئِذٍ وَاقِعٌ فِي صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَهُ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ نَصَّ الْبُوَيْطِيِّ: لَكِنْ سِيَاقُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ قَالَ: وَرَأَيْت الْأَصْحَابَ يُنْسِبُونَ إلَى النَّصِّ أَشْيَاءَ، وَتَكُونُ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ، وَيَظُنُّ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فَيُصَرِّحُ بِنَقْلِهَا عَنْهُ، وَسَبَبُ ذَلِكَ عَدَمُ التَّأَمُّلِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ لَا إنْ عَلَّقَ عِتْقًا بِمَوْتِهِ) كَأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ ذَلِكَ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ أَوَّلًا إنْ عَلَّقَا إلَخْ تَعْرِيفٌ لِلتَّدْبِيرِ بِمَا يَشْمَلُ جَمِيعَ صِيَغِهِ فَكَمَا يَشْمَلُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ مَا بَعْدُ كَذَا هُنَا يَشْمَلُ مَا قَبْلَهَا مَنْ دَبَّرْت، وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الصِّيَغِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ: إنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَعْلُومَةٌ مِنْ التَّعْرِيفِ لَا أَدْرِي مَعْنَاهُ فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَتْنِ لَمْ يُرِدْ بِهَا إلَّا تَعْدَادَ الْأَمْثِلَةِ، وَالْجَمِيعُ قَدْ يَشْمَلُهَا التَّعْرِيفُ وَإِلَّا فَهُوَ تَعْرِيفٌ فَاسِدٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: غَرَضُ الشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَمَّا كَانَتْ مُسْتَفَادَةً مِنْ التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا فِي الْحَاوِي لَمْ تَكُنْ زِيَادَةً مَحْضَةً عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: دَبَّرْت يَدَك إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَدَبَّرْت يَدَك هَلْ هُوَ لَغْوٌ أَمْ تَدْبِيرٌ صَحِيحٌ وَجْهَانِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: هَلْ هُوَ لَغْوٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: يَعْنِي لَيْسَ بِصَرِيحٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ تَرْجِيحِ الْمَنْعِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحٌ رَوْضٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ صَحَّ إضَافَتُهُ إلَى بَعْضِ مَحَلِّهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ التَّدْبِيرِ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ مُدَبَّرٌ فَإِذَا دَخَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِلَّا لَغَا نَعَمْ إنْ قَالَ: إذَا دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ تَعْلِيقٌ لَا تَدْبِيرٌ إلَخْ. اهـ.، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ بِقَوْلِهِمَا: وَصَحَّ فِي تَدْبِيرِهِ التَّعْلِيقُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَيْ: بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ عَلَى الْفَوْرِ) قَدْ صَارَ حِينَئِذٍ الْعِتْقُ مُعَلَّقًا عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ الْمَوْتِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: كَوْنُ التَّعْلِيقِ إلَخْ) أَيْ: التَّقْيِيدِ بِالْوَقْتِ الْقَبْلِيِّ كَمَا ذُكِرَ أَمَا حَقِيقَةُ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتَى فَتَدْبِيرٌ صَحِيحٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِالْمَوْتِ مَعَ صِفَةٍ مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ. اهـ. م ر وَرَشِيدِيٌّ وَق ل. (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ قَطْعًا) لِأَنَّ الْخِلَافَ لَمْ يَجْرِ فِي التَّعْلِيقِ بَلْ فِي التَّدْبِيرِ فَقِيلَ: إنَّهُ وَصِيَّةٌ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ كَالْوَصِيَّةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَيْسَ وَصِيَّةً لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِلْقَبُولِ فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ) مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ هُوَ الصَّحِيحُ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: مِثْلُ إذَا مِتّ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ شِئْت فَأَنْت حُرٌّ إذَا مِتّ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِيهِ لِتَقَدُّمِ الْمَشِيئَةِ هُنَا وَتَأَخُّرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>