للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقَيَّدِ عَلَى مَا مَرَّ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ بَعْدِيَّةً الْمَشِيئَةِ هُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْ تَأْخِيرِهَا عَنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ كَقَوْلِهِ إذَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت الْمَشِيئَةَ فِي حَيَاتِي، أَوْ بَعْدَ مَوْتِي حُمِلَ عَلَى إرَادَتِهِ قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ: إذَا مِتّ فَشِئْت فَأَنْت حُرٌّ اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْفَوْرِ لِدَلَالَةِ الْفَاءِ عَلَى التَّعْقِيبِ وَلَوْ قَالَ: إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ مَتَى، أَوْ مَهْمَا شِئْت اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَكِنْ لَا عَلَى الْفَوْرِ، وَحَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ، وَامْتَنَعَ مِنْ الْمَشِيئَةِ فَلِلْوَرَثَةِ بَيْعُهُ مَا لَمْ يَرْجِعْ

(وَفِي) قَوْلِهِ: دَبَّرْتُك، أَوْ أَنْت مُدَبَّرٌ (مَتَى شِئْتَ وَمَهْمَا) أَيْ: أَوْ مَهْمَا (شِئْتَ فِي حَيَاتِهِ يَشَاءُ) أَيْ: يُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ فِي حَيَاتِهِ كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعَلَّقِ بِهَا نَعَمْ إنْ صَرَّحَ بِالْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ نَوَاهَا اُشْتُرِطَ وُقُوعُهَا بَعْدَهُ فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ بَعْدَهَا مُدَبَّرًا (وَالْفَوْرُ نُفِيَ) فَلَا تُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ عَلَى الْفَوْرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مَعَ ذِكْرِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِإِنْ، أَوْ إذَا اُشْتُرِطَ وُقُوعُ الْمَشِيئَةِ فِي حَيَاتِهِ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

فَهَلْ يُوَافِقُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، أَوْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ قَوْلِهِمْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي بَلْ تَمْثِيلُ الْمَتْنِ هَذَا تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْمَنْقُولِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: إذَا مِتّ فَهَذَا الْعَبْدُ عَتِيقٌ إنْ شَاءَ، وَقَوْلُهُمْ السَّابِقُ: إذَا مِتّ وَشِئْت الْحُرِّيَّةَ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ الْكَلَامِ عَنْ الدُّخُولِ فَهَذَا مِنْ الشَّيْخَيْنِ إفَادَةٌ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الشَّرْطَيْنِ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَهُمَا الْجَزَاءُ وُجُودُ الْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي عِنْدَ الْإِطْلَاقِ هُنَا، وَفِي الطَّلَاقِ لَكِنَّهُمَا جَعَلَا مِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا التَّفْصِيلِ أَنْت حُرٌّ إذَا مِتّ إنْ شِئْت كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَقَوْلُهُ: إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ شِئْت، أَوْ أَنْت حُرٌّ إذَا مِتّ إنْ شِئْت يُحْتَمَلُ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَيَاةِ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْمَلُ بِنِيَّتِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ حُمِلَ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ. اهـ.

وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا تَوَسَّطَ فِيهِ الْجَزَاءُ وَالْعَمَلُ بِنِيَّتِهِ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْمَشِيئَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ كِلَاهُمَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرُوهُ فِي الطَّلَاقِ فِي اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْجَوْجَرِيِّ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى إرَادَتِهِ قَطْعًا) أَيْ: وَكَذَا يُقَالُ فِي مِثَالِ الطَّلَاقِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ: فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ بَعْدَهَا مُدَبَّرًا) هَلْ يَأْتِي هَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ التَّدْبِيرَ يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْمَشِيئَةِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْمَشِيئَةِ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُ الْعِتْقِ مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ، وَهُوَ مَعْنَى التَّدْبِيرِ لِتَقَدُّمِ الْمَوْتِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بِالْمَشِيئَةِ يَتَبَيَّنُ التَّدْبِيرُ كَانَ قَرِيبًا فَلْيُحَرَّرْ سم. (قَوْلُهُ: وَالْفَوْرُ نُفِيَ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي ضَابِطِهِ: يَعْنِي مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوُقُوعُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْفَوْرِيَّةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُجُودُ الصِّفَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ إنْ عُلِّقَتْ بِالْمَوْتِ، أَوْ ذُكِرَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ وُجُودُهَا فِي الْحَيَاةِ وَيُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي وُجُودِ الْمَشِيئَةِ إنْ عُلِّقَتْ بِإِنْ، أَوْ بِإِذَا، وَفِي الدُّخُولِ إذَا قَالَ: إذَا مِتّ فَدَخَلْت الدَّارَ وَإِذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ. اهـ.

قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمَوْتِ أَعَمُّ مِنْ التَّعْلِيقِ بِمَا بَعْدَهُ كَأَنْتَ مُدْبِرٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي، وَمِنْ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: أَنْت مُدَبَّرٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ مِتّ فَإِنَّ الدُّخُولَ فِي مِثْلِ هَذَا مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ فَلَا بُدَّ فِيهِ أَنْ يَقَعَ الدُّخُولُ بَعْدَ وُقُوعِ الْمَوْتِ. اهـ. وَقَوْلُ الْعِرَاقِيِّ: إنَّ الْفَوْرَ يُشْتَرَطُ فِي إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ، وَفِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ إذَا قَالَ: أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي إنْ شِئْت، أَوْ مَتَى شِئْت اُشْتُرِطَ الْمَشِيئَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ. اهـ. وَهُوَ قَدْ يُشْكِلُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِيمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمِنْ قَوْلِهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَخْ تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْفَوْرِ) فَإِذَا قَالَ: لَمْ أَشَأْ أَوْ شِئْت، ثُمَّ رَجَعَ لَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُ بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي فِي التَّرَاخِي فَمَتَى كَانَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرِيَّةً فَالِاعْتِبَارُ بِمَا وَقَعَ أَوَّلًا، وَمَتَى كَانَتْ مُتَرَاخِيَةً ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِمَشِيئَتِهِ لَهُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ مَشِيئَتُهُ لَهُ عَلَى رَدِّهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ. اهـ. م ر فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ مَوْتِي) صَرِيحُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ إذَا قَالَ: أَرَدْت بَعْدَ مَوْتِي لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرِيَّةُ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِهِ مُبْطِلٌ لِلْفَوْرِيَّةِ قَالَ م ر: لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِهَا يُفِيدُ عَدَمَ الْفَوْرِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا آخِرَ لِوَقْتِهَا. اهـ. وَقَوْلُهُ مُبْطِلٌ لِلْفَوْرِيَّةِ أَيْ: الَّتِي هِيَ مُقْتَضَى إذَا، أَوْ إنْ

(قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الصِّفَاتِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>